المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17980 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



من قصة لقمان الحكيم  
  
151   10:10 صباحاً   التاريخ: 2024-12-11
المؤلف : الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
الكتاب أو المصدر : التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة : ج 6 ص10-19.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / مواضيع عامة في القصص القرآنية /

من قصة لقمان الحكيم

قال تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 12، 13].

قال هشام بن الحكم : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام : وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ، قال : الفهم والعقل » « 1 » . وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « أوتي معرفة إمام زمانه » « 2 ».

وقال حمّاد : سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ .

فقال : « أما واللّه ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ، ولا مال ، ولا أهل ، ولا بسط في جسم ، ولا جمال ، ولكنّه كان رجلا قويا في أمر اللّه ، متورعا في اللّه ، ساكتا سكيتا « 3 » ، عميق النظر ، طويل الفكر ، حديد النظر ، مستغن عن الغير ، لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد من الناس على بول ، ولا غائط ولا اغتسال ، لشدة تستّره ، وعمق نظره ، وتحفظه في أمره ، ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم ، ولم يغضب قطّ ، ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح بشيء أتاه من أمر الدنيا ، ولا حزن منها على شيء قط ، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثير ، وقدّم أكثرهم أفراطا « 4 » ، فما بكى على موت أحد منهم .

ولم يمرّ برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا « 5 » ، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمّن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء . وكان يغشى القضاة والملوك ، والحكام ، والسلاطين ، فيرثي القضاة بما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرّتهم باللّه ، وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ، ويتعلّم ما يغلب به نفسه ، ويجاهد به هواه ، ويحترز به من الشيطان ، وكان يداوي قلبه بالفكر ، ويداوي نفسه بالعبر ، وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه ، فبذلك أوتي الحكمة ، ومنح العصمة ، فإن اللّه تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة ، فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم ، فقالوا : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك اللّه خليفة في الأرض تحكم بين الناس ؟

فقال لقمان : إن أمرني اللّه بذلك فالسّمع والطاعة ، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلّمني وعصمني ، وإن هو خيّرني قبلت العافية .

فقالت الملائكة : يا لقمان ، لم قلت ذلك ؟ قال : لأن الحكم بين الناس بأشدّ المنازل من الدين ، وأكثرها فتنا وبلاء ، ويخذل ولا يعان ، ويغشاه الظلم من كلّ مكان ، وصاحبه فيه بين أمرين : إن أصاب فيه الحقّ فبالحريّ « 6 » أن يسلم ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا ، كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكيما سريّا شريفا ، ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما ، تزول هذه ولا يدرك تلك - قال - فتعجبت الملائكة من حكمته ، واستحسن الرحمن منطقه .

فلمّا أمسى وأخذ مضجعه من الليل ، أنزل اللّه عليه الحكمة ، فغشّاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم ، وغطاه بالحكمة غطاء ، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبثها فيها - قال - فلما أوتي الحكم ، ولم يقبله ، أمر اللّه الملائكة فنادت داود بالخلافة ، فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه اللّه الخلافة في الأرض وابتلي فيها غير مرة كل ذلك يهوي في الخطأ ويقيله اللّه ويغفره له .

وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه السّلام ، ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل

علمه ، وكان داود يقول له : طوبى لك - يا لقمان - أوتيت الحكمة ، وصرفت عنك البلية ، وأعطي داود الخلافة ، وابتلي بالحكم والفتنة » .

قال : ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى : وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ .

قال : « فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطّر وانشق « 7 » ، فكان فيما وعظه به - يا حمّاد - أن قال له : يا بني ، إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد .

يا بني ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضرّ بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صوما يمنعك عن الصلاة ، فإنّ الصلاة أحب إلى اللّه من الصيام .

يا بني ، إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى اللّه ، فإن نجوت فبرحمة اللّه ، وإن هلكت فبذنوبك .

