شرح (يا إلٰهي وَسَيِّدِي وَرَبّي، أتُراكُ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوحِيدِكَ). |
1320
10:42 صباحاً
التاريخ: 2023-08-03
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-12
221
التاريخ: 2023-07-29
1322
التاريخ: 2023-05-23
1773
التاريخ: 2024-05-01
607
|
الهمزة: للاستفهام الإنكاري، و«ترى»: مضارع «رأى»، وقياسه: «ترأى» في مضارعه، كـ «تخشى»، ولكن العرب أجمعت علىٰ حذف الهمزة من مضارعه، فقالوا: يرى، يريان، يرون، من الرؤية.
والكاف مفعوله الأول، وجملة: (معذّبي بنارك) مفعوله الثاني، وكلمة (بعد) من ظروف الغايات.
وتوحيده تعالى تمييزه عن خلقه، وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة، فهو تعالى واحد؛ إذ ليس له شريك واحد؛ لأنّه بسيط وليس له جزء.
النسبة بين الأحدية والواحدية:
وبين الأحدية والواحدية ـ كما قرّر في محلّه ـ عموم من وجه؛ لاجتماعهما في الحقّ البسيط الصرف المحض، وفي العقول، سيّما علىٰ مذهب الإشراقيين؛ لأنّهم يقولون: إنّها وجودات وأنوار بحتة لا ماهية لها، والتفاوت بينها وبين الوجود الواجبيّ بالشدّة والضعف.
وكذا في النوع البسيط الذي هو هيولى عالم العناصر علىٰ طريقة المشّائين، حيث إنّها مخالفة بالنوع الهيولىٰ عالم الأفلاك، فلا شريك لها من نوعها، وهي بسيطة؛ لأنّ جنسها مضمّن في فصلها، وفصلها مضمّن في جنسها، وإن كان لها شريك في جنسها ووجودها، وكان لها أجزاء عقلية، كما عرفت بأنّها جوهر مستعد، أو ماهية ووجود. وتفارق الأحديّة عن الواحديّة في النقطة، من حيث انتفاء الأجزاء المقداريّة عنها. وكذا في الأعراض من الماهيّات التامّة، من حيث انتفاء الأجزاء الخارجيّة عنها، وإن كان لها الأجزاء العقليّة. وكذا في الأجناس العالية والفصول الأخيرة من الماهيّات الناقصة، من حيث انتفاء الأجزاء العقلية عنها. وتفارق الواحديّة عن الأحديّة في الأجرام الفلكيّة من الأفلاك الكلّية والجزئيّة والكواكب السيّارة وغيرها، إذ كلّ منها نوعه منحصر في فرده، ولا شريك له في نوعه، وإن كان لها شريك في جنسها ووجودها، ولو اعتبر النفي بالكلّية كانتا من الصفات المختصة بالله تعالى؛ لأنّ ما سواه من الموجودات لا يخلو من شيء منها من الشريك في الوجود، بخلافه تعالى فإنّه لا شريك له في الوجود، كما لا ثاني له في الموجود.
وما من موجود إلّا وهو زوج تركيبيّ له ماهيّة ووجود، بخلافه تعالى؛ إذ لا ماهية له، بل ماهيته إنيّته وتأكّد وجوده ووجوبه.
برهان أحديته وواحديته تعالى:
وأمّا بيان أحديته تعالى وكونه وجوداً صرفاً: لأنّه إن كان ذاته مركّبة من الأجزاء مطلقاً فلا يخلو: إما أن تكون الأجزاء موجودة بوجود واحد، أو بموجودات متعدّدة.
الأول: تكون أجزاء عقلية من الجنس والفصل والماهية والوجود.
والثاني: قسمان؛ فإنّ الأجزاء مع كونها موجودة بموجودات متعددة، إمّا أن تكون متّحدة في الوضع فهي الأجزاء الخارجية من المادّة والصورة، وإمّا غير متّحدة في الوضع وهي الأجزاء المقداريّة.
