أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2017
1367
التاريخ: 25-10-2016
1753
التاريخ: 18-7-2018
3708
التاريخ: 18-12-2020
2618
|
جرى الآشوريون في أبنيتهم على آثار الكلدان في مواد البناء، وزادوا عليها الحجارة الكلسية الكثيرة الوجود في جبال كردستان القريبة من ديارهم، فكانوا يضعون في الأسس قِطعًا من هذه الحجارة بدلًا من الرهص، ويُحكِمون هندامها، وفي داخل أبنيتهم كانوا يتخذون صفائح رقاقًا من تلك الحجارة، يؤزرون بها حيطانهم ويفرشون بها منبسط غُرَفهم. وكان ترتيب هياكلهم وقصورهم بوجهٍ عام على ما يُرى في آل آشور (قلعة شرقاط الحالية)، وكلح (غرود الحالية في جوار الموصل)، ونينوى (كوى أنجق)، ودور شروكين (خرساباد)، مطابقًا للنظام الذي يُشاهَد في هياكل الكلدان وقصورهم، من أفنية قوراء، وغُرف معقودة، ودهاليز مطوقة يتحدَّر نورها من الكوس، وزقورات ملوَّنة، إلا أنه يظهر أن الزخرف في الخارج والداخل كان أغنى وأزهى مما كان عند الكلدان، وكانت الأبواب مزينة بثيران رؤوسها رءوس بشر، وتماثيل ضخمة تمثِّل البطل جلجامش يخنق أسدًا، وكانت أسافل الحيطان مزينة بعض الأحيان بنطاقٍ من حجارة، وفتحات الأبواب مؤطَّرة بإطارٍ من الآجر الملون، يزيد رونقًا وزهوًا على رأس العقد، حيث تجتمع التصاوير الرمزية، وعند مدخل من مداخل حرم خرساباد كانت نخلتان من الشَّبَه المذهب والنوافذ النادرة التي كانت تشرع في الطبقة العليا من الأبراج كانت مزينة بعُمُد خفيفة، يقرب طَرْز تيجانها من الطَّرْز اليوناني، وعلى النوافذ جلفق (محجل أو درابزون) من الخشب المنقوش حفرًا، وكانت حيطان حجرات الاستقبال مغشاة إلى الحجرات برسومٍ محفورة في الحجارة، تمثِّل المعارك والملاحم وصيد الملك الباني لذلك القصر. أما النحت عندهم فكان تتمَّة النحت الكلداني وتقدُّمه ورقيُّه، إلا أن التماثيل نادرة؛ لأنها نُحتت من مواد سريعة التلف، كالجص، والمرمر الكلسي، والحواري، والهيصمي، والبلنط، بخلاف المستماز الذي استعمله الكلدان. وأشهر هذه التماثيل تمثال آشور نرز هبل، فإنه مُحكم الصنع، يدل على مهارة ناحته، فإن محل رأسه من الملامح الناطقة بسرائر الضمير وإتقان التعبير ما لا يُرى مثيله في رءوس تماثيل الكلدان، إلا أنه ذهب بمحاسنه ما يُشاهَد على رأسه وفي لحيته من وفرة الشعر المُغَضَّن المُجعَّد. هذا، والجسم ممشوق حَسن التناسُب والسمت مهيب المقتبل، وإن كان عليه رداء قد التف به التفافًا من العنق إلى الرجلين. فلا جرم أن الصانع أفرغ ما في مجهوده لتخليص منحوته من شوائب الشناعة والسماجة، وبعكس التماثيل فإن الصور المحفورة كثيرة، وتدل على مهارة في الصناعة وحرية في العمل وأنفة في نفس صاحبها، حتى لتبلغ مبلغًا عظيمًا في التأثير على الناظر، مع أنه لم يكن لصانعها إلا وسائل في منتهى البساطة، وطرائق غير تامة. ومفعول ظهور المصوَّرات كالأصل يبين في طور نشوئه، ولم يُراعَ فيها تناسُب الأشياء بموجب اتصالها بعضها ببعض، وإن شئت فقُل إنه رُوعي فيها خطورة ما يُراد عرضه على الناظر؛ فإن الناس الممثَّلين فيها هم بطول الأشجار. والذي ينظر إلى العساكر المُشاة عند هجومهم على القِلاع والحصون يُخيَّل له أنهم أعظم منها. ومهما تكن عيوب هذه الرسوم فإن التصاوير المحفورة الآشورية تُبقي في النفس أثرًا لا ينشأ إلا في مَن ينظر إلى خلائق متحركة أو حية؛ فإنك تُشاهد هناك أُناسًا يتقاتلون ويتحاربون ويتذابحون، وأُناسًا يتصايدون ويتداعبون ويتمازحون، وجميع الوقائع التي تُمثَّل حسنة الالتحام والارتباط، حتى إن الصانع الماهر في يومنا هذا لا يحتاج أن يُنقِّح فيها شيئًا كثيرًا إذا أراد أن يحلها من نفس الناظر المحل الذي يُناسب تقدُّم عصرنا في هذا الفن، ويعرضها على الناظرين معرض ألواح مصورة. ومن خصائصها أنه قد رسم عليها رسمًا مُتقِنًا دقائق الأمور كجلائلها، حتى لتظهر لنا المعيشة الآشورية بمظهرها الحقيقي مع جميع تفاصيلها، فهي من هذا القبيل بمنزلة شاهد تاريخي يُعتمد عليه في كتابة الوقائع، فضلًا عن أنها تحفة من تحف الصناعة ذات فضلٍ لا يُنكَر. وأما صنائع المهن عند الكلدان والآشوريين والحفر على الخشب وحياكة الطنافس وصناعة الآنية الخزفية، فليس لنا منها إلا الشيء النزر. إلا أننا نعلم أن الآشوريين — ولا سيما الكلدان — نبغوا في التطريز، حتى إنهم كانوا يُصوِّرون على الأنسجة الصور التي نراها على جدران قصورهم، لكن صروف الزمان أفنَت جميع ما صوَّرته الإبرة. وكان الرومان واليونان يقضون منها العجب العجاب، ولقد صبر على تصاريف الدهر بقايا من مهنهم المعدنية، وأغلبها يشهد على حذق ولياقة؛ فإن الأوزان المتخَذة من الشَّبَه بصورة أسد رابض تدل على براعة صانعها، ولا سيما الرأس، فإنه يمثل الحقيقة تمثيلًا لا يُبقي لك فيها مطمعًا. ومما يُعَد في المقام الأول من المهارة في الصنع تميثيلات الأرباب والمعبودات والتمائم وقطع النقوش التي تُلصق على الكراسي والسُّرر؛ فإن فيها من مُحكم الحفر على المعدن ما يأخذ بمجامع القلوب. وأبواب قصر شلمناسر في بلوات، وهي أبواب من خشب كانت مُزينة بضبات من الشَّبَه علوُّها 26 سنتيمترًا، وقد نُقش عليها نقشًا ناتئًا زحفات الملك. وأحسن طائفة منها معروضة في أروقة دار التحف الإنكليزية في لندن، وهي نفس الأمثلة التي تُشاهَد على صفائح الرخام الكلسي، من معركة، وحصار، وطرد العدو، واللحاق به خلال بلاد الغابات والجبال ومعابر الأنهُر، والمقادير فيها مُصغَّرة، لكن صنْعها شيء واحد، ويدل على حذق أصحابها في التصرُّف في المعدن، ويُرى مثل هذا الإتقان والإحكام في مصنوعات العاج النادرة الوجود التي أفلتت من يد الضياع والتلف، ولا سيما في اللوالب والخواتم المتَّخذة من الحجر الأصم على اختلاف أنواعه، وتُجمع من أخربة مدن كثيرة قديمة، ونحت المصنوعات الدقيقة لم يكن أدنى إتقانًا من النحت الكبير؛ ولهذا كان للصناعة الكلدانية الآشورية مقام في عالم الحضارة القديم بجانب الصناعة المصرية في مختلف عصورها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|