أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-18
648
التاريخ: 2023-07-04
1075
التاريخ: 2024-05-11
741
التاريخ: 2024-06-01
757
|
كانت الثقافة والأنظمة الحكومية في عهد الدولة الوسطى مصرية بحتة، لا يعزى شيء منها إلى بلد أجنبي؛ لذلك كان تقدمها محليًّا، ولكن هذه الحال قد أخذت تتبدل بعض الشيء على يد ملوكها العظام، والواقع أن مصر كانت تجد كفايتها في تربة بلادها، وكانت لا تخرج عن نطاق حدودها، إلا عندما كانت إحدى الممالك المجاورة تهدد حدودها، أو عندما كانت تغير على تخومها طلبًا للغنائم. ولم تشذ مصر عن هذه الخطة على ما يظهر إلا عند قيامها بالتوسع في رقعتها من جهة الجنوب في أوائل الدولة الوسطى، حيث قد امتدت الحدود المصرية في عهد الدولة القديمة إلى الشلال الثاني، وقد بقي السبب الذي دعا إلى هذا الفتح غامضًا حتى كُشفت عنه الحفائر الأثرية التي قامت في بلاد النوبة. ولما تولى ملوك الأسرة الثانية عشرة عرش الملك، رأوا من واجبهم أن يعيدوا سيطرة الفراعنة القدامى على فتوحاتهم في بلاد النوبة ويدافعوا عن حدودها الأخرى بعد أن ضاعت في عهد الفوضى الذي تلا الأسرة السادسة. ففي أوائل عهد «أمنمحات الأول» نجد مذكورًا في النقوش أن من بين أعدائه السود والأسيويين، ولكن يحتمل أن هؤلاء كانوا جنودًا مرتزقة، يحاربون في جانب أعدائه من المصريين، وعلى أية حال فقد افتخر قائده «نسومنتو» بأنه قد هزم «المنتيو» (الأسيويين) و«الحروشع»؛ أي سكان الرمال من الأسيويين، وخرب قراهم، والظاهر أنه تقدم في زحفه حتى «فلسطين «. ويرجح أن «أمنمحات الأول» كان أول من استعمر الواحات، وتدل النقوش التي عثر عليها حتى الآن أن الواحات كانت معروفة للمصريين منذ الدولة القديمة؛ إذ عثر على نقش من عهد الأسرة السادسة لموظف يدعى «خوفوحر»، وقد جاء فيه أنه ذهب إلى «إلفنتين» على طريق الواحة (Sethe, Urkunden I, 125)، ومن ذلك نعلم أن طريق القافلة التي كانت تربط الواحات المختلفة في الصحراء الغربية من جهة الشمال حتى «دارفور» كان معلومًا في ذلك الوقت. والظاهر أن الواحات كانت آهلة بالسكان، غير أنها لم تكن على ما يظهر تابعة لمصر، ولكن عندما نظم «أمنمحات الأول» مصر ثانية فإنه بدأ بسياسة حماية تخومه الغربية؛ ولذلك أقام قلعة في «وادي النطرون» لهذا الغرض، ومن المحتمل كذلك أنه أقام أخرى في «الواحة الخارجة «. (1)
(Ahmed Fakhry, A. S., Vol. XL, PP. 815–847; “The Egyptian Deserts, Siwa Oasis”, P. 24). وقد كان يرسل الحملات لتأديب اللوبين، وقد أرسل ابنه «سنوسرت الأول» بحملة من هذا النوع، وعندما سمع بموت والده رجع في الحال (راجع [أمنمحات الأول 2000–1970ق.