ضغط المعلن على الوسيلة

دونما شك يعتبر الإعلان المصدر الرئيس لتمويل وسائل الإعلام، إلا أن اعتماد الوسيلة على عائدات الإعلان أدى إلى وجود مخاوف من أن يؤثر المعلنون على الوسيلة أو يتحكموا في اتجاه المحتوى بما يتفق مع أهدافهم ومصالحهم خاصة في ظل وجود العديد من الحالات التي غابت فيها وسائل الإعلام عن تغطية بعض الموضوعات استجابة لمطالب المعلنين وهو ما يؤثر على حرية الوسيلة واستقلالها ومن ثم مصداقيتها، كما يتعارض مع حق الجمهور في التعرف على الأخبار والموضوعات بشكل كامل وموضوعي

ويعتبر تأثير الإعلان واضحا ومرئيا في أشكال متعددة منها:

• التحكم في المحتوى التحريري للصحف والمجلات والمحتوى البرامجي لكل من الراديو والتليفزيون
• جعل الآراء التحريرية محابية للمعلن.
• غياب lack أو تقليص تغطية الموضوعات التي يمكن أن تنعكس بشكل سلبي على المعلنين ومنتجاتهم.
• التغطية الايجابية للمنتجات والخدمات والمنظمات التابعة للمعلنين.
• تقديم المادة الإعلانية في شكل مادة إعلامية.

وفى دراسة أجريت على محرري 147 صفحة يومية أمريكية أشارت إلى أن %90 من المحررين تمارس عليهم ضغوط من قبل المعلنين وأن أكثر من ثلثهم اعترفوا بنجاح المعلنين في التأثير على الأخبار في الصحف التي يعملون به.

كما أشارت احدى الدراسات إلى أن المجلات التي تعتمد على إعلانات التدخين هي أقل المجلات نشرا للمقالات التي توضح المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين.

وقد استغل المعلنون حاجة وسائل الإعلام للإعلان فاستخدموا الإعلان ليس فقط لترويج المنتجات والخدمات وإنما لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وقد كان من بين أهم الأهداف السياسية التي استطاعت الشركات الكبرى تحقيقها من خلال الإعلانات تدعيم وسائل الإعلام على أسس إيديولوجية بمعنى ضمان الحياة للوسائل الإعلامية التي تتفق معها أيديولوجيا وتشكل الواقع السياسي والثقافي طبقا لما ترى هذه الشركات أنه يحقق مصالحها.. وهذا يفسر اتجاه معظم الوسائل الإعلامية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية إلى الدفاع عن أسس النظام الرأسمالي، والترويج للثقافة الاستهلاكية وتكريس الخضوع الجماهيري لمعطيات الواقع الاقتصادي التي تحقق في ظله الشركات الكبرى مصالحها وأرباحها، وهذا يفسر أيضا تناقص الوسائل الإعلامية التي تدعو للتغيير أو تقدم رؤى بديلة أو حتى تدافع عن قضايا اجتماعية أو سياسية تتناقض مع المصالح الرأسمالية للشركات الكبرى، فهذه الشركات أصبحت تعتبر أن الوسائل الإعلامية التي تدعو للتغيير أعداء أيديولوجيين يدمرون مصالحها، وبالتالي تقوم بحرمانهم من الإعلانات.