هل هذا الحديث معتمد عندكم ؟ وما حال رواته ؟ وما هي المقاييس التي تعرف بها الأحاديث التي يجب اتباعها من غيرها ؟ |
37
07:57 صباحاً
التاريخ: 2024-10-27
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-27
34
التاريخ: 2024-10-27
32
التاريخ: 2024-10-27
44
التاريخ: 22-10-2020
30638
|
السؤال : سؤالي متعلّق بالحديث الوارد عن الإمام علي عليه السلام : ( خير هذه الأُمّة بعد نبيّها أبي بكر وعمر ) ، فهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من عدّة طرق ، ويرويه عن الإمام كلّ من محمّد بن الحنفيّة عند أبي داود ، وكلّ من وهب بن عبد الله ، ويزيد بن عبد خير ، وعلقمة بن قيس عند أحمد ، وعبد الله ابن سلامة عند ابن ماجة.
والرواة فيما أرى من خلال برنامج الكتب التسعة ، الذي أعدّته شركة صخر أغلبهم ثقات ، فمن المحال أن يجتمع كلّ هؤلاء على كذبه! بل كيف إذا علمنا بأنّ الكثيرين منهم معدودون عند الشيعة من الثقات أيضاً.
لقد اخترت مذهب أهل البيت عليهم السلام عن قناعة تامّة بولاية علي عليه السلام ، وعلوّ شأنه ، لكن تبقى مثل هذه الأحاديث تدعوني لمراجعة المفاهيم.
أرجو منكم جواباً علميّاً شافياً ، مبنيّاً على دراسة السند والرجال ، حول مدى مصداقية هذا الحديث ، أو عدم مصداقيته؟
الجواب : إنّ المبنى عند الشيعة هو أن يخضع كلّ حديث إلى البحث السندي ، والجرح والتعديل ، بخلاف المبنى عند أهل السنّة ، حيث يذهب الأكثر إلى صحّة ما في البخاريّ ومسلم ، وفي الآونة الأخيرة نجد بعض العلماء من أهل السنّة ممّن يذهب إلى نفس المبنى عند الشيعة في الأخذ بالأحاديث.
وإن استشهد الشيعة بشيء من الأحاديث في صحاح أهل السنّة ، فهو من باب الإلزام ، (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم) ، وإلاّ فإنّ هذه الصحاح لا توجد فيها أيّ حجّية عند الشيعة ، وإنّما يستشهد بها الشيعة من باب الإلزام على من تكون عنده معتبرة.
وبعد هذا كلّه ، فيمكننا أن نبحث هذه الأحاديث التي ذكرتها في عدّة مراحل :
1 ـ إذا أردنا إبطالها من باب الإلزام ، فعلينا البحث في السند بحثاً دقيقاً ، ومن ثمّ نشاهد هل تتمّ كلّ هذه الأحاديث من الناحية السندية بجميع رواة هذه الأحاديث ، أم لا؟
2 ـ حتّى لو فرضنا صحّة بعض أسانيد هذه الأحاديث على مباني أهل السنّة ، فكما قلنا : فإنّها لا تكون حجّة علينا ، لأنّ أصل الكتب التي روت هذه الأحاديث ليست حجّة علينا ، لأسباب كثيرة ليس هذا محلّه.
3 ـ وعلى هذا الفرض ، حيث نفترض صحّة سند بعضها ، فإنّها معارضة بأحاديث صحيحة أُخرى مثلها ، ومنها : ما أخرجه مسلم في صحيحه ، عن مالك بن أوس في حديث طويل ، أنّه قال عمر بن الخطّاب لعلي والعباس ما هذا نصّه :
( فلمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو بكر : أنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وآله ، فجئتما ، تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( لا نورّث ما تركناه صدقة ) ، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم أنّه لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ، ثمّ توفّي أبو بكر ، وأنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وآله ، ووليّ أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثما غادراً خائناً ، والله يعلم أنّي لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ) (1).
