المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8615 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



احكام الخلل والشك في الصلاة  
  
98   11:48 صباحاً   التاريخ: 2025-02-17
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 244
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الصلاة / الخلل في الصلاة (مسائل فقهية) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-17 1457
التاريخ: 10-10-2016 1029
التاريخ: 9-10-2018 1629
التاريخ: 30-11-2016 1148

الشك والسهو لا حكم لهما مع غلبة الظن ، لأنّ غلبة الظنّ تقوم مقام العلم في وجوب العمل عليه مع فقدان دليل العلم ، وانّما يحتاج إلى تفصيل أحكام السهو عند اعتدال الظنّ وتساويه.

وقال بعض أصحابنا : وانّما الحكم لما يتساوى فيه الظنون أو الشك المحض ، بخفض كاف الشك ، وضاد المحض على المجرور ، الذي هو لما ، لا على الظنون ، لأنّ الشك ليس هو عددا فيتساوى كالظنون.

إن اعترض معترض على هذا العبارة فقال : الظنّ معلوم وهو تغليب بالقلب لأحد المجوّزين ظاهري التجويز ، وحدّ الشك هو خطور الشي‌ء بالبال من غير ترجيح لنفيه أو ثبوته ، فقال : الظنّ إذا تساوى في الشي‌ء ولم يترجح فقد صار شكا ، فانّ هذه حقيقة على ما مضى من حدّه.

فيقال له : لا يمتنع أن يختلف اللفظ وإن كان المعنى واحدا كما قالوا ، وورد في أدعيتنا عن الأئمة عليهم ‌السلام : إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، والإيمان هو التصديق ، والتصديق هو الايمان.

وكما قال الشاعر : (وهند أتى من دونها النأي والبعد) والبعد هو النأي ، وقال آخر : كذبا ومينا ، والمين : الكذب ، وقال آخر : أقوى وأقفر بعد أم الهيثم ، وهذا كثير جدّا.

ويمكن أن يقال : إذا كان الحدّان مختلفين فهذا غير هذا ، وهو أنّ الشك المحض غير تساوي الظنون وإن كان حكمهما واحدا في الفقه ، والحكم وهو انّ هاهنا ظنونا غير أنّها متساوية ، وفي المسألة الأخرى شكّ محض ، فالعبارة صحيحة.

والسهو المعتدل فيه الظنّ على ضروب ستة : فأوّلها : ما يجب فيه اعادة الصلاة على كلّ حال. وثانيها : ما لا حكم له ولا مزية لوجوده على عدمه. وثالثها : ما يجب فيه العمل على الغالب في الظن. ورابعها : ما يقتضي التدارك والتلافي في الحال أو بعده فيتدارك بعضه لا جميعه. وخامسها : ما يجب فيه الاستظهار والاحتياط في الصلاة. وسادسها : ما يجب فيه جبران الصلاة.

فأمّا الضرب الأوّل وهو المقتضي للإعادة على كلّ حال فهو أن يسهو في الركعتين الأوليين من كلّ رباعية ، أو يسهو في فريضة الغداة ، أو المغرب.

فإن قيل : إذا قلتم الأوليان من كلّ فريضة فلا حاجة لكم أن تقولوا المغرب ، لأنّ لها أوليين بخلاف فريضة الغداة.

قلنا : لأنّ ثالثة المغرب بمنزلة أوّلة الظهر فلذلك ذكرناها.

أو الجمعة مع الإمام يعني الامام والمأموم جميعا ، أو صلاة السفر ، أو يسهو عن الركوع ثمّ لا يذكره حتى يدخل في حالة السجود بحيث لو كان شاكا فيه ودخل في الحال الثانية لا يلتفت إليه ، أو يسهو عن النية ، أو يسهو عن تكبيرة الافتتاح ثم لا يذكرها حتى يركع ، أو يسهو فيترك السجدتين من ركعة أي ركعة كانت ، سواء كانت من الأوليين أو الآخرتين على الصحيح من المذهب ، لأنّهما بمجموعهما ركن على ما بيّناه ، ومن أخلّ بركن حتى تنقضي حاله فيجب عليه إعادة الصلاة على ما سلف القول فيه ، ثم لا يذكر حتى ينفصل من حال السجود ودخل في حالة اخرى بحيث لو كان شاكا لما وجب عليه شي‌ء ولا يلتفت إليه.

أو ينقص ساهيا من الفرض شيئا من هذا الفرض ركعة أو أكثر ، أو يزيد شيئا ثمّ لا يذكر ذلك حتى يحدث ما ينقض الطهارة ، أو يزيد في صلاته ركعة.

فأمّا من صلّى الظهر مثلا أربع ركعات وجلس في دبر الرابعة فتشهد لها وصلّى على النبي وآله عليهم‌ السلام ثمّ قام ساهيا عن التسليم ، فصلّى ركعة خامسة ، فعلى مذهب من أوجب التسليم فالصلاة باطلة ، وعلى مذهب من لم يوجبه ، فالأولى أن يقال : الصلاة صحيحة ، لأنّه ما زاد في صلاته ركعة ، لأنّه بقيامه خرج من صلاته ، وإلى هذا القول يذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره (1) ونعم ما قال.

