أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-11
457
التاريخ: 7-10-2016
1231
التاريخ: 15-8-2022
1779
التاريخ: 7-10-2016
2074
|
معالجة الانحراف في قوى النفس
الأخلاق الإسلاميّة
الشيخ مصطفى قصير قدس سره
علم الأخلاق أشبه ما يكون بعلم الطبّ من جهات عدّة، كما تقدّم بيانه، حيث إنّ ما يصيب الخُلُق من انحراف عن العدالة والخطّ الوسط، هو بمثابة مرضٍ يصيب النفس، فيحتاج إلى استكشاف وعلاج، ومن هنا كان متوقّفاً على مقدّمات مشتركة بين علم الأخلاق والطبّ الجسمانيّ، وهي:
1- معرفة نوع الانحراف، وهي مرحلة تشخيص نوع المرض:
إنّ القوى الثلاثة المتقدّم ذِكْرها قد تتعرّض للانحراف تارةً في الكمّيّة وأخرى في الكيفيّة. والانحراف في الكمّيّة إمّا لزيادة، وهو الإفراط، وإمّا لنقصانٍ عن رتبة الاعتدال، وهو التفريط. وأمّا الانحراف في الكيفيّة، فيكون بالرداءة فحسب. ومن الأمثلة على ذلك:
أ- انحرافات القوّة العاقلة:
إنّ الإفراط فيها يُعبّر عنه بالجربزة، وهو تجاوز حدّ النظر والمبالغة في التدقيق والتنقير والتوقّف في غير مواضع الشبهة لأمور واهية والحكم على المجرّدات بالوهم وإعمال الذهن في إدراك ما لا يمكن إدراكه عادة.
والتفريط فيها يقع عندما يصاب الإنسان بالبلاهة، وقصر النظر عن إدراك المقدار الواجب من العلوم، كإجراء أحكام المحسوسات في المجرّدات غير المحسوسة، وهو الأمر الذي يقع فيه المادّيّون عندما يُخضعون المفاهيم الفلسفيّة المتعلّقة بما وراء المادّة لمنهجهم التجريبيّ، ويحكمون عليها من خلاله.
وأمّا الرداءة في القوّة العاقلة، فمن أمثلتها:
-السفسطة في الاعتقاد، أي إنكار الواقع المحسوس.
-الميل إلى العلوم غير اليقينيّة أكثر من الميل إلى اليقينيّات.
-استعمال الجدل في اليقينيّات، والتعلّق بعلم الكهانة والشعبذة وأمثالهما.
ب- انحرافات القوّة البهيميّة:
الإفراط فيها، كالحرص على كثرة الأكل، والركض وراء الملاذّ الجنسيّة، بما يتجاوز المقدار الطبيعيّ المعروف، ومنه: حبّ الدنيا الزائد والبخل والحرص وأمثال ذلك.
وأمّا التفريط فيها فمثاله الفتور عن تحصيل المعاش الضروريّ وانعدام الشهوة الجنسيّة أو خمودها.
وأمّا الرداءة، فمثالها الميل إلى الشذوذ الجنسيّ، ومقاربة الذكور والبهائم، والميل إلى تناول ما لا يستسيغه الإنسان الطبيعيّ من الطين – مثلاً - ويغرّه ممّا لا يعدّ من الأطعمة.
ج- انحرافات القوّة السبُعيّة:
مثال الإفراط فيها: شدّة الغضب والغيظ وفرط الانتقام والفتك.
وأمّا التفريط فمثاله الجبن وانعدام الغيرة والحميّة والميل إلى التشبّه بالأطفال والنساء.
وأمّا الرداءة، مثالها: الانتقام من الجمادات، والبهائم، والغيظ من الناس بلا موجب.
2- معرفة الأسباب التي أدّت إلى الانحراف:
توجد أسباب عدّة للانحرافات الأخلاقيّة، أبرزها:
أ- أسباب مزاجيّة حاصلة في النفس في بدء فطرتها.
ب- أسباب اكتسابيّة حاصلة للنفس، نتيجة مزاولة الأفعال الرديئة.
ج- أسباب جسميّة، من قبيل: الأمراض الجسديّة المؤثّرة في زرع المَلَكات الرديئة، مثل: الحمّى التي تؤثّر على القوّة العاقلة، وأمراض المعدة والأعصاب التي توجب سرعة الغضب، والأمراض التي تؤدّي إلى فتور الشهوة الجنسيّة دون الحدّ الطبيعيّ وانعدام الميل نحو الطعام.
والسرّ في ذلك، إنّ النفس لمّا كانت تربطها بالبدن علاقة وثيقة، فيتأثّر كلّ منهما بالآخر، وكلّ كيفيّة تحدث في أحدهما تسري إلى الآخر، فإنّ بعض الأمراض السوداويّة يوجب فساد الاعتقاد، واضطراب المخيّلة، والجبن، وسوء الظنّ، ومن بعضها يحصل التهوّر، وفي كثيرٍ منها سوء الخلق، كما أنّ الغضب يحدث اضطراباً في الجسد، وارتعاشاً وسوءاً في الهضم، وأمثال ذلك.
3- معرفة كيفيّة العلاج وأساليب الوقاية:
وأمّا المعالجات الأخلاقيّة، فهي على نحوين: تارة توضع قاعدة عامّة وطريقة كلّيّة لمعالجة الانحرافات الأخلاقيّة كافّة، وأخرى يبحث عن الأساليب الخاصّة في كلّ حالة من حالات الانحراف، ولكلّ رذيلة على حِدة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|