أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-24
1354
التاريخ: 2023-08-29
1742
التاريخ: 16/9/2022
2393
التاريخ: 17-8-2016
1591
|
الغالي (1):
تقدم في موضع آخر (2) بعض الكلام في المراد بالغلو الذي وصف به بعض الرواة في كلمات السابقين، ولمزيد التوضيح:
أقول: ذكر المحقّق الأصفهاني تثل في بعض كلماته(3): (إنّ من الواضح أنّ الغلو في الصدر الأول عند أرباب الحديث ليس من الغلو الموجب للفسق أو الكفر فإنّهم يرون أنّ نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغلو).
ولكن الصحيح ــــ كما نبّه عليه المحقّق التستري (4) ــــ أنّ المقصود بالغلو في كلمات المتقدّمين هو الاعتقاد في الأئمة بالربوبية أو النبوة أو الاعتقاد بكفاية محبتهم عن أداء الفرائض واجتناب الكبائر، وعلى ذلك شواهد في الروايات وفي كلمات الأصحاب.
ومن ذلك: أنّه روى الصدوق بإسناده عن ابن أبي محمود عن الرضا (عليه السلام): ((قال: إنّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها الغلو، وثانيها التقصير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا..)) (5).
وروى الكشي بإسناده عن أبي العلاء الخفاف عن أبي جعفر: ((قال: قال أمير المؤمنين له: أنا وجه الله أنا جنب الله، وأنا الأول، وأنا الآخر.. فقال معروف بن خربوذ: ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلو)) (6).
وروى الشيخ بإسناده عن الفضيل بن يسار: (قال: قال الصادق (عليه السلام): احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإنّ الغلاة شر خلق الله، يصغّرون عظمة الله، ويدّعون الربوبية لعباد الله - ثم قال - إلينا يرجع الغالي فلا نقبله، وبنا يلحق المقصّر فنقبله فقيل له: كيف ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: لأنّ الغالي قد اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحج فلا يقدر على ترك عادته وعلى الرجوع إلى طاعة الله وعجل أبداً، وإنّ المقصر إذا عرف عمل وأطاع)) (7).
وروى السيد ابن طاووس بإسناده عن الحسين بن أحمد المالكي قال: (قلت لأحمد بن هليل الكرخي: أخبرني عمّا يقال في محمد بن سنان من أمر الغلو فقال: معاذ الله هو والله علّمني الطهور وحبس العيال وكان متقشّفاً متعبّداً) (8).
وذكر الكشي: (أنّ فرقة قالت بنبوة محمد بن نصير النميري وذلك أنّه ادّعى أنّه نبيّ رسول وأنّ علي بن محمد العسكري له أرسله وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي الحسن الله ويقول فيه بالربوبية ويقول بإباحة المحارم..) إلى آخر كلامه (9).
وذكر الكشي أنّه سأل العياشي عن أحوال عدد من الرجال فقال في ضمن جوابه: (وأمّا علي بن عبد الله بن مروان فإنّ القوم - يعني الغلاة - يمتحنون في أوقات الصلاة ولم أحضره في وقت صلاة) (10).
وروى ابن الغضائري عن الحسن بن محمد بن بندار القمي: (قال: سمعت مشايخي يقولون: إنّ محمد بن أورمة لمّا طعن عليه بالغلو اتفقت الأشاعرة ليقتلوه فوجدوه يصلّي الليل من أوله إلى آخره ليالي عديدة فتوقفوا عن اعتقادهم) (11).
إنّ هذه النصوص والكلمات تشير بوضوح إلى أنّه كان معنى الغلو عند الاعتقاد في الأئمة (عليهم السلام) بالربوبية ونحو ذلك أو الاعتقاد بكفاية المتقدمين هو معرفتهم في الفلاح في الآخرة وعدم الحاجة إلى الإتيان بالصلاة والصيام ولا غيرهما من الفرائض وعدم الضير في ممارسة المحرمات حتى الكبائر كالزنا.
وقد ذكرت في موضع آخر أنّ الغلو لا ينفك عادة عن الكذب من جهة أنّ الغالي بالمعنى المتقدم لما كان يبيح المحرمات فإنّه لا يتجنّب عن الكذب، بل لا يمكنه الاستغناء عنه في تثبيت مذهبه وترويجه كما هو واضح لمن تتبع أحوال كبار الغلاة في كتب الرجال، حيث يلاحظ أنّهم يكذبون على الأئمة (عليهم السلام) وينسبون إليهم الغرائب والأعاجيب دعماً لعقائدهم الفاسدة، وعلى ذلك يكاد يكون الجمع بين كون الرجل غالياً وكونه ثقة جمعاً بين متنافيين(12).
ولذلك يُلاحظ أنّ النجاشي ذكر في ترجمة محمد بن بحر الرهني: قال بعض أصحابنا: (إنّه كان في مذهبه ارتفاع).
ثم عقّب عليه بقوله: (وحديثه قريب من السلامة) (13).
وذكر ابن الغضائري في ترجمة أحمد بن الحسين بن سعيد: (قال القميّون: كان غالياً). وعقّب عليه بقوله: (وحديثه فيما رأيته سالم) (14).
وقال في ترجمة الحسين بن شاذويه: (زعم القميّون أنّه كان غالياً) وعقّب عليه بقوله: (ورأيت له كتاباً في الصلاة سديداً) (15) ونحو ما ذكر موارد أخرى وكلّها تشهد بأنّه كان من المفروغ عنه عندهم منافاة الغلو للوثاقة، ولذلك إذا اتهم أحدهم بالغلو ولكن وجد أنّ ما رواه من الأحاديث خالٍ من التخليط والأباطيل عُدّ ذلك مؤشراً إلى عدم صحة اتهامه بالغلو.
وبالجملة : الظاهر أنّ الغلو في كلامهم هو بالمعنى المتقدّم بيانه وما حكي عن ابن الوليد من أنّه كان يعد نفي السهو عن النبي أول درجة من الغلو لا يقتضي أنّه كان يرى الغلو بمعنى آخر بل الظاهر أنّه كان يراه بذلك المعنى نفسه المتمثّل في نسبة بعض صفات الله تعالى إلى بعض مخلوقاته والالتزام فيهم بنحو من أنحاء الربوبية لكن لمّا كان يعتقد أنّ نفي السهو من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى بنى على أنّ نفي السهو عن النبي درجة من درجات الغلو وليس مقتضى هذا أنّه إذا وصف شخص بالغلو في كلمات الآخرين ولا سيما أصحابنا غير القميّين يحتمل أن يراد به إثبات المقامات العالية للأئمة (عليهم السلام) ممّا هم أهل لها وإن كان لا يقول به المقصّرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|