أو يسهو وهو في حال الصلاة ولم يدر كم صلّى ، ولا حصل شيئا من العدد ، ولم يدر أزاد على الفرض أم نقص.

وكذلك يجب إعادة الصلاة على من سها فدخل فيها بغير طهارة ثم ذكر بعد ذلك ، سواء تقضّى الوقت أو لم يتقض.

وكذلك من صلّى قبل دخول الوقت ساهيا.

ومن صلّى إلى يمين القبلة أو شمالها وذكر والوقت باق ، يجب عليه الإعادة ، فإن علم بعد خروجه فلا اعادة عليه.

وكذلك من كان فرضه الصلاة إلى أربع جهات فصلّى إلى جهة واحدة مع الاختيار والإمكان ومع غير ضرورة ولم تكن تلك الجهة القبلة ثمّ تبين بعد خروج الوقت فإنّه يجب عليه الإعادة.

فأمّا من صلّى صلاة واحدة في حال الضرورة إلى جهة ثم بعد خروج الوقت علم ان كانت الجهة استدبار القبلة ، فبعض أصحابنا يوجب عليه الإعادة على كل حال ، والباقون المحصّلون لا يوجبون الإعادة مع هذه الحال بعد خروج الوقت ، وهذا هو الصحيح الذي تقتضيه أصول المذهب ويشهد به المتواتر من الأخبار ، وقد قدّمنا ذلك وشرحناه ، وهو اختيار السيد المرتضى رضي‌ الله‌ عنه في جوابات الناصريات (2).

ومن صلّى في ثوب نجس مع تقدّم علمه بذلك ساهيا فإنّه يجب عليه إعادة الصلاة ، سواء كان الوقت باقيا أو خارجا بغير خلاف.

فأما إذا لم يتقدّم له العلم بنجاسة وذكر بعد خروج الوقت فلا اعادة عليه ، فإن ذكر والوقت باق ، فقد ذهب بعض أصحابنا إلى وجوب الإعادة ، وقال الباقون لا اعادة عليه ، وهو الصحيح ، لأنّ الإعادة فرض ثان يحتاج إلى دليل مستأنف والأصل براءة الذمة من العبادات ، وبهذا القول يفتي شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي ‌الله‌ عنه في جمله وعقوده (3) وفي استبصاره (4) وإن كان في نهايته (5) يورد من طريق الخبر خلاف ذلك ، وقد بيّنا عذره في هذا الكتاب فيما يورده في نهايته ، وقلنا أورده إيرادا لا اعتقادا.

ومن صلّى في مكان مغصوب مع تقدّم علمه بالغصب ، سواء كان الموضع دارا أو بستانا.

فإن قيل : البساتين قد ورد أنّه لا بأس بالصلاة فيها من غير اذن من أصحابها ، وهذا مطلق ، وأصحابنا يفتون بذلك من غير تقييد.

قلنا : لا خلاف في أنّ العموم قد يخصّ بالأدلة ، فقد ورد عاما في البساتين وورد الخاص وهو من صلّى في مكان مغصوب يجب عليه الإعادة ، فإذا عملنا بالخاص فقد عملنا ببعض العام ، وإذا عملنا بالعام فقد تركنا الخاص رأسا ، وهذا يعلم من بناء العام على الخاص ، فليلحظ ذلك.

فإن لم يتقدّم له العلم بالغصب فلا اعادة عليه ، سواء علم قبل خروج الوقت أو بعد خروجه بغير خلاف في هذا.

أو لم يكن مختارا للصلاة فيه فلا اعادة عليه أيضا ، سواء خرج منه والوقت باق أو كان مقتضيا بغير خلاف أيضا.

ومن صلّى في ثوب مغصوب كذلك حرفا فحرفا.

ومن سها في صلاة الخسوف والكسوف ، ومن سها في صلاة العيدين إذا كانت واجبة ، ومن سها في صلاة الطواف الواجب ، فجميع ذلك يوجب الإعادة ، لأنّ أصحابنا متفقون على أنّه لا سهو في الأوليين من كل صلاة ، ولا في المغرب ، والفجر ، وصلاة السّفر ، وعلى هذا الإطلاق لا سهو في هذه الصلوات.

وقد ذكر ذلك السيد المرتضى رضي‌ الله‌ عنه وذهب إليه في الرسيّات (6).

فأمّا الضرب الثاني من السهو ، وهو الذي لا حكم له ، فهو الذي يكثر ويتواتر ، وحدّه أن يسهو في شي‌ء واحد ، أو فريضة واحدة ثلاث مرات ، فيسقط بعد ذلك حكمه ، أو يسهو في أكثر الخمس فرائض أعني ثلاث صلوات من الخمس ، كلّ منهن قام إليها فسها فيها ، فيسقط بعد ذلك حكم السهو ، ولا يلتفت إلى سهوه في الفريضة الرابعة.

