أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2014
5609
التاريخ: 2-08-2015
5671
التاريخ: 23-10-2014
5840
التاريخ: 5-4-2016
5305
|
إنّ حقيقة القرآن أسمى من أنْ تدركها العقول، وأوسع من أن تحيطها قوالب الألفاظ, لأنّ الألفاظ موضوعة بإزاء معانٍ مجعولة ومُدرَكَة من قِبَل البشر، في حين أنّ حقيقة القرآن حقيقة إلهية تنطوي على أعمق المعارف المعنوية. وقد قضى الله تعالى أن يُلبِسَ هذه الحقيقة لباس الألفاظ، ليتسنّى للناس فهم القرآن.
وذكر العلامة الطباطبائي (قدس سره) في صدد تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾[1] أنّ:الضمير (مرجعه) للكتاب، و ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾, أي مقرؤاً باللغة العربية، و ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ غاية الجعل وغرضه. وجَعْل رجاء تعقّله غايةً للجعل المذكور يشهد بأنّ له مرحلة من الكينونة والوجود لا ينالها عقول الناس، ومن شأن العقل أن ينال كلّ أمر فكري وإن بلغ من اللطافة والدقّة ما بلغ. فمفاد الآية: أنّ الكتاب بحسب موطنه الذي له في نفسه أمر وراء الفكر، أجنبي عن العقول البشرية، وإنّما جعله الله قرآناً عربياً وألبسه هذا اللباس, رجاء أن يستأنس به عقول الناس فيعقلوه... وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ تأكيد وتبيين لما تدلّ عليه الآية السابقة من أنّ الكتاب في موطنه الأصلي وراء تعقّل العقول. والضمير للكتاب، والمراد بأمّ الكتاب: اللوح المحفوظ, كما قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ [2]، وتسميته بأمّ الكتاب لكونه أصل الكتب السماوية, يُستَنسَخ منه غيره، والتقييد بأمّ الكتاب و﴿لَدَيْنَا﴾ للتوضيح لا للاحتراز، والمعنى: أنّه حال كونه في أمّ الكتاب لدينا - حالاً لازمةً - لعلّي حكيم... والمراد بكونه عليّاً على ما يُعطِه مفاد الآية السابقة أنّه رفيع القدر والمنزلة من أن تناله العقول، وبكونه حكيماً أنّه هناك محكم غير مفصّل ولا مجزّأ إلى سور وآيات وجمل وكلمات, كما هو كذلك بعد جعله قرآناً عربياً, كما يستفاد - أيضاً - من قوله تعالى: ﴿...كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾[3]. وهذان النعتان -أعني كونه عليّاً حكيماً - هما الموجبان لكونه وراء العقول البشرية, فإنّ العقل في فكرته لا ينال إلا ما كان من قبيل المفاهيم والألفاظ أولاً، وكان مؤلّفاً من مقدّمات تصديقية يترتّب بعضها على بعضها الآخر, كما في الآيات والجمل القرآنية، وأمّا إذا كان الأمر وراء المفاهيم والألفاظ، وكان غير متجزّء إلى أجزاء وفصول, فلا طريق للعقل إلى نيله. فمحصل معنى الآيتين: أنّ الكتاب عندنا في اللوح المحفوظ ذو مقام رفيع وإحكام لا تناله العقول لذينك الوصفين، وإنّما أنزلناه بجعله مقروأً عربياً رجاء أن يعقله الناس[4].
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|