م – المؤامرة ضد ولي العهد ونصيب «سنوهيت» فيها وفراره])، ولما تولى «سنوسرت» المُلك اتبع سياسة والده؛ ولذلك يقول أحد عماله المسمى «دديكو» (A. Z. 42, P. 124): «لقد غادرت «طيبة» بوصفي شريفًا يعمل كل ما يمدح على رأس جيش من الشباب لأعيد الحكم في أرض أهل الواحات بوصفي موظفًا ممتازًا.» ثم يقص علينا في نفس النقش أنه امرؤ يراقب ويحمي تخوم الفرعون. وفي لوحة «كاي «. (A. Z. LXI, P. 108) التي سبق ذكرها، وكان صاحبها يحمل لقب رئيس صيادي الصحراء ومدير الصحراء الغربية ورئيس بعث، وجاء فيها على لسانه: «لقد وصلت إلى الواحة الغربية، وفحصت كل طرقها وأحضرت الهاربين الذين وجدتهم هناك« (Fakhry, “Bahria Oasis”, PP. 12-13). ومنذ ذلك العهد اتجهت أنظار «أمنمحات الأول» وخلفه إلى إخضاع اللوبين «تمحو»، وهذا ما يفسر لنا صور اللوبيين من رجال، ونساء، وأطفال، وهم اللذين رسمهم «خنوم حتب الأول» على جدران مقبرته «ببني حسن» ليمثلوا الغنائم التي استولى عليها في حروبه في جانب الفرعون (Newberry, B. H. I, Pls. 45 ff.) ولما مات هذا الفرعون وجد «سنوسرت الأول» نفسه في حروب ضد اللوبيين، وفي السنة التي سبقت ذلك تحدثنا الآثار عن حملة قامت ضد إقليم «واوات»، وقد أصبحت منذ ذلك العهد خاضعة «مثل المازوي» للحكم المصري، وتحميها قلاع، ومن ثم كان مفروضًا على رؤساء السود أن يقوموا بغسل التبر واستخراج الذهب بمثابة (A. Z. 20, 30, 12, 112, 13, 50; Petrie, “Season”, P. 540; Maspero, “Melange d’Arch.,” PP. 217. ff) ، جزية يدفعونها. وعلى أية حال فإن أشد أعداء مصر وأصلبهم عودًا هم «الكوش» سكان بلاد «النوبة الوسطى»، وقد ظهر اسمهم هنا لأول مرة في المتون المصرية، وقد هزمهم كذلك «سنوسرت الأول». ولما تقدم «خنوم حتب» في السن في تلك الفترة أخذ ابنه «أميني» قيادة جيش مقاطعة الغزال بدلًا من أبيه ليحارب بجانب الفرعون، وقد ساق الفرعون جيوشه حتى آخر الدنيا، وقد أمر بإقامة تذكار في «وادي حلفا»، بالقرب من الشلال الثاني رمزًا لانتصاره، فنجد هناك الإله «منتو» إله الحرب في «طيبة» يقود الأسرى وهم القبائل المغلوبة، ويلاحظ أن معظم أسمائهم لا نعرفها إلا من هذه الوثيقة؛ (Breasted, A. R, I, Par. 540). وكان من نتائج هذه الحملات على بلاد «النوبة» أن وضعت في يد المصريين مناجم الذهب التي كانوا يستغلونها؛ وتشمل أودية سهل صحراء وادي «علاقي». وفي عهد «سنوسرت الثاني» رجع «أميني» وهو «أمنمحات الثاني» إلى مصر يصحبه حراس أقوياء، ومعه ما حصل عليه من الذهب المستخرج من هذه الجهة. وقد أقيمت قلعة لحماية الطريق إلى هذه المناجم في المكان المسمى الآن «كوبان» حيث تنفصل الطريق من وادي النيل. أما إخضاع هذا الإقليم فقد تم على يد الفرعون «سنوسرت الثالث»، وقد قام بعدَّة حملات في العام الثامن والثاني عشر والسادس عشر والتاسع عشر من حكمه، ضد الكوش الخاسئين، ومنذ حملته الأولى إلى هذه الجهات قام بحفر قناة صالحة للملاحة في صخور الشلال الأول لنقل جنوده فيها، على أن هذه الحروب لم تعدم مجالًا للقيام بأعمال بطولة عظيمة، اللهم إلا أن الفرعون وضباطه قد وجدوا فيها مادة للفخار، فقد حرقوا القرى، ونهبوا الحقول، وأتلفوا الآبار، وساقوا السكان إلى ذل الاستعباد. ومع ذلك فإنه كان من الصعوبة بمكان ضمان الأمن