المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مقومات الشخصية القوية / قوت الذات  
  
247   01:14 صباحاً   التاريخ: 2024-08-29
المؤلف : هادي المدرسي
الكتاب أو المصدر : كيف تكسب قوة الشخصية؟
الجزء والصفحة : ص11ــ14
القسم : الاسرة و المجتمع / التنمية البشرية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2019 2632
التاريخ: 29-11-2016 3390
التاريخ: 2024-08-25 295
التاريخ: 8-1-2022 2319

هل يولد بعض الناس بشخصية قوية بينما يولد آخرون بشخصية ضعيفة؟

أم أن القوة والضعف هنا اكتسابيان؟

لا شك أن هنالك من يولد في ظروف تجعله أقوى شخصية من غيره، فكما يرث أحدنا الصفات الجسدية لآبائه وأمهاته مثل لون بشرته، وتقاسيم وجهه كذلك فإنه يرث صفاتهم النفسية بنسبة معينة، ولكن ذلك يعني أن من لم يرث قوة الشخصية من آبائه فإنه لا يمكنه اكتسابها. فالصفات التي نرثها ليست كلها من النوع الذي لا يمكن تبديله وتغييره، ولا من النوع الذي لا يمكن الإضافة عليه بشكل أو بآخر.. فظروف الحياة والتجارب التي يمر بها الإنسان وتصميمه الجاد وقوة إرادته.. كلها تشكل عوامل تدفعه إلى زرع الصفات التي يرغب فيها ذاته لتنمو في شخصيته.

وهذا يعني أن ضعفاء الشخصية يمكن أن يصبحوا بمرور الزمن أقوياء، كما يمكن أن يولد أشخاص أقوياء في شخصياتهم من جهة الوراثة ولكنهم بفعل الظروف الاجتماعية والعائلية يفقدون قوة شخصيتهم إلى درجة كبيرة.

إن النظر إلى الواقع العملي يكشف عن أن الأكثرية من أقوياء الشخصية هم من الذين اكتسبوها من خلال الخطوات العملية، التي مارسوها في حياتهم وليس من خلال عوامل الوراثة.. وأنهم كانوا يعانون الضعف في فترات سابقة من حياتهم.

وهذا يعني أن كل إنسان يولد بحد أدنى من قوة الشخصية، ومن خلال التربية والإرادة والممارسات العملية يكتسب قوة إضافية يضيفها إلى رصيده الطبيعي منها...

إن قوة الذات في جميع البشر تكمن في الالتزام بهدى الفطرة التي يولدون بها. وهي تلك الطهارة الداخلية التي تولّد الحقيقة.. ومنها تنبع القوة كلها ..

ألا ترى أن قوة جاذبية الإمام علي (عليه السلام) وقوة ولده الحسين (عليه السلام) بعد مرور أكثر من ألف عام على مقتلهما تنبع من التزامهما العملي بالطهارة الداخلية وتمسكهما الصارم بالحقيقة ورفضهما الانسياق وراء المصلحة الآنية الباطلة؟

إن هنالك في الحياة قضايا عظيمة وأخرى تافهة، وكلما كان الإنسان مرتبطاً بقضية عظيمة كلما اكتسب عظمة تلك القضايا ..

فإذا ما رفع أحدنا راية العدالة مثلاً، وكان صادقاً في تمسكه بها، من دون أن يرجو من خلال ذلك مصلحة شخصية بحيث ينافق أو يتناقض مع نفسه، تحولت قوة العدالة إليه فيصبح رمزاً لها. ومن ثم يصبح ، قوياً لا يقهر ..

ألم نر كيف أن رجلاً فقيراً فاشلاً في شبابه، تحول إلى قوة كبرى تحدى أكبر إمبراطورية في عصره وانتصر عليها، أعني غاندي، الذي حرّر الهند من الاحتلال البريطاني عندما كانت أكبر قوة استعمارية، من غير اللجوء إلى أية قوة إلا ما سماه «قوة الحقيقة»؟

إن الحفاظ على الطهارة الداخلية النابعة من الفطرة، والإيمان الصادق بالمبادئ والقيم والعمل المخلص من أجلها، تعطي الذات قوة عظمى لا يقتصر تأثيرها على الزمن المعاصر لها، بل تتدفق في الأزمنة اللاحقة أيضاً..

أليس كل ذلك متوفراً لكل الناس؟

حقاً، إن للصدق قوة كبرى وكذلك للإيمان والعدالة والحرية والأخلاق وكل من يلتزم بها ويعمل من أجلها تصبح له قوة في الذات، له تأثيراً في الحياة بقدر ما يحمل من ذلك..

فمثلاً: الصدق ليس مجرد مفردة أخلاقية بل هو الذي يعطي الحياة معنی، عبر القوة التي يمد بها صاحبه، وكل الذين دفعوا الناس على أن يسيروا وراءهم، ويقتدوا بهم كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الناس.

وكذلك الأمر مع بقية الأخلاق الفاضلة، حيث إن لها سلطاناً على النفوس، حتى بالنسبة إلى أولئك الذين لا يلتزمون بها.

فحتى الكذاب، يحترم من يلتزم بالصدق، وحتى الظالم لا يستطيع إلا أن يحترم - على الأقل في أعماق نفسه - من يرفع راية العدالة في وجهه..

وفي هذا يكمن السرّ في عجز طغاة التاريخ عن القضاء على الأنبياء والرسل والصالحين..

إن في الروح ينبوعاً من القوى الهائلة، وكل من يقترب من هذا الينبوع ويرتشف منه تصبح لديه قوة يسميها البعض سحرية، ولكنها هي قوة الروح الحاكمة على الحياة..

أليست الروح من أمر الله؟

يقول تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85].  

ومن يملك روحاً يملك الحياة كلها.. أما من يفتقدها، فلا تنفع معه الأمور الأخرى.

مثلاً يظن البعض أن الذكاء أو العلم مهمان جداً من أجل كسب النجاح في الحياة، أو كسب الأهمية في المجتمع، إلا أن تجارب كل الناجحين تدل على أن قوة الشخصية تساهم في نجاح العمل أكثر بكثير مما يساهم الذكاء، مهما كان خارقاً ..

وقد يتساءل البعض: ما هي الشخصية؟ "

والجواب: إنها مسألة غامضة بعض الشيء كالروح، وهي تتحدى التحليل، كشذى الورد، وهي مجموعة ميزات الإنسان الروحية والفكرية والجسدية، وميوله ورغباته وتجاربه وتدريباته، وطريقة حياته، تأتي من الإرادة وتتأثر بالوراثة والبيئة، والتربية، ولا شك أن من افتقد جانباً من قوة الشخصية مثل الوراثة مثلاً، فإنه يمكن تقويتها لديه من خلال جوانب أخرى كالتربية والتدريب. وهذا يعني أنه يمكننا بالتأكيد أن نجعل شخصياتنا أكثر صلابة وأكثر جاذبية ونسعى للحصول على أقصى ما نستطيعه من خلال هذه الجوهرة التي وهبها الله تعالى لنا.. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.