أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-9-2019
1997
التاريخ: 12-7-2019
2069
التاريخ: 22-6-2019
1602
التاريخ: 30-7-2019
2419
|
وأمّا الصحبة والأخوّة فإنّ أحسنهما ما كان لله وفي الله وهو موقوف على معرفة حقيقة الحبّ والبغض وأقسامهما وسنذكرهما إن شاء الله تعالى.
ثم إنّ لمن يختار صحبته شروطاً فلا يصلح للصحبة كلّ أحد.
ففي النبويّ عنه صلى الله عليه وآله: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» (1).
وهي تظهر بحسب الغاية المطلوبة منها وهي دينية ودنيوية، والثانية ليست من غرضنا، والأولى مختلفة.
فمنها: استفادة العلم والعمل.
ومنها: استفادة الجاه دفعاً للأذيّة المشوّشة للقلب والصادّة عمّا هو مقصود لذاته، أو المال احترازاً عن تضييع الأوقات في طلب الأقوات.
ومنها: الاستعانة في المهمّات والاستعداد للمصائب وسائر الحالات.
ومنها: التبرّك بالدعاء أو انتظار الشفاعة في العقبى.
فكلّ من هذه الفوائد تقتضي شروطاً لا تحصل الا بها، وهي اجمالاً استجماعه لخمس خصال:
أن يكون عاقلاً فلا خير في صحبة الأحمق؛ لأنّه يضرّك حال قصده لمنفعتك من حيث لا يعلم، ولذا قيل:
إنّي لآمن من عدوّ عاقل *** وأخاف خلاً يعتريه جنون
فالعقل فنّ واحد وطريقه *** أدرى وأرصد والجنون فنون
والمراد من العاقل من يفهم الأمور على ما هي عليها بنفسه، أو بتفهيم الغير.
وأن يكون حسن الخلق، إذ ربّ عاقل عاجز عن قهر شهوته وغضبه فيخالف ما يدركه عقله من غير شعور.
وألّا يكون فاسقاً، فإنّ من لا يخاف الله لا يوثق به، بل يتغيّر بتغيّر الأغراض.
قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29].
وقال: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] مع أنّ مصاحبته تهوّن العصيان على القلب، فلا تتنفّر عنه، وقد سبق في صدر الكتاب ما يؤكّد ذلك.
ولا مبتدعاً، إذ فيه خطر السراية وشمول العذاب واللعنة.
قال الصادق عليهالسلام: «لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الله كواحد منهم» (2).
ولا حريصاً على الدنيا، فإنّ صحبته سمّ قاتل والطبع سارق من حيث لا يدري.
ونقل بعضهم أنّه أوصى ابنه عند وفاته فقال: إن عرضت لك حاجة إلى صحبة الرجال فاصحب من إذا خدمته صانك، وإذا صحبته زانك، وإن نفدت مؤونتك مانك.
اصحب من إذا مددت يدك لخير مدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإذا رأى سيّئة سدّها.
اصحب من إذا سألته أعطاك، وإذا سكتَّ ابتداك، وإذا نزلت بل نازلة واساك.
اصحب من إذا قلت صدّق قولك، وإذا صلت شدّ صولك، من لا تأتيك منه البوائق، ولا تلتبس عليك منه الحقائق، ولا يخذلك عند الطرائق وإن حاولتما أمراً أمّرك، وإن تنازعتما آثرك.
ولمّا ذكرت للمأمون قال: من أين هذا؟ فقيل: أراد ألا يصحب أحداً (3).
وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليهالسلام قال: «احذر أن تواخي من أرادك لطمع أو خوف أو فشل أو أكل أو شرب، واطلب مواخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض وإن أفنيت عمرك في طلبهم، فإنّ الله لم يخلق بعد النبيين على وجه الأرض أفضل منهم، وما أنعم الله على العبد بمثل ما أنعم الله به من التوفيق لصحبتهم. قال الله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]» (4).
ولنعم ما قيل: «لو طلب أحد في زماننا صديقاً كذلك بقي بلا صديق، ألا ترى أنّ أكرم كرامة أكرم الله بها أنبياءه وأمناءه صحبة أنبيائه، وهو يدلّ على أنّه ما من نعمة في الدارين أجلّ وأزكى من الصحبة والمؤاخاة لوجه الله تعالى» (5).
فإن وجدت من تستفيد به أحد هذه المقاصد فاعرف قدره، ولا ترفع اليد عنه، فإنّه من أعظم ما أنعم الله به عليك والا فالوحدة أولى لك وأسلم.
قال أبو ذر: «الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة» (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المحجة البيضاء: 3 / 309.
(2) الكافي: 2 / 375، كتاب الإيمان والكفر، باب مجالسة أهل المعاصي، ح 3 وفيه: «عند الناس» مكان «عند الله».
(3) المحجة البيضاء: 3 / 314.
(4) مصباح الشريعة: الباب 55، في المؤاخاة.
(5) هذا بقيّة ما في مصباح الشريعة، ففيه بعد ذكر الآية: «وأظنّ من طلب في زماننا هذا صديقاً ...» مع تغيير في بعض عباراته.
(6) المحجة البيضاء: 3 / 318.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|