يا بنيّ ، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عني بالأدب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتد طلبه ، ومن اشتد طلبه أدرك منفعته ، فاتخذه عادة ، فإنك تخلف في سلفك ، وينتفع به من خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة ، وإذا فاتك لب العلم في مظانّه فقد غلبت على الآخرة ، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم ، فإن فاتك لم تجد له تضييعا أشد من تركه ، ولا تمارين فيه لجوجا ، ولا تجادلنّ فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظلوما ولا تصادقنه ، ولا تصاحبن فاسقا نطفا « 8 » ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تخزن ورقك « 9 » .

يا بني ، خف اللّه خوفا لو أتيت القيامة ببرّ الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج اللّه رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر لك .

فقال له ابنه : يا أبت ، فكيف أطيق هذا ، وإنما لي قلب واحد ؟

فقال له لقمان : يا بني ، لو استخرج قلب المؤمن فشقّ ، لوجد فيه نوران : نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن باللّه يصدق ما قال اللّه ، ومن يصدق ما قال اللّه يفعل ما أمر اللّه ، ومن لم يفعل ما أمر اللّه لم يصدق ما قال اللّه ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن باللّه إيمانا صادقا يعمل للّه خالصا ناصحا ، ومن عمل للّه خالصا ناصحا ، فقد آمن باللّه صادقا ، ومن أطاع اللّه خافه ، ومن خافه فقد أحبّه ، ومن أحبّه اتّبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنّته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان اللّه فقد هان عليه سخطه ، نعوذ باللّه من سخط اللّه .

يا بني ، لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق اللّه خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنّه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين ؟ » « 10» .

وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام - ما كان في وصية لقمان - : « كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه : خف اللّه عزّ وجلّ خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، وارج اللّه رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك » .

ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « كان أبي عليه السّلام يقول : إنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران : نور خيفة ، ونور رجاء ، لو وزن هذا لم يزد على هذا » « 11 » .

وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « في وصية لقمان لابنه : يا بني ، سافر بسيفك ، وخفك ، وعمامتك ، وخبائك ، وسقائك ، وخيوطك ، ومخرزك ، وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن موافقا وصحابك إلّا في معصية اللّه عزّ وجلّ .

يا بني ، إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسّم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، وعليك بطول الصمت ، وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابة أو زاد أو ماء .

وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلّي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك ، فإن لم يمحض النصيحة « 12 » من استشاره ، سلبه اللّه رأيه .

وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك سنا ، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل :

نعم ، ولا تقل : لا ، فإنّ لا عيّ ولؤم .

وإذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا ، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ، ولا تسترشدوه ، فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب ، لعله يكون عين اللصوص ، أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى ، فإنّ العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب .

يا بني ، إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشيء ، صلّها واسترح منها فإنّها دين ، وصلّ في جماعة ولو على رأس زج ، ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها ، وليس ذلك من فعل الحكماء ، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك .

وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا ، وألينها تربة ، وأكثرها عشبا ، وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض ، فإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ، ثم ودع الأرض التي حللت بها ، وسلم على أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل ، وعليك بقراءة كتاب اللّه ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا ، وإياك والسير في أول الليل إلى آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك » .

وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « كان لقمان الحكيم معمرا قبل داود عليه السّلام في أعوام كثيرة ، وإنه أدرك أيامه ، وكان معه يوم قتل جالوت ، وكان طول جالوت ثمان مائة ذراع ، وطول داود عشرة أذرع ، فلما قتل داود جالوت رزقه اللّه النبوّة بعد ذلك ، وكان لقمان معه إلى أن ابتلي بالخطيئة ، وإلى أن تاب اللّه عليه ، وبعده .

وكان لقمان يعظ ابنه بآثار حتى تفطر وانشق ، وكان فيما وعظه أنه قال :

يا بني ، مذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد .

يا بني ، لا خير في الكلام إلا بذكر اللّه تعالى ، وإن صاحب السكوت تعلوه السّكينة والوقار .

يا بني جالس العلماء ، فلو وضع اللّه العلم في قلب كلب لأعزّه اللّه وأحبه . يا بني ، جالس العلماء ، وزاحمهم بركبتك ، ولا تجادلهم فيمقتوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضرّ بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صوما يمنعك ويضعفك عن الصلاة ، فإنّ الصلاة أحب إلى اللّه من الصيام ، والصلاة أفضل الأعمال .