أو يقع الشك في حال قد تقضّت وأنت في غيرها ، كمن شك في تكبيرة الافتتاح وهو في فاتحة الكتاب ، أو يشك في فاتحة الكتاب وهو في السورة التالية لها ، أو سها في السورة وهو في الركوع.

وقد يلتبس على غير المتأمل عبارة يجدها في الكتب ، وهي من شك في القراءة وهو في حال الركوع ، فيقول : إذا شك في الحمد وهو في حال السورة التالية للحمد ، يجب عليه قراءة الحمد واعادة السورة ، ويحتج بقول أصحابنا : من شك في القراءة وهو قائم قرأ.

فيقال له : نحن نقول بذلك ، وهو أنّه يشك في جميع القراءة قبل انتقاله من سورة إلى غيرها ، فالواجب عليه القراءة ، فأمّا إذا شك في الحمد بعد انتقاله إلى حالة السورة التالية لها فلا يلتفت لأنّه في حال أخرى.

وما أوردناه وقلنا به وصوّرناه ، قد أورده الشيخ المفيد رضي‌ الله‌ عنه في رسالته الى ولده ، حرفا فحرفا ، وهو الصحيح الذي تقتضيه أصول مذهبنا.

أو يشك في الركوع وهو في حال السجود ، أو يشك في السجود بعد انفصاله من حاله وقيامه إلى الركوع.

وهذا الحكم في جميع أبعاض الصلاة ، إذا شكّ في شي‌ء من ذلك بعد أن فارقه وانفصل عنه ، فكلّ هذه المواضع لا حكم للسّهو فيها ، اللهم إلا أن يستيقن فيعمل على اليقين ، ولا حكم أيضا للسّهو في النافلة ، وكذلك لا حكم للسهو في السهو.

أو يشك في التشهد الأول وقد قام إلى الثالثة ، ومن سها عن تسبيح الركوع وقد رفع رأسه.

فأما من قال من أصحابنا وأورد في بعض كتبه في هذا القسم : ومن ترك ركوعا في الركعتين الآخرتين ، وسجد بعده ، حذف السجود ، وأعاد الركوع ، ومن ترك السجدتين في واحدة منهما ، بنى على الركوع في الأول ، وسجد السجدتين ، فهو اعتماد منه على خبر من أخبار الآحاد ، لا يلتفت إليه ، ولا يعرج عليه ، ولا يترك لأجله أصول المذهب ، وهو أنّ الركن إذا أخلّ به عامدا أو ساهيا وذكره بعد تقضي حاله ووقته ، فإنّه يجب عليه اعادة صلاته بغير خلاف ، ولا خلاف في أنّ الركوع ركن ، وكذلك السجدتين بمجموعهما على ما شرحناه من قبل وبيناه.

فإن قيل : ذلك في الركوع من الأولتين ، وكذلك سجدتا الأوليين.

قلنا : هذا تخصيص بغير دليل.

وأخبار الآحاد غير أدلة تخصّص بها العموم ، بغير خلاف بين أصحابنا قديما وحديثا ، إلا ما يذهب إليه شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في بعض كتبه ، وإن كان في أكثر كتبه يزيّف القول بأخبار الآحاد ، ويردّ القول بها في الاحتجاج ، ويقول : لا يرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد ، وهو الحقّ اليقين الذي إطباق الطائفة عليه خلفا وسلفا ، يعيبون الذاهبين إلى خلافه أشدّ عيب ، على ما بيّناه في خطبة كتابنا هذا عن المرتضى رضي‌الله‌عنه وغيره من أصحابنا ، ومن خالف من أصحابنا في شي‌ء ، وكان معروف العين ، فلا يلتفت إلى خلافه ، لأنّ الحجّة في غير قوله ، لأنّه من المعلوم انّه غير معصوم ، والحجّة في قول المعصوم ، فليلحظ ذلك.

وأمّا الضرب الثالث من السهو ، وهو الذي يعمل فيه على غالب الظن ، فهو كمن سها فلم يدر صلّى اثنتين أم ثلاثا ، وغلب على ظنّه أحد الأمرين ، فالواجب العمل على ما غلب في ظنّه ، واطراح الأمر الآخر.

نوكذلك إن كان شكّه بين الثلاث والأربع ، والاثنتين والأربع ، أو غير ذلك من الأعداد ، بعد أن يكون اليقين حاصلا بالأولتين ، فالواجب في جميع هذا الشك العمل على ما هو أقوى وأغلب في ظنه ، وأرجح عنده.