فهو تعالى بريء عن جميع هذه؛ لأنّه ليس جسماً حتّى تكون له المادّة والصورة، وكذا الأجزاء المقداريّة التي من لواحق الجسم، وليس نوعاً حتى تكون له الجنس والفصل، وكذا لا ماهيّة له حتى تكون له الأجزاء التحليليّة العقليّة، بل هو وجود صرف، والوجود بسيط محض.
في الاستدلال علىٰ توحيده تعالى:
وأمّا بيان واحديّته تعالى ونفي الشريك عنه، فكما قيل في المشهور: إنّه لو كان الواجب لذاته متعدّداً لا بدّ من امتياز كلّ منهما عن الآخر، فإمّا أن يكون امتياز كلّ منهما عن الآخر بذاته، فيكون مفهوم وجوب الوجود محمولاً عليهما بالحمل العرضي، وكلّ عرضي معلّل، وقد قرّر بطلانه. وإمّا أن يكون الامتياز ببعض الذات فيلزم التركيب، وكلّ مركّب محتاج إلى الأجزاء، وكلّ محتاج ممكن، هذا خلف.
وإمّا أن يكون الامتياز بالأمر الزائد على ذاتيهما، فذلك الزائد إمّا أن يكون معلولاً لذاتيهما، وهو مستحيل؛ لأنَّ الذاتين إن كانتا واحدة كان التعيين أيضاً واحداً، فلا تعدّد، هذا خلف. وإن كانتا متعددتين كان وجوب الوجود عارضاً لهما، وقد ظهر بطلانه.
وإمّا أن يكون معلولاً لغيرهما، لزم الافتقار في التعيّن إلى الغير، وكلّ مفتقر إلىٰ غيره في تعيّنه مفتقر إليه في وجوده؛ إذ التعيّن إمّا عين الوجود أو مساوق له، فيكون ممكناً، هذا خلف. فقد ثبت توحيد واجب الوجود بالذات جلَّ برهانه.
وهاهنا شبهة عويصة منسوبة إلى ابن كمونة، وقد أجابه صدر المتألّهين الشيرازيّ (قدّس سره)، في الأسفار (1)، من شاء فليرجع إليه.
وقد ذكر الحكماء حججاً وبراهين كثيرة علىٰ توحيده تعالى، والحال أنّه غنيّ عن الحجج والبراهين، بل ذاته بذاته برهان ودليل على ذاته، كما في الدعاء: (يا من دلّ علىٰ ذاته بذاته) (2).
وفيه أيضاً: (مَتى غبتَ حَتَّى تَحتاجَ إلى دَليلٍ يَدُلُّ عَلَيكَ وَمَتى بَعُدتَ حَتَّى تَكونَ الآثارُ هيَ الَّتي توصِلُ إلَيكَ، عَميَت عَينٌ لا تَراكَ عَلَيها رَقيباً وَخَسِرَت صَفقَةُ عَبدٍ لَم تَجعَلَ لَهُ مِن حُبِّكَ نَصيباً) (3).
(اعرفوا الله بالله، والرسول بالرسالة، واُولي الأمر منكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (4).
فهذا القليل الذي ذكرت في توحيده تعالى من أقوال الحكماء كافٍ في هذا المختصر لمن له قلب سليم أو ألقى السمع وهو شهيد.
فقوله: (بعد توحيدك) أي بعد توحيدي إيّاك، اُضيف المصدر إلىٰ المفعول. يريد أنّك تعذّب بنارك الموحّدين والعارفين بحقّك؟! لا والله، أنت أجلّ وأرفعُ من أن تعذّب موحّديك، وتولّه مفرديك ومحبيك.
____________________________
(1) «الحمة المتعالية» المشهور بالأسفار الأربعة، ج 1، ص 133.
(2) «بحار الأنوار» ج 91، ص 243
(3) «الإقبال» لابن طاووس، ص 660.
(4) «الكافي» ج 1، ص 85، ح 1، وفيه: «والعدل والإحسان» بدل: "والنهي عن المنكر".
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|