أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
1179
التاريخ: 22-4-2019
1496
التاريخ: 22-9-2016
1436
التاريخ: 22-9-2016
1748
|
فصلٌ في الصدقة والصوم:
قد تقدّم في باب السخاء بعض الأسرار والآداب الباطنة المتعلّقة بالصدقات، وفي باب الفقر والغنى ما يتعلّق بالسائل والفقير من الآداب.
وأمّا الصوم فأجره عظيم وثوابه جسيم، والآيات والأخبار الدالة عليه أكثر من أن تحصى، ومن آدابه غضّ البصر عمّا لا يحلّ إليه النظر أو يكره أو يلهيه عن ذكر الله واللسان عن آفاته المتقدّمة، والسمع عن كلّ ما يحرم أو يكره استماعه، والبطن عن المحرّمات والشبهات وسائر الجوارح عن كافّة المكاره.
وقد ورد في اشتراط جميع ذلك أخبار كثيرة، وأن لا يستكثر من الحلال عند الإفطار بحيث يمتلئ، إذ ما من مباح أبغض إلى الله من بطن مملوّ كما تقدّم، كيف والسرّ في شرع الصوم قهر الشهوة وكسرها لتقوى النفس به على الورع والتقوى والارتقاء من حضيض النفس البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة المقدّسين وما جرت به عادة الناس من الازدياد في ألوان المطعومات يؤدّي إلى تضاعف لذّتها وقوّتها وانبعاث ما كانت راكدة من الشهوات لو تركت على عادتها، فلا يحصل تضعيف القوى الشهويّة، فلا بدّ من التقليل حتّى ينتفع بصومه، ولو جعل سرّه إدراك الأغنياء ألم الجوع والانتقال منه إلى شدّة حال الفقراء فيبعث على مواساتهم بالأموال والأقوات لم يتمّ أيضاً الا بالتقليل في الأكل، وينبغي للصائم أن يكون قلبه معلّقاً بين الخوف والرجاء، إذ لا يدري أيقبل صومه أم لا، وكذا في كلّ عبادة يفرغ منها.
روي أنّ الحسن عليه السلام مرّ بقوم يوم العيد وهم يضحكون، فقال: «إنّ الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا وتخلّف أقوام فخابوا، فالعجب كلّ العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء عن إساءته» (1) أي يشغله سرور القبول وحسرة الردّ عن الضحك واللعب.
ثم للصوم درجات ثلاث، أدناها صوم العموم، أي كفّ البطن والفرج عن قضاء الشهوة، وغايته سقوط العذاب والقضاء، ثم صوم الخصوص، أي كفّ جميع الجوارح عن المعاصي، وعليه يترتّب ما وعد في الأخبار، ثم خصوص الخصوص، وهو الكفّ المزبور مع كفّ القلب عن الهمم الدنيّة والأخلاق الرذيلة، والأفكار الدنيويّة، بل عمّا سواه تعالى بالكلّية، ففطره بالالتفات إلى ما سواه تعالى. {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91].
وهو درجة الأنبياء والصدّيقين، ويتفرّع عليه الوصول إلى الشهود والفوز بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وإليه أشار الصادق عليه السلام حيث قال: «قال رسول الله صلىاللهعليه وآله الصوم جُنّة أي سترة من آفات الدنيا وحجاب من عذاب الآخرة، فإذا صمت فانوِ بصومك كفّ نفسك عن الشهوات وقطع الهمّة عن خطرات الشيطان، فأنزل نفسك منزلة المرضى لا تشتهي طعاماً ولا شراباً متوقّعاً في كلّ لحظة شفاءك من داء الذنوب وطهّر باطنك من كلّ كدر وغفلة وظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه الله ...الحديث» (2).
ففوائد الصوم كثيرة منها: إماتة موادّ الشهوات، وصفاء القلب وطهارة الجوارح، والشكر على النعم، والإحسان إلى الفقراء، وزيادة الخضوع والخشوع والبكاء، فهو سبب لانكسار الهمّة وتخفيف الحساب وتضاعف الحسنات.
تذنيب:
مَن صام شهر رمضان تقرّباً إلى الله مع تطهير باطنه عن ذمائم الأخلاق وظاهره عن المعاصي ولم يأكل الا القليل من الحلال بحيث أحسّ بألم الجوع وواظب على الأدعية والنوافل وسائر آدابه استحقّ المغفرة والخلاص من النار بمقتضى الأخبار والاعتبار، فإن كان من العامّة حصل له من صفاء النفس ما يوجب استجابة دعائه، وإن كان من الخواصّ فعسى الشيطان لا يحوم حول قلبه، وينكشف له في ليلة القدر شيء من الملكوت، إذ فيها تنكشف الأسرار وتفاض على القلوب الطاهرة الأنوار، والعمدة تقليل الأكل بحيث يحسّ بألم الجوع، إذ يستحيل أن ينكشف على الشيطان شيء من أسرار الإيمان، والله المستعان.
__________________
(1) المحجّة البيضاء: 2 / 135.
(2) مصباح الشريعة: الباب 20، في الصوم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|