أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-23
964
التاريخ: 2023-09-26
905
التاريخ: 2024-10-23
99
التاريخ: 2023-09-21
964
|
هو وليم أورت غلادستون، ولد بليفربول في 29 سبتمبر سنة 1809 ودرس في مدرسة أكسفرد الجامعة، وقد رأينا تمثاله فيها يباهي به أساتذتها كما يباهون بجميع ا الذين تلقوا الدروس فيها، واشتهر وهو في المدرسة بقوة العارضة في الخطابة، وكان يكره المتطرفين في السياسة ويقول قول المحافظين، فتوسم المحافظون فيه سمات الخبر وقالوا إنه سيكون من زعمائهم ولا سيما لأن ظل سلطتهم كان قد تقلص في ذلك الحين، وخيف من نزع مقاليد السياسة من الأمراء والوجهاء وإعطائها لعامة الشعب. وترشح لعضوية مجلس النواب فانتخب عضوًا من المحافظين سنة 1832، وأول خطبة ألقاها كانت دفاعًا عن أبيه في معاملة العبيد، فإنه كان ذا أملاك واسعة في الهند الغربية، واتهم بامتهان العبيد الذين فيها، فدافع عنه دفاعًا مُفحِمًا اختلب الألباب ببلاغته وحسن بيانه وجاهر حينئذ بكراهة الرق وبوجوب تحرير الأرقاء، ولكنه عارض الإسراع في تحريرهم كلهم دفعة واحدة لما في ذلك من الضرر عليهم وعلى أسيادهم فأعجب السامعون بفصاحته، والظاهر أن كبار رجال النقد وأصحاب الحل والعقد رأوا من ذلك الحين جوهره وأنبئوا بما سوف يكون منه، فلقبه كبيرهم ماكولي برجاء المحافظين. ولما أدليت الوزارة إلى السر روبرت بيل في آخر سنة 1834 عين غلادستون في نظارة المالية، وبعد شهرين عينه وكيلا لوزارة المستعمرات، وتقلبت الشئون السياسية حينئذ بسبب موت الملك وتنصيب الملكة فكتوريا وإعادة انتخاب مجلس النواب، فلم يُعيَّن له منصب سياسي حتى سنة 1841 فأُقيم نائبا لرئيس ديوان التجارة، ورئيسا لدار الضرابة ثم رئيسًا لديوان التجارة ثم وزيرًا للمستعمرات، ولكنه اضطر أن يستعفي من النيابة عن البلاد التي كانت تنيبه عنها؛ لأنه رأى مذهبه السياسي لا ينطبق على مذهب الأمير الذي له الشأن الأكبر في تلك البلاد فانتخبته مدرسة أكسفرد الجامعة نائبًا عنها. وامتاز من ذلك الحين على أكثر رجال السياسة بالشهامة والشفقة على المظلومين إلى حد ينسى معه غرضه السياسي، وزار نابلي سنة 1850 ورأى سجونها والفظائع التي تجري فيها فوصفها وصفًا اهتزت له أوروبا كلها فطبقت شهرته آفاقها. وفي تلك السنة مات السر روبرت بيل ففقد به صديقًا صدوقًا ومرشدًا أمينًا لكن موته لم يضر به بل كشف فضائله أمام الجمهور فعدَّته البلاد زعيمًا من أعظم الزعماء في مجلس نوابها، وأول خطبة أطارت شهرته في البلاد كانت ردا على دزريلي (لورد بيكنسفيلد)، فإن دزريلي يئس مرة من بقاء وزارته - وهو من الرجال الذين ينهض اليأس همتهم ويقوي عزيمتهم فخطب في مجلس النواب خطبة اختلبت الألباب ببلاغتها ومزقت الخصوم بأدلتها ونكتها، ولم يكد يجلس في كرسيه حتى انبرى له غلادستون وقاوم الحجة بالحجة والدليل بالدليل واستخرج الدر من بحار الفصاحة، واستنزل السحر من سماء البيان حتى لم يُبق في النفوس أثرًا لخطبة دزريلي، ومن تلك الساعة عُدَّ خطيبًا من أبلغ الخطباء الذين نبغوا في البلاد الإنكليزية، وابتدأ حينئذ النضال بين هذين البطلين المجربين دزريلي وغلادستون ودام أربعًا وعشرين سنة بلا انقطاع، وكان غلادستون قد عَدَل عن آراء المحافظين واعتنق مبادئ الأحرار، فعين وزيرا للمالية في وزارة اللورد بامرتسون، ولما قدَّم الميزانية للمجلس خطب فيه خطبة طويلة جدا دامت ساعات كثيرة، ولكن الحضور سمعوا كل كلمة منها بلهفة كأنهم يسمعون غناء أطرب المغنين. ويقال إن هذه الخطبة تستحق أن تُحفظ في دواوين الإنشاء والسياسة كما تحفظ صور أشهر المصورين في متاحف الفنون. وسنة 1865 تُوفي اللورد بامرستون فشكل اللورد رسل وزارة وجعل غلادستون رئيسًا لمجلس النواب، واتفقا كلاهما على توسيع نطاق الانتخاب وأنشآ لائحة في ذلك قدماها إلى المجلس فقاومها المحافظون وجم غفير من الأحرار، فسقطت الوزارة بسبب ذلك ودعي دزريلي لتأليف وزارة جديدة، ولكنه رأى أن لا بد له من السير في خطتهما من