المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24
نماذج التبدل المناخي Climatic Change Models
2024-11-24



الأنبياء وبناء الإنسان  
  
1465   02:51 صباحاً   التاريخ: 2023-09-14
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص412ــ415
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-20 1069
التاريخ: 5-4-2018 2201
التاريخ: 26-7-2022 1867
التاريخ: 2024-05-18 715

لقد بدأ الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم مناهجهم التربوية بهدف بناء الإنسان بإحياء فطرة التوحيد في أعماق الناس ، وراحوا في ظل الإيمان بالله يحثون الناس على أداء واجباتهم الإنسانية والتحلي بمكارم الأخلاق، مؤكدين لهم أن عبادة الله والرأفة بعباده فيها مرضاة الله ، وفي الحصول على مرضاة الله لذة للإنسان المؤمن تفوق كل اللذات.

قال الإمام الصادق (عليه السلام) : أوحى الله عز وجل إلى داود، يا داود بي فافرح وبذكري فتلذذ وبمناجاتي فتنعم(1).

فالمؤمنون الحقيقيون بالله سبحانه وتعالى يمدون يد العون إلى البؤساء ويطعمون المساكين من منطلق حب الغير وأداء الواجب الإنساني ، وليس هدفهم من وراء هذه الخدمة الصادقة الحصول على مدح الناس وثنائهم ، إنما لذتهم في هذه العبادة هي نيل رضى الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 9].

اللذة في ظل الإيمان:

لقد ضاعف أنبياء الشه بتعاليمهم السماوية من سبل الملذات للإنسان وجعلوها خارج نطاق الشهوات الحيوانية ، فزادوا من قوة إدراكه الباطني وأفهموه أن الإنسان المؤمن قادر على إصابة اللذات المادية والمعنوية إلى جانب بعضها البعض الآخر.

عن ابي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال: لهو المؤمن في ثلاثة أشياء، التمتع بالنساء ومفاكهة الإخوان والصلوة بالليل(2).

في هذا الحديث نجد أن الإمام الباقر عليه السلام قد ذكر ثلاثة سبل لتمتع الإنسان المؤمن بموازاة بعضها البعض . فما من أحد إلا ويدرك لذة التمتع بالنساء والمزاح مع الإخوان لما لهما من طابع مادي ، بيد أن اللذة المعنوية لصلاة الليل لا يمكن أن يدركها إلا من كان قلبه مفعماً بحب الله وآمن به حق إيمانه ، وإلا فإن الحديث عن لذة صلاة الليل لغير المؤمن أشبه ما يكون بالحديث مع المكفوف منذ ولادته عن لذة الجمال.

قمع الميول الروحية:

إن من يركز اهتمامه في حياته على البعد الحيواني ويتجاهل الأبعاد المعنوية والإنسانية ، فإنه يبحث عن سعادته في إشباع غرائزه الحيوانية وشهواته النفسيه ، وليس له نصيب من اللذات المعنوية والروحية .

قال المسيح (عليه السلام) في إحدى مواعظه الحكيمة: بحق أقول لكم إنه كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذه مع ما يجده من شدة الوجع ، كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ العبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب المال(3).

فالذي ينمي البعد المعنوي في نفسه ويصبح إنساناً حقيقياً لا يمكن أن يكون أسير لذاته المادية وغرائزه الحيوانية، لأن اهتمامه ينصب على اللذات الروحية والإنسانية ، ويستفيد من اللذات المادية بما يرضي الله سبحانه وتعالى ويحفظ له إنسانيته .

الامرة وإقامة الحق:

قال عبد الله بن عباس دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) بذي قار وهو يخصف نعله فقال لي : ما قيمة هذا النعل ؟ ، فقلت : لا قيمة لها ، فقال (عليه السلام) : والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلا(4).

إن الرئاسة والحكومة ما هي إلا وسيلة لإشباع غريزة حب السلطة والتفوق وواحدة من اللذات المادية. أما إقامة العدل وإزهاق الباطل فهما دليلان على الإنسانية يحققان للإنسان لذة روحية ومعنوية . فالذي لا يهدف إلا إلى بلوغ لذة مادية فإنه يسر ويتلذذ بمجرد وصوله إلى كرسي الرئاسة والسلطة ، أما ذاك الإنسان الواقعي فإن لذته من الحكم والسلطة هي في إقامة العدل ، وإن لم يتمكن من ذلك فإنه لا يجد أي قيمة للسلطة وإشباع غريزة حب السلطة.

وبخلاصة فإن لذة الإنسان في الأديان السماوية ولا تنحصر بالبعد المادي وإشباع الغريزة الحيوانية بل تتعدى ذلك إلى حب الغير وإشباع الميول الإنسانية التي يتلذذ بها الإنسان المؤمن ويشعر بالفرح والسرور .

إن الشاب المؤمن بالله سبحانه وتعالى وبالتعاليم الإسلامية والمناهج الدينية قادر على الإستفادة من ساعات فراغه في إشباع غريزتي حب الذات وحب الغير لديه ، فهو من جهة يستجيب لغرائزه الحيوانية وأمانية المادية من خلال إصابة اللذات المشروعة ، ومن جهة أخرى يستمتع باللذات الإنسانية والمعنوية من خلال عبادة الله تبارك وتعالى وخدمة خلقه.

__________________________

(1) أمالي الصدوق، ص 118.

(2) سفينة البحار2، (لها) ، ص519.

(3) بحار الأنوار17 ، ص 256.

(4) نهج البلاغة، الخطبة 33. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.