وكذلك إذا سها وهو قائم ، فلم يدر أركع أم لم يركع ، وغلب على ظنه أنّه لم يركع ، واعتراه وهم ضعيف أنّه ركع ، وجب عليه البناء على الأغلب وفعل الركوع ، وكذلك إن كان الأغلب انّه قد ركع ، بنى عليه ، وكذلك القول في السجود ، والتشهد ، وسائر الأفعال ، إذا التبس أمرها ، وكان الظن قويا في إحدى الجهات ، انّ الواجب عليه العمل على الأغلب في الظن والأقوى.

وأمّا الضرب الرابع من السهو وهو المقتضي للتلافي في الحال ، كمن سها عن قراءة فاتحة الكتاب حتى ابتدأ بالسورة التي تليها ، ثم ذكر ، فيجب عليه أن يتلافى ذلك بقطع السورة ، والابتداء بالفاتحة ، ثم يعود إلى السورة ، أو إلى غيرها ، وهذا القول يعضد ما قدّمناه.

ولا يتوهم أنّ هذا عين المسألة التي قدّمناها وقلنا : إنّ من شك في الحمد وهو في السورة التالية لها ، فلا يلتفت إلى شكه ، ويمضي فيما أخذ فيه ، لأنّ هاهنا ذكر بعد سهوه وشكه ، وما قلناه لما أخذ في السورة التالية ما ذكر أنّ الحمد لم يقرأها ، بل شكّ في ذلك ، وما تيقن ، ولا ذكر أنّه لم يقرأ الحمد ، فليتأمّل ذلك.

وكذلك إن كان سها عن تكبيرة الافتتاح ، وذكرها وهو في القراءة قبل الركوع ، فعليه أن يكبّرها ، ثم يقرأ.

وكذلك إن سها عن الركوع ، وذكر أنّه لم يركع ، وهو قائم فعليه أن يركع.

وكذلك إن نسي سجدة من السجدتين ، وذكرها في حال القيام قبل أن يركع ، وجب عليه أن يرسل نفسه فيسجدها ، ثم يعود إلى القيام ، فإن لم يذكرها حتى يركع الثانية ، وجب عليه أن يقضيها بعد التسليم ، ويسجد سجدتي السهو على ما سنذكره.

وكذلك إن سها عن التشهد الأول حتى قام ، وذكره في حال القيام ، فعليه أن يجلس ، ويتشهد ، ثم يرجع الى القيام.

وكذلك إن سلّم ساهيا في الجلوس للتشهد الأخير ، قبل أن يتشهّد ، أو قبل أن يصلّي على النبيّ وعلى آله عليهم‌ السلام ، وذكر ذلك وهو جالس ، من غير أن يتكلّم ، أو قد تكلّم ، لا فرق بين الأمرين ، فعليه أن يعيد التشهد ، أو ما فاته منه ، ويسجد سجدتي السهو ، لأنّه سلّم في غير موضع التسليم.

وأمّا الضّرب الخامس من السهو ، وهو الموجب للاحتياط للصلاة ، فكمن سها ، فلم يدر أركع أم لم يركع ، وهو قائم لم يركع ، وتساوت في ذلك ظنونه ، فعليه أن يركع ، ليكون على يقين.

فإن ركع ، ثم ذكر وهو في حال الركوع أنّه كان ركع ، فعليه أن يرسل نفسه إلى السجود إرسالا ، من غير أن يرفع رأسه ، ولا يقيم صلبه.

فإن كان ذكره أنّه قد كان ركع بعد القيام من الركوع والانتصاب ، كان عليه إعادة الصلاة ، لزيادته فيها ركوعا ، وسواء كان هذا الحكم في الركعتين الأوليين ، أو الركعتين الأخريين ، على الصحيح من الأقوال ، وهذا مذهب السيد المرتضى رضي‌ الله‌ عنه ، والشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه‌ الله في جمله وعقوده (7)

وقال في نهايته : ومن شك في الركوع أو السجود في الركعتين الأوليين أعاد الصلاة ، فإن كان شكّه في الركوع في الثالثة أو الرابعة وهو قائم ، فليركع ، فإن ذكر في حال ركوعه انّه كان قد ركع ، أرسل نفسه إلى السجود ، من غير أن يرفع رأسه فإن ذكر بعد رفع رأسه من الركوع أنّه كان قد ركع ، أعاد الصلاة (8) فخص الإرسال بالركعتين الأخريين.

والصحيح ما ذهب إليه في الجمل والعقود (9) ، لأنّه موافق لأصول المذهب ، لأنّ الإنسان إذا شك في شي‌ء قبل الانتقال من حاله ، فالواجب عليه الإتيان به ، ليكون على يقين ، ولا يجوز له هدم فعله وإبطال صلاته.

وقال في هذا الكتاب أيضا : فإن شك في السجدتين وهو قاعد أو قد قام قبل أن يركع عاد فسجد السجدتين ، فإن ذكر بعد ذلك أنّه كان قد سجدهما ، أعاد الصلاة ، فإن شك بعد ما يركع مضى في صلاته ، وليس عليه شي‌ء.

