أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-27
67
التاريخ: 2024-10-27
90
التاريخ: 22-10-2020
31005
التاريخ: 2024-10-27
76
|
السؤال : في موقع الشيخ الألبانيّ : رأيه في حجّية خبر الواحد ، أرجو الإجابة عليه ، حيث أنّ الكثير من الإخوة السنّة يأخذون بهذا الرأي ، ويحتجّون به علينا ، نرجو التوضيح ، والسلام عليكم.
الجواب : إنّ موضوع حجّية خبر الواحد قد ورد بحثه مفصّلاً عند المتكلّمين والأُصوليّين في علميّ الكلام والأُصول ، ويحتاج إلى تفصيل لسنا بصدده ، ومن أراد فليراجع مظانّه ، ولكن الذي ينبغي أن نشير إليه في المقام باختصار هو :
1 ـ أنّ القائل بهذه المقولة ـ الألبانيّ ـ لم يفرّق بين اليقين والعلم الذاتيّ ، وبين العلم التعبّدي ، إذ أنّ لكلّ منهما تعريفاً خاصّاً يجب أن يتميّز به عن الآخر.
فإنّ اليقين الذاتيّ أو القطع : ما تكون حجّيته ثابتة عند العالم بدون اجتماعه مع شكّ أو ريب في نفسه ، وهذا إنّما يحصل لو لم تكن هناك واسطة في عروض القطع واليقين في نفس القاطع والمتيقّن ، أي : أنّ العالم ـ في هذا الفرض ـ يرى نفسه جازماً غير شاكٍ بدون أن تكون حجّية هذا الجزم واليقين مستلهمة من مصدرٍ آخر.
وأمّا العلم التعبّدي فهو : يحصل بمقدّمات يقينية ، فحجّيته ليست ذاتيّة ، بل جاءت من تلك المقدّمات المقطوعة.
وفي المقام ، فإنّ حجّية خبر الواحد لم تكن مستقلّة وذاتيّة نابعة من صميم ذلك الخبر ، بل أنّها تثبت بمعونة أدلّة عقلية ونقلية أُخرى من الكتاب والسنّة.
وبعبارة واضحة : أنّ خبر الواحد بما هو ليس فيه اقتضاء الحجّية ، بل حجّيته جاءت نتيجة لتعبّدنا ببعض الأدلّة ، وعليه يحمل عدم اعتبار حجّيته عند بعض علمائنا ـ كالسيّد المرتضى ـ إذ لم تتمّ عنده الأدلّة على حجّيته تعبّداً بعد أن لم يكن عنده علماً ذاتيّاً.
2 ـ المطلوب والواجب في أُصول الدين والعقيدة هو الالتزام والإيمان بها بيقين جازم ، أي : يجب أن يكون العلم بها علماً قطعيّاً وذاتيّاً لا يبقى للشكّ فيه مجال ، وهذا لا ينتج من خبر الواحد ، فإنّ العلم والالتزام بمضمونه يحصل تعبّداً.
ومجمل القول : أنّ خبر الواحد لا ينفي الشكّ في النفس وجداناً بل تعبّداً ، وما كان هكذا فلا دور له في الاعتقادات الأساسيّة ، إذ يجب فيها نفي الشكّ وطرده مستقلاً وبدون الاستعانة من شيء آخر.
والخلاصة : أنّ الخبر الواحد لا يفيد علماً قطعيّاً ذاتيّاً ، وإن أفاد علماً تعبّدياً ، والحال أنّ اللازم في أُصول العقيدة أن يكون الاعتقاد بها عن يقين ذاتيّ ووجدانيّ.
3 ـ وممّا ذكرنا يظهر بوضوح وجه التمايز بين الأحكام والعقائد ، فإنّ المطلوب في الأحكام هو الالتزام والعمل بها حتّى لو كان عن تقليد ، وهنا يأتي دور خبر الواحد الذي يعطينا العلم التعبّدي بصدورها عن الشارع المقنّن ، فلا نحتاج فيها إلى أكثر من إثبات الصدور.
ثمّ بمعونة مقدّمة أُخرى ـ وهي حجّية خبر الواحد ـ نحصل على نتيجة مسلّمة ، وهي ثبوت الحكم بالنسبة إلينا ، فلم نكن نحتاج في الأحكام إلى الاعتقاد الجزميّ بمضمونها ، إذ لا سبيل إلى فلسفة الأحكام على التمام ، بل ينبغي لنا الالتزام والعمل على طبق مؤدّى خبر الواحد ، حتّى ولو كان في النفس شيء من الخبر ـ من جهة الرواة مثلاً أو أيّ أمر آخر ـ فإنّ حجّية خبر الواحد لا تنفي هذه الشكوك بالمرّة ، بل تعيّن الوظيفة وجهة التعبّد.
