أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-1-2016
2250
التاريخ: 11-10-2014
1519
التاريخ: 2024-08-19
255
التاريخ: 13-11-2020
5662
|
من المعلوم أن القران كتاب هداية ، والمتشابه قد يوقع الإنسان في الالتباس والشبهات لعدم وضوح معناه وتعدد الاحتمالات فيه ، فما الحكمة في وجود المتشابه في القران؟
والجواب : أن القران الكريم تصدى لبيان أمور كثيرة غير محسوسة ولا يمكن تصويرها ولا التعبير عنها بالطريقة المتعارفة إلا إذا استعين بالمجازات والاستعارات والكنايات ، وتقريب تلك المعاني بتشبيهها بالمحسوسات ، وذلك لأمرين :
1- ضيق العبارات ، وعجز الألفاظ.
2- عجز الأذهان البشرية الساذجة عن إدراك تلك المعاني إما لدقتها أو لخفائها عن غير أهلها. ولا يعني ذلك أبداً خروج القران الكريم عن كونه كتاب هداية وبيان ونور ، ولا ينافي ذلك أبداً وجوب التدبّر في آياته والغوص في أعماقه واستخراج مكنوناته ، فإن الطريق إلى معرفة المعاني المقصودة في الآيات المتشابه مفتوح وذلك عن طريقين :
الأول : رد المتشابه إلى المحكم ، وتفسيره على ضوء ما هو مبين في الآيات المحكمات ، فهي التي تحدد المقصود وتبيّن المراد.
والثاني : بالرجوع إلى الراسخين في العلم : الرسول صلى الله عليه وآله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام ورثة علمه وباب مدينته وخزان وحيه.
وقد ورد في الحديث عن الباقر عليه السلام : " إنما يعرف القران من خوطب به " (1).
فالمتشابه ، ليس متشابهاً بقول مطلق ، لأن تشابهه مرتفع عند أهله ، وقد ورد في الأثر عن الإمام الصادق عليه السلام : " المحكم ما يعمل به والمتشابه ما اشتبه على جاهله " (2).
فقوله عليه السلام : "على جاهله" يدل على أنه غير متشابه عند العالم به وهم الراسخون في العلم.
وفي الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام : " من رد متشابه القران إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم " (3).
ومن هذه النصوص نستفيد أن الآيات المتشابهة هي الآيات التي لا تستقل في مدلولها بل لا بد من ردّها إلى الآيات المحكمة.
يقول العلامة الطباطبائي : " وعليه ليس في القران اية لا نتمكن من معرفة معناها ، بل الآية إما محكمة بلا واسطة كالمحكمات نفسها ، أو محكمة مع الواسطة كالمتشابهات..." (4).
واختصاص معرفة معاني القران بالراسخين في العلم لا يمنع معرفة بعض مراتب المعنى بما يتناسب مع مستوى إدراك القارىء المتدبّر في القران ، وإلا فمراتب المعنى عديدة وكثيرة تختلف عمقاً ولا يمكن إدراك مداها إلا لمن خص بالمنزلة العليا من الكمال البشري وهم الراسخون في العلم. وهذا لا علاقة له بالإحكام والتشابه وإنما هو يجري في كل اية من آيات الكتاب.
وقد ذهب السيد العلامة الطباطبائي إلى أن سبب وقوع التشابه في القران يعود إلى كون القران الكريم يخضع في إلقاء معارفه العالية لألفاظ وأساليب دارجة لم تكن موضوعة لسوى معانٍ محسوسة أو قريبة منها ، ومن ثم لم تكن تفي بتمام المقصود ، إلا بارتكاب الكنايات والمجازات فوقع التشابه فيها وخفي وجه المطلوب إلا على أولئك الذين نفذت بصيرتهم وكانوا على مستوى رفيع من العلم (5) . وهذا قريب مما قدّمناه.
وفي هذا المجال يقول الشيخ محمد عبده :
" إن الأنبياء بعثوا إلى جميع أصناف الناس من دانٍ وشريف وعالم وجاهل وذكي وبليد ، وكان من المعاني ما لا يمكن التعبير عنه بعبارة يفهمها كل أحد ، ففيها من المعاني العالية والحكم الدقيقة ما يفهمه الخاصة ولو بطريق الكناية والتعريض ويؤمر العامة بتفويض الأمر فيه إلى اللّه والوقوف عند حد المحكم فيكون لكلٍّ نصيبه على قدر استعداده" (6).
_______________________
1- المجلسي ، بحار الأنوار ، 64/943 42/732 ، الكليني ، الكافي ، 8/113.
2- المجلسي بحار الأنوار ، 93 69 تفسير العياشي ، 1/261.
3- المجلسي ، بحار الأنوار ، 2/581.
4- الطباطبائي ، القران في الإسلام ، 49.
5- الطباطبائي ، الميزان في تفسير القران ، 62 58 3 باختصار.
6- محمد رشيد رضا ، تفسير المنار ، 3/071.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|