وقال أيضا : فإن شكّ في واحدة من السجدتين وهو قاعد أو قائم قبل الركوع ، فليسجد ، فإن ذكر بعد ذلك أنّه كان سجد لم يكن عليه شي‌ء ، فإن كان شكّه فيها بعد الركوع ، مضى في صلاته وليس عليه شي‌ء (10).

قال محمّد بن إدريس رحمه‌ الله : هذا الذي حكيته عن الشيخ أبي جعفر رضي‌ الله‌ عنه في نهايته مخالف لما ذهب إليه في جمله وعقوده ، ولما عليه أصول المذهب والعمل والفتوى من فقهاء العصابة ، لأنّ هذه المسائل من القسم الذي لا حكم له ، وهو من شك في شي‌ء وقد انتقل إلى حالة اخرى ، مثاله من شكّ في تكبيرة الافتتاح وهو في حال القراءة أو في القراءة ، وهو في حال الركوع ، أو في الركوع وهو في حال السجود ، أو شك في السجود وهو في حال القيام ، أو في التشهد الأول وقد قام إلى الثالثة.

وهذا مذهب أصحابنا بأجمعهم لا خلاف بينهم في ذلك ، وهذا أيضا مذهبه في الجمل والعقود (11) والمبسوط (12) والاقتصاد (13) وسائر كتبه.

وقد بيّنا وجه الاعتذار له في غير موضع ، واعتذر أيضا هو لنفسه عما يوجد في كتاب النهاية في خطبة المبسوط ، على ما أومأنا إليه من قبل ، وقال : قد أوردت الألفاظ على جهتها ولم أغيّر شيئا منها ، وذكرت ما ورد من الأخبار.

وقلنا : إنّه رضي‌ الله‌ عنه أورده أيضا إيرادا لا اعتقادا لصحته ، والفتوى والعمل به ، فهذا وجه الاعتذار له ، وإلا كيف يقول من شك في السجدتين وهو قاعد أو قد قام قبل أن يركع عاد فسجدهما ، ولا خلاف في أنّه إذا شك فيهما بعد قيامه وانفصاله من حال السجود ، لا يلتفت إلى شكه ، وكان وجود شكه كعدمه بغير خلاف ، بل إذا كان شكه في السجدتين في حال سجوده وجلوسه قبل قيامه ، فإنّه يجب عليه أن يسجدهما ، ليكون على يقين من براءة ذمته ، لأنّ حالهما ما تقضّت ، فأمّا إذا قام من حال السجود ، ثم شك فيهما لا يلتفت إلى الشك ، ولا يرجع عن يقينه بشكه ، لأنّه ما قام إلا بعد يقينه بسجودهما ، فإذا لا فرق بين أن يشك فيهما بعد ركوعه ، أو بعد قيامه ، وقبل ركوعه ، فليلحظ ذلك ، وكذلك قوله إن شك في واحدة من السجدتين وهو قاعد أو قائم قبل الركوع ، فليسجد ، أمّا سجوده وهو قاعد ، فصحيح ، وأمّا وهو قائم ، فليس بصحيح ، على ما بيّناه وحققناه ، فليتأمل ، ولا يقلّد إلّا الأدلة ، دون المسطور ، عاد القول إلى تمام الضرب الخامس.

وكذلك إن سها فلم يدر أسجد اثنتين أم واحدة ، وقد رفع رأسه قبل القيام ، فعليه أن يسجد واحدة ، حتى يكون على يقين من الاثنتين ، فإن سجدها ثم ذكر انّه قد كان سجد سجدتين ، وجب عليه إعادة الصلاة ، لمكان زيادته فيها ركنا.

وإن سها فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا ، وتكافت في ذلك ظنونه وأوهامه ، فعليه أن يبني على الثلاث ، ويتمّم صلاته ، ثم يأتي بعد سلامه بركعتين ، من جلوس ، يقومان مقام ركعة واحدة من قيام ، فإن كان بانيا على النقصان ، كان فيما فعله تمام صلاته ، وإن كان بنى على الكمال ، كانت الركعتان نافلة ، وإن شاء بدلا من الركعتين من جلوس ، أن يصلّي ركعة من قيام ، يتشهد فيها ويسلّم ، جاز له ذلك ، فبكل واحد من الأمرين جاءت الرواية.

فإن كان سهوه وشكّه بين الثلاث والأربع ، وتساوت ظنونه ، فحكمه ما ذكرناه بعينه.

فإن سها بين اثنتين وأربع ، وتساوت ظنونه ، فليبن على أربع فإذا سلّم ، قام فصلّى ركعتين ، يقرأ في كلّ واحدة منهما فاتحة الكتاب ، أو يسبّح فيهما ويتشهد ويسلم ، فإن كان الذي بنى عليه ركعتين ، فهاتان الركعتان تمام صلاته ، وإن كان الذي بنى عليه أربعا ، كانت هاتان له نافلة.

