أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
3719
التاريخ: 16-10-2014
2454
التاريخ: 2024-09-14
242
التاريخ: 21-3-2016
1647
|
معرفة علوم الشريعة من شروط المفسر
ويُقصَد بها العلوم التي نشأت أو تطوّرت وتبلورت داخل البيئة المعرفيّة الإسلاميّة، والتي يحتاجها المفسّر في فهم القرآن وبيان مقاصده، وأبرزها العلوم الآتية:
أ- علوم الحديث:
وهي العلوم التي تعنى بدراسة الحديث، لجهة سنده ورواته ومتنه ودلالته, بحيث يحتاج إليها المفسّر في عمليّة التفسير، ولا سيّما أنّ الروايات لها دور كبير في عمليّة التفسير(1). ويكمن وجه حاجة المفسّر إلى علوم الحديث في الأمور الآتية:
- توثيق إسناد النصّ إلى قائله: ويتكفّل بذلك علم إسناد الحديث.
- التحقّق من سلامة النصّ: ويتكفّل بذلك علم رجال الحديث الذي يُعنى بدراسة أحوال الرواة، وعلم دراية الحديث الذي يُعنى بأحوال الحديث متناً وسنداً، وعلم تاريخ الحديث الذي يعنى بالتحقّق من النسبة التاريخيّة للحديث، وعلم فقه الحديث الذي يعين على التحقّق من نسبة مضمون الحديث إلى قائله.
ب- علم أصول الفقه:
وهو العلم الذي يُعنى بدراسة القواعد والعناصر المشتركة في الاستدلال والاستنباط الفقهيّ(2). وقد وُضعت أسس هذا العلم اعتماداً على قواعد عقليّة، ونقليّة. ويزوِّد هذا العلم علم التفسير بضوابط وقواعد عامّة من شأنها أن تعين المفسّر في عمليّة التفسير، ولا سيّما في مجال بيان آيات الأحكام(3).
ج- علم الفقه:
وهو العلم الذي يُعنى باستنباط الأحكام الشرعيّة من مصادرها الشرعيّة، والاجتهاد في تطبيق قواعد الاستنباط في البحث عن الحكم الشرعيّ لموضوع ما(4). ويستفيد المفسّر من علم الفقه والأحكام من خلال ما يقدِّمه له من قواعد وضوابط اجتهاديّة واستنباطيّة، ولا سيّما في البحث الفقهيّ لآيات الأحكام، من شأنها أن تغني آليّات البحث التفسيريّ ووسائله.
د- علم الكلام:
وهو العلم الذي يُعنى ببيان أصول العقيدة، كالتوحيد، والعدل، والنبوّة، والإمامة، والمعاد، وما يرتبط بها من مسائل، كالجبر والتفويض، والحسن والقبح العقليّين، والموت، والبرزخ، وغيرها(6). وقد تناول القرآن الكريم في قسم كبير من آياته هذه المسائل.
وتُعدّ بعض المواقف المبدئيّة لعلم الكلام بمثابة مبادىء تفسيريّة للمفسّر في عمليّة التفسير، كما في مسألة الإمامة، والعصمة، والحسن والقبح العقليّين، واختيار الإنسان، وغيرها من المسائل.
هـ- العلوم العقليّة:
وهي عبارة عن القضايا المنطقيّة والفلسفيّة التي تعين المفسّر في تنظيم طريقة التفكير والتحليل والاستنتاج، وتمدّ بالقرائن والأدلّة القطعيّة في مقام الاستدلال وتوليد المعرفة، أو في مقام الاستنباط والكشف عن المعرفة(7). وسوف يرد تفصيل الكلام في دور هذه المعارف العقليّة في تفسير القرآن عند بحث القرائن العقليّة في التفسير، وحجيّة المنهج العقليّ في التفسير في دروس لاحقة.