فالمبنى عند أهل السنّة صحّة ما في صحيح مسلم ، وفيه : أنّ عليّاً والعباس رأيهما أنّ أبا بكر وعمر : كاذبان ، آثمان ، غادران ، خائنان ، فكيف يمكن أن يرى علي عليه السلام أبا بكر وعمر خير هذه الأُمّة بعد نبيّها؟!
وكذلك يمكنك مراجعة الأحاديث التي تنصّ على أنّ عليّاً عليه السلام أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنّه خير البشر ، وأفضل الخلق بعد النبيّ ، وغيرها.
وكذلك يمكنكم مراجعة حديث الطير المشوي ، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله : ( اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ) ، فجاء علي وأكل معه (2).
تعليق على الجواب السابق وجوابه :
السؤال : لقد كان جوابكم شافياً ومفاجئاً في نفس الوقت ، عندما قرأت الحديث الذي أشرتم إليه في صحيح مسلم لأوّل مرّة ، ونتيجة لذلك فالسؤال الذي دائماً يلح في الذهن هو : ما هي المقاييس التي تعرف بها الأحاديث التي يجب اتباعها؟ من التي يجب الاحتياط منها ، أو تركها؟ أتكلّم هنا عن مصادر أهل السنّة.
والسؤال الثاني : هو كيف التعامل مع بعض الرواة من الصحابة ، الذين تحاملوا ، أو لم يوالوا وينصروا أمير المؤمنين عليه السلام ، مثل أبي هريرة؟ هل تعتبر أحاديثه متروكة؟ وفي هذه الحالة ، هل نترك الأحاديث التي رواها في فضائل الإمام عليه السلام؟
وأخيراً : أتوجّه إليكم بطلب النصح لما ينبغي عمله الآن ، خاصّة وإنّي أحاول أن أبذل الجهد لتقريب معاني الولاية والإمامة لإخواني وعشيرتي من أهل السنّة ، الذين أصبحت أعاني من الجفاء من ناحيتهم على اثر التحوّل الذي صرت إليه ، والفضل لله في ذلك.
ومن ناحية أُخرى ، فقد كلّمني بعض الإخوة من الشيعة حول اتخاذ مرجعية ، لكن هذه النقطة مازالت عندي محلّ غموض واحتياط ، فأرجو توضيح أبعاد اتخاذ المرجعية ، وماذا يتبعها من التزامات ، وما هو توجيهكم في هذا الباب؟ أرجو ألاّ أكون أطلت عليكم ، والسلام.
الجواب : كما قلنا لكم في الجواب السابق : إنّ استشهاد الشيعة بشيء من أحاديث أهل السنّة هو من باب الإلزام ، ولا يعني استشهادهم هذا هو الحجّية ، لأنّ الحجّية في الحديث لا تكون إلاّ أن يكون جميع الرواة ثقات ، وقبل أن نبحث عن سند الحديث من ناحية الجرح والتعديل ، علينا أن نبحث أوّلاً عن المؤلّفين لكتب الحديث ، والجامعين لها ، فإذا لم تثبت وثاقتهم سقطت كتبهم بالكلّ من الحجّية.
هذا ، ولو بحثنا في سيرة مؤلّفي الصحاح والمسانيد بحثاً علميّاً موضوعيّاً مجرّداً عن أيّ تعصّب ، لتوصّلنا إلى أنّ أكثرهم لم تبلغ وثاقته إلى حدّ يصلح أن يكون حجّة ، حيث أثّرت فيهم السلطة الحاكمة في وقتهم على كيفية جمع الحديث ونقله ، حتّى أنّهم حرّفوا في بعض الأحاديث إرضاءً منهم لأهواء الحاكم ، كما أنّ مذاهبهم التي كانوا يعتقدون بها وخلافهم مع المذاهب الأُخرى ، جعلهم ينحازون كلّ الانحياز في تقطيع الأحاديث ، وكيفية تبويبها.
