أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016
1200
التاريخ: 30-10-2020
1893
التاريخ: 21-7-2016
3745
التاريخ: 2025-01-30
62
|
تاريخ علم الري والصرف
إن عمليات الرّيِّ والصَّرْف ليست حديثة، بل قديمة منذ حضارات بابل والصين والهند وبلاد ما بين النهرين. وتُعالج مشكلات الرّيّ والصرف في مختلف البلدان ولاسيما البلدان المتطورة، إذ يتركز الاهتمام على عمليات استصلاح التربة حيث يتم النظر إليها كأهم عنصر من عناصر النمو والتطور الاقتصادي، إضافة لإنشاء منشآت الري والصَّرْف وهذا ما يظهر في المنشآت الضخمة لمشروعات الري والصرف والتي أقيمت في دول أوربة وروسية والصين وبولونية وألمانية وفرنسة...؛ إذ تُنفق سنوياً عشرات المليارات من الدولارات على بناء مختلف المنشآت الهندسية.
ولما كان وجود الحياة واستمرارها يستدعي بشكل رئيسي وجود الماء، فالماء سر الحياة ولغزها الكبير بوجوده تستمر وباختفائه تؤول إلى الفناء؛ لذلك لا عجب أن أقدم العلماء والباحثون منذ القدم على دراسة الماء والاهتمام باستخدامه وتوزيعه لكل الاستخدامات متبعين في ذلك أقصى درجات الحرص عليه لأنه في الحقيقة أثمن شيء في الوجود.
ولما كان النبات هو المصدر الوحيد للغذاء بالنسبة إلى الحيوانات، ومِنْ ثَمَّ للإنسان الذي يعتمد في الغذاء على الحيوانات والنباتات كان لابد من الاهتمام بالزراعة. ومن هنا نجد أن الإنسان عرف الزراعة منذ أقدم العصور بوسائله البدائية سواء عن طريق الرِّي أو الآلات الزراعية. وهكذا نجد أن أقدم الحضارات ظهرت على ضفاف الأنهار الكبيرة، وكان هناك تفاوت في درجة الاهتمام بالزراعة بين حضارة وأخرى، فكلما ازداد وعي الإنسان القديم بحث عن حياة المدنية، ومِنْ ثُمَّ عن مصدر الغذاء، ليضمن استقرارا أكثر من حياة الصيد والتنقل.
- تعود أقدم عمليات استصلاح الأراضي إلى نحو 4500 ق.م في العراق في بابل القديمة حيث اكتشفت بقايا وأثار لمنشآت ومشروعات كبيرة وضخمة تتعلق بالري والسقاية واستصلاح الأراضي وصرف المياه الزائدة، ولاسيما في زمن حمورابي وتشريعاته الخاصة باقتسام وتوزيع المياه في الألف الثانية قبل الميلاد والتي أدت إلى تطور الزراعة في تلك الحقبة.
- وقد أظهرت الآثار المكتشفة في مدينة ماري السورية إلى أن العموريين في نحو 2400 ق.م أقاموا مشروعات استصلاح مهمة ونفّذوا شبكات الري وأقنية الجر وتوزيع المياه وأقنية الصرف، كذلك كان الحال في إيبلا في المدة نفسها.
- كذلك عدّل الآشوريون وأصلحوا مجاري نهري دجلة والفرات، وتم بناء خزانات وسدود بقصد حجز المياه الجارية في هذه الأنهار وتجميعها ثم توزيعها عبر الأراضي الزراعية لاستخدامها في أغراض الرِّيّ والسقاية (قناة بالاكوياس كان طولها 600 كم).
- أما الفينيقيون الذين أقاموا حضاراتهم على الساحل السوري فقد اهتموا بمشروعات الاستصلاح وبناء شبكات الرّيّ وتوزيع المياه وأقنية الصرف في مدنهم كما تدل على ذلك آثارهم المكتشفة في مدينة أوغاريت (شمالي اللاذقية) نحو 1400 ق.م.
- وكذلك الحال بالنسبة إلى التدمريين الذين اهتموا ببناء الأقنية المرفوعة وأقنية جر المياه ومشروعات الاستصلاح ابتداء من الألف الأولى قبل الميلاد.
- وقد استخدم الرّيّ الصناعي أيضاً في فلسطين وشبه الجزيرة العربية وفارس القديمة والهند والصين وآسيا الوسطى، حيث أُنشئت مشروعات الاستصلاح وأنظمة السيطرة على الأنهار والمجاري المائية وبناء أقنية وخزانات وسدود لتأمين مياه السقاية وكذلك بناء منشآت رفع المياه، والقيام بإنشاء المصاطب والمدرجات لحماية الحقول الزراعية من عوامل الحت والتعرية.
- ولقد لعب السوريون ولاسيما الفينيقيون والكنعانيون والمصريون القدماء بدور هام في نقل المعارف الخاصة بالاستصلاح إلى اليونانيين والرومان من بعدهم، إذ عرفت أوروبة عمليات الاستصلاح بوقت متأخر نسبياً، وذلك في الألف الأولى قبل الميلاد. وفي إسبانية أُجريت بعض العمليات الاستصلاحية الكبيرة على أيدي العرب المسلمين في المدّة من القرن الثامن وحتى القرن الخامس عشر الميلادي.
- وفي أمريكة اكتشفت آثار المنشآت الخاصة باستصلاح الأراضي التي بنيت في العصور الوسطى في منابع أنهار أمريكة الشمالية.