وإن كان سهوه بين ركعتين وثلاث وأربع ، بنى على الأربع وتشهد وسلّم ، ثمّ قام فصلى ركعتين من قيام ، فإذا تشهد وسلّم منهما ، صلّى ركعتين من جلوس ، فإن كان الذي بنى عليه على الحقيقة أربع ركعات ، كان ما صلاة نافلة ، وإن كان اثنتين ، فالركعتان اللتان من قيام تمام صلاته ، واللتان من جلوس نافلة ، وإن كان ثلاثا ، فالركعتان من جلوس ، وهما مقام واحدة من قيام فيها ، تمام الصلاة ، والركعتان من قيام نافلة ، وهذا المسمى بالاحتياط.

وجملة الأمر فيه وعقد بابه ، أنّ مسائله أربع في الفريضة فحسب ، وجميعها عند شكه وتساوي ظنونه ، أعني ظنون المصلي يبني على أكثر ركعاته ، وأكثر صلاته ، على ما سطره مصنّفو أصحابنا رحمهم‌ الله ، ولا ينتظر شيئا آخر ، ولا يصلّي ركعة أخرى ويسلّم ، إلا في مسألة واحدة من الأربع لا يسلم وقت شكه وتساويه ، بل الواجب عليه الإتيان بما بقي عليه ، وهي الركعة المتيقنة ، فإذا أتى بها ، فالواجب عليه ‌السلام والإتيان بعد السّلام بركعة احتياطا ، وهي من شكّ بين الاثنتين والثلاث ، فلا يجوز له هاهنا أن يسلّم قبل الإتيان بالركعة المتيقنة ، لأنّه قاطع على أنّه بقي عليه ركعة من فريضته.

فإن قيل : فما بنى على الأكثر. قلنا : قد بنى على الأكثر ، وهي الثلاث ، وصلاته رباعية ، والثلاث أكثر من الاثنتين ، فهو متيقّن أنّه قد بقي عليه ركعة قبل سلامه.

وأيضا هذا الحكم أعني الاحتياط بعد التسليم بالركعات ، لا يكون إلا في الصلوات الرباعيات مع سلامة الأولتين.

فأصحابنا يقولون يبنى على الأكثر ، ويسلّم ، ويعنون بذلك ، كأنّه قد صلّى الأربع ، بحيث يسلّم بعد الأربع لا قبل الأربع ، لأن محل السّلام في الرباعيات بعد الأربع ، فلأجل هذا قالوا يبني على الأربع ، بحيث أنّه إذا لم يبن على الأربع فكيف يجوز له أن يسلّم قبل تمام الصلاة متعمدا ، ومن سلّم قبل تمام صلاته متعمدا بطلت صلاته؟ فقالوا : يبني على الأربع ، أي كأنّه في الحكم قد فرغ من جميع ركعاته وصلاته ويسلّم بعد ذلك ، فيكون السلام في محلّه ، ثم بعد التسليم يبني على الأقل ، كأنّه ما صلّى إلا ركعتين ، أو كأنّه ما صلّى إلا ثلاثا ، ليكون على يقين من براءة ذمّته ، فقبل سلامه يبنى على الأكثر ، لأجل التسليم ، على ما نبهنا عليه ، وبعد التسليم يبني على الأقل ، كأنّه ما صلّى إلا ما تيقنه وما شك فيه يأتي به ليقطع على براءة ذمّته.

وقد قال السيد المرتضى رحمه‌ الله في جوابات المسائل الناصريات (14) المسألة الثانية والمائة ، قال صاحب المسائل : من شك في الأولتين استأنف الصلاة ، ومن شكّ في الأخريين بنى على اليقين ، قال المرتضى : هذا مذهبنا ، وهو الصحيح عندنا.

ألا ترى إلى قوله رضي‌ الله‌ عنه : بنى على اليقين ، إن أراد بنى على اليقين بعد سلامه ويصلّي ما تساوت ظنونه فيه وتوهمه ، فقول صحيح محقق على ما بيّناه ، وإن أراد وقت شكه وقبل سلامه فهذا ، بخلاف عبارة أصحابنا ، لأنّهم يقولون يبني على الأكثر ويسلّم ، والأكثر هو ما توهمه ، ولم يقطع عليه ، فيبني كأنّه قد صلاه بحيث يسلّم ، ولو بنى هاهنا على اليقين ، لما سلّم ، ولا كان يجوز له التسليم ، لأنّ يقينه ثابت في الركعتين الأولتين فحسب ، وهو في شك ممّا عداهما ، فلو بنى عليهما ، لما سلّم ولأتى بما بقي عليه ، بعد قطعه على يقينه قبل سلامه وانفصاله بسلامه منها ، فليلحظ ذلك بعين التأمل الصافي.

وركعات الاحتياط تجب فيها النية ، احتياطا واجبا قربة إلى الله ، وتجب فيها تكبيرة الإحرام.

