أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
3676
التاريخ: 9-5-2017
2493
التاريخ: 29-1-2016
2305
التاريخ: 31-1-2016
11933
|
سنبحث في هذا الموضوع الأساس الشرعي للدفوع أولاً وأساسها القانوني ثانياً, وكالآتي :
أولاً : الأساس الشرعي للدفوع .
وردت أدلة مشروعية الدفع في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ؛ وكالآتي :-
1- في القرآن الكريم .
أ - قوله تعالى : " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يُفلح الظالمون * ولقد همت به و هم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين * واستبقا الباب وقدت قميصه من دُبُر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يُسجن أو عذاب اليم قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قُدَّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين (1).
وجه الدلالة من الآيات هو أن سيدنا يوسف * عند إتهام امرأة العزيز له بمحاولة اغتصابها, أنه دفع التهمة عن نفسه كما ورد في قوله تعالى : " هي راودتني عن نفسي ", ويقول الطبري في تفسيره لهذه الآية, قال يوسف لما قذفته امرأة العزيز بما قذفته من إرادته الفاحشة منها مكذباً لها في ما قذفته به ودفعاً لما نُسب إليه ما أنا راودتها عن نفسها بل هي راودتني عن نفسي (2).
ب - قوله تعالى : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجةً ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب A قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه وإن كثيراً منَ الخُلطاء ليبغي بَعضَهُم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هُم وَظَنَ داود إنما فتناه فاستغفر ربه وكر راكعاً وأناب (3).
وجه الدلالة من الآيات أن حكم القاضي يبطل إذا لم يسمع لأطراف الخصومة, فنبي الله داود * حينما أصدر حكمه قبل سماع حجة الطرف الآخر من الخصومة, علم أن حكمه قد أصابه خلل فسارع الى الاستغفار والتوبة وكان في هذا توجيه من الله سبحانه وتعالى لنبيه داود وإنذار لمن يتولى القضاء بين الناس أن الحكم بظاهر حجة خصم دون سماع حجة الآخر هو ميل عن الحق وإتباع للهوى .
2- السنة النبوية المطهرة
أ – ما جاء في وصية رسول الله (*) للإمام علي ابن ابي طالب ( * )عندما بعثه لليمن قاضياً. إذ قال (*) : بعثني رسول الله (*) الى اليمن قاضياً, فقلت : يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك, فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول, فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء, قال فما زلك قاضياً وما شككت في قضاء بعد " (4).
ب – ما جاء في رسالة الفاروق (*) والتي وجهها الى قاضيه أبي موسى الأشعري, إذ نذكر منها قوله : "... آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك ... وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكـر عنـد بـدء الخصومة... (5).
يقول الإمام السرخسي, القلق الحدّة والضجر رفع الصوت في الكلام فوق ما يحتاج اليه . والقاضي منهي عن ذلك لأنه يكسر قلب الخصم به ويمنعه من إقامة حجته, ويشتبه على القاضي بسببه طريق الصواب, وربما لا يفهم كلام أحد الخصمين . ولا ينبغي للقاضي أن يُظهر الملل من الخصوم مالم يجاوزوا الحد . والتنكّر للخصوم هو أن يُقطب وجهه إذا تقدم إليه خصمان فإن فعل ذلك مع أحدهما فهو جوز منه وإن فعله معهما ربما عجز المحق عن إظهار حقه فذهب وتركه (6).
ج - ما ورد في وصية الإمام علي (*) الى محمد بن أبي بكر حين قلده إمارة مصر, نذكر منها قوله (*) : " ... فأخفض لهم جناحك, وألن لهم جانبكَ, وابسط لهم وجهك وآس بينهم في اللحظة والنظرة حتى لا يطمع العظماء في حيفك ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم ... (7).