واستتباب السكينة في هذا الشريط الضيق المنزرع بين قبائله الذين كان في مقدورهم أن ينسابوا في وديان الصحراء، وقد مد «سنوسرت الثالث» الحدود المصرية حتى منحدرات مياه «سمنة» و«قمة» فيما وراء الشلال الثاني وحماها بإقامة ثماني قلاع على مرتفعات،(2) وفي الجزيرة التي وسط النهر هناك؛ وكانت آخر هذه القلاع من جهة الجنوب قلعة «أورنارتي« Ouronarti واسمها يعبر عنها؛ أي التي تقصي السودانيين «إينتيو« Iountiou، هذا إلى أن بلاد «النوبة السفلية» كان يحميها أربع قلاع أخرى، وقد أقيم هناك لوحتان في السنة الثامنة والسنة السادسة عشرة في عهد «سنوسرت الثالث» ذكر فيهما ما يحرم على السود المستقلين أن يتخطوا الحدود إلى الشمال في النهر، اللهم إلا إذا كان يقصد التجارة مع إقليم الحدود المسمى «إقن» على شرط أن يستعملوا في هذه التجارة سفنًا مصرية. والواقع أنه منذ هذه اللحظة بدأت فعلًا بلاد «النوبة السفلية» تكون جزءًا حقيقيًّا من الإمبراطورية المصرية، ومن ثم أخذ المصريون يستعمرونها، وكذلك أصبح «سنوسرت الثالث» يعدُّ في أعين أخلافه الفاتح الحقيقي لبلاد النوبة، وقد رفعه «تحتمس الثالث» إلى مرتبة إله هذه البلاد وشيد له معبدًا في «سمنة»، وقد استمرت علاقات مصر بأملاكها في بلاد النوبة في عهد هذا الفرعون، كما كانت في عهد خلفه «أمنمحات الثالث»، على أحسن ما يكون. وقد عثر في «الرمسيوم» ضمن البردي الذي عثر عليه «كوبيل» سنة 1896 على برديتين إحداهما تحتوي على معلومات جغرافية ولغوية وتلقي بعض الضوء على القلاع التي أقامها «سنوسرت الثالث» لتحصين بلاده. أما الثانية فتحتوي على صور رسائل يرجع تاريخها إلى عهد الفرعون «أمنمحات الثالث»، وسنتكلم عن كل منهما. وهذه الرسائل على جانب عظيم من الأهمية من الوجهة الاقتصادية والعلاقات التي كانت قائمة بين مصر وبلاد النوبة، وهي صورة عدد من الرسائل أرسلت من قلعة «سمنة» التي كانت تسمى «خع كاو رع» (سنوسرت الثالث)، ومن مكان آخر. وهذه الرسائل قد كُتبت على ظاهر الورقة أما خلفها فكتب عليه متن سحري. ولسوء الحظ لم نجد رسالة من هذه الرسائل كاملة، ويظهر أن صاحبها كان من كبار رجال الدولة. والرسائل تحدثنا عن ذهاب بعض «النوبيين» إلى «سمنة» لتصريف متاجرهم، وكذلك عن قوم من «المازوي». وقد ذكر في هذه الرسائل أكثر من مرة الخطوات التي اتخذت لاقتفاء أثر حركات أهل الجنوب في الصحراء. والشيء الذي يسترعي النظر في أمر هذه الرسائل وما جاء فيها أن الحكومة كانت تهتم في هذا العصر باتخاذ التدابير لإرسال تقارير رسمية عن مثل هذه المعاملات البسيطة في ذاتها لترسلها إلى الجهات العليا، وإلى الحصون الأخرى غير قلعة «سمنة»، وتحفظ منها صورة في سجلاتها.
.............................................
1- Breasted, A. J. S. L., (1905) , XXII, PP. 154 ff
2- Steindorff, “Ber. Sachs Ges. phil. Cl. (1900), P. 230; Meyer, Gesch. 1, P. 287
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|