أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
2267
التاريخ: 12-10-2014
6639
التاريخ: 2024-08-12
400
التاريخ: 2024-06-20
583
|
قال تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء : 60] .
كَثُرَ الكلام بين المفسّرين عن المقصود بالرؤيا ونجمل هَذِهِ الأقوال بما يلي :
أ : بعض المفسّرين قالوا : إنَّ هَذِهِ الرؤيا لا تعني رؤيا المنام ، بل تعني المشاهدة الحيَّة الحقيقية للعين ، وَيعتبرونها (أي الرؤيا) إِشارة إِلى قصّة المعراج التي وَرد ذكرها في بداية هَذِهِ السورة.
فالقرآن وَوفقاً لهذا التّفسير يقول : إِنَّ حادثة المعراج هي بمثابة اختبار للناس ، لأنَّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما إن شرعَ بذكر قصّة المعراج والإخبار عنها ، حتى ارتفعت أصوات الناس ، بآراء مُختلفة حولها ، فالأعداء استهزؤا بها ، وَضعيفوا الإِيمان نظروا إِليها بشيء مِن التردُّد والشك ، أمّا المؤمنون الحقيقيون فقد صدّقوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما أخبر ، واعتقدوا بالمعراج بشكل كامل ، لأنَّ مِثل هَذِهِ الأُمور تُعتبر بسيطة في مقابل القدرة المطلقة للخالق جلاّ وَعلا.
الملاحظة الوحيدة التي يمكن دَرجها على هذا التّفسير ، هي أنَّ الرؤيا عادةً ما تطلق على رؤيا المنام ، لا الرؤيا في اليقظة.
ب : نقل عن ابن عباس ، أنَّ المقصود بالرؤيا ، هي الرؤيا التي رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في السنّة السّادسة مِن الهجرة المباركة (أي عام الحديبية) في المدينة ، وَبشرّ بها الناس أنّهم سينتصرون على قريش قريباً وَسيدخلون المسجد الحرام آمنين.
ومن المعلوم أنَّ هَذِهِ الرؤيا لم تتحقق في تلك السنة ، بل تحققت بعد سنتين أي في عام فتح مكّة. وهذا المقدار مِن التأخير جعل أصحاب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقعون في بوتقة الإختبار ، إِذ أصيب ضعيفو الإِيمان بالشك والريبة مِن رؤيا الرّسول وَقوله ، في حين أنَّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بيّن لهم ـ بصراحة ـ بأنّني لم أقل لكم
بأنّنا سنذهب إِلى مكّة هذا العام ، بل في المستقبل القريب. (وَهذا ما حصل بالفعل) .
الإعتراض الذي يمكن أن يرد على هذا التّفسير ، هو أنَّ سورة بني إسرائيل مِن السور المكّية ، بينما حادثة الحديبية وَقعت في العام السّادس للهجرة المباركة !!
ج : مجموعة مِن المفسّرين الشيعة والسنة ، نقلوا أنَّ هَذِهِ الرؤيا إِشارة للحادثة المعروفة والتي رأى فيها النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام أن عدداً مِن القرود تصعد منبره وَتنزل مِنهُ (تنزو على منبره (صلى الله عليه وآله وسلم) ) ، وَقد حزَن (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيراً لِهَذا الأمر بحيث لم ير ضاحكاً مِن بعدها إِلاَّ قليلا (وَقد تمَّ تفسير هَذِهِ القرود التي تنزو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ببني أمية الذين جلسوا مكان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الواحد تلو الآخر ، يُقلِّد بعضهم بعضاً ، وَكانوا ممسوخي الشخصية ، وَقد جلبوا الفساد للحكومة الإِسلامية ، وَخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ) .
ونقل هذِهِ الرّواية (الفخر الرازي) في التّفسير الكبير ، و (القرطبي) في تفسيره الجامع و (الطبرسي) في مجمع البيان ، وَغيرهم.
ويقول الفيض الكاشاني في تفسير الصافي ، بأنَّ هَذِهِ الرّواية مِن الرّوايات المعروفة في أوساط العامّة والخاصّة.
ثمة إشارة نلاحظ فيها ، إِنَّ التفاسير الثلاثة هَذِهِ في «الرؤيا» مِن الممكن أن تشترك جميعاً في تفسير الآية ، وَلكن التّفسير الثّاني كما أشرنا ـ لا ينطبق مَع مكّية السورة. وَبالنسبة للمقصود مِن الشجرة الملعونة فقد واجهتنا أيضاً مجموعة مِن التفاسير التي يمكن أن نجمل القول بها في الآراء الآتية :
أ : الشجرة الملعونة التي وَرد ذكرها في القرآن هي (شجرة الزقوم) وَهي الشّجرة التي تنمو في الجحيم طبقاً للآية (64) مِن سورة الصافات في قوله تعالى {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} ولهذه الشجرة طعمٌ مج وَمؤذ ، وَثمارها طعام
للمذنبين طبقاً للآيات 43 ـ 46 مِن سورة الدخان {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } وَطعامها ليس كطعام الدنيا بل يشبه المعدن المذاب بالحرارة والذي يغلي في الأحشاء. وَسيرد تفسيرها بشكل كامل في تفسير الآيات من سورة الدخان إن شاء الله.
إنَّ شجرة الزقوم ـ بدون شك ـ لا تشبه أشجار الدنيا أبداً ، وَلِهذا السبب فإنّها تنمو في النار ، وَطبيعي أنّنا لا ندرك هَذِهِ الأُمور المتعلقة بالعالم الآخر إِلاَّ على شكل أشباح وتصورات ذهنية.
