وللفقهاء المسلمين رأي في استحقاق الزوجة للنفقة إذا ما فسخ عقد الزواج لعدم الوفاء بالشروط قبل الدخول، فمنهم من أورد حكمًا له ومنهم من اكتفى بإيراد حكم للفسخ قبل الدخول بصورة عامة، وسنتعرف على هذه الآراء حسب التفصيل الاتي:
يرى فقهاء الامامية بأن عقد الزواج إذا فسخ لعدم الايفاء بالشروط قبل الدخول فلا نفقة للزوجة سواء كان الفسخ من جانب الزوج أم من جانب الزوجة لأنها أصبحت بائنة فتسقط نفقة البائن وسكناها عندهم سواء كانت من طلاق أو فسخ (1).
كما يرى جانب آخر منهم لا تجب نفقة للزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف فإن الارتكاز العرفي قرينة على اسقاطها في هذه المدة (2) . وكما يرى جانب ثالث منهم بأن الزوجة تستحق النفقة من زوجها (في كل زمان ومكان يسوغ فيه الاستمتاع ) فلو بذلت في زمان دون زمان أو مكان كذلك يصلحان للاستمتاع فلا نفقة لها (3).
يرون أن أي فرقة قبل الدخول ليس لها نفقة (4)، مع ملاحظة أن الأحناف لم يجيزوا فسخ عقد الزواج لعدم الايفاء بالشروط من جانب الرجل (5) ، أما فقهاء الشافعية فهم لم يجيزوا فسخ عقد الزواج لعدم الايفاء بالشروط(6)، فلا كلام في أثر الفسخ عندهم لا قبل الدخول ولا بعده.
أما بالنسبة لفقهاء المالكية فانهم يرون لا نفقة للزوجة قبل الدخول مهما كانت الفرقة ومهما كان سببها (7)، فلا نفقة للزوجة بفسخ عقد الزواج قبل الدخول لعدم الايفاء بالشروط.
وعلى هذا النحو قال فقهاء الحنابلة أن المرأة البائنة لا نفقة لها ولا سكنى سواء كانت الفرقة من طلاق أو فسخ لان الرجل لا يستحق عليها رجعة (8)، وبما أن الفسخ قبل الدخول تُعد فرقة بائنة فلا عدة عليها ولا رجعة لزوجها المفسوخ عقده منها فهي إذن لا تستحق النفقة حسب هذا الرأي.
ولكل ما تقدم من آراء الفقهاء المسلمين بآثار فسخ عقد الزواج قبل الدخول بسبب عدم الوفاء بالشروط نميل إلى ما ذهب إليه فقهاء الامامية والحنابلة بأن المرأة لا تستحق نفقة، كونها اصبحت بائنة ولا عدة عليها ولا يوجد سبب لاحتباس المرأة لحق الزوج ولا يملك عليها رجعة فلا يوجد أي سبب لوجوب النفقة. أما عن الزمان الفاصل بين وقت ابرام العقد لغاية فسخه فبعض فقهاء الامامية يرون بأن المرأة تستحق نفقة عن تلك الفترة ما لم توجد قرينة عرفية على اسقاطها (9). وذهب بعضهم الآخر منهم على عدم وجوب النفقة في الزمان الفاصل بين وقت العقد لغاية الفسخ (10). ووافقهم الحنابلة (11)، و المالكية(12).
أما فقهاء الاحناف فيرون بأن المرأة تستحق النفقة على زوجها بمجرد انعقاد عقد الزواج (13) . أما الشافعية فيرون أن وقت وجوب العدة من وقت تمكين الزوجة نفسها للزوج(14).
______________
1- المحقق الحلي ابو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن مع تعليقات السيد صادق الحسيني الشيرازي، شرائع الإسلام في في مسائل الحلال والحرام ،ط، 2، ج 2، ذي القربى، قم، 2022 ، ص 586
2- السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي، منهاج الصالحين المعاملات، ج2، ط29، مؤسسة احياء آثار الامام الخوئي، قم ،ایران، 2000م ، ص 287 ، المسألة ( 1399)؛ المحقق الحلي ابي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المختصر النافع في فقه الإمامية، ج2، المعاملات، بدون طبعة، منشورات ذوي القربي دون ذكر مكان وسنة النشر ، ص 130.
3- الشهيد الثاني زين الدين بن علي الجبعي العاملي الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، ج 2، ط12، منشورات دار التفسير، 1433هـ ، ص 489
4- علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج 4 ط 2 ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986م ، ص18.
5- یوسف بن موسى بن محمد ابو المحاسن جمال الدين المللطي الحنفي، المعتصر من المختصر من مشكل الآثار، ج1، بدون طبعة عالم الكتب، بيروت ، ص289.
6- ابو الحسين يحيى بن ابي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي البيان في مذهب الامام الشافعي ط1 دار المنهاج جدة 2000م العمراني ،ج5 ص 35.
7- محمد بن احمد بن محمد عليش ابو عبد الله المالكي، منح الجليل شرح مختصر خليل، ج 4، بدون طبعة، دار الفكر، بيروت، 1989، ، ص 386.
8- ابو محمد موفق الدين عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، المغني، ج 7، بدون طبعة مكتبة القاهرة القاهرة، 1968 ، ص190.
9- السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين المعاملات ، ج 3، ط 3 ، دار المؤرخ العربي، بيروت، 2000، ص 123، المسألة (415).
10- السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي، منهاج الصالحين المعاملات، ج2، ط29، مؤسسة احياء آثار الامام الخوئي، قم ،ایران، 2000م، ، ص 287، المسألة (1399).
11- عبد الرحمن بن محمد بن احمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي الشرح الكبير على متن المقنع، ج9، بدون طبعه، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع بدون مكان وتاريخ النشر ، ص230.
12- ابو الحسن العدوي حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني، ج 3، دار الفكر ، بيروت، 1994، ، ص 183.
13- علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج 4، ط 2 ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986، ص18.
14- ابن قدامة ،المغني، ج 9، مرجع سابق، ص 230