أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2016
1467
التاريخ: 27-5-2020
2092
التاريخ: 18-8-2016
2807
التاريخ: 18-8-2016
1842
|
فالطريق إلى تحصيل الشكر أمور:
أحدها: معرفة صنائعه والتفكّر في ضروب نعمه الظاهرة والباطنة.
والثاني: النظر إلى الأدنى في الدنيا والأعلى في الدين.
والثالث: حضور المقابر والتذكّر لعذاب الآخرة وثوابها، فيفرض نفسه منهم ويتذكّر ما يأملونه بعد الممات من العود والتدارك لما فاتهم مع عدم تمكّنهم منه ثم يفرض أنّه قد أجيبت دعوته وردّ إلى الدنيا بعد مماته فليتدارك حينئذ.
والرابع: التذكّر للآلام والأمراض والمصائب النازلة عليه في سابق أيّامه وصرف الله تعالى إيّاها عنه، وأنّه لو هلك لم يقدر على التدارك فليغتنم الفرصة حينئذ وليشكر الله سبحانه ولا يحزن على ما يرد عليه من المصائب.
والخامس: أن ينظر إلى سلامة دينه فيفرح بها ولا يحزن من مصائبه الدنيويّة، ويشكر الله على أنّه لم يجعل مصيبته في دينه.
قال رجل لبعض العرفاء: دخل اللصّ في بيتي وأخذ متاعي، فقال: اشكر الله لو كان الشيطان يدخل بدله في قلبك ويفسد توحيدك فماذا كنت تصنع؟ (1).
ويتفكّر في أنّ مصيبته النازلة به كفّارة لمعاصيه، فلو لم تحلّ به المصيبة في الدنيا لكان معذّباً بالآخرة فيشكر الله على استبدال العذاب الباقي بالعذاب القليل الفاني.
وقد ورد في الأخبار الكثيرة ما يدلّ على أنّ الله إذا عذّب عبده في الدنيا لذنب ابتلي به فهو أكرم من أن يعذّبه ثانياً، وأنّ لهذه المصيبة ثواباً في الآخرة فيشكر الله على إيصاله الثواب إليه، وانّ هذه المصيبة تنقص ميله وحرصه في الدنيا وتشوّقه إلى الآخرة، فإنّ استمرار النعم الدنيويّة من دون حصول ما ينغّص العيش يورث بطراً وغفلة وسكوناً إليها حتى تصير جنّة في حقّه فيعظم بلاؤه عند موته من مفارقتها بخلاف المصاب بالآلام والمصائب الدنيويّة حيث ينزعج قلبه من الدنيا، فلا يركن إليها، بل تصير سجناً عليه، ويميل إلى الخروج عنها والنجاة من مصائبها.
فإن قيل: كيف يتصوّر الشكر على البلاء مع أنّه يستدعي فرحاً ونعمة، ولو فرض تحقّقه فكيف يجتمع مع الصبر الممدوح المأمور به في الكتاب والسنّة؟
قلت: الجهة مختلفة، فجهة الصبر عند ملاحظة كونه ألماً ومصيبة والطبع متنفّراً عنه والشكر من حيث كونه موجباً لنعمة عظيمة كالثواب وغيره ممّا ذكرناه، وهذا إنّما يتصوّر في البلاء الذي يكون له جهتان كالفقر والخوف والمرض.
وأمّا البلاء المطلق وهو ما لا يكون له جهة سعادة ونعمة لا في الدنيا ولا في الآخرة كالكفر والجهل والمعاصي فلا معنى للصبر عليها حينئذ، بل يكون الشكر في عدمها من جميع الوجوه مطلقاً وهو واضح.
ثمّ إنّك عرفت في باب الصبر أنّه قد يكون على الطاعة، وقد يكون عن المعصية وفيهما يتحقّق الشكر والصبر، إذ الشكر كما عرفت عرفان النعمة من الله والفرح به وصرفها إلى الحكمة المقصودة، والصبر على ما عرفت ثبات باعث الدين في مقابل باعث الهوى، وباعث الدين خلق لحكمة دفع باعث الهوى، فمن أدّى الطاعة وترك المعصية تحقّقت الحكمة المزبورة وصرفت النعمة فيها.
وحينئذ يظهر اتّحاد فعلهما إذ فعل الصبر هو الثبات والمقاومة وهو عين الطاعة وترك المعصية وصرف النعمة في مقصود الحكمة هو أيضاً عين الطاعة وترك المعصية.
نعم، يختلف متعلّقهما؛ فإنّ متعلّق الصبر هذه الطاعة وترك هذه المعصية مثلاً، ومتعلّق الشكر هو العقل الباعث لهما، فتأمّل.
__________________
(1) المحجّة البيضاء: 7 / 227.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|