حـركـة العـلاقـات الإنـسانـيـة الجـديـدة وأمـثلة تـاريخيـة علـى عـالميـة التـنظيمـات الإداري |
704
12:11 صباحاً
التاريخ: 2024-02-28
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-9-2021
1701
التاريخ: 10-9-2021
7344
التاريخ: 23-7-2022
1905
التاريخ: 16-8-2022
1119
|
5 ـ حركة العلاقات الإنسانية الجديدة
مزجت هذه الحركة بين النظرة الإيجابية بالطبيعة الإنسانية والدراسة العلمية للمنظمات الحديثة.
اعتمدت هذه الحركة على كل من بحوث علم الاجتماع تفاعل الأفراد والجماعات داخل المنظمة. كما أكدت أهمية القيم Values، المرونة Flexibility.
اهتمت الحركة بالجودة/ الخدمة/ سرعة الاستجابة للعميل / أهمية الأفراد لنجاح الشركة.
أمثلة تاريخية على عالمية التنظيمات الإداري :
أولاً: التنظيمات الكنسية:
من التجارب الإنسانية البارزة المتميزة بقدر كبير من الوضوح سواء في المنهج النظري الذي بنيت عليه، أو في أسلوب الممارسة التنظيمات الكنسية.
تمكن تنظيم الكنيسة الكاثوليكية من الصمود والعمل الفعّال على امتداد قرون كثيرة لأنه بني على أسس تنظيمية واضحة و فعالة.
ومن أهم هذه الأسس تدرج المستويات الإدارية، والتوزيع المتناسق للسلطات وسيادة مبدأ التخصص في ممارسة الأنشطة المختلفة التي تتولاها الكنيسة، واستخدام السلطات الاستشارية، ثم قيام نظام اتصال فعال منظم يربط عناصر الكنيسة معاً، كما يربطها برعاياها.
يمكن عموماً تمييز ثلاثة أنماط تنظيمية في هيكلية الكنيسة ويمكننا أن نرى اليوم هذه الأنماط التنظيمية المنطقية ذاتها مستمرة في المؤسسات المختلفة العامة أو الخاصة و في مختلف المجالات.
نرى في نمط التنظيم الأول هيكلية التنظيم العضوية organic structure حيث ينظر إلى السلطة على أنَّها مستقرة في الجسم المسيحي كله - رعيَّة و رجال دين - و يستمد القادة القوة أو النفوذ من عمل الروح في الجسم : كله. و نرى في الثاني هيكلية التنظيم البطركية " أو الهرمية hierarchical حيث تتركز السلطة في طبقات رجال الدين الذين يقومون من خلال واجباتهم الكهنوتية بضم وتنظيم رعاياهم لتنشأ الكنيسة.
و في النمط الثالث نرى الهيكلية القطاعية sectarian structure حيث تستقر السلطة في مجموعات الأفراد المسيحيين المتكتلين في أبرشيات. و هذا النمط شبيه بما يدعى في دنيا الأعمال بتنظيم الوحدات الإستراتيجية.
لا يتقيد أي من الكنائس تقيداً مطلقاً بالنماذج المذكورة آنفاً لكن يمكن القول نظرياً بأن الكنائس الأرثوذكسية هي الأقرب للنمط الأول العضوي .
والرومانية الكاثوليكية هي الأقرب للنمط الثاني الهرمي و البروتستانتية هي الأقرب للنمط الثالث القطاعي.
ثانياً: سن تزو Sun Tzu
من الروائع القديمة المحافظة على مكانتها لدى المدراء و القراء المعاصرين كتاب فن الحرب The Art Of War" للفيلسوف الصيني سن تزو.
وضع هذا الكتاب قبل أكثر من ألفي سنة ولم يزده مرور السنين إلا تألقاً فكأن من مراجع مأو تسيتونغ Mao Zedong خلال عمله في تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949. من مبادئ سن تزو:
1- عندما يتقدم العدو فإننا ننسحب.
2 - عندما يستكين العدو ليلتقط أنفاسه فإننا ننهكه و نقلق راحته.
3 - عندما يتجنَّب العدو المعركة فإننا نندفع للهجوم.
4 - عندما يتقهقر العدو فإننا نتعقبه.
وضعت تلك القواعد لتوجيه الاستراتيجيات العسكرية قديماً، لكن ذلك لا ينفي حضورها المعاصر.
