المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6237 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في روسيا الفيدرالية
2024-11-06
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06



المنازل الثلاثة للرحمة  
  
283   09:35 صباحاً   التاريخ: 2024-09-06
المؤلف : الشيخ محمد مهدي الآصفي
الكتاب أو المصدر : الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص53-60
القسم : الاخلاق و الادعية / أدعية وأذكار /

في قصة هاجر واسماعيل (عليهما ‌السلام) ، وفي قصة ابي الانبياء ابراهيم (عليه ‌السلام) نلتقي مشهداً فريداً أو نادراً من نوعه ، في اجتماع المنازل الثلاثة للرحمة في موضع واحد ، وفي قصة واحدة ، وذلك عندما أودع ابو الانبياء ابراهيم (عليه ‌السلام) زوجته هاجر في وادياً غير ذي زرع وترك معها ابنهما اسماعيل (عليه ‌السلام) وهو يومئذ طفل رضيع ، وقال : ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) ([1]).

وذهب ابراهيم خليل الله بعد ذلك إلىٰ شأنه كما امره الله تعالىٰ ، وترك هذه المرأة والطفل الرضيع وحدهما في هذا الوادي القفر بامر الله تعالىٰ ، فنفد ما كان لديهما من الماء ، وعطش الطفل وغلب عليه الظمأ وبحثت المرأة عن الماء فلم تجد له اثراً ، وأخذ الطفل يصرخ ويضرب بيديه ورجليه ، والاُم تهرول هنا وهناك ، فتصعد علىٰ الصفا تارة ، تنظر إلى الاُفق البعيد بحثاً عن الماء ، ثم تهبط وتهرول باحثة عن الماء إلىٰ جانب جبل المروة ، وتدعو الله تعالىٰ أن يرزقهما الماء في هذا الوادي القفر ، والطفل يصرخ ويبكي ويضرب بيديه ورجليه عند البيت الحرام.

ففجر الله تعالىٰ الارض بالماء تحت قدمي الطفل ، فأسرعت الاُم إلىٰ الماء ، لتروي طفلها الرضيع ، ولتلملم الماء لئلا يذهب هدراً ، فتقول للماء وهي تصنع له حوضاً يجمعه : « زم ... زم ... ».

إن هذا المشهد العجيب استنزل يومذاك رحمة الله تعالىٰ ، ففجر الله تعالىٰ
زمزم في واد غير ذي زرع ، وجعلها مصدراً ومبدأً لكثير من البركات علیٰ هذه الارض المباركة.

وجعل الله تعالىٰ هذا المشهد جزءاً من أعمال الحج ، وثبته الله تعالىٰ في واحد من اشرف فرائضه.

فما هو السر الكامن في هذا المشهد ؟ ولماذا هذا الاهتمام به في أصل الدين ، وتثبيته في الحج ؟ وما هو السبب المؤثر والقوي الذي استنزل رحمة الله تعالىٰ بقوة في هذا المشهد ، وجعلها مبدأً لبركات كثيرة في تاريخ اجيال الموحدين ؟

فلابد أن يكون هذا المشهد ينطوي علىٰ سرّ خاص استدعىٰ نزول رحمة
الله تعالىٰ في ذاك الوادي القفر ، واستدعىٰ دوام هذه الرحمة وثباتها ، وجعل منها مصدراً ومبدأً لكثير من البركات ، واستدعىٰ أن يثبتها الله تعالىٰ في حج اجيال الموحدين عند بيته الحرام.

إنني اعتقد ، والله تعالىٰ اعلم باسرار هذا المشهد ، أن هذا المشهد النادر كان يجمع يومئذ بين ثلاثة منازل من منازل رحمة الله تعالىٰ ، كل منها يستنزل رحمة الله.

واول هذه المنازل الحاجة التي كان يمثلها الظمأ الذي اضر بالطفل الرضيع ، والحاجة والفقر إلىٰ الله من منازل رحمة الله.

وكلّما اضر الفقر بصاحبه أكثر كان أقرب إلىٰ رحمة الله ، ولذلك نرىٰ أن الاطفال الرضع إذا اضرّ بهم ألم أو جوع أو ظمأ أو برد أو حرّ ، كانوا أقرب إلىٰ رحمة الله من الكبار الّذين يطيقون ذلك.

وذلك لان الحاجة تضرّ بهم أكثر من غيرهم.

