أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-16
883
التاريخ: 2024-01-07
786
التاريخ: 2023-09-17
1277
التاريخ: 30/11/2022
3367
|
الراضي ابن المعتمد
وقال في ترجمة ابنه الراضي بالله أبي خالد يزيد بن المعتمد ما نصه ملك تفرع من دوحة سناء أصلها ثابت وفرعها في السماء وتحدر من
سلالة أكابر ورقاة أسرة ومنابر وتصرف أثناء شبيبته بين دراسة معارف وإفاضة عوارف وكلف بالعلم حتى صار ملهج لسانه وروضة
أجفانه لا يستريح منه إلا إلى متن سائل الغرة ميمون
الأسرة يسابق به الرياح ويحاسن بغرته البدر اللياح عريق في السماء عتيق الاقتناء سريع الوخد والإرقال من آل أعوج أو لذي
العقال إلى أن ولاه أبوه الجزيرة الخضراء وضم إليها رندة الغراء فانتقل من من الجواد إلى ذروة الأعواد
وأقلع عن الدراسة إلى تدبير الرياسة وما زال يدبرها بجوده ونهاه ويورد الآمل فيها مناه حتى غدت عراقا وامتلأت إشراقا إلى أن اتفق في أمر الجزيرة ما اتفق وخاب
فيها الرجاء وأخفق واستحالت بهجتها وأحالت عليها من الحال لجتها فانتقل إلى رندة معقل أشب ومنزل للسماك منتسب وأقام فيها رهين حصار ومهين حماة أنصار ولقيت ريحه كل إعصار حتى رمته سهام الخطوب عن قسيها وأمكنت منه يدي مسيها فحواه رمسه وطواه عن غده أمسه حسبما بسطنا القول فيه فيما مر من أخبار أبيه انتهى
والذي أشار إليه هنا وأحال عليه فيما تقدم له من أخبار المعتمد هو قوله بعد حكايته قتل المأمون بن المعتمد بقرطبة وسياقة أخبار ذلك ما نصه : ثم انتقلوا إلى رندة أحد معاقل الأندلس الممتنعة وقواعدها السامية المرتفعة تطرد منها على بعد
مرتقاها ودنو النجوم من ذ راها عيون لانصبابها دوي كالرعد القاصف والرياح العواصف
ثم تتكون واديا يلتوي بجوانبها التواء الشجاع ويزيدها في التوعر والامتناع وقد تجونت نواحيها وأقطارها وتكونت فيها لباناها وأوطارها لا يتعذر لها مطلب ولا يتصور فيها عدو إلا علقه ناب أو مخلب فلما أناخوا منها على بعد وأقاموا من الرجاء فيها على غير وعد وفيها ابنه الراضي لم يحفل بإناختهم بإزائه ولا عدها من أرزائه لامتناعه من منازلتهم
وارتفاعه عن مطاولتهم إلى أن انقضى في أمر إشبيلية ما انقضى وأفضى أمر أبيه إلى ما أفضى فحمل على مخاطبته لينزل عن صياصه ويمكنهم من نواصيه فنزل برا بأبيه وإبقاء على أرماق ذويه بعد أن عاقدهم مستوثقا وأخذ عليهم عهدا من الله وموثوقا فلما وصل إليهم وحصل في يديهم مالوا به عن الحصن وجرعوه الردى واقطعوه الثرى حين أودى وفي ذلك يقول المعتمد يرثيهما وقد رأى قمرية بائحة بشجنها نائحة بفننها على سكنها وأمامها
وكر فيه طائران يرددان نغما ويغردان ترحة وترنما :
بكت أن رأت إلفين ضمهما وكر مساء وقد أخنى على إلفها الدهر
وناحت فباحت واستراحت بسرها وما نطقت حرفا يبوح به سر
فما لي لا أبكي أم القلب صخرة وكم صخرة في الأرض يجري بها نهر
بكت واحدا لم يشجها غير فقده وأبكي لألا ف عديدهم كسر
بني صغير أو خليل موافق يمزق ذا قفر ويغرق ذا بحر
ونجمان زين للزمان احتواهما بقرطبة النكداء أو رندة القبر
فقل للنجوم الزهر تبكيهما معي لمثلهما فلتحزن الأنجم الزهر
وقال في ترجمة الراضي ما صورته : وكان المعتمد رحمه الله تعالى كثيرا
ما يرميه بملامه ويصميه بسهامه فربما استلطفه بمقال أفصح من دمع المحزون
وأملح من روض الحزون فأنه كان ينظم من بديع القول لآلئ وعقودا تسل
من النفوس سخائم وحقودا وقد أثبت من كلامه في بث آلامه واستجارة
عذله وملامه ما تستبدعه وتحله النفوس وتودعه فمن ذلك ما قاله وقد أنهض جماعة من إخوته وأقعد وأدناهم وأبعده
أعيذك أن يكون بنا خمول ويطلع غيرنا ولنا أفول
حنانك إن يكن جرمي قبيحا فإن الصفح عن جرمي جميل
ألست بفرعك الزاكي وماذا يرجي الفرع خانته الأصول
ثم قال الفتح بعد كلام : ومرت عليه _ يعني الراضي _ هوادج وقباب فيها حبائب كن له وأحباب ألفهن أيام خلائه من دولة وجال معهن في ميدان المنى أعظم جولة ثم انتزعوا منه ببعده وأودعوا الهوادج من بعده ووجهوا هدايا إلى العدوة وألموا بها إلمام قريش بدار الندوة فقال :
مرول بنا أصلا من غير ميعاد فأوقدوا نار شوقي أي إيقاد
وأذكروني أياما لهوت بهم فيها ففازوا بإيثاري وإحمادي
لا غزو أن زاد في وجدي مرورهم فرؤية الماء تذكي غلة الصادي
ولما وصل المعتمد لورقة أعلم أن العدو قد جيش لها واحتشد ونهد نحوها وقصد ليتركها خاوية على عروشها طاوية الجوانح على وحوشها فتعرض له المعتمد دون بغيته وطلع عليه من ثنيته وأمر الراضي بالخروج إليه في عسكر جرده لمحاربته وأعده لمصادمته ومضاربته فأظهر التمارض والتشكي وأضمر التقاعس والتلقي فرار من المصادمة وإحجاما عن المساومة وجزعا من منازلة الأقران ومقابلة ذوابل المران ومقاساة الطعان وملاقاة أبطال كالرعان ورأى أن المطالعة أرجج من المقارعة ومعاناة العلوم أربح من مداواة الكلوم فقد كان عاكفا على تلاوة ديوان عارفا بإيجادة صدر وعنوان فعلم المعتمد ما نواه وتحقق ما لواه فأعرض عنه ونفض يده منه لاقوا العدو لاذوا بالفرار وعاذو بإعطاء الغرة بدلا من الغرار وتفرقوا في تلك الأماريت وفرقوا من تخطف أولئك العفاريت فتحيف العدو من بقي مع المعتد وأهتضمه وخضم ما في المعسكر وقضمه وغدت مضاربه مجر عواليه
ومجرى مذاكيه وآب أخسر من بائع السدانة ومضيع الأمانة فانطبقت
سماء المعتمد على أرضه وشغلته عن إقامة نوافله وفرضه فكتب إليه الراضي :
لا يكثرنك خطب الحادث الجاري فما عليك بذاك الخطب من عار
ماذا على ضيغم أمضى عزيمته إن خانه حد أنياب وأظفار
لئن أتوك فمن جبن ومن خور قد ينهض العبر نحو الضيغم الضاري
عليك للناس أن تبقى لنصرهم ما عليك لهم إسعاد أقدار
لو يعلم الناس فيما أن تدوم لهم بكوا لأنك من ثوب الصبا عاري
ولو أطاقوا انتقاصا من حياتهم لم يتحفوك بشيء غير أعمار
فحجب عنه وجه رضاه ولم يستنزله بذلك ولا استرضاه وتمادى على إعراضه وقعد عن إظهاره وانهاضه حتى بسطته سوانح السلو وعطفته عليه جوانح الحنو فكتب إليه بهزل غلب فيه كل منزع جزل وهو :
الملك في طي الدفاتر فتخل عن قود العساكر
طف بالسرير مسلما وارجع لتوديع المنابر
وازحف إلى جيش المعا رف تقهر الحبر المقامر
واطعن بأطراف اليراع نصرت في ثغر المحابر
واضرب بسكين الدواة مكان ماضي الحد باتر
أولست أرسطاطليس إن ذكر الفلاسفة الأكابر
وأبو حنيفة ساقط في الرأي حين تكون حاضر
وكذلك إن ذكر الخليل فأنت نحوي وشاعر
من هرمس من سيبويه من ابن فورك إذ تناظر
هذي المكارم قد حويت فكن لمن حاباك شاكر
واقعد فإنك طاعم كاس وقل :هل من مفاخر
لحجبت وجه رضاي عنك وكنت قد تلقاه سافر
أولست تذكر وقت لو رقة وقلبك ثم طائر
لا يستقر مكانه وأبوك كالضرغام خادر
هلا اقتديت بفعله وأطعمته إذ ذاك آمر
قد كان أبصر بالعواقب والموارد والمصادر
فكتب إليه الراضي مراجعا بقطعة منها :
مولاي قد أصبحت كافر بجميع ما تحوي الدفاتر
وفللت سكين الدواة وظلت للأقلام كاسر
وعلمت أن الملك ما بين الأسنة والبواتر
والمجد والعلياء في ضرب العساكر بالعساكر
لا ضرب أقوال بأقوال ضعيفات مناكر
قد كنت أحسب من سفا ه أنها أصل المفاخر
فإذا بها فرع لها والجهل للإنسان عاذر
لا يدرك الشرف الفى إلا بعسال وباتر
وهجرت من سميتهم وجحدت أنهم أكابر
لو كنت تهوى ميتي لوجدت للعيش اجر
ضحك الموالي بالعبيد لوجدت للعيش هاجر
إن كان لي فضل فمنك وهل لذاك النور ساتر
أو كان بي نقص فمني غير أن الفضل غامر
ذكرت عبدك ساعة يبقى لها ما عاش ذاكر
يا ليته قد غيبته عندها إحدى المقابر
أتريد مني أن أكون كمن غدا في الدهر نادر
هيهات ذلك مطمع يعي الأوائل والأواخر
لا تنسى يا مولاي قولة ضارع لا قول فاخر
ضبط الجزيرة عندما نزلت بعقولها العساكر
أيام ظلت بها فريدا ليس غير الله ناصر
إذ كان يعشي ناظري لمع الأسنة والبواتر
ويصم أسامعي بها قرع الحجارة بالحوافر
وهي الحضيض سهولة لكن ثبت بها مخاطر
هبني أسأت كما أسأت أما لهذا العتب آخر
هب زلي لبنوتي وأغفر فإن الله غافر
فقربه وأدناه وصفح عما كان جناه ولم تزل الحال آخذة في البوار
والأمور معتلة اعتلال حب الفرزدق للنوار حتى مضوا لغير طية وقضوا
بين الصوارم والرماح الخطية حسبما سردناه وعلى ما أوردناه وإذا أراد
الله سبحانه إنفاذ أمر سبق في علمه فلا مرد له ولا معقب لحكمه ولا إله إلا هو رب العالمين انتهى كلام الفتح .
وعلى الجملة فكانت دولة بني عباد بالأندلس من أبهج الدول في الكرم
والفضل والأدب حتى قال ابن اللبانة رحمه الله تعالى :إن الدولة العبادية
بالأندلس أشبه شيء بالدولة العباسية ببغداد سعة مكارم وجمع فضائل
ولذلك ألف فيها كتابا مستقلا سماه الاعتماد في أخبار بني عباد ولا يلتفت
لكلب عقور نبح بقوله :
مما يزهدني في أرض أندلس أسماء معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صورة الأسد
لأن هذه مقالة متعسف كافر للنعم ومثل ذلك في حقهم لا يقدح ومازالت الأشراف تهجى
وللمعتمد أولاد ملوك منهم المأمون والرشيد والراضي والمعتد وغيرهم وقد سردنا خبر بعضهم .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|