ومن أحدث بعد سلامه وقبل صلاة الاحتياط ، فإنّه لا يفسد صلاته ، بل يجب عليه الإتيان بالاحتياط ، لأنّ هذا ما أحدث في الصلاة ، بل أحدث بعد خروجه من الصلاة بالتسليم ، والاحتياط حكم آخر متجدد غير الصلاة الأولة ، وإن كان من توابعها ومتعلقاتها.

فإن شك وهو قائم هل قيامه الذي هو فيه للركعة الرابعة أو للركعة الخامسة ، فإنّه يجب عليه الجلوس من غير ركوع ، فإذا جلس تشهد وسلّم وقام بعد سلامه فصلّى ركعة احتياطا ، وقد برئت ذمّته ، ولا يجوز له أن يركع في حال قيامه قبل أن يجلس ، لأنّه لا يأمن أن يكون قد صلّى أربعا ، فيكون ركوعه زيادة في صلاته ، فتفسد الصلاة.

فإن قيل : لا يأمن أن يكون قد صلّى أربعا. قلنا : قد تمت صلاته ، وصلاته لركعة الاحتياط بعد تسليمه ، غير مفسدة لها ، لأنّها منفصلة عنها بالتسليم.

فإن قيل : فلم لا يجزيه سجدتا السهو ، ولا يجب عليه ركعة الاحتياط. قلنا : مواضع سجدتي السهو محصورة مضبوطة ، وليس هذا واحدا منها ، ولنا في ذلك مسألة ، قد جنحنا الكلام فيها ، وفرّعناه ، وسألنا أنفسنا عما تعرض ، وبلغنا فيها أبعد الغايات.

وأمّا الضرب السّادس من السهو ، وهو ما يجب فيه جبران الصلاة ، فهو كمن سها عن سجدة من السجدتين ، ثم ذكرها بعد الركوع في الثانية ، فعليه أن يمضي في صلاته ، فإذا سلّم قضى تلك السجدة ، وسجد بعدها سجدتي السهو ، وقد روي (15) في هذا الموضع أنّه يقضي السجدة ، وليس عليه سجدتا السهو.

ومن نسي التشهد الأول ثم ذكره بعد الركوع في الثالثة ، فعليه ، أن يمضي في صلاته ، فإذا سلّم قضاه ، بأن يتشهد ثمّ يسجد سجدتي السهو.

فإن نسي الصلاة على محمّد وآله ، دون التشهد ، حتى جاوز محله ووقته ، فلا اعادة عليه ولا قضاؤه ، لأنّ حمله على التشهد قياس لا نقول به ، فليلحظ ذلك ويحصّل ويتأمّل.

ومن تكلّم في صلاته ساهيا ، بما لا يكون مثله في الصلاة ، فعليه سجدتا السهو.

ومن سلّم في غير موضع التسليم ساهيا ، فعليه سجدتا السهو.

ومن قعد في حال قيام أو قام في حال قعود فعليه سجدتا السهو.

ومن سها فلم يدر أربعا صلّى أم خمسا وتساوت ظنونه في ذلك فعليه سجدتا السهو.

فإن قيل : الجبران لا يكون إلا فيما يقطع المصلّي على أنّه فعله أو تركه ناسيا ، فيجبر فعله ذلك بسجدتي السهو ، وليس هو مثل الاحتياط ، فكيف القول في مسألة من سها بين الأربع والخمس.

قلنا أيضا : المصلي قاطع على الأربع ، ويشك في الركعة الخامسة ، فقد صار قاطعا على الأربع ، وفي شك من الخمس ، فما خلا من القطع.

فإن سها المصلي في صلاته بما يوجب سجدتي السهو مرات كثيرة ، في صلاة واحدة ، أيجب عليه بكلّ مرّة سجدتا السهو ، أو سجدتا السهو عن الجميع؟

قلنا : إن كانت المرات من جنس واحد ، فمرّة واحدة يجب سجدتا السهو ، مثلا تكلم ساهيا في الركعة الأوّلة ، وكذلك في باقي الركعات ، فإنّه لا يجب عليه تكرار السجدات ، بل يجب عليه سجدتا السهو فحسب ، لأنّه لا دليل عليه ، وقولهم عليهم ‌السلام : من تكلّم في صلاته ساهيا يجب عليه سجدتا السهو (16)، وما قالوا دفعة واحدة أو دفعات.

فأمّا إذا اختلف الجنس ، فالأولى عندي بل الواجب ، الإتيان عن كلّ جنس بسجدتي السهو ، لأنّه لا دليل على تداخل الأجناس ، بل الواجب إعطاء كلّ جنس ما تناوله اللفظ ، لأنّ هذا قد تكلّم مثلا ، وقام في حال قعود ، وأخل بإحدى السجدتين ، وشك بين الأربع والخمس ، وأخل بالتشهد الأول ، ولم يذكره إلا بعد الركوع في الثالثة ، وقالوا عليهم‌ السلام : من فعل كذا يجب عليه سجدتا السهو ، ومن فعل كذا في صلاته ساهيا يجب عليه سجدتا السهو ، وهذا قد فعل الفعلين فيجب عليه امتثال الأمر ، ولا دليل على تداخلهما ، لأنّ الفرضين لا يتداخلان بلا خلاف من محقق.