وقد ورد في الدعاء « اللّهم أعطني لفقري » والفقر إلى الله وحده يستنزل رحمة الله تعالىٰ ، وكلما كان الفقر إلىٰ الله اعظم كان أدعىٰ لنزول رحمة الله.

فإن الفقر إلىٰ الله يجعل الانسان عند رحمة الله ، ويقرب الانسان منه ، واء كان الانسان يعي فقره إلی الله ام لا يعي ، وإن كان وعي الفقر إلى الله يضاعف من قيمته وقدرته في استنزال رحمة الله تعالىٰ ، كما ذكرنا.

ولكن بشرط إلّا يحرّف الانسان الفقر عن موضعه ، فيتصوّر أنّه من الفقر إلى المال أو إلى حطام الدنيا ، أو إلىٰ بعض عباد الله بدل أن يعيه علىٰ واقعه من الفقر إلىٰ الله.

وشتّان بين هذا الفقر وذاك الفقر. والّذي يستنزل رحمة الله تعالىٰ هو الفقر إلىٰ الله ، فإذا حرف الانسان هذا الفقر من الفقر إلىٰ الله إلىٰ الفقر إلىٰ عباد الله ، فقد الفقر قيمته في استنزال رحمة الله تعالىٰ ، واكثر فقر الناس من هذا النوع.

وفي هذا المشهد كان صراخ الطفل وضجيجه وبكاؤه من شدة العطش مشهداً نافذاً مؤثراً في استنزال رحمة الله تعالىٰ.

وليس في مشاهد الحاجة والفاقة إلى الله مشهد مؤثر ورقيق يستنزل رحمة الله تعالىٰ ، اكثر من مشهد طفل يتلظىٰ من العطش ، ولا تجد له اُمّه إلىٰ الماء سبيلاً.

والمنزل الثاني لرحمة الله في هذا المشهد هو (السعي) ، وهو شرط للرزق ، ولا رزق من دون سعي ، وقد جعل الله تعالىٰ السعي والحركة في حياة الانسان مفتاحاً للرزق.

وإذا كان عامل الفقر يتطلب من الانسان حالة الاضطرار والفاقة والحاجة ، فإنّ عامل السعي يتطلب من الانسان العزم والقوّة والارادة ، والحركة والنشاط ، وعلىٰ قدر حركة الانسان وسعيه وعزمه يرزقه الله تعالىٰ من رحمته.

وقد تحركت اُم اسماعيل عند ما نفد عندهما الماء ، وغلب الظمأ علىٰ اسماعيل تحركت للبحث عن الماء وسعت في طلبه ، تصعد إلىٰ الصفا مرة ، تنظر في الافق البعيد باحثة عن الماء ، وتنزل من الصفا وتتّجه إلى المروة تارة اخرىٰ لتصعد عليه وتنظر إلى الافق البعيد تبحث عن الماء ، ورغم أنها استعرضت في هذه الحركة كل الاُفق من علىٰ الصفا والمروة فلم تجد ماءً ، لم تيأس وكررت هذه الحركة والصعود والنزول والهرولة من الصفا إلىٰ المروة وبالعكس سبع مرات.

ولو لا هذا الامل والرجاء لانقطع سعيها في الشوط الاول ، ولكن الامل والرجاء اللذين كانا يعمران قلبها العامر كانا يدعوانها كل مرة إلىٰ إعادة السعي مرة اخرىٰ ، حتىٰ فرج الله عنهما وفجر زمزم تحت قدمي اسماعيل ، ولكن الامل هنا في الله وليس في الماء ، ولو كان املها في الماء لانقطع املها في المرة الاُولىٰ أو الثانية.

وقد جعل الله تعالىٰ هذا السعي وهذه الحركة شرطاً للرزق ، ولا تزول رحمته علىٰ الانسان ، والله تعالىٰ يرزق عباده ، وينزل عليهم رحمته ، ولكن الله تعالىٰ شاء أن يكون السعي والحركة مفتاحاً لرزقه ورحمته.

والمنزل الثالث لرحمة الله تعالىٰ في هذا المشهد هو دعاء ام اسماعيل ، وانقطاعها إلىٰ الله واضطرارها إليه عزّ شأنه في طلب الماء في هذا الوادي القفر غير ذي الزرع.

وكلّما انقطع الانسان في دعائه الىٰ الله اكثر كان اقرب الىٰ رحمة الله.