و إذا أبقيتها في ذهنك فسترى ظلالها في أحاديث التخطيط الاستراتيجي، و أساليب المنافسة.
ثالثاً: نيكولو ماكيافيلي( 1527-1469) Niccolò Machiavelli) :
غالباً ما ترتبط صفة المكيافيللي لدى الكثيرين بالانتهازية و المناورات الالتفافية و لا يحضر إلى الأذهان جانب آخر مهم لدى مكيافيللي وهو إيمانه العميق بمزايا الجمهورية.
في كتابه Discourses" " الذي كتبه عام 1531 في الأيام الأولى للجمهورية الإيطالية في فلورنسه نلاحظ مجموعة من المبادئ التي يمكن تكييفها لتلائم إدارة التنظيمات في أيامنا هذه، نذكر من هذه المبادئ :
(1) يترسخ استقرار المنظمة إذا أتيح لأعضائها التعبير عن اختلافاتهم وتمكنوا من حل النزاعات ضمنها.
(2) قد تنطلق المنظمة نتيجة عمل فردي لكن استمرارها مستحیل دون اهتمام و رغبة معظم أعضائها.
(3) يمكن أن يتبع مدير ضعيف مديراً قوياً، لكن لا يمكن اتباع ضعيف لضعيف آخر بدون أن يفلت زمام الأمور.
(4) يجب على المدير عند تغيير منظمة راسخة الجذور الإبقاء على أثر من التقليد القديم و لو كأن ظلاً.
بالرغم من أن مكيافيللي و سن تزو لم يقصدا بجهودهما تطوير النظرية الإدارية تحديداً، فأن رؤاهما العميقة تعلمنا درساً تاريخياً مهماً ، و هو أن مبادئ الإدارة ليست بالاختراع المحصور في رقعة جغرافية، أو تاريخية، أو حضارية معينة. وينبغي أن نحذر من ارتداء النظارات التاريخية والفكرية التي تقيد أبصارنا وأفكارنا بإطلالة غير موضوعية لدى البحث في الإدارة أو ممارستها.
رابعاً: المسلمون والعرب، كانت لهم إدارتهم
نشط العلماء المسلمون في ترسيم ثروة هائلة من قواعد التعامل و تنظيم العلاقات بين الأفراد، و بين الجماعات، و بين الفرد و الجماعة. و رافق ذلك الإنتاج العلمي الغزير الموجه بمبدأ شرعي ثابت لا يعتريه النقص، تجربة عملية هائلة امتدت قروناً عديدة، وتفاعلت مع أممٍ كثيرة من المحيط إلى المحيط.
و نذكر من مؤلفات العلماء المسلمين في تنظيم العلاقات كتاب "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" للماوردي المتوفى سنة 450 هـ و "الأحكام السلطانية" للقاضي أبي يعلى الفراء الحنبلي، و "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والراعية لابن تيمية و التراتيب الإدارية " للكتابي.
قد لا تعتبر منجزات الأقدمين في علوم السياسة والاجتماع والاقتصاد جزءاً من علم الإدارة كما هو معروف الآن بوجهه الغربي، ولكنها تشكل الأساس للعديد من مبادئه وافتراضاته.
و ينبغي على المسلمين أن يحيوا منها ما كأن قابلاً للحياة في هذا العصر، لأنَّها بالرغم من الفاصل الزمني تمتلك عنصراً جوهرياً يصلنا بها اليوم، ويجعلها الأساس الأفضل لإدارة عربية إسلامية حديثة.
هذا العنصر هو ارتكازها في كثير من النواحي على منبع شرعي يصلح لكل زمان و مكان و تجربة تطبيقها المديدة في بيئة و ثقافة عربية إسلامية واقعية تشكل حياتنا وثقافتنا المعاصرة امتداداً لها.
وهكذا فأن السعي لإحيائها اليوم ليس إبحاراً إلى جزيرة غريبة، بل هو عودة إلى بر الأمان، و زراعة للأرض ببذورها وغراسها المتأقلمة معها، والقادرة على العطاء الوفير فيها.
يقول عالم الإدارة الكبير بيتر دراكر Peter Drucker في ارتباط الإدارة بالثقافة: "الإدارة وظيفة اجتماعية متجذرة في تراث من القيم و التقاليد و المعتقدات وفي نظم الحكم والسياسة".
