أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/12/2022
1361
التاريخ: 7-5-2022
1908
التاريخ: 23-10-2015
2584
التاريخ: 15-4-2022
4224
|
هل يعتبر الاعتراض على القانون حقاً تشريعياً يعتبر به رئيس الدولة مساهماً في العملية التشريعية؟ إن الفقه الدستوري في هذا الشأن مستقر على التفرقة بين حق التصديق بالمعنـى الفني (الاعتراض المطلق) وحق الاعتراض النسبي. فالاعتراض المطلق أو ما اصطلح على تسميته برفض التصديق حق مطلق يغدو به رئيس الدولة ، إذا ما اعترف له به مساوياً للبرلمان في العملية التشريعية ، فالقانون لا يصدر إلا إذا اقره البرلمان ووافق عليه رئيس الدولة ، ان تصديق الرئيس هنا يغدو شرطاً أساسياً لصدور القانون ، ولا يمكن للبرلمان على الإطلاق ان يتغلب على إرادة الرئيس. ولذلك فان حق التصديق يعتبر حقاً تشريعياً ، هذا بإجماع الفقهاء(1). ونحن نؤيد هذا الإجماع ذلك ان هذا الحق يعتبر عملاً تشريعياً فرئيس الدولة عندما يملك استخدامه بهذا المعنى يعتبر عضواً أساسياً في العملية التشريعية له من الإرادة في التشريع ما للبرلمان. اما عن الطبيعة القانونية لحق الاعتراض النسبي فقد انقسم الفقه بشأنها إلى اتجاهين وسوف نبينهما على النحو التالي :
الاتجاه الأول ـ الطبيعة التشريعية (لحق الاعتراض النسبي)
يعرف أنصار هذا الاتجاه سلطة التشريع بانها ((سن وصياغة القوانين)) ويترتب على ذلك ان كل الأشخاص والهيئات الذين يستلزم الدستور تدخلهم في العملية التشريعية ويتطلب موافقتهم لوجود القانون يساهمون في السلطة التشريعية ويباشرون نشاطاً تشريعياً فلا يوجد القانون بصورة نهائية الا متى اجتمعت كل الارادات التي يستلزم الدستور تدخلها. ترتيباً على ذلك فان وجود أية عقبة تحول دون استكمال هذه العناصر يؤدي إلى منع اكتساب النص قوة القانون ولذلك فان حق الاعتراض يعتبر حقاً تشريعياً لان مشروع القانون لن يصبح قانوناً ما دام في وسع رئيس الدولة ان يعترض عليه ، فموافقة البرلمان على مشروع القانون لا تجعل منه قانوناً نهائياً وانما يبقى دون ذلك إلى ان يرفع القانون إلى رئيس الدولة فاذا وافق على المشروع اكتملت العملية التشريعية. فضلاً عن ان الرئيس عندما يتدخل لحماية حقوق السلطة التنفيذية أو للدفاع عن الدستور مستخدماً في ذلك حقه في الاعتراض فانه يباشر أعمالاً من جنس الأعمال التي يزاولها البرلمان ، فهو يراقب وجود القانون ويلاحظ مدى توافر الشروط التي استلزم الدستور وجودها لاكتماله فعمل الرئيس بحق الاعتراض لا يختلف من الناحية الموضوعية عن عمل البرلمان فهو يثير في ذهن رئيس الدولة المشاكل نفسها التي تشغل البرلمان ويخلص أنصار هذا الاتجاه إلى انه رئيس الدولة يمارس حق الاعتراض النسبي بوصفه جزءاً متمماً للعملية التشريعية ، أي باعتباره عضواً في السلطة التشريعية(2).