لقد استهزأ المشركون بهَذِهِ التعابير والأوصاف القرآنية بسبب مِن جهلهم وَعدم معرفتهم وَعِنادهم ، فأبو جهل ـ مثلا ـ كانَ يقول : إِنَّ محمّداً يهددكم بنار تحرق الأحجار ، ثمّ يقولُ بعد ذلك بأنَّ في النار أشجاراً تنمو!
وَيُنقل عن أبي جهل ـ أيضاً ـ أنَّهُ كان يُهيىء التمر والسمن وَيأكل مِنهُ ثمّ يقول لأصحابه : كلوا مِن هَذا فإنَّه الزقوم. (نقلا عن روح المعاني في تفسير الآية) .
لِهَذا السبب فإنّ القرآن يعتبر الشجرة الملعونة في الآيات التي نبحثها ، وَسيلة لإختبار الناس ، إذ كانَ المشركون يستهزئون بها ، بينما استيقنها المؤمنون الحقيقيون الذين كانوا يؤمنون بها.
ويمكن أن يطرح على هذا التّفسير السؤال الآتي : إنَّ شجرة الزقوم لم تطرح في القرآن بعنوان الشجرة الملعونة؟
في الإجابة على ذلك نقول : يمكن أن يكون المقصود هو اللعن آكليها. بالإِضافة إِلى ذلك إِنَّهُ ما من شيء بعد رَحمة الله سوى اللعن ، وَطبيعي جداً أنَّ مِثل هَذه الشجرة بعيدة جدّاً عن رحمة الله.
ب : الشجرة الملعونة ، هم اليهود البغاة ، إذ أنّهم يشبهون الشجرة ذات الفروع والأوراق الكثيرة ، وَلكنّهم مطرودون مِن مقام الرحمة الإِلهية.
ج : جاء في الكثير مِن تفاسير الشيعة والسنة أنَّ الشجرة الملعونة هُم بنو أمية.
ينقل الفخر الرازي في تفسيره رواية في هَذا المجال عن ابن عباس الذي أدرك الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واشتهر في التاريخ الإِسلامي بكونه مُفسراً للقرآن الكريم.
هَذا التّفسير يتلاءم مِن جهة مَع الرّواية التي ذكرناها أعلاه بخصوص رؤيا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو أيضاً يتلاءم مَع الحديث المنقول عن عائشة والتي إلتفتت فيه إِلى مروان وَقالت لهُ : «لعن اللهُ أباكَ وَأنت في صلبه ، فأنت بعض مَن لعنهُ الله» (1) .
وَلكن مرّة أُخرى يُطرح هَذا السؤال : في أي مكان مِن القرآن تمَّ لعن بني أمية باعتبارهم الشجرة الخبيثة؟
في الجواب نقول : لقد تمَّ ذلك في الآية (26) مِن سورة إبراهيم عِندَ الحديث عن الشجرة الخبيثة (وَمثلُ كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت مِن فوقِ الأرض ما لها مِن قرار) . وَذلك للمفهوم الواسع للشجرة الخبيثة ، وَلما وَرد من روايات في تفسيرها بأنَّ المقصود مِنها هم بنو أميّة ، ثمّ إنَّ (الخبيثة) تقترن مِن حيث المعنى بـ (الملعونة) (2) .
وَجدير بالذكر هُنا ، أنَّ الكثير مِن هَذِهِ التّفاسير أو كُلّها لا تتعارض فيما بينها ، وَمِن الممكن أن تكون (الشجرة الملعونة) في القرآن إِشارة إِلى أي مجموعة مُنافقة وَخبيثة وَمطرودة مِن رحمة الله تعالى وَمقام الربوبية ، خصوصاً تلك المجاميع مِثل بني أمية واليهود قساة القلب ، والمعاندين وَكل الذين يسيرون على خُطاهم. وَشجرة الزقوم في القيامة تمثل الأشجار الخبيثة في العالم الآخر ، وَكل هَذِهِ الأشجار الخبيثة (المجاميع المعنية) هي لاختبار وَتمحيص المؤمنين الصادقين في الحياة الدنيا.
إِنَّ اليهود الذين سيطروا اليوم ـ زوراً وغصباً ـ على المقدسات الإِسلامية
والذين يشعلون نار الفتنة والحرب في كل زاوية مِن زوايا العالم ، وَيفتعلون العديد من الجرائم والمظالم بحق الشعوب ، إضافة إِلى المنافقين الذين يتعاملون معهم تعاملا سياسياً وَغير سياسي ، وكذلك كل المتسلطين الذين يسيرون على خُطى بني أمية في البلاد الإِسلامية ، وَيقفون ضدَّ الإِسلام ، وَيُبعدون المخلصين والمؤمنين مِن حركه المجتمع ، وَيقومون بتسليط المجرمين والخبثاء على رقاب الناس ، وَيقتلون أهل الحق والمجاهدين ، وَيفتحون المجال لبقايا الجاهلية في استلام الأُمور والتحكُّم بالمقدرات ... إِنَّ هؤلاء جميعاً هُم فروع وأغصان وأوراق هَذِهِ الشجرة الخبيثة الملعونة ، وَهم علامات اختبار وَمواقع امتحان للمؤمنين ولعامّة الناس في هَذِهِ الحياة الدنيا.
_____________________
1. تفسير القرطبي ، ج6 ، ص3902 ، والتفسير الكبير ، ج20 ، ص237.
2. تفسير نور الثقلين ، ج2 ، ص538.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|