المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

دلالات العفو
4-3-2022
Charles Glover Barkla
27-4-2017
الحسن بن حبيش الأسدي
14-2-2017
المذكر
2023-03-02
رُفيع بن مهران
19-8-2016
متى أسلم الخليفة الاول أبو بكر؟
2024-10-19


الإنسان وسيادته على الأرض  
  
1086   08:13 صباحاً   التاريخ: 2023-11-08
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص344ــ347
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

لقد بدأت سيادة الإنسان على الأرض منذ أن بدأ بالعمل في مجال الزراعة ، ثم راح يفكر بعقله ويجد ويسعى حتى اكتشف تأثيرات العوامل الجوية والأرضية على الزراعة ، وساعده ذلك في تسخير جزء من الثروات الطبيعية للأرض لصالحه ، وراح يحصل على كميات كبيرة من الطعام خلال أقل ما يمكن من الوقت ، وقد ساهم ذلك في تطوير حياة الإنسان وتحسين ظروفه المعيشية .

قال النبي (صلى الله عليه وآله) : أكرموا الخبز فإنه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض وما فيها من كثير من خلقه(1).

الإنسان الأول والغذاء:

يقال إن الإنسان الأول كان قبل المرحلة الزراعية والحيوانية يتغذى على النباتات والأعشاب الطبيعية ، ثم أخذ يؤمن غذاءه من الصيد البري والبحري فالإنسان في، تلك الفترة كان يكرس كل وقته واهتمامه لتأمين غذائه، فكان يضطر إلى السعي وراء لقمة العيش من الصباح وحتى المساء ، يبحث كالحيوان في الصحاري والسهول والجبال والوديان عن فريسة يشبع بها بطنه ، وكان هذا البرنامج يتكرر كل يوم. ومن الطبيعي أن لا يكون لمثل هذا الإنسان مجال للتعقل والتفكر والاستفادة من استعداداته الباطنية لتحسين أوضاعه المعيشية.

«إن الإنسان البدائي كان إنساناً نباتياً يعيش بين أغصان الأشجار وأوراقها، ويتغذى على الأعشاب والنباتات ، تارة يضيف إلى غذائه جذوراً نباتية ، وتارة أخرى يضيف حيوانات صغيرة ، فلم يكن إنسان تلك الفترة قد عرف بعد الزراعة أو التربية الحيوانية ، فكان يعيش من خلال قطف أو سرقة ما يجده حواليه من طعام . ولهذا سميت تلك الفترة بفترة جمع الطعام ، وهذه الفترة كانت تشمل مرحلتين ، مرحلة الغذاء النباتي ومرحلة الغذاء الحيواني أو الصيد»(2).

انعدام الأمن الاقتصادي:

«لقد كان الإنسان الأول يعمد إلى تقطيع فريسته بعد اصطيادها قطعة قطعة وتناولها نيئة بما يملأ به معدته ، ذلك أن الحضارة بمعناها الاقتصادي من التموين والأمن لم تكن قد ظهرت بعد، وكان الحرص ضرورياً للبقاء وحفظ الذات. كان الإنسان الأول أشبه ما يكون في تناوله للطعام بكلاب اليوم ، لأنه لم يكن يعرف متى سيتناول وجبته التالية»(3).

«إن نشاط الإنسان الخاص الذي يميزه عن سائر الحيوانات هو في سعيه للتخلص من القيود التي تفرضها عليه الطبيعة ، وطالما كان الإنسان مضطراً لتكريس كل وقته من أجل الحصول على طعام يسد به جوعه ، فإنه لم يكن باستطاعته استخدام جانب كبير من قدرته في خوض غمار الحرب أو السياسة أو الإلهيات أو العلوم.

فهذه الأمور هي ثمرة طاقة العمل الانتاجية ، وهي ناجمة عن ترجيح كفة إنتاج الفرد على كفة طعامه المستهلك ، وكلما ازدادت نسبة ترجيح الكفة الأولى تضاعفت إمكانية تفرغ الإنسان للثقافة أو غيرها من المجالات»(4). 

بداية التكامل في ظل الزراعة:

جاءت ظاهرة الزراعة لتغير حياة الإنسان ، وتفتح أمامه آفاق الرقي والتكامل ، وتمهد له طريق تسخير الثروة الطبيعية.

فقد استطاع الإنسان عن طريق الزراعة وخزن المحاصيل تأمين احتياجاته المستقبلية من الغذاء وإنقاذ نفسه من كابوس المجاعة الذي كان يخيم على عقله وفكره ، وبالتالي فإنه حصل على مناسبة للتفكير بما من شأنه أن يحسن أوضاعه ، فبدأ بإطلاق استعداداته الواحد تلو الآخر ، ليتسلق من خلال ما توصل إليه في مجال العلم والعمل مدارج الرقي والتكامل، ويبسط سيادته على الكرة الأرضية.

إرساء أسس الحضارة :

لقد استطاع الإنسان من خلال الزراعة وخزن المحاصيل كغذاء سنوي له إرساء أسس الحضارة الإنسانية ، وفتح باب التعامل والتجارة ، وتشغيل جانب من قوى الأفراد في مختلف ميادين الحياة ، فجاب الفيافي والبحار ، وروض الحيوانات الوحشية ، وضاعف تدريجياً من استثمار الثروات الطبيعية ، ليوفر مقومات راحته وسعادته ومستلزمات عمارة الأرض التي أرادها الله سبحانه وتعالى.

«في بداية المرحلة الزراعية ، كان الإنسان مضطراً إلى عدم السفر والترحال، والسكن في مزرعته او قريباً منها وذلك لمراقبة محاصيله الزراعية. ومثل هذه الضرورة دفعت بالإنسان إلى التفكير في بناء بيت يأويه - وبناء بيت ثابت وقوي إستوجب على الإنسان البحث عن وسائل البناء ، فكان أن ابتكر صناعة الخزف والنسيج وغير ذلك من صناعات يدوية . وعلى أثر ازدياد المواد الغذائية إزداد العرض والطلب في الأسواق، وأقيمت في كل ناحية أسواق أسبوعية كان يسد الناس منها احتياجاتهم عن طريق المقايضة. وأخذت التجارة الخارجية تزدهر شيئاً فشيئاً وساهمت عملية تقسيم العمل والاختصاصات في تسهيل الكشف عن المعادن وترويض الخيل وصنع العجلة وتهيئة وسائل الملاحة إلى جانب دفع الانتاج وتوسيع التجارة ، وتوطدت العلاقات بين شعوب مختلف المناطق القريبة والبعيدة ، وهذا ما ساهم في قيام المدن التجارية»(5).

_________________________

(1) الكافي6، ص302.

(2) مبادئ علم الإجتماع، ص 277.

(3) مباهج الفلسفة، ص86.

(4) الآمال الجديدة، ص 35 .

(5) مبادئ علم الإجتماع، ص28. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.