أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-28
171
التاريخ: 2024-05-14
708
التاريخ: 13-1-2022
1694
التاريخ: 25-2-2022
1892
|
من وسائل امتلاك أية صفة من الصفات الحميدة أن يتصرف الإنسان وكأنه يمتلكها بالفعل.
فمن ليس شجاعاً، إذا تصرّف وكأنه شجاع بالفعل، فسرعان ما يمتلك صفة الشجاعة فعلاً..
وهكذا الأمر مع أية صفة أخرى.
يقول الحديث الشريف في صفة «الحلم»: (إن لم تكن حليماً فتحلّم فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم)(1).
فإذا كنت تشعر بالضعف والدونية - لأي سبب من الأسباب ـ فحاول أن تتصرف وكأنك على العكس من ذلك تماماً، وذلك كفيل بأن يغير روحيتك. فإن من أقرب الطرق إلى خلق شخصية متميزة هو التصرف وكأنك تملك شخصية متميزة بالفعل..
إن هنالك مثلاً قديماً يقول: إذا أردت أن تكون قوياً في روحيتك، فتظاهر وكأنك قوي في روحيتك ..
وفلسفة ذلك أن هنالك تأثيراً متقابلاً بين كل من الجسم والروح، فإذا كان أحدهما ضعيفاً أمكن تقويته بالثاني فأحياناً يشعر المرء بضعف في معنوياته فيكون الحل في الاعتماد على الجسم لتغيير ذلك عبر التصرف وكأن معنوياته عالية وأحياناً يعاني الجسم من التعب، وهنا يكمن الحل في الاعتماد على الروح لإزالة التعب منه.
ألا ترى كيف أن خبراً ساراً كفيل ببعث النشاط في جسمك مهما كان جسمك ضعيفاً ويعاني من التعب وبالعكس فإن خبراً مؤسفاً يجعلك تشعر بتعب شديد، مهما كان جسمك نشيطاً؟
إن البؤس قد ينبع من إظهار البؤس.
بينما السعادة قد تولد من التظاهر بها.
فإذا كنت تريد نفخ الروح في شخصيتك فعليك أن تغيّر من تصرفاتك، أي تغيّر طريقة تنفسك، وطريقة مشيتك ونبرات صوتك فسرعان ما تشعر بالقوة تسري في أوصالك.
إن من لا يفتأ يوحي إلى نفسه بالشقاء، والتعاسة، وضعف الشخصية فإنه يرسل إلى دماغه رسالة بالتصرف وكأنه تعيس وضعيف حقاً.. وليس على الدماغ حينئذ إلا أن ينفذ محتوى الرسالة ويطلب من الأعضاء التصرف حسب ذلك.
وبالعكس فإن من يوحي إلى نفسه بالقوة، والنشاط، والابتهاج والتحدي، فإنه ينفخ القوة في شخصيته.
يقول تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].
فمع الإيمان لا مجال للحزن والخوف والشعور بالهوان.. بل المجال كله هو للاطمئنان والشعور بالكرامة والعزة ...
إن هنالك مقولة تؤكد أن (الفعل) و(الشعور) يسيران معاً، وأنه تبعاً لذلك فإنه من خلال تعديل الفعل الذي هو ضمن سيطرة الإرادة أكثر من الشعور، نستطيع أن نعدّل الشعور أيضاً بشكل غير مباشر.
وهكذا، فإن الممر الطوعي إلى قوة الشخصية، إذا ما فُقدت قوتها التلقائية هو أن نتصرف وكأننا أقوياء مسبقاً فإن لم يستطع هذا التصرف أن يجعلنا نشعر بذلك، فلن يستطيع أي شيء آخر أن يجعلنا كذلك حينئذ.
وهكذا، لكي تشعر بالقوة، تصرّف وكأنك قوي، واستخدم إرادتك كلها في سبيل ذلك، وهي كفيلة بأن تحل موجة الشجاعة محل موجة الضعف.
إن الناس يعجبون بالأقوياء في كل زمان ومكان، فمهما يغص قلبك إلى الأعماق، تقدّم بشجاعة، وتصرّف كأنك قوي ومقدام فعلاً .
هل سمعت بالرئيس الأميركي الأسبق تيدي روزفلت»؟
لقد عُرف هذا الرجل بالشجاعة الفائقة حيث - مثلاً - قضى سنة كاملة في مجاهل أفريقيا، وقام برحلة إلى أميركا الجنوبية عندما كان في الأربعينات من عمره، حيث اكتشف نهراً مجهولاً. دعي فيما بعد باسمه اريو تيودورو»، ترى كيف استطاع هذا الرجل تطوير ميزة الشجاعة في نفسه والاعتماد على الذات؟ هل زُوّد بروح جريئة تقدم على المخاطر من دون إرادة منه؟
ليس الأمر كذلك، فهو يعترف في مذكراته قائلاً: (كنت فتى مزعجاً جداً، لكنني حين أصبحت شاباً صرت عصبياً غير واثق بمقدرتي الخاصة. فكان علي أن أدرب نفسي بقساوة وإصرار وذلك ليس لتطويع جسدي فحسب، بل لتطويع روحي أيضاً). ولقد أخبر كيف حقق هذا التحول فكتب يقول: (حين كنت فتى قرأت مقطعاً في أحد كتب (ماربيت) التي كانت تؤثر بي دائماً. في ذلك المقطع يشرح قائد جيش بريطاني كيف يكسب البطل ميزة الشجاعة، ثم قال إن كل إنسان تقريباً يصاب بالخوف لدى إقدامه على أي عمل، لكن الأمر التالي يبقى على الإنسان أن يحتفظ برباطة جأشه ويتصرف وكأنه غير خائف، فبعد مضي بعض الوقت، يتحول الأمر من التظاهر إلى الحقيقة، ويصبح الإنسان غير خائف حقاً. هذه هي النظرية التي اتبعتها، وإزاء جميع أنواع الأشياء التي كنت أخشاها في البداية، من الدببة إلى الجياد إلى المسلحين، تظاهرت بأنني غير خائف، وتدريجياً زال الخوف عني ...).
وأنت بإمكانك أن تقوم بالتجربة نفسها إن أردت، وتذكر دائماً أن ما تؤمن به تستطيع أن تحققه بشرط أن تحاول تحقيقه، وتفرض ذلك على نفسك.
والخطوة الأولى في ذلك أن تتصرف وكأنك تمتلك الصفة التي تريد امتلاكها.
_______________________________
(1) شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 27.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|