أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-21
1299
التاريخ: 31-1-2023
1275
التاريخ: 2023-03-08
952
التاريخ: 2023-03-17
2300
|
هذا يعود إلى تعدّد الأغراض التي تَهدِفُها القصّة في مجال التربية ، وليست القصّة إذا ذُكرت مرّةً استَنفَدَت أغراضَها الدينيّة والتربويّة ، ليكون التحدّث عنها مرّةً أُخرى عبثاً وتَكراراً للمُكرَّر !
القصّة إذا كانت ذات جوانب عديدة فإنّها إنّما تُذكر كلّ مرّة بلحاظ جانبٍ منها مُناسب للحال والمقام ، وقد يُعفى هذا الجانب ويُلحظ جانب آخر في مناسبة أُخرى وهكذا لعدّة مرّات .
وأكثر القَصَص تَكراراً في القرآن حديث موسى و فرعون وتأريخ حياة بني إسرائيل ؛ ذلك أنّ اليهود كانت جاورَت العرب مُنذ حين ، وكانت العرب تعرف مِن شأنهم وتُعظِّم مِن قَدْرِهم ما لا تكاد تعرفه أو تُقدِّره من سائر الأُمَم ، وكانت الأدوار التي مرّت على حياة بني إسرائيل ومواقفهم مع الأنبياء أشبه بحالات كانت تَعتَور العرب حين ظهر الإسلام ، فكانت العلاقة وثيقة بين الحياتَينِ ، تلك في غابرها الماضي وهذه في حاضرها الراهن .
والمُلاحَظ في تَكرار قصّة نبيّ اللّه موسى ( عليه السلام ) الفَرق بين رُوحها العامّة عندما تُذكر في السور المكّيّة ، ورُوحها في السور المدنيّة ، فإنّما تؤكِّد في القَصَص المكّي منها على العلاقة العامّة بين موسى من جانبٍ وفرعون وملأه مِن جانبٍ آخر ، دون أنْ تَذكر أوضاع بني إسرائيل تجاه موسى نفسه ، إلاّ في موردَينِ يُذكر فيهما انحراف بني إسرائيل عن العقيدة الإلهيّة بشكلٍ عام ، وهذا بخلاف الروح العامّة لقصّة موسى في السور المدنيّة ، فإنّها تتحدّث عن علاقة موسى مع بني إسرائيل ، وتتحدّث عن هذه العلاقة وارتباطها بالمشاكل الاجتماعيّة والسياسيّة .
وهذا قد يدلّنا على أنّ هذا التَّكرار للقصّة في السور المكّيّة إنّما كان ؛ لمعالجةٍ روحيّةٍ تتعلّق بحوادث مُختلفة واجهَتْ النبيّ والمسلمين ومشاكلهم مع المشركينَ ، ومِن أهداف هذه المُعالجة تَوسِعَة نِطاق المَفهوم العامّ الذي تُعطيه القصّة في العلاقة بين النبيّ والجبّارين مِن قومه ، وأنّ هذه العلاقة لا تختلف فيها حادثة عن حادثة أو موقف عن موقف ، والتأريخ يُكرِّر نفسه .
وهكذا يختلف سرد قَصَص نوح وإبراهيم وسائر الأنبياء ، باختلاف الأحوال التي كان يُعالجها المسلمون في طُول الدعوة ، فأطواراً بمكّة وأطواراً بالمدينة حسب تغيّر الأوضاع .
ومن الناحية الأدبيّة أيضاً نرى القرآن عند ما يُكرِّر الحديث عن حادث أو عن ظاهرة طبيعيّة ، فإنّه لا يُكرِّرها إلاّ وفي هذا التَّكرار نُكتة وظرافة لاحَظَها حَسَب المُناسبة ، الأمر الذي يزيد في بلاغة البيان القرآني وربّما إلى حدّ الإعجاز ، إذ يعني ذلك : أنّ بإمكانه سرد قصّة واحدة بأنحاء وأشكال ، كلّ مرّة يأتي بالعجيب من الكلام ، بحيث لا يَملّ السامعُ من الإصغاء ، حتّى ولو سَمِعها في عدّة مواطن ، فإنّه لا يَمجّها لمرّة أُخرى وأُخرى ؛ لِما في كلّ مرّة من طَراوةٍ وإبداءِ شيء جديد ، وفي كلّ جديد لذّة ! وقد عُدّ ذلك وجهاً من وجوه إعجاز القرآن في بديع بيانه .
ولتاج القُرّاء أبي القاسم محمود بن حمزة الكرماني تَصنيف لطيف بهذا الشأن ، ذَكَر فيه الفوارق البديعيّة في مُكرَّرات الآيات ، وأبدع في ذلك ، اقتطفنا منه قَبَسات عند الكلام عن الإعجاز البياني للقرآن (1) .
_____________________________
(1) نُكَت وظُرف فيما تكرّر من الآيات ، التمهيد ، ج5 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|