أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-19
30
التاريخ: 12-8-2017
403
التاريخ: 2024-11-17
224
التاريخ: 25-9-2018
348
|
إذا عقد الإمام لعدة من المشركين عقد الهدنة إلى مدة فعليه الوفاء بموجب ذلك إلى انقضاء المدة لقوله تعالى ((أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) (1) وعليهم أيضا الوفاء بذلك فإن خالف جميعهم في ذلك انتقضت الهدنة في حق الجميع وإن وجد من بعضهم نظر في الباقين فإن لم يكن منهم إنكار بقول أو فعل ظاهر أو اعتزال بلادهم أو مراسلة الإمام بأنهم على خلف كان ذلك نقضا للهدنة في حق جميعهم، وإن كان فيهم إنكار لذلك كما بيناه كان الباقون على صلحه دون الناقضين لأن النبي (صلى الله عليه وآله) صالح قريشا فدخل في صلحه خزاعة وفي صلحهم بنو بكر. ثم إن بنى بكر قاتلوا خزاعة وأعانهم قوم من قريش وأعاروهم السلاح فنقض رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهدنة وسار إليهم ففتح مكة.
وأما إذا أنكر الباقون فالهدنة ثابتة في حقهم لأنه لا يضيع لهم فيما فعله فإذا ثبت هذا فكل موضع حكمنا أن الهدنة زالت في حق الكل فإنهم يصيرون بمنزلة أهل الحرب الذين لم يعقد لهم هدنة، و للإمام أن يسير إليهم و يقاتلهم، وكل موضع حكمنا بنقضها في حق بعض دون بعض نظر فإن اعتزلوا وفارقوا بلادهم سار الإمام إلى الناقضين وقاتلهم على ما ذكرناه، وإن لم يعتزلوهم و لم يميزهم الإمام لم يكن للإمام أن يسير إليهم ليلا ولا يبيتهم لكن يميزهم ثم يقاتل الباقين فإن عرفهم فذاك وإن أشكل عليه فالقول قولهم لأنه لا يتوصل إليه إلا من جهتهم.
إذا خاف الإمام من المهادنين خيانة جاز له أن ينقض العهد لقوله تعالى ((وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)) (2) ولا تنقض الهدنة بنفس الخوف بل للإمام نقضها فإذا نقضها ردهم إلى مأمنهم لأنهم دخلوا إليه من مأمنهم فكان عليه ردهم إليه، وإذا زال عقد الهدنة لخوف الإمام نظر فيما زال به فإن لم يتضمن وجوب حق عليه مثل أن آوى لهم عينا أو عاون رده إلى مأمنه ولا شيء عليه فإن كان ذلك يوجب حقا نظر فإن كان حقا لآدمي كقتل نفس وإتلاف مال استوفى ذلك منه، وإن كان حقا لله محضا كحد الزنا و شرب الخمر لم يقم عليه بلا خلاف عند الفقهاء، وعندي أنه يجب أن يقيم عليه الحدود لعموم الآي وإن كان حقا مشتركا مثل السرقة قطعه.
قد بينا فيما تقدم أن على الإمام أن يغزو كل سنة أقل ما يجب عليه وإن كان أكثر من ذلك كان أفضل، ولا يجوز ترك ذلك إلا لضرورة: منها أن يقل عدد المسلمين ويكثر المشركون فإنه يجوز تأخيره، ويجوز أيضا إذا توقع مجيء مدد فيقوى بهم أو يكون الماء والعلف متعذرا في طريقه فيجوز تأخيره حتى يتسع أو يرجوا أن يسلم منهم قوم إذا بدأهم بالقتال لم يسلموا ولهذا أخر النبي (صلى الله عليه وآله) قتال قريش لهدنة وأخر قتال أسد وطي ونمير بلا هدنة فثبت جوازه.
وإذا عقد الذمة للمشركين كان عليه أن يذب عنهم كل من لو قصد المسلمين لزمه أن يذب عنهم.
ولو عقد الهدنة لقوم منهم كان عليه أن يكف عنهم من تجرى عليه أحكامنا من المسلمين وأهل الذمة وليس عليه أن يدفع عنهم أهل الحرب ولا بعضهم عن بعض، والفرق بينهما أن عقد الذمة يقتضي أن تجرى عليهم أحكامنا وكانوا كالمسلمين والهدنة عقد أمان لا تتضمن جرى الأحكام فاقتضى أن يأمن من جهته من يجرى عليه حكم الإمام دون غيره. فإذا ثبت هذا فليس يخلو حالهم من أربعة أحوال: إما أن يكونا في جوف بلاد الإسلام أو في طرف بلاد الإسلام أو بين بلاد الإسلام وبلاد الحرب أو في جوف بلاد الحرب. فإن كانوا في جوف بلاد الإسلام كالعراق ونحوها أو في طرف بلاد الإسلام فعليه أن يدفع عنهم لأن عقد الذمة اقتضى ذلك فإن شرط ألا يدفع عنهم لم يجز لأنه إن لم يدفع عنهم يحطى إلى دار الإسلام، وإن كانوا بين بلاد الإسلام وبلاد أهل الحرب أو في جوف دار الحرب فعليه أن يدفع عنهم إذا أمكنه ذلك لأن عقد الذمة اقتضى هذا.
فإن شرط في عقد الذمة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب لم يفسد العقد لأنه ليس في ذلك تمكين أهل الحرب من دار الإسلام. فإذا ثبت هذا فمتى قصدهم أهل الحرب ولم يدفع عنهم حتى مضى حول فلا جزية عليهم لأن الجزية تستحق بالدفع، وإن سباهم أهل الحرب فعليه أن يسترد ما سبى منهم من الأموال لأن عليه حفظ أموالهم فإن كان في جملته خمرا وخنزير لم يلزمه ولا عليه أن يستنقذ ذلك منهم لأنه لا يحل إمساكه فإذا أخذ الجزية منهم أخذها كما يأخذ غيرها ولا يضرب منهم أحدا ولا ينهلم بقول قبيح، والصغار إن يجرى عليهم الحكم لا أن يضربوا.
______________________
(1) المائدة 1.
(2) الأنفال 58.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|