مما تقدم نخلص الى أنه يجب على القاضي سماع الخصوم وإتاحة حق الدفاع لهم. ذلك الدفاع الذي يرتكز في النظام الإسلامي على المساواة بين الخصوم في مجلس القضاء في الجوهر، والمظهر والسلام ، والكلام ، والنظر ، والإنصات ، والعدل في الحكم . وقد قيل - وبحق - إن القاضي الجيد هو الذي يصنع العدالة الجيدة ، لأن من ينحاز لهذا الطرف او ذاك سيجد من الصعب عليه اتخاذ قرار صحيح وعادل ، ما دام قد عبث بالميزان قبل الوزن ، فالحياد هو خلاصة نزاهة الحكم (8).
ثانياً : الأساس القانوني للدفوع .
سنبحث هذا الأساس على الصعيدين الدولي والداخلي (الوطني), وكالآتي :
1- الأساس الدولي للدفوع .
لم تتضمن الاتفاقيات الدولية وإعلانات الحقوق نصاً صريحاً حول الحق في إبداء الدفوع الشكلية، وإنما تضمنت نصوصاً حول الحق في الدفاع بصورة عامة . والحق الأخير – هو أساس الحق الأول ، وسنستعرض هذه النصوص كالآتي :
أ - الإعلان العالمي لحقوق الانسان
حرص ميثاق الامم المتحدة في المادة (2) على إن من بين أغراض هذه المنظمة تطوير وتشجيع احترام حقوق الإنسان الأساسية والتي منها حقوق الدفاع . وفي إطار هذا الميثاق أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر سنة 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي نص في المادة (10) على أن : " لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه اليه ". كما نصت المادة (1/11) على أن : " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً الى ان تثبت إدانته قانونياً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه ".
ب - الاتفاقية الأوربية لعام 1950 بشأن حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
حرصت هذه الاتفاقية على تأكيد احترام الحقوق التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . وقد نصت المادة (5) على أنه : " لكل إنسان الحق في أن تعرض قضيته, وفي أن تسمع بعدل وعلانية, وفي فترة معقولة, عن طريق محكمة مستقلة محايدة, منصوص عليها بواسطة القانون تحكم على أساس ثابت في كل إتهام جنائي موجه ضدّه ". كما نصت المادة (3/6) على أن : " لكل شخص متهم بجريمة الحقوق التالية كحد أدنى... ب - أن يكون له الوقت الكافي والإمكانيات لإعداد دفاعه . ج – أن يدافع عن نفسه بشخصه او عن طريق مساعدة قانونية من اختياره, او إذا لم تكن لديه الإمكانيات الكافية لكي يدفع مقابل المساعدات القانونية أن تهيأ له بلا مقابل حينما تتطلب ذلك مصلحة العدالة ".
ج - العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 (9).
تضمنت هذا العهد العديد من النصوص التي تشير الى ضمانات مختلفة للمتهم, منها ما جاء في المادة (3/14) التي نصت على أن : " لكل فرد, عند النظر في أية تهمة جنائية ضده, الحق في الضمانات التالية كحد أدنى مع المساواة التامة : ... د- أن تجري محاكمة بحضوره وأن يدافع عن نفسه بنفسه او بواسطة مساعدة قانونية يختارها هو وأن يُبلغ عندما لا يكون لديه أية مساعدة قانونية بحقه في أن تعين له مساعدة قانونية في أية حالة تستلزمها العدالة ودون أن يدفع مقابل ذلك إذا لم تكن موارده كافية لهذا الغرض " (10).
2- الأساس الداخلي (الوطني) للدفوع .
أ – في الدساتير .
نصت المادة (20) من الدستور العراقي لسنة 1970 الملغى على أن : " حق الدفاع مقدس في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة " ، تقابلها المادة (69) من الدستور المصري لعام 1971 الملغي والتي نصت على أن : " حق الدفاع أصالة او بالوكالة مكفول ..." . ونصت المادة (19/ رابعاً) من الدستور العراقي لعام 2005 على أن : " حق الدفاع مقدَّس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة " ، تقابلها المادة (98) من الدستور المصري لعام 2013 النافذ إذ نصت على أن : " حق الدفاع أصالة او بالوكالة مكفول ..." .
أما في فرنسا فقد جاء في ديباجة الدستور الفرنسي لعام 1958