أضف إلى ذلك تعصّبهم الملحوظ ، الذي كانوا يبدونه ضدّ أهل البيت عليه السلام ومذهبهم ، ممّا جعلهم يروون عن أعداء أهل البيت عليهم السلام ، ويتركوا الرواية عن نفس أئمّة مذهب أهل البيت عليهم السلام.
ونكرّر ونعيد : بأنّنا إنّما نستشهد بأحاديث أهل السنّة من باب الإلزام : ( ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) لا من باب الحجّية.
هذا ، وإنّ أحاديثهم يمكن أن تكون قرينة وشاهداً للاستفادة منها ، يعني تكون مساعداً للحجّية ، لا حجّة بنفسها.
وتبيّن من هذا الجواب كيفية المعاملة مع بعض الرواة من الصحابة ، وأنّ أحاديثهم نستشهد بها من باب الإلزام ، والتي توافق المذهب الحقّ منها ، تكون قرينة مساعدة للحجّية ، لا حجّة بنفسها.
وأمّا النصح ، فإنّكم والحمد لله قد دخلتم إلى المذهب الحقّ عن قناعة كاملة ، وبحث متكامل ، ولقد عرفتم طريقة أهل البيت عليه السلام في كيفية التعامل مع من يخالفهم ، بالأخصّ من ذوي الأرحام ، حيث كانت معاملتهم مع من يخالفهم في غاية الحُسن والتلطّف معهم ، ومجادلتهم بالتي هي أحسن ، حتّى انقلب الكثير ممّن كان يبغض أهل البيت عليهم السلام إلى موالين ومخلصين ، وذلك بعد أن عرفوا الحقّ يتجلّى بأعمال الأئمّة عليهم السلام وسيرتهم قبل أقوالهم.
فعلينا أن نقتدي بأئمّتنا عليهم السلام ، فتكون أعمالنا وسيرتنا وأخلاقنا موافقة لهم ، ونتعامل مع من يخالفنا بكلّ أدب واحترام ، ونبتعد عن كلّ ما يوجب النفرة ، ونجادلهم بالتي هي أحسن ، ونوصل لهم الدليل والبرهان بحكمة تدريجياً ، بعد أن نتسلّح بسلاح الدليل والبرهان ، والعمق في المطالب العلميّة ومعرفة المباني ، لتكون أبحاثنا مبتنية على أُسس البحث العلميّ ، والمباني الصحيحة.
وأمّا مسألة التقليد ، فإنّ الأصل الأوّلي يقتضي أن يكون كلّ واحد منّا مجتهداً ، بأن يدرس ويبحث في علوم آل محمّد عليهم السلام ويجتهد ، ليصل بالدليل إلى معرفة رأيهم ، فيما أختلف فيه الرواة ، فيما رووه عنهم ، وفيما أختلف فيه من الدلالة في القرآن الكريم ، وكلام المعصومين عليهم السلام.
وبما أنّ هذا يستلزم صرف وقت كثير ، يتعذّر على أكثر المكلّفين ، وربما يشلّ حركة الحياة ، إذ لو تفرّغ كلّ الناس إلى طلب العلوم الدينية ليجتهدوا ، لما استطاعوا أن يدخلوا في سائر متطلّبات الحياة وما يحتاجه المجتمع ، لذا أجزأ أن يجتهد جماعة خاصّة في العلوم الدينية في الفروع ، ويقلّدهم الآخرون فيما توصّلوا إليه.
قال الله تعالى : {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } [التوبة: 122] .
وبما أنّ المجتهدين غير متساوين في العلميّة ، فالعقل يحكم بالرجوع إلى الأعلم ، لأنّ الأعلم سيكون أقرب إلى الحكم الواقعيّ.
هذا ، ونسأل الله تعالى لكم كمال التوفيق والسداد.
____________
1 ـ صحيح مسلم 5 / 152.
2 ـ الجامع الكبير 5 / 300.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|