و- علم التاريخ والسِيَر:
وهو العلم الذي يُعنى بدراسة الوقائع والحوادث والمواقف وسِيَر الأعلام الماضين(8). ويستفيد المفسّر من هذا العلم في دراسة تاريخ العرب وواقع الناس وحالهم في مجتمع الجزيرة العربيّة قبل الإسلام وفي زمن البعثة النبويّة الشريفة، لأنّ القرآن الكريم نزل في ذلك الزمان والمكان، ولهذا المجتمع خصوصيّاته التاريخيّة والاجتماعيّة والجغرافيّة، كما له مميّزاته وخصائصه التربويّة والثقافيّة والدينيّة، حيث كان مجتمعاً متعدِّد الأديان والثقافات. وكانت الجزيرة العربية آنذاك موطن كلٍّ من الوثنيين والمشركين، إضافة إلى أهل الكتاب من يهود ونصارى. كما كانت تسود بين أهلها أعراف وقيم وعادات وتقاليد تحكم تصرّفاتهم وحركتهم الاجتماعية. وقد بُعث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الأمّة ولهؤلاء الناس جميعاً، وخاطبهم القرآن الكريم وجادلهم وأقرّ لهم أموراً واعترض على أخرى، وعنّفهم في أشياء وزجرهم عن أخرى، وعمل على تغيير الواقع القائم وإقامة واقع جديد. وهو يشير في أكثر من مورد من آياته المباركة إلى تلك الأمّة، ويتحدّث عن عاداتها وتقاليدها الجاهلية.
ومن هنا كانت الصلة الوثيقة بين علم التفسير ومعرفة التاريخ، فإنّ الاطّلاع على تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام وتاريخ عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والبعثة المباركة، له الأثر الإيجابيّ الكبير في عملية إيضاح مداليل كثير من الآيات المباركة وبيان مقاصدها.
ففي تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9] ، لا بدّ للمفسِّر من معرفة عاداتهم وتعاملاتهم مع نسائهم وبناتهم، ولا سيّما المولودات حديثاً حتّى يقف عند معنى هذه الآية المباركة.
وفي تفسير قوله تعالى: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 2 - 4]، لا بدّ للمفسّر من الوقوف على أحوال قريش، وتجارتها إلى اليمن في الشتاء، وإلى الشام في الصيف، وكيف كان حالهم قبل ذلك وبعدها، وكيف أطعمهم الله من جوع، وآمنهم من خوف، إلى غير ذلك من الأمور الّتي ترتبط بتاريخهم وعاداتهم وأعمالهم.
__________________________
1.انظر: السبحاني، جعفر: كلّيّات في علم الرجال، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام، 1428هـ.ق، ص13-20.
2.تقدَّم في مقدّمة الدرس الأوّل دور السنّة والروايات في التفسير خلال البحث عن نشأة علم التفسير وتطوّره، وسيأتي تفصيل دورها عند بحث المنهج الأثري وتطبيقاته.
3.انظر: الصدر، محمد باقر: دروس في علم الأصول الحلقة الثالثة-، لا.ط، بيروت، دار التعارف، 1410هـ.ق/ 1989م، ص9-11، مطهّري، مرتضى: مدخل إلى العلوم الإسلاميّة، ترجمة: حسن علي الهاشمي، مراجعة: علي مطر، ط1، لا.م، دار الكتاب الإسلامي، مطبعة السرور، 1421هـ.ق/ 2001م، ج3، ص9-10، 21-22.
4.سوف يجري تناولها مفصلاً عند بحث أبرز القواعد الأصوليّة التي يستخدمها المفسّر في عمليّة التفسير في درس لاحق.
5.انظر: مطهّري، مدخل إلى العلوم الإسلاميّة، م.س، ج3، ص7-8، 47.
6.انظر: م.ن، ج2، ص5-12.
7..انظر: مطهّري، مدخل إلى العلوم الإسلاميّة، م.س، مراجعة: عبد الجبّار الرفاعي، ج1، ص16-18، 105-110، 131-157.
8.انظر: مطهّري، مرتضى: المجتمع والتاريخ، بيروت، دار المرتضى، 1413هـ.ق/ 1993م، ص67-69.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|