أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-9-2016
559
التاريخ: 16-9-2016
363
التاريخ: 2024-07-27
373
التاريخ: 2024-07-27
310
|
تمهيد: إنَّ ذكر الدليل على اعتبار قاعدة الاشتراك كان من باب العمل بسيرة المحقِّقين، وإلاَّ فلا تحتاج هذه القاعدة إلى الاستدلال, لأنَّها من ضروريّات الفقه، ولا يكون فيها أيَّ شبهة وأدنى ريب عند المسلمين. "فالآيات والروايات الكثيرة دالَّة على اشتراك الأحكام الواقعيَّة بين العالم والجاهل، وإن شئت فعبِّر عنها بقاعدة الاشتراك، فإنَّها من ضروريات المذهب"(1)
ومع هذا يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بأمور، هي:
الأوّل: إطلاق خطابات الكتاب:
يدلّ عليها من الكتاب الخطابات الشفهيّة، مثل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾، و﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ...﴾، وما أشبه، ممّا لا إشكال في اتّحاد مفادها مع مفاد سائر الأحكام الّتي لم تصدر بهذه الجمل، مثل: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾(2) ، ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ...﴾(3) ،﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم...﴾(4) ، ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾(5)، وما أشبه من غير فرق بين أن يكون للتكليف أو للوضع، مثل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ...﴾(6) ، إلى غيرها .
واختصاص الخطاب بالمشافهين، أو الحاضرين دون الغائبين والقادمين، لقبح خطاب غير الحاضر أو المعدوم، إنّما يتمّ إذا لم يكن التشريع للجميع، كما يفهم كلّ أصحاب الأديان والقوانين، فإنّها على نحو القضايا الحقيقيّة .
نعم، إذا كان على نحو القضايا الخارجيّة مثل "جهّزوا جيش أسامة"(7) , لم يشمل حتّى غير المعنيّين، فكيف بغيرهم؟
الثاني: ويدلّ عليها من السنَّة الشريفة:
1- الحديث النبويّ المشهور: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"(8) . وهو يدلُّ على أنَّ الحكم الشرعيّ لا يختصُّ بفرد خاصّ، بل يعمُّ الجميع، بعد معرفة أنَّ المراد بالجماعة هو العموم، لا جماعة خاصَّة .
2- صحيحة زرارة عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: "حلال محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرام محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم حرام أبدا إلى يوم القيامة"(9) .
بعد وضوح أنَّ المراد "من الحلال والحرام" هو الأحكام والتشريعات الإلهيّة، دلَّ الحديث على أنَّ الحكم الشرعيّ لا يختصُّ بزمان ولا بشخص أو طائفة، بل يشمل الجميع، فيشترك جميع المكلَّفين في الحكم في مختلف الأعصار .
الثالث: الأدلَّة الأوَّليَّة :
إنَّ الأدلَّة الّتي تبيّن الحكم تكون على قسمين:
1- الإنشاء العامّ بنحو القضيّة الحقيقيّة، كقوله تعالى: ﴿...وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً...﴾(10)، هذا القسم بظهوره يشمل الجميع, لأنَّ مفاده تحقُّق الحكم في فرض تحقُّق الموضوع، بلا فرق بين الحاضر والغائب .
2- الخطابات الشفاهيّة: مثل قوله تعالى: ﴿...وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ...﴾ وغيره، هذا القسم بالأسلوب الأوَّليّ، منصرف إلى الحاضرين، ولكن قُرّر في أصول الفقه عدم اختصاصه بالحضور، كما قال المحقّق صاحب الكفاية: "ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم في مثل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ...﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ...﴾، بمن حضر مجلس الخطاب، بلا شبهة ولا ارتياب، ويشهد لما ذكرناه صحَّة النداء بالأدوات مع إرادة العموم من العامّ الواقع تلوها بلا عناية"(11).
الرابع: بناء العقلاء:
إنّه بناء كافّة العقلاء، في جميع الأمصار والأدوار، هذا بالإضافة إلى الارتكاز والسيرة .
وعليه فلا خصوصيّة للرجل أو المرأة، والصبيّ أو الصبيّة، سواء أكان الخطاب ونحوه للأوّل أم للثاني، مع حفظ القيود والشروط في الموضوع، وبالعكس، ولذا لو سأل زرارة أو أمّ فلان، الإمام الصادق عليه السلام أنّ ثوبه أو ثوبها أصابه بول؟ فقال: اغسله في الماء الجاري مرّة، لم يشكّ في أنّه لا خصوصيّة لمن يسأل، كما لا يشكّ في أنّه لا خصوصيّة لأهل المدينة محلّ السؤال، أو للنهر الّذي أشار إليه الإمام عليه السلام مثلاً بقوله: اغسله فيه .
ولذا لم يشكّ الفقهاء قديماً وحديثاً ـ باستثناء المستند ـ في أنّ قوله عليه السلام: "انظروا إلى من معكم من الصبيان"(12)، يشمل البنات أيضاً .
__________________
(1) الخوئي، مصباح الأصول، م.س، ج2،ص257 .
(2) البقرة: 183 .
(3) البقرة: 43 .
(4) الأنفال: 41 .
(5) آل عمران: 97 .
(6) النساء: 11 .
(7) المجلسي، بحار الأنوار، م.س، ج30، ص432 .
(8) الإحسائي، عوالي اللآلي،م.س، ج1، ص99؛ المجلسي، بحار الأنوار، م.س، ج2، ص272 .
(9) الكليني، الكافي، ج1، كتاب فضل العلم، باب التقليد،ح19، ص47 .
(10) آل عمران: 97 .
(11) الخراساني، كفاية الأصول، م.س، ج1، ص358 .
(12) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج11، باب17 من أبواب أقسام الحج،ح3- 5 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|