4 ـ وأمّا بعض الموارد التي ذكرها القائل ، كنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، فليس من الأحكام ولا من أُصول العقيدة ، بل هو إخبار عن المستقبل والموضوعات ، فإنّ كانت الروايات الواردة فيه بحدّ الاستفاضة والتواتر ـ كما هو في المقام ـ فلا ينبغي التوقّف عن الالتزام بها لكونها مفيدة للعلم ، وإن لم تكن في ذلك الحدّ ، فلا مجال لفرض العلم القطعيّ والذاتيّ في المورد ، بل غاية ما يكون هناك الالتزام التعبّديّ ، وفي هذه الحالة لا يمكن الحكم بأنّ المورد المذكور هو من العقائد المسلّمة التي يجب للمسلم أن يؤمن بها حتّى يصحّ إسلامه.
نعم مع قبول حجّية خبر الواحد ، وصحّة الحديث سنداً ودلالةً ، يجب الالتزام بمضمونه تعبّداً ، ولكن هذا أمر آخر لا يرتبط بأُصول الدين والعقيدة.
5 ـ على ضوء ما ذكرنا ، فإنّ موارد السنّة والروايات كلّها تأتي في حوزة شمول الأحكام ، فلا معنى لذكر أمثلة من هذا القبيل للاستدلال على حجّية خبر الواحد في العقائد ، فإنّ الفرائض ـ هي أوامر ونواهي ـ تعبّدية يجب الالتزام والعمل بها ، لا أنّها من أُسس العقيدة ، وعليه فإنّ السنّة تثبت بخبر الواحد ـ مع اجتماع شروط الصحّة ـ وهذا ممّا لا خلاف فيه ، ولكن هذا لا يستلزم ثبوت العقيدة به.
6 ـ ومن هنا تعرف أنّ الأحاديث التي ذكرها القائل ـ على فرض صحّتها بأجمعها ـ أجنبية عن المقام ، ولا ملازمة بين قبولها ، وبين حجّية خبر الواحد في العقائد.
7 ـ خلاصة القول هي : أنّ الخبر الواحد بما هو ، ليس فيه إلاّ اقتضاء الظنّ ، ثمّ بمعونة أدلّة الحجّية يتّصف بصفة العلم ، ولكن هذا علم تعبّديّ وتنزيليّ ، أي أنّه ـ الخبر الواحد ـ ينال مقام العلميّة بواسطة أدلّة أُخرى ، فليس في كنه وجوده ـ بدون تلك الأدلّة ـ إلاّ الظنّ.
ومن جانب آخر ، فإنّ أُصول الدين والعقائد تحتاج لاعتقاد قطعي وجزمي ، لا تستمد صفة علميّتها من أدلّة أُخرى ، بل تكون هي بوحدها تفيد العلم واليقين ، وهذا لا يفرض في الخبر الواحد.
8 ـ وأخيراً : نرى أنّ ردّ صاحب المقال على الحنفيّة في وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة أيضاً محلّ مناقشة وتأمّل ، والصحيح أن نرد قول الحنفيّة بعدم التنافي بين مفاد الآية والروايات ، بل التنافي يقع بين إطلاق الآية والأحاديث المذكورة ، وبحسب القواعد المقرّرة في علم الأُصول نرفع اليد عن الإطلاق والعموم في الآية ، ونقيّدها أو نخصّصها بتلك الروايات ، وهذا هو الجمع العرفي بين الإطلاق والتقييد ، أو العموم والخصوص.
وأمّا مناقشتهم بتواتر الحديث عند البخاريّ فليس في محلّه ، إذ غاية ما يقال أن يكون متواتراً عند البخاريّ ، وهذا سوف يكون حجّة على البخاريّ نفسه لا على غيره ، وأمّا الآخرون ـ ومنه الحنفيّة ـ فيجب أن يبحثوا ويتحقّقوا عن التواتر بأنفسهم حتّى يحصل لهم العلم ، فإنّ التواتر عند البعض لا يكون حجّة على الآخرين إلاّ إذا ثبت عندهم أيضاً.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|