حيث توسيع نطاق الانتخابات. ثم التفت غلادستون إلى أرلندا وما فيها من الضيق فاهتم بإصلاح شئونها وتعليم شعبها وتوسيع نطاق التعليم في البلاد الإنكليزية كلها، وغلب الوزارة في أمور كثيرة فحل مجلس النواب وأعيدت الانتخابات فكانت الأكثرية من الأحرار، فجعل رئيسًا للوزارة وذلك سنة 1869 ، ومن ثم أخذ الإصلاح يتسع نطاقه في أرلندا وإنكلترا كلها، ودامت وزارته إلى سنة 1873 ثم غُلبت فاستعفى وأُعيدت الانتخابات فكان الفوز للمحافظين ورأس دزريلي الوزارة سنة 1874. وكثر اشتغال غلادستون حينئذ بالتأليف والتصنيف في المواضيع الأدبية والتاريخية، ثم حدثت حوادث البلغار فرمى الأقلام والدفاتر وهاج خواطر أوروبا كلها ضد الدولة العثمانية، وحُلَّ مجلس النواب الإنكليزي سنة 1880 وأعيد الانتخاب، ففاز الأحرار ورأس الوزارة والمشاكل كثيرة في كل مكان لكنه نجح في توسيع نطاق الانتخاب حتى كاد يكون عاما. ولم يصفُ لوزارته الزمان فحدثت في أيامها مشاكل كثيرة أهمها الثورة العرابية وسقوط الخرطوم، ثم قدم لائحة الاستقلال الإداري في أرلندا فانشق الأحرار بسبب ذلك وخرج كثيرون من مشاهيرهم واتحدوا مع المحافظين ضده فغلبوه، وما من أحد منهم ينكر عليه خلوص النية وحسن الطوية فيما أراده لأرلندا ولو كان غير ما تقضي به مصلحة إنكلترا، وتربع المحافظون في الوزارة إلى سنة 1892 وحينئذ أعيدت الانتخابات فأجلت عن فوز الأحرار بأكثرية قليلة فأُدليت رئاسة الوزارة إليه المرة الرابعة وفي غرة مارس من سنة 1894 خطب الخطبة الأخيرة في مجلس النواب، واستعفى في اليوم التالي؛ لأنه أصيب بالكتركتا في عينيه كلتيهما وعملت له عملية الكتركتا في شهر مايو، ولا يزال مُكيًّا على الأشغال العلمية والكتابات الجدلية في أشهر جرائد إنكلترا، وقد ناظر الأستاذ هكسلي مناظرة عنيفة في مجلة القرن التاسع عشر في العلم والوحي تدفقت فيها ينابيع البلاغة تدفقًا لا مثيل له؛ لأن الرجلين من أشهر كتاب العصر وأرفعهم منزلة وأكثرهم اطلاعا. وتذهلنا خطبه في مجلس النواب؛ فإنها كلها مفعمة بالمعاني والأدلة العقلية والنقلية، ولو كانت ارتجالية لأمر يدعو إليه الحال أو الجدال بينه وبين الخصم أو لإيضاح مشكل أو للرد على منتقد، فقد يتكلم ساعة كاملة لا يكرر عبارة ولا يتردد في قول ولا تغيب عن ذاكرته حادثة تاريخية ولا تفوته نكتة أدبية، أما كتاباته الجدلية فلا تخلو من الضعف إذا كانت المواضيع علمية طبيعية؛ لأنه ليس ثقة في موضوع منها. ولقد أجمع مشاهير الكتاب على أنه لم يفقه أحد في الخطابة والجدل من وزراء الإنكليز، والمرجّح أيضًا أنه لم يبلغ أحد شأوه فيهما حتى الآن. وسياسة غلادستون معروفة مشهورة، وهو مثل بامرستون في عزمه وحزمه، وينظر إلى الملكة كرقيبة على سياسة البلاد وممهدة لعقابها وهي تصب على حدته زيتا وبلسما، وتوفق بينه وبين خصومه بحكمة فائقة، كما يظهر من حوادث كثيرة تؤثر منها الحادثة التالية: دخل الوزارة سنة 1869 ومعه أكثرية عظيمة في مجلس النواب وهو عازم أن يُجري بواسطتها أمرًا للكنيسة الأرلندية لا توافق عليه الملكة ولا رئيس أساقفة كنتربري، فطلبت منه أن يقابل رئيس الأساقفة ويتفق معه على ما به المصلحة العامة، فقال لها: إن رئيس الأساقفة قد رفض كل اتفاق من هذا القبيل فلا سبيل له لمقابلته في ذلك، فكتبت من ساعتها إلى رئيس الأساقفة وقالت إنها قابلت غلادستون فرأته على تمام الاستعداد لمقابلته، وإنه راغب جدًّا في الاتفاق معه، وطلبت من رئيس الأساقفة أن يمهد السبيل لهذه المقابلة ولا يكون أقل رغبة منه في الاتفاق معه، فكتب رئيس الأساقفة إلى غلادستون فزاره غلادستون في اليوم التالي وشرح له مشروعه فاستحسنه وزالت أسباب الجفاء من بينهما. قد كان يوافيها دائمًا بخلاصة الخطب التي تتلى في مجلس النواب والمناظرات التي تدور بين أعضائه، ونسب نجاحها ونجاح مملكتها في عهدها إلى أنها «تدرك إدراكًا تاما شروط العهد العظيم المعقود بينها وبين شعبها وتعمل به.»
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|