يا بني ، إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكّل ، واجعل زادك فيها تقوى اللّه ، فإن نجوت فبرحمة اللّه ، وإن هلكت فبذنوبك .

يا بني ، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عني بالأدب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف عمله ، ومن تكلف عمله اشتد طلبه ، ومن اشتد طلبه أدرك منفعته ، فاتخذه عادة ، فإنك تخلف به من سلفك ، وتنفع به خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإيّاك والكسل عن العلم والطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلب على الآخرة .

يا بني ، من أدرك العلم ، فأي شيء فاته ؟ ومن فاته العلم فأي شيء أدرك ؟ يا بني ، إذا فاتك طلب العلم فإنك لم تجد له تضييعا أشد من تركه ، ولا تمارينّ فيه لجوجا ، ولا تجادلن فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظالما ، ولا تصادقن عدوا ، ولا تؤاخين فاسقا نطفا ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تخزن ورقك .

يا بني ، لا تصعر خدك للناس ، ولا تمش في الأرض مرحا ، واغضض من صوتك ، وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير ، واقصد في مشيك .

يا بني ، خف اللّه تعالى خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج اللّه تعالى رجاء لو وافيت يوم القيامة بإثم الثقلين أن يغفر اللّه لك .

فقال له ابنه : يا أبت ، وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد ؟

فقال لقمان : يا بني ، لو استخرج قلب المؤمن وشق لوجد فيه نوران :

نور للخوف ، ونور للرجاء ، ولو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر شيئا ولا مثقال ذرة ، فمن يؤمن باللّه ويصدّق ما قال اللّه تعالى يفعل ما أمر اللّه ، ومن لم يفعل ما أمر اللّه لم يصدق ما قال اللّه ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن باللّه إيمانا صادقا يعمل للّه خالصا ، ومن عمل للّه عملا خالصا ناصحا آمن باللّه صادقا ، ومن يطع اللّه تعالى خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان اللّه فقد خان اللّه ، ومن خان اللّه استوجب سخطه وعذابه ، نعوذ باللّه من سخط اللّه وعذابه وخزيه ونكاله .

يا بني ، لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق اللّه خلقا أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين ؟

يا بني ، من أحيا نفسا فكأنّما أحيا الناس جميعا ، أي من استنقذها من قتل ، أو غرق ، أو حرق ، أو هدم ، أو سبع ، أو كفله حتى يستغني ، أو أخرجه من فقر إلى غنى ، وأفضل من ذلك كله من أخرجه من ضلال إلى هدى .

يا بني ، أقم الصلاة وأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور » .

__________________

( 1 ) الكافي : ج 1 ، ص 13 ، ح 12 .

( 2 ) تفسير القمّي : ج 2 ، ص 161 .

( 3 ) رجل سكّيت : كثير السكوت . « لسان العرب - سكت - ج 2 ، ص 43 » . وفي « ج ، ي » ، مسكينا ، وفي المصدر : سكينا .

( 4 ) أي صغارا قبل أن يبلغوا الحلم .

( 5 ) أي تصالحا وتمانعا ، وفي « ج » : تحابّا .

( 6) الحريّ : الجدير والخليق . « النهاية ج 1 ، ص 375 » .

( 7 ) قال المجلسي ( رحمه اللّه ) : قوله : « حتى تفطر وانشق » كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه ، البحار : ج 13 ، ص 413 .

( 8 ) النّطف : النجس ، والرجل المريب . « أقرب الموارد - نطف - ج 2 ، ص 131 » .

( 9 ) الورق : الدراهم المضروبة . « الصحاح - ورق - ج 4 ، ص 1564 » ، وفي « ج ، ي » : رزقك .

( 10 ) تفسير القميّ : ج 2 ، ص 162 .

( 11 ) الكافي : ج 2 ، ص 55 ، ح 1 .

( 12) أمحضه النصيحة : صدقه . « لسان العرب - محض - ج 7 ، ص 228 » .

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .