أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-4-2016
3001
التاريخ: 16/11/2022
1246
التاريخ: 21-6-2016
17619
التاريخ: 20-4-2016
2597
|
إن الإنسان يميل بفطرته التي فطره الله عزّ وجلّ عليها إلى الحياة الاجتماعية، والأنس ببني جنسه من البشر، والألفة والعيش سوية مع الآخرين، ولا يكتفي بهذا؛ بل ينفتح على الناس في جميع جوانب حياتهم المتعدّدة، والمختلفة ولهذا لا يكاد يُرى إنسان لا يميل بفطرته وطبيعته إلى الاجتماع. ثم إن الحياة في الأسرة هي المصداق العملي الذي يتجلّى فيه تمايل الفطرة الإنسانية نحو الآخر المماثل، واللقاء به والإقامة بقربه؛ استجابة لهذا الدافع المجبول عليه كلّ إنسان، وما سَعي الإنسان لطول وجوده في الحياة على تعزيز علاقته بالغير وصون هذه العلاقة والمحافظة عليها إلا حكاية عن تلك الفطرة، فهو يقيم الدعوات، ويردّ جميل الزيارات، ويديم السؤال عن أحوال أصدقائه ومقربيه محاولةً منه لمواصلة حياة الفطرة الإنسانية التي تجذبه إلى أبناء نوعه.
تشكل الأسرة بأفرادها وحدةً اجتماعية، ونموذجاً مصغراً لمجتمع تلتقي معه في كثير من الصفات وتختلف عنه بقلّة العدد، فهي المكان الذي يتم فيه تبادل الشعور الإنساني والحس الوجداني. ويعد إكرام الضيف وحسن الضيافة من أبرز مصاديق ذلك التبادل في المشاعر والأحاسيس، وخير شاهد على تلبية حاجات الطبيعة الإنسانية وفطرتها، فتنشرح أسارير الإنسان، وتتفتح أزهار شوقه، ويظفر بضالته عند أول لحظة يرى فيها قرينه الذي يحل عليه ضيفاً، حيث يروح يبسط له بساط الروح، ويحدّثه بحديث القلب المشتاق؛ حتّى تغدو هذه اللحظات نسيماً يفوح بعطر المحبة و واحة ترتع فيها الفطرة الإنسانية بلا موانع تحول دون تحركها.
كان الإسلام أكثر حرصاً من بين الأديان السماوية على ظاهرة إكرام الضيف والضيافة، معتبراً إياها من العادات الحميدة والطباع الكريمة، ولم يكتف بهذا بل أثنى أحسن الثناء على المتحلّين بها، وأرسى لها السنن والآداب والحدود، حتى ازدانت بالكثير من الأحاديث النبوية والإمامية التي راحت تؤكد دورها في توثيق أواصر العلاقات الإنسانية بين أعضاء الأسرة الواحدة والآخرين، وهذا المعنى هو ما نلاحظه كواقع عملي وطبع حياتي في الحياة اليومية للمجتمعات الإسلامية؛ من خلال ضيافتها وإكرامها للضيوف، فتراها عندما يحلّ الضيف على أهل يستقبلونه بأحسن الاستقبال، ويكرمونه بأوسع المسكن وأطيب المطعم وأهنأ المشرب، ويُحسنون الإقامة معه، حتى يودّعونه بأحر الكلمات وأجمل التحيات؛ ولا زالت هذه السنن قائمة بين المسلمين على اختلاف قوميّاتهم ولغاتهم ومناطقهم.
ولكي تتداول هذه السنة الإنسانية الحسنة الأجيال الماضية إلى الأجيال اللاحقة وتحافظ على وجودها وديمومتها دون أن تتأثر بما يثقلها من عادات غير مقبولة، فإنّ الإسلام انبرى لتهذيب وتصحيح ما أدخله البعض مما يثقل كاهل المضيِّف ويحرج المضيِّف، ولو أننا تصفّحنا وطالعنا الحياة العملية للمسلمين، منذ صدر الإسلام الأول وإلى يومنا هذا، لما عثرنا على مثال يُقتدى ونموذج يُتأسّى به في الكرم والضيافة كأهــل البيت (عليهم السلام)، حيث تجلّت فيهم مكارم الأخلاق وآداب الضيافة، وجميل العادات ومحامد الخصال، حتى عادوا لها أهلاً؛ فامتدحتهم النصوص الإلهيّة لذلك، حيث أضافوا العباد قربةً لوجهه الكريم، فعشقتهم القلوب حبّاً وولاءً واقتداء.