الإدارة متأثرة بالثقافة - بل ينبغي أن تكون كذلك وبدورها أيضاً تؤثر الإدارة في الثقافة و المجتمع.
و إذاً : بالرغم من كون الإدارة جسماً معرفياً منظماً، وبالتالي مؤهلة للتطبيق في كل مكان، فإنَّه ينبغي العلم أيضاً بأنَّها ثقافة culture و ليست علماً مجرَّداً عن القيم" إنما تشرقُ الشمس دائماً لمن يفتح عينيه نحوها :
عندما تسمع بهذه العبارة " الإدارة في الإسلام " فماذا يخطر في بالك ؟ هل يخطر في بالك منجزات إسلامية معاصرة يعم نفعها الناس، أو نظم إدارة يبهر نجاحها العالم و يتزاحم الدارسون لأخذها؟
أم تخطر في بالك أولاً مكتبات العالم المحتضنة لتراث علمي مشرّد ، أهله الأحياء هم الأيتام بفقده؟ أم تراك تذكر ابن خلدون، و ابن تيمية وغيرهم من المؤسسين لما يدعى اليوم بعلوم الاجتماع والسياسة و المتضمنة للكثير من المبادئ الجوهرية في تصريف شؤون الأمة، أو إدارة أعمال الأفراد و المجموعات ؟ أن كانت المتاحف والمكتبات الضخمة العامرة بكنوز المخطوطات الإسلامية التي لا يدري بها معظم المسلمين دع عنك الانتفاع بها هي أول ما يخطر ببالك، فاذكر أننا لا نعيش في مكتبة و لا في متحف، بل في عالم الواقع.و لا يحيا الإنسان في الواقع ليكتب ويتحدث، بل يكتب ويقرأ ليحيا.
بل اذكر أولاً قوله سبحانه و تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسألون عما كانوا يعملون).
- من ينقد الزمار يطلب اللحن .
لا مراء في أن الغرب هو البناء الأكبر الواقف على قدميه في هذا العصر - بغض النظر عن رأي القاعدين في بنائه- و هو من يدفع للزمارين في يومنا هذا. فلا تعجب إذاً حين تراه لا يتردَّد في طلب اللحن الذي يهواه، و كتابة كلماته أيضاً ثم دفع الناس طوعاً أو كرهاً لترديد نشيده.
في عالم الإدارة المعاصر تعتبر السيطرة الغربية في توليد المبادئ والأدوات الإدارية الجديدة أمراً طبيعياً، لأن النشاط في توليد هذه المبادئ والأدوات لا يمكن أن يتم في بيئة نظرية منعزلة عن التطبيق الواقعي ، إنَّه نشاط عملي مرتبط بالنشاط العام للمجتمع في مجالات الحياة المتنوعة من صناعة وتجارة و خدمات وغيرها و نشاط الغرب في هذه المجالات هو الأكبر و الأسرع نمواً دون ريب.
وبسبب هذا الارتباط الوثيق بين النشاط في الإدارة و النشاط في مجالات الحياة المختلفة، يبدو غياب الصوت المسلم عن أدبيات الإدارة العالمية أمراً طبيعياً أيضاً.
لكن مهلاً ترافق هذه السيطرة العملية العادلة سيطرة فكرية وتاريخية ظالمة.
لماذا هي ظالمة ؟
ــ لأنها تسير بمن يتابعها في استقصاء الجذور التاريخية لمبادئ الإدارة و ممارستها في مسارٍ متعرج وثاب! يتعرج المسار جغرافياً، فيتجاوز المنجزات في أرض المسلمين الشاسعة الواقعة في قلب العالم ليمحو قارات بأسرها، ويقفز عبر الزمن كما يحلو لراسميه ليطوي قروناً من الازدهار والحضارة و يتجاهل تراثاً ضخماً من المبادئ الإدارية الرفيعة و التطبيقات المذهلة في نجاحها لدى أمم عديدة. و هكذا لا تكاد تلمح في تاريخ المبادئ الإدارية ذكراً للمسلمين و إنما فيه احتفال بمن قبلهم و من بعدهم. نظرياً يسبق المسلمون الغرب بشريعة جامعة لأفراد الأمة تختصر في مصدرها السماوي الكثير من العناء والتخبط في متاهات الفكر والظنون و المسالك الوضعية و بتجربة هائلة الاتساع و التنوع في المكان والزمان والعناصر.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|