ولست ادري في أية حالة من حالات الانقطاع إلىٰ الله كانت هذه المرأة
الصالحة ، في تلك اللحظات في ذلك الوادي ، وليس من انسان أو حيوان حولها ، ووحيدها الرضيع يتلظى عطشاً ، ويكاد أن يلفظ آخر انفاسه.

لقد انقطعت هذه المرأة إلى الله في تلك اللحظه انقطاعاً ضجّت له ملائكة الله بالدعاء ، وضموا اصواتهم الى صوتها ، ودعاءهم إلى دعائها.

ولو أن الناس كلهم انقطعوا إلىٰ الله بمثل هذا الانقطاع ( لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ
وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم
) وعمتّهم رحمة الله تعالىٰ. عليكِ سلام الله يا اُمنا ام اسماعيل من ابنائك الّذين آتاهم الله النور والهدىٰ ، والايمان والنبوة ومن المهتدين بهداهم ونورهم ، فلو لا الانفراد في ذلك الوادي القفر غير ذي الزرع في هجير الحجاز ، ولو لا تلك المعاناة والمحنة لم تنقطعي إلى الله عزّ وجلّ بمثل هذا الانقطاع في ذلك الموقف العسير علىٰ جبلي الصفا والمروة ، ولو لا ذلك الانقطاع إلىٰ الله ، لم تنزل رحمة الله تعالىٰ عليكما ، ولو لا تلك الرحمة لم يكن انقطاعك الىٰ الله وسعيك بين الصفا والمروة من شعائر الله في الحج.

( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) ([2]).

لقد ثبّت الله تعالىٰ يا اُمنا انقطاعك إليه في ذلك الهجير ، وسعيك إلى الماء وصراخ صغيرك اسماعيل في ذاكرة التاريخ ، ليعرف الاجيال من بعدك كيف يستنزلون رحمة الله ، وكيف يتعرضون لرحمة الله.

إن رحمة الله تعالىٰ واسعة لا شح فيها ولا نقص ، ولا عجز ، ولكن الناس لا يعرفون مواضع هذه الرحمة ومنازلها ، ولا يحسنون التعرّض لها والاستفادة منها.

ومنك تعلمنا يا اُمنا كيف نطلب منازل رحمة الله وكيف نتعرض لرحمة الله ، ومنك يا اُمنا اخذنا مفاتيح الرحمة.

وعذراً يا اُمنا إذا كنّا نحن ابناءك لم نحفظ هذه المفاتيح التي سلمتِها إلىٰ
اسماعيل من بعدك ، وتوارثها ابناء اسماعيل من اسماعيل وتوارثناها نحن من ابنك محمد المصطفیٰ رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) ، فضيعناها فيما ضيعنا من ثرات الانبياء ومواريثهم.

لقد تعلمنا من أبينا ابراهيم كيف نوحّد الله ، وتعلمنا من اُمنا هاجر كيف نسأل الله.

وفي متاهات الهوىٰ والطاغوت ضيعنا هذا وذاك.

فأعنا اللّهم علىٰ تحصيل ما ضيعناه من تراث أبينا واُمنا ابراهيم وهاجر (عليهما ‌السلام) ، واجعلنا من اُسرتهم ، ولا تطردنا ربنا من هذا البيت من آل ابراهيم وآل عمران.

( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ õذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ([3]).

( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ([4]).

لقد اخذت اُمنا (ام اسماعيل) يومذاك في ذلك الوادي القفر ، وفي رمضاء ذلك الهجير بأسباب الخير كلّها ، وذلك هو السعي والدعاء والفقر.

لقد كانت امنا تسعىٰ إلى الماء وتشرف علىٰ الوادي تارة من علىٰ الصفا، واخرىٰ من علىٰ المروة باحثة عن الماء ، والله تعالىٰ يحب من عباده الحركة والسعي والعمل ، وجعل ذلك من أهم شروط الرزق.

ولكنها في سعيها كانت منقطعة إلىٰ الله ، وتدعوه تعالىٰ وتسأله في حالة من الانقطاع ، يقلّ نظيرها في تاريخ الانسان.

فلا السعي والتحرك ، كان يحجبها عن الله ، ويقطعها عنه تعالىٰ ، ولا الانقطاع الىٰ الله كان يعطل فيها حالة الحركة والسعي ، السعي الىٰ الماء بأقصىٰ ما تستطيعه امرأة في ذلك الوادي ، وفي ذلك الهجير ، في اشواط سبعة من الصفا الى المروة ومن المروة الىٰ الصفا.