- وفي البيرو أنجزت أعمال خاصة بالرّيّ والسقاية تعود إلى القرن السادس الميلادي.
لقد قاد الرّي المستمر إلى التفكير في حصر المياه الفائضة وإيجاد طريقة لإعادتها إلى النهر، وهكذا ظهر الصَّرْف بمفهومه الضيق (التخلص من كمية المياه الفائضة عن حاجة النبات والزراعة. وقد تم التخلص من هذه المياه باستعمال الصرف السطحي بشكل بدائي وبالاعتماد على الخبرات الشخصية، وذلك بشق أخاديد تسيل فيها المياه بميل معين يعيدها إلى النهر.
ولقد كان لنمو الأعشاب الضارة حول المصارف الأثر في التفكير بطرق صرف متقدمة أكثر، وبذلك ظهر الصَّرْف المغطى بوسائله القديمة، فقد كان يُلجأ إلى حفر خنادق، ثم وضع أحجار فيها ثم الردم فوق هذه الأحجار التي كانت تشكل الصرف المغطى، كل ذلك كان يعتمد على الخبرات الشخصية دون وضع أسس وقواعد علمية لذلك.
كما تم توسيع مفهوم الصرف، فلم يعد الصرف هو فقط التخلص من كمية المياه الفائضة عن الرّي، بل صارت له مفاهيم واسعة جداً، كالمحافظة على نظام مائي - ملحي - هوائي متوازن ومعين في التربة الزراعية والمحافظة على منسوب معين للمياه الجوفية على نحو لا يرتفع هذا المنسوب إلى منطقة الجذور فيؤدي إلى تعفنها وخنقها. ودرءاً لخطر التملح بالأراضي المالحة وللمحافظة عليها من انتكاس الملح والتملح جاءت أهداف الصَّرْف متعددة ومختلفة حسب مناخ البلد؛ فمثلا في المناطق التي تهطل فيها الأمطار بغزارة والتي قد تؤدي إلى غسل التربة الزراعية ومِنْ ثَمَّ إغراقها بالماء، فهنا تقتصر مهمة الصرف على تصريف المياه بشكل سريع خارج المنطقة المدروسة بغض النظر عن الضياعات المائية.
لقد أقلقت مشكلة الصَّرْف العاملين بالرِّي في المناطق الجافة منذ العصور السابقة، فلقد تحول معظم وادي دجلة ووادي الفرات إلى صحراء بسبب تراكم الأملاح في الطبقات السطحية للتربة وهناك آثار لشبكات ري مهجورة ومناطق قلوية أخرى ومتملحه بالشرق الأدنى وفي الصحراء، وهذا ما يدل على أن عدم استعمال الصرف المناسب يؤدي بالنتيجة إلى دمار اقتصادي في المنطقة، وفي بعض الأحيان يؤدي إلى دمار الحضارات كما كان في العصور القديمة السابقة.
كذلك الحال فإن مشكلات الصَّرْف الجوفي يمكن أن تنشأ نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية، وذلك بسبب عدم اختراق الماء لطبقة التربة الكتيمة، أو لامتلاك هذه التربة نفوذية منخفضة بسبب وجود الغضار بكمية كبيرة، أو ربما لتوضع التربة وارتصاصها بشكل كبير لوجود الجبال الجليدية فوقها بالعصور الجليدية.
أما الصرف في سورية فإنه يحتاج إلى دراسات مكثفة؛ إذ إننا في منطقة شبه جافة من العالم، ويسود فيها مناخ البحر الأبيض المتوسط وهذا يترتب عليه الكثير، ففي فصل الشتاء حيث تكثر الأمطار يتوجب التخلص منها كي لا تتجمع على سطح التربة، فتعيق العمل بالحقول وتسبب الأضرار. أما في فصل الصيف الجاف فينبغي المحافظة على المياه من الضياع بعيداً عن التربة الزراعية، وبالإضافة لذلك يجب المحافظة على تركيز خفيف للأملاح مقبول بشكل لا يؤدي إلى إعاقة نمو النباتات.
مما سبق يتبين أن الأمر يحتاج إلى التمعن والتفكير قبل دراسة أي مشروع للصرف، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن سوء الصرف في كثير من مشروعات الرّي في بلادنا أدى إلى كوارث اقتصادية كبيرة؛ كما يجب التنويه هنا إلى أن الرّي في منطقة ما قد يؤثر في ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وقد يكون حدوث الأضرار المترتبة عن ذلك في منطقة أخرى أكبر منها في المساحات المروية.
وأخيراً لا بد من التذكير بحقيقة صارت من البديهيات لدى جميع المهتمين بمشروعات الرّي، وهي أن كل مشروع ري لا يدرس فيه الصرف بشكل كـــاف ستكون نتيجته الانهيار مع التقدم في الاستثمار وسيقود إلى كوارث اقتصادية لا حصر لها، وهنا نأتي إلى المقولة الأساسية - لا ري ناجح دون صرف ناجح.
|
|
دليل التغذية الأولى للرضيع.. ماذا أنسب طعام بعد 6 شهور؟
|
|
|
|
|
ماذا نعرف عن الطائرة الأميركية المحطمة CRJ-700؟
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة يستقبل المتولّي الشرعي للعتبة الرضوية المطهّرة والوفد المرافق له
|
|
|