أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-11
780
التاريخ: 11-9-2016
7682
التاريخ: 2023-08-21
1153
التاريخ: 2024-01-03
1292
|
ولقد رأينا الرومان حكموا الشام سبعة قرون وخرجوا منه، وهم لم ينهوا بناء هيكل الشمس في بعلبك، على كثرة من ساقوهم من الخلق ليعمروه، ومن سوء حظ العرب في الإسلام مع هؤلاء الناقمين عليه، أن السخرة محظورة في شريعتهم؛ ولذلك كانت مصانعهم مما عمر على الأغلب بأموال الملوك والخلفاء والأمراء وأهل الخير، فجاءت أعمال أفراد لا أعمال جماعات، ولكل أمة أسباب قاهرة ليس في مكنتها التفلت من قيودها، ولكل جماعة مصطلح لا تخرج عنه؛ لأنه ربيب عاداتها وأليف خلقها وروحها. يقول ابن خلدون (1) إن الهياكل العظيمة جدًّا، لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة، والدول العربية لم يطل عهد حكمها قرونًا، كما كانت آماد أمم القبط والنبط والروم والعرب الأولى من عاد وثمود والعمالقة والتبابعة ؛ ولذلك لم تقم للمسلمين العرب مصانع عظيمة كأهرام مصر ، وسد مأرب، وإيوان كسرى، تخلد ذكرى ملوكهم، وتنم عن مدى تفننهم في صناعاتهم، ومن أجل هذا استغنى المسلمون بما وجدوا من مباني غيرهم، وعمروا ما اشتدت حاجتهم إليه بالطرق المشروعة، ومع هذا كُتب لهم في زمن قصير أن يشيدوا مصانع بلغت من الإبداع مبلغًا تعرفه العين لأول نظرة؛ لأنها لم تألف رؤية أمثاله، كما قال أحد الفلاسفة المعاصرين وهناك شيء آخر وهو أن بعض مصانع العرب لم تعمر بالحجر الصلد، بل اتخذ لها في الغالب الآجر والقرمد والخشب والأتربة، فكان فعل الطبيعة فيها عظيمًا، ويقول سكريتان (2) منذ استعاض الغرب عن البناء بالخشب، وألف البناء بالحجر، ظهرت مدنه ومصانعه بمظهر غير مظهرها، وقد أبطأ الشرق في البناء بالحجر خيف الزلازل. ومن ينكر على الرومان تفردهم بين الأمم بإقامة المصانع العجيبة التي أعجب بها کلرمون جانو وكثير قبله وبعده من أمم الإفرنج، أحفاد الرومان وورثة مجدهم، ولكن هذا الإعجاب بما صنعوا لا ينفي أنهم كانوا كاليونان يستبيحون ارتكاب (3) كل منكر مع أعدائهم الذين جاهروهم العداء؛ فكانوا لا يتحرجون من قتل العزل من أسلحتهم ومن بيع الأسرى كالرقيق، ومن نهب المدن وحرق القرى، ومع أن هذا الظلم لم يرتكب مثله التتر وبرابرة الشمال، فإن المتغني بعدل الرومان واليونان المأخوذ بالإعجاب بما تركوا من مصانع وتماثيل، يحاول تمجيدهم في كل شيء بالباطل والحق، حتى ليعتذر عن ظلمهم وتعذيبهم، ويصورهم كأنهم المثل الأعلى في الإنسانية، والبعد عن الصغائر. ولكل أمة لو أنصفنا مساوئ ومحاسن، تساوى في ذلك القديم والحديث والصغير والكبير منها.
....................................
1- مقدمة ابن خلدون.
2-الشعب والأخلاق لهنري سكريتان. .Henri Secrétan: La Population ET les mœurs
3- السياسة لبلونشلي Bluntschli: La Politique
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|