أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-06-2015
6123
التاريخ: 23-10-2014
6031
التاريخ: 9-05-2015
5744
التاريخ: 23-10-2014
5710
|
بالرغم من اللَّه تبارك وتعالى قادر على كل شيء ، وكل ما يريده يتحقق بإرادته تعالى فوراً :
{إِنَّما امْرُهُ اذَا ارَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس/ 82).
وبالرغم من ذلك كله فإنّ الآيات المباركة في القرآن الكريم توضح وبشكل جلي ، أنّ اللَّه تبارك وتعالى قسَّم الأعمال في هذا العالم ، إذ خلق طوائف من الملائكة ليقوم كل منها بإنجاز إحدى الأعمال المهمّة في هذا العالم.
فيشير القرآن الكريم أحياناً بشكل عام إلى هذه المسألة وهو قوله تعالى :
{جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا اولِى اجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (فاطر/ 1).
ويقول في موضع آخر : {فَالْمُدَبِّراتِ امْراً} (النازعات/ 5).
وينقل في موضع آخر قول الملائكة : {و مَا مِنَّا الَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ* وَانَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ* وَانَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} (الصافات/ 164- 166).
وأحياناً اخرى يشير إلى طوائف خاصة منها لها وظائفها الخاصة ، إذ يمكن أن نشير فيما يلي إلى المجاميع التالية كنموذج على ذلك :
1- الملائكة المبلغين للوحي والمنزلين للكتب السماوية :
{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوْحِ مِنْ امْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} (النحل/ 2).
2- مجموعة حَمَلَةِ العرش :
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} (غافر/ 7).
3- مجموعة المراقبين لأعمال الناس :
{وَانَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ} (الانفطار/ 10- 12).
4- مجموعة جند اللَّه الذين يعززون المؤمنين في الحروب وحوادث الحياة القاسية :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ اذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} (الاحزاب/ 9).
5- مجموعة حفظة الناس ازاء الكثير من الاخطار والحوادث :
{وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} (الانعام/ 61).
6- مجموعة المكلفين بقبض الأرواح :
{قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ} (السجدة/ 11).
وكذلك : {الَّذِينَ تَتَوفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِيْنَ} (النحل/ 32).
7- الملائكة المكلفون بتقسيم الأرزاق :
{فَالْمُقسِّماتِ امْراً} (الذاريات/ 4).
إذ يقول البعض في تفسير هذه الآية الكريمة ، وجرياً مع تناسب الآيات الواردة قبلها :
إنّها تشير إلى الملائكة الذين يقسمون الأرزاق بين العباد ، بينما يقول البعض الآخر : إنّها تشير إلى الملائكة المكلفين بتقسيم جميع الأعمال في عالم الوجود.
8- الملائكة المكلفون بنشر السحاب ونزول الأمطار والمكلفون بتشتيتها بعد هطول الأمطار :
{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً * فَالْفارِقَاتِ فَرْقاً} (المرسلات/ 3- 4).
9- الملائكة المكلفون بدفع وساوس الشياطين عن قلوب المؤمنين ، والذين يصدون هجوم الشياطين عن افكار المؤمنين ، فيقضون على وساوسهم :
{فَالزَّاجِرَاتِ زَجراً} (الصافات/ 2) (1).
10- الملائكة الذين ينزلون في ليلة القدر ، والمكلفون بإبلاغ تقديرات اللَّه تعالى على مدى سنة كاملة ، تلك المقدرات التي تحُدد وفقاً لاستحقاق الأفراد وحسن أعمالهم ، وليس بدون حساب وبشكل اجباري :
{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِاذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر} (القدر/ 4).
وكما تلاحظون فإنّ اللَّه تبارك وتعالى وبالرغم من قدرته التامة على جميع الأعمال ، فإنّه يقسم تدبير أمور هذا العالم بين الملائكة ، وجعل لكل مجموعة منهم واجباً وتكليفاً محدداً.
ونلاحظ في الروايات الإسلامية أيضاً تعبيرات متعددة وبليغة بشأن أصناف الملائكة ، من حيث تقسيم المسؤوليات ، ومن جملة ذلك ما ورد في نهج البلاغة في خطبة الأشباح :
«ومنهم من هو في خلق الغمام الدُّيح ، وفي عظمِ الجبال الشمَّخ ... وفي فترةِ الظلامِ الأيِهمِ ، خَرَقت اقدامُهمُ تخومَ الارضِ السّفلى فهي كراياتٍ بيضٍ قد نفذت في مخارقِ الهواءِ ، وتحتها ريحٌ هفافة ، تحبسُها على حيثُ انتهت من الحدود المتناهيةِ ، قد استفرغتهم اشغالُ عبادتِهِ ، ووصلت حقائق الايمانِ بينهم وبين معرفته ... قد ذاقوا حلاوة معرفته ، وشربوا بالكأس الرويَّة من محبتِهِ!» (2).
ولدينا المزيد من الروايات الاخرى بشأن تقسيم المسؤوليات فيما بين الملائكة ، لو ذكرناها جميعاً لطال بنا المقال (3).
ويمكننا أن نستخلص ممّا تقدم ذكره آنفاً المفهوم القرآني التالي : لو أرادت البشرية أن تساير نظام ربوبية الباريء جلّ وعلا في الوجود وتطبق نظام ادارته في عالم التكوين ، لابدّ لها أن تهتم وبكل دقة بمسألة تقسيم الأعمال والمسؤوليات في المجتمع الإنساني ، لكي تقترن حياة أفراد المجتمع بالموفقية والنجاح.
وبعبارة أخرى : نحن نعلم أنّ نظامي التكوين والتشريع يجب أن يعملا بشكل متناغم ، ولابدّ لحياة البشرية أن تستلهم فلسفتها من خلقة الباري جلّ وعلا وتصطنع بصبغة اللَّه تعالى ، وأنّ كل ما هو حاكم هناك يجب أن يكون هو الحاكم هنا.
إنّ الاهتمام والالتفات إلى هذه الحقيقة يدعونا إلى مسألة تنظيم الامور التنفيذية.
________________________
(1) قيل الكثير من الأوجه في تفسير هذه الآية ، وأحد تلك المعاني ما جاء أعلاه.
(2) نهج البلاغة ، الخطبة 91 (خطبة الاشباح).
(3) وللمزيد من الايضاح بشأن أصناف الملائكة عليكم بمراجعة بحار الأنوار ، ج 59 ، ص 174 وما يليه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|