وهما سجدتان بعد التسليم ، على الصحيح من المذهب ، سواء كانتا لزيادة في الصلاة أو لنقصان ـ وبعض أصحابنا يذهب إلى أنّهما إن كانتا لنقصان ، كانتا قبل التسليم ، وإن كانتا لزيادة كانتا بعد التسليم ، والأول أظهر ـ بغير ركوع ، ولا قراءة ، ولا تكبيرة الإحرام ، بل لا بدّ من النية للوجوب.

والذي يقال في كل واحدة منهما : بسم الله وبالله اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وإن شاء قال مكان ذلك : بسم الله وبالله السّلام عليك أيّها النبي ورحمة الله بالجميع وردت الرواية (17)

ثم يرفع رأسه ، ويتشهد تشهدا خفيفا ، ومعنى ذلك أن يأتي بالواجب من الألفاظ فحسب ، ويسلّم بعده.

ولا بدّ من الكون على طهارة إذا فعلهما ، فإن أحدث قبل الإتيان بهما وبعد سلامه ، لا يجب عليه اعادة صلاته ، بل يجب عليه التطهّر ، وفعلهما ، ولنا فيهما مسألة قد جنحنا الكلام فيها وأشبعناه وانتهينا في ذلك إلى الغاية القصوى.

وبين أصحابنا فيما يوجب سجدتي السهو خلاف ، فذهب بعضهم إلى أنّها أربع مواضع ، وقال آخرون في خمس مواضع ، وقال الباقون الأكثرون المحققون في ست مواضع ، وهو الذي اخترناه ، لما فيه من الاحتياط ، لأنّ العبادات يجب أن يحتاط لها ، ولا يحتاط عليها.

وقد بينا انّه إذا سها عن التشهد الأول ولم يذكره حتى ركع في الثالثة ، فالواجب عليه المضي في صلاته ، فإذا سلّم منها قضاه وسجد سجدتي السهو ، فإن أحدث بعد سلامه وقبل الإتيان بالتشهد المنسيّ وقبل سجدتي السهو ، فلا تبطل صلاته بحدثه الناقض لطهارته ، بعد سلامه منها ، لأنّه بسلامه انفصل منها ، فلم يكن حدثه في صلاته ، بل بعد خروجه منها بالتسليم الواجب عليه.

فإذا كان المنسي هو التشهد الأخير ، وأحدث ما ينقض طهارته قبل الإتيان به ، فالواجب عليه اعادة صلاته من أوّلها ، مستأنفا لها ، لأنّه بعد في قيد صلاته ، لم يخرج منها ، ولا فرغ بسلام يجب عليه ، بل ما فعله من السلام ساهيا في غير موضعه ، كلا سلام ، بل هو في قيد الصلاة بعد ، لم يخرج منها بحال ، فليلحظ الفرق بين المسألتين والتسليمين ، فإنّه واضح للمتأمّل المحصّل.

___________________

(1) في الاستبصار : ج 1 ، الباب 219 باب من تيقّن انّه زاد في الصلاة.

(2) الناصريات : كتاب الصلاة ، مسألة 80.

(3) الجمل والعقود : كتاب الصلاة ، في ذكر أحكام السهو ، رقم 5 .
(4)
الاستبصار : كتاب الصلاة ، مسألة 634 و 635 .
(5)
النهاية : كتاب الصلاة ، باب السهو في الصلاة واحكامه. لكن المسألة بخلاف ذلك.

(6) رسائل الشريف المرتضى : ج 2 ، ص 386 مسألة 4 من جوابات المسائل الرسية الثانية.

(7) الجمل والعقود : في فصل 11 من كتاب الصلاة في ذكر أحكام السهو.
(8)
النهاية : كتاب الصلاة ، باب السهو في الصلاة وأحكامه.

(9) الجمل والعقود : في فصل 11 من كتاب الصلاة في ذكر أحكام السهو.
(10)
النهاية : كتاب الصلاة ، باب السهو في الصلاة وأحكامه.

(11) الجمل والعقود : كتاب الصلاة ، في ذكر أحكام السهو فصل 11.

(12) المبسوط : كتاب الصلاة ، في أحكام السهو والشك في الصلاة.

(13) الاقتصاد : كتاب الصلاة ، فصل في حكم السهو صفحة 266 الطبع الحديث.

(14) المسائل الناصريات : كتاب الصلاة ، المسألة 102 .

(15) الوسائل : الباب 14 من أبواب السجود ، ح 4 و 6 .

(16) الوسائل : الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(17) الوسائل : الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.