الاتجاه الثاني : الطبيعة التنفيذية لحق الاعتراض النسبي:
يرى هذا الاتجاه الفقهي إلى ان حق الاعتراض النسبي هو مجرد حق تنفيذي يستخدمه رئيس الدولة باعتباره رئيساً للسلطة التنفيذية وكل ما يترتب عليه من أثر ينحصر في تاجيل صدور القانون ريثما تعاد دراسته مرة أخرى في ضوء اعتراضات وملاحظات رئيس الدولة ، ويمكن إذا أصر البرلمان على رأيه ان يصدر القانون(3). فهذا الحق لا يدخل في العملية التشريعية بأي حال من الأحوال فهو كما ميزه ، مونتسكيو حق منع لا حق تقرير ، وهو بهذه الصفة وسيلة من وسائل الحكمة والحيطة تسمح للسلطة التنفيذية من تلطيف اندفاع السلطة التشريعية واستبدادها وحماية لحقوقها التنفيذية في الوقت نفسه ؛ أي ان الاعتراض هو عبارة عن سلطة محدودة فهو حق يتيح للسلطة التنفيذية فرصة تنبيه السلطة التشريعية إلى الأخطاء التي تقع فيها(4). وطبق لذلك فالقانون لا يفقد شيئاً من كيانه لانه يحمل سلطة الإجبار بمجرد ان قرره البرلمان وانما يقوم الاعتراض على تنفيذ القانون لاسباب أخرى يبديها رئيس السلطة التنفيذية للبرلمان الذي يظل هذا الأخير صاحب الأمر التشريعي وحده ، فان أخذ بأوجه الاعتراض أهمل القانون أو عدله والا اقره واضطر رئيس السلطة التنفيذية إلى تنفيذه بلا اعتراض جديد(5). ونحن نؤيد هذا الاتجاه الذي يسبغ الطبيعة التنفيذية لحق الاعتراض النسبي ، فرئيس الدولة إذا ما اعترض على القانون رده إلى البرلمان في خلال فترة معينة ، ويستطيع البرلمان ان يتغلب على هذا الاعتراض بأغلبية معينة ، فكل ما يفعله رئيس الدولة انه يبين للبرلمان المصاعب التنفيذية التي يمكن ان تترتب من جراء هذا القانون. فالاعتراض هنا سلطة توقيفية توقف القانون لبعض الوقت ولكنها لا تتساوى في قوتها مع سلطة البرلمان.
__________________________________
1- نرى من المفيد ان نعرض لبعض الآراء التي قيلت بشأن أهمية التصديق في العملية التشريعية فقد ذهب العالم الألماني ((لا باند)) إلى التفرقة في عمل القانون بين دور كل من البرلمان والرئيس الأعلى ، أما دور البرلمان أو تحديد محتوى القانون. كما بين ـ لا يخرج عن كونه مجرد نشاط عقلي خال من كل قيمة تشريعية حقيقية فهو مجرد عملية تحرير مما تتولاه اللجان العادية ، واما الدور الثاني فيقوم به الرئيس الأعلى وهو التصديق وهذا الدور وحده الذي له قيمة تشريعية بالمعنى الصحيح لانه يعطي القانون صفته الهامة أي صفة القاعدة القانونية الإلزامية. وهكذا فهو يرى ان العملية التشريعية كلها تتركز في التصديق. اما يلينك JELLINEK فانه يرى ان لا باند قد بالغ في تشبيهه البرلمان باللجان العادية ذلك لان البرلمان ـ كما يرى ـ لا يحدد فقط نصوص القانون ولكنه يصرح كذلك للرئيس الأعلى بان يملي الأمر الذي يعطي للقانون صفته الاجبارية ، فهو لايرى في التصديق عملاً انشائياً أو تحريرياً فقط بل فيه الموافقة كذلك على العمل الذي قام به البرلمان إذ من دون هذا العمل لا يستطيع رئيس الدولة ممارسة إرادته التشريعية وعليه فهو يعتبر التصديق هو العملية التشريعية مقيدة بشرط ، وفي رأي كاريه دي ميلبرج CARRE OE MALBERG فيرى ان عمل المجلس والرئيس الأعلى لا ينصب على شيئين مختلفين وانما تنصب إرادة كليهما على شيء واحد حقيقة ان إرادة المجلس بمفردها لا تكفي لايجاد القانون ولكن ذلك ليس معناه ان مشروع قانون اقره ، المجلس يكون خالياً من القيمة التشريعية مادام الرئيس الأعلى لم يصدق عليه فالتصديق يعطيه قيمته التكميلية ولكن لا يكسبه أي صفة جديدة.
د. السيد صبري ـ مباديء القانون الدستوري ـ مصدر سابق ـ ص308 ـ 309 ـ 327.
د. محمد سليم غزوي ـ مصدر سابق ص134.
د. عثمان خليل ود. سليمان الطماوي ـ مصدر سابق ـ ص429.
2- د. محمد كامل ليله ـ القانون الدستوري ـ ص355.
3-د. سيد صبري ـ مبادئ القانون الدستوري ـ ص321.
4- المصدر ذاته ـ ص309.
5- د. مصطفى أبو زيد فهمي ـ مصدر سابق ـ ص479.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|