واننا اليوم في شعائر حجنا ، نسعىٰ في هذه الاشواط بين هذين الجبلين ، من غير معاناة ولا عذاب ، ولا هم ، ولا قلق فنكدح ونتعب ويرهقنا هذا السعي.

وقد قامت امنا هاجر بهذا السعي كله في ذلك الوادي القفر وفي رمضاء
ذلك الهجير ، وهي ظمأىٰ قد استنفد العطش كل حولها وقوتها ، ورضيعها الصغير يكاد يلفظ آخر انفاسه ، ولكنها مع ذلك قامت بهذا السعي الىٰ الماء بقوة وهمّة وعزم وارادة.

ومع ذلك لم يقطعها هذا السعي ولو لحظةً واحدة عن الانقطاع الىٰ الله ، ولم يحجبها ولو لحظةً واحدة عن الله. لقد كانت في هذا السعي المرير كله علىٰ اتصال بالله وانقطاع الىٰ الله ، لا يشغلها هذا عن ذاك ولا يحجبها ذلك عن هذا ، فقرنت السعي الىٰ الدنيا بالانقطاع الىٰ الله ، وقرنت الانقطاع الىٰ الله بالسعي الىٰ الدنيا، ومن منا يقدر علىٰ ذلك ؟

والملائكة يومئذ ينظرون اليها ويتعجبون منها ، كيف استطاعت أن تنقطع الىٰ الله هذا الانقطاع ؟ وكيف تمكنت أن تسعىٰ الىٰ الماء وهي مثقلة بالمتاعب والمحن هذا السعي ؟ وكيف استطاعت أن تجمع بين السعي والانقطاع الىٰ الله بمثل هذا الجمع ؟

فيضجون الىٰ الله تعالىٰ أن يستجيب لدعائها وسعيها ، وأن يستنزل سعيها ودعاؤها رحمة الله تعالىٰ ، وتستقرب رحمة الله حتىٰ تكاد أن تنطبق السماء علىٰ الارض.

لقد صعد يومئذ عمود من الدعاء والعمل الصالح من الارض الىٰ السماء ، ونزل عمود من الرحمة من السماء الىٰ الارض ، واتصلت الارض بالسماء والسماء بالارض ، وحشود الملائكة يشهدون هذا المشهد الفريد ، ويضجون الىٰ الله تعالىٰ ويتضرعون ، فيحدث ما ليس بالبال ولا بالخيال ، وتتفجر الارض تحت اقدام الرضيع ماءً بارداً زلالاً شفافاً هنيئاً.

وسبحان الله والحمد لله ، لقد استجاب الله لسعيها ودعائها ، ولكن لا حيث
سعت وإنّما تحت اقدام الرضيع الذي كان يضرب بيديه ورجليه ظمأً يومذاك ،
ليعلمها الله أنه تعالىٰ هو وحده الذي رزقها هذا البارد العذب في هذه الرمضاء
وذلك الهجير ، وليست هي التي حققت ذلك بسعيها وحركتها ، وإن كان لابد لها أن تسعىٰ وتتحرك ليرزقها الله تعالىٰ زمزم.

ففجر الله (زمزم) تحت اقدام الرضيع ، واقام الله تعالىٰ في ذلك الوادي بيته المحرم ، وبارك في زمزم وجعل منها سقاية الحاج مدىٰ الاجيال ، وثبّت الله هذا السعي والدعاء في ذاكرة التاريخ ، وجعل منه شعيرة من شعائر الحج ، يحذو فيها حشود الحجاج كل عام حذوها ، ويحيّون فيها من بُعد امهم هاجر وأبويهم ابراهيم واسماعيل.

لقد اجتمع في هذا الوادي يومذاك ثلاثة اسباب من اسباب نزول رحمة الله تعالىٰ : الفقر ، والسعي ، والدعاء ؛ فقر في اقصىٰ درجات الضعف والفاقة ، وسعي في قوة وحزم وعزم ، ودعاء في تضرع وانقطاع واضطرار.

وفي الحج نحيي نحن كل عام هذا المشهد لنتعلم من اُمّنا ام اسماعيل (عليهما ‌السلام) كيف نطلب رحمة الله تعالیٰ ، وكيف نستنزل فضله ورحمته ، وكيف نغرف من رحمته ونتعرض لها.


[1] ابراهيم : 37.

[2] البقرة : 158.

[3] آل عمران : 33 ـ 34.

[4] البقرة : 128.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.