الآيات:
{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ(1)} [هود: 69].
{إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53].
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: 24 - 27].
الأحاديث:
رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان أوّل من ضيَّف إبراهيم (عليه السلام)(2).
وعنه (صلى الله عليه وآله) ـ لأبي ذرّ يَعِظُه: يا أباذر، أطعِمْ طعامك مَن تُحبّه في الله، وكُلْ طعام مَن يُحِبّك في الله عزّ وجلّ(3).
وعنه (صلى الله عليه وآله) ـ أيضاً -: يا أبا ذر لا تُصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامَك إلا تقي(4).
وعنه (صلى الله عليه وآله) الضيف ينزل برزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت(5).
ابن مسعود صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلةً صلاة العِشاء، فقام رجل من بين الصف فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير ... (إلى أن قال:) ثم قال (صلى الله عليه وآله): من الذي يكفي مؤونة هذا الرجل، فيبؤئه الله في الفردوس الأعلى؟ فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذ بيد السائل وأتى به إلى حجرة فاطمة (عليها السلام) فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضيف، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا ابن العم لم يكن في البيت إلا قليل من البُرّ صنعتُ منه طعاماً والأطفال محتاجون إليه وأنت صائم، والطعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضِريه. فذهَبَت وأتت بالطعام و وضعته، فنظر إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف. فمدّ يده إلى السراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيدة النساء (عليها السلام): تعللي(6) في إيقاده حتى يحسن الضيف أكله ثم ائتيني بـه. وكـان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحرّك فمه المبارك، يرى الضيف أنه يأكل، ولا يأكل، إلى أن فرغ الضيف من أكله وشبع، وأنت خير النساء (عليها السلام) بالسراج ووضعته، وكان الطعام بحاله، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لضيفه: لِمَ ما أكلت الطعام؟ فقال: يا أبا الحسن، أكلت الطعام وشبعت، ولكن الله تعالى بارك فيه، ثم أكل من الطعام أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيدة النساء والحسنان (عليهم السلام)، وأعطَوا منه جيرانهم، وذلك مما بارك الله تعالى فيه، فلما أصبح أمير المؤمنين (عليه السلام) أتى إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي، كيف كنت مع الضيف؟ فقال: بحمد الله يا رسول الله بخير، فقال: إن الله تعالى تعجب مما فعلت البارحة من إطفاء السراج والامتناع من الأكل للضيف فقال: مَن أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9](7).
وعنه (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيُكرم ضيفه(8).
وعنه (صلى الله عليه وآله): ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجلُ الرجلَ فلا يسأله عن اسمه وكنيته، وأن يُدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب أو يجيب فلا يأكل...(9) (الحديث).
وعنه (صلى الله عليه وآله): كفى بالمرء إثماً أن يستقل ما يقرّب إلى إخوانه، وكفى بالقوم إثماً أن يستقلّوا ما يُقرِّبُه إليهم أخوهم(10).
وعنه (صلى الله عليه وآله): كلُّ بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة(11).
وعنه (صلى الله عليه وآله): بئس القوم قومٌ لا يُنزِلون الضيف(12).
وعنه (صلى الله عليه وآله) من أكل طعامه مع ضيفه فليس له حجاب دون الربّ(13).
وعنه (صلى الله عليه وآله): إذا دخل أحدُكم على أخيه المسلم في بيته فهو أميرٌ عليه حتى يخرج(14).
وعنه (صلى الله عليه وآله): إنّ مِن حق الداخل على أهل البيت أن يمشوا معه هُنيئةً إذا دخل وإذا خرج(15).
وعنه (صلى الله عليه وآله): مِن فقه الضيف أن لا يصومَ تطوّعاً إلا بإذن صاحبه(16).
وعنه (صلى الله عليه وآله): الضيف يُلطَف ليلتين، فإذا كانت ليلة الثالثة فهو من أهل البيت، يأكل ما أدرك(17).
وعنه (صلى الله عليه وآله): الضيافة أول يوم والثاني والثالث وما بعد ذلك فإنها صدقة تصدّق بها عليه(18).
الإمام علي (عليه السلام) ـ لما رُئي حزيناً قيل له: مِمّ حزنك؟ فقال: لسبع أتَت لم يَضِف إلينا ضيف(19).
وعنه (عليه السلام) ـ لعلاء بن زياد الحارثي -: ما كنتَ تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخره كنت أحوج؟ وبلى، إن شئتَ بلغت بها الآخرة تُقري فيها الضيف، وتَصِل فيها الرَّحِم(20).
الإمام الباقر (عليه السلام): إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله فليقعد حيث يأمــره صاحب الرَّحْل؛ فإنّ صاحب الرحل أعرفُ بعورة بيته من الداخل عليه(21).
وعنه (عليه السلام): إن من التضعيف ترك المكافأة، ومن الجفاء استخدام الضيف، فإذا نزل بكم الضيف فأعينوه، وإذا ارتحل فلا تعينوه فإنّه من النَّذالة(22)، و زوّدوه وطيبوا زاده فإنه من السخاء(23).
الإمام الصادق (عليه السلام): إذا دخل عليك أخوك فاعرض عليه الطعام، فإن لم يأكل فاعرض عليه الماء، فإن لم يشرب فاعرض عليه الوضوء(24).
حسين بن نعيم الصحاف: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): أتحبّ إخوانك يا حسين؟ قلت: نعم... (إلى أن قال:) أتدعوهم إلى منزلك؟ قلت: ما آكلُ إلا ومعي منهم الرجلانِ أو الثلاثة، أو أقلُّ أو أكثر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) فضلُهم عليك أعظمُ مِن فضلك عليهم، فقلت: أدعوهم إلى منزلي، وأطعمهم طعامي وأسقيهم وأوطئهم رحلي، ويكونون عليّ أفضل منا؟! قال: نعم، إنهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك، وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك(25).
وعنه (عليه السلام): إذا دُعي أحدكم إلى طعام فلا يَسْتَتبِعنّ ولدَه؛ فإنّه إن فعل أكل حراماً ودخل غاصباً(26).
وعنه (عليه السلام): في قول الله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] مَن أضاف قوماً فأساء ضيافتهم فهو ممن ظَلَم، فلا جُناح عليهم فيما قالوا فيه(27).
الإمام الرضا (عليه السلام) - دعا رجل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: قد أجبتُك على أن تضمن لي ثلاث خصال، قال: و ماهي يا أمير المؤمنين؟ قال: لا تُدخِل علَيّ شيئاً مـن خــارج ولا تدّخر(28) عنّي شيئاً في البيت، ولا تُجحِف بالعيال، قال: ذاك لك يا أمير المؤمنين فأجابه علي بن أبي طالب (عليه السلام)(29).
___________________________
(1) الحنيذ: المشوي، وقيل: السمين (المجمع).
(2) كنز العمال 9: 249/ 25880.
(3) البحار 77: 85.
(4) البحار 77: 84.
(5) البحار 75: 461.
(6) تعلّلي، أي: تَلَهّي (اللسان).
(7) تفسير أبي الفتوح الرازي 5: 289، عنه في المستدرك 7: 216/ 12.
(8) صحيح مسلم 1: 49، عنه في المحجة البيضاء 5: 121.
(9) قرب الإسناد: 160/ 583، عنه في البحار 103: 285/ 9.
(10) المحاسن: 414/ 165.
(11) جامع الأخبار: 378/ 8.
(12) كنز العمال 9: 244/ 25845.
(13) تنبيه الخواطر 2: 116.
(14) الكافي 2: 659/ 1، عنه في الوسائل 8: 471/ 1.
(15) الكافي 2: 659/ 1، عنه في الوسائل 8: 471/ 1.
(16) علل الشرائع: 385/ 4، عنه في البحار 96: 265/ 11.
(17) الكافي 6: 283/ 1.
(18) الكافي 6: 283/ 2.
(19) البحار 41: 28.
(20) نهج البلاغة: 324: الخطبة 209.
(21) قرب الإسناد: 69/ 222، عنه في الوسائل 8: 476/ 1.
(22) النَّذالة: السَّفالة (اللسان).
(23) الكافي 6: 283/ 3، عنه في مسند الإمام الباقر (عليه السلام) 5: 119/ 1.
(24) الكافي 6: 275/ 2، عنه في الوسائل 16: 429/ 2.
(25) المحاسن: 390/ 28، عنه في البحار 74: 462/ 20.
(26) الكافي 6: 270/ 1، عنه في الوسائل 16: 402/ 2.
(27) تفسير العياشي 1: 283/ 296، عنه في الوسائل 8: 605/ 6.
(28) لا تدّخر، أي: لا تخبئ (أقرب الموارد).
(29) عيون أخبار الرضاء (عليه السلام) 2: 42/ 138.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|