أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
5061
التاريخ: 11-10-2014
3688
التاريخ: 11-10-2014
3263
التاريخ: 27-11-2014
1912
|
قال تعالى : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلّذِينَ آمَنُوا امرأتَ فِرْعَون إِذْ قالَتْ رَبّ ابنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الجَنّةِ وَنَجّني مِنْ فِرْعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجّني مِنَ الْقَومِ الظّالِمين* وَمَرْيم ابْنَتَ عِمْرانَ الّتي أحصَنَت فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقت بِكَلِماتِ رَبّها وَكُتُبهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتين }[ التحريم : 11ـ12] .
تفسيرُ الآيات
(الحصن) : جَمعهُ حصون وهي القلاع ، ويُطلق على المرأة العفيفة ؛ لأنّها تُحصِّن نفسها بالعفاف تارةً وبالتزويج أُخرى .
(القنوت) : لزوم الطاعة مع الخضوع ، قوله : { كُلّ لَهُ قانِتُون } أي : خاضعون .
لمّا مثّل القرآن بنماذج بارزة للفجور من النساء ، أردَفهُ بذكر نماذج أُخرى للتقوى والعفاف من النساء بلغنَ من التقوى والإيمان منزلة عظيمة ، حتى تركنَ الحياة الدنيوية ولذائذها وعزفنَ عن كلّ ذلك بُغية الحفاظ على إيمانهنّ ، وقد مثّل القرآن بآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، فقد بلغت من الإيمان والتقوى بمكان أنّها طلبت من الله سبحانه أن يبني لها بيتاً في الجنّة ، فقد آمنت بموسى لمّا رأت معاجزه الباهرة ودلائله الساطعة ، فأظهرت إيمانها غير خائفة من بطش فرعون ، وقد نُقل أنّه وَتَدها بأربعة أوتاد واستقبلَ بها الشمس .
هذه هي المرأة الكاملة التي ضحّت في سبيل عقيدتها واستقبلت الشهادة بصدرٍ رَحب ولم تُعِر للدنيا وزخارفها أيّة أهمية ، وكان هتافها حينما واجهت الموت قولها : { رَبّ ابنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الجَنّةِ وَنَجّني مِنْ فِرْعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجّني مِنَ الْقَومِ الظّالِمين } .
فقولها : (عِنْدَكَ) ، يهدف إلى القرب من رحمة الله ، وقولها : (فِي الجَنّةِ) يُبيّن مكان القرب .
فقد اختارت جوار ربّها والقرب منه ، وآثرت بيتاً يبنيه لها ربّها على قصر فرعون الذي كان يبهر العقول ، ولكن زينة الحياة الدنيا عندها نعمة زائلة لا تُقاس بالنعمة الدائمة .
ثمّ إنّه سبحانه يضرب مثلاً آخر للمؤمنات مريم ابنة عمران ، ويصفها بقوله : { وَمَرْيم ابْنَتَ عِمْرانَ الّتي أحصَنَت فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقت بِكَلِماتِ رَبّها وَكُتُبهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتين } .
ترى أنّه سبحانه يصفها بالصفات التالية :
1. { أحصَنَت فَرْجَها } فصارت عفيفة كريمة ، وهذا بإزاء ما افتعلهُ اليهود من البهتان عليها ، كما يعرب عنه قوله سبحانه : { وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً }[ النساء : 156] ، وفي سورة الأنبياء قوله : { وَالّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنَا فِيها مِنْ رُوحِنا }[ الأنبياء : 91] .
2. { فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا } : أي كونها عفيفة محصّنة صارت مستحقّة للثناء والجزاء ، فأجرى سبحانه روح المسيح فيها ، وإضافة الروح إليه إضافة تشريفية ، فهي امرأة لا زوجَ لها أنجبت ولداً صار نبياً من أنبياء الله العظام .
وقد أُشير إلى هذين الوصفين في سورة الأنبياء ، قال سبحانه : { وَالّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنَا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِين } .
وهناك اختلاف بين الآيتين ، فقد جاء الضمير في سورة الأنبياء مؤنثاً فقال : { فَنَفَخْنَا فِيها مِنْ رُوحِنا } وفي الوقت نفسه جاء في سورة التحريم مذكّراً { فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا } .
وقد ذُكر هنا وجه وهو :
إنّ الضمير في سورة الأنبياء يرجع إلى مريم ، وأمّا المقام فإنّما يرجع إلى عيسى ، أي : فنفخنا فيه حتى أنّ مَن قرأه (فيها) أرجعَ الضمير إلى نفس عيسى والنفس مؤنّثة .
أقول : هذا لا يلائم ظاهر الآية ؛ لأَنّه سبحانه بصدد بيان الجزاء لمريم لأَجل صيانة فرجها ، فيجب أن يعود الجزاء إليها ، فالنفخ في عيسى يكون تكريماً لعيسى ولا يُعدّ جزاءً لمريم .
3. { وَصَدَّقت بِكَلِماتِ رَبّها وَكُتُبهِ } : ولعلّ المراد من الكلمات : الشرائع المتقدّمة ، والكتب : الكتب النازلة ، كما يُحتمل أن يكون المراد الوحي الذي لم يكن على شكل كتاب .
4. { وَكانَتْ مِنَ الْقانِتين } : أي كانت مطيعة لله سبحانه ، ومن القوم المطيعين لله الخاضعين له الدائمين عليه ، وقد جيء بصيغة المذكّر تغليباً ، يقول
سبحانه : { يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعين }[ آل عمران : 43] .
ونختم البحث بذكر ثلاث روايات :
1. روى الطبري عن أبي موسى ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : (كمُلَ من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلاّ أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد) (1) .
2. أخرجَ الحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون مع ما قصّ الله علينا من خبرهما في القرآن (قَالتْ رَبّ ابنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الجَنّةِ)) (2) .
3. أخرجَ الطبراني عن سعد بن جنادة ، قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (إنّ الله زوّجني في الجنّة : مريم بنت عمران ، وامرأة فرعون ، وأُخت موسى) (3).
_________________
1 ـ مجمع البيان : 5/320 .
2 و 3 ـ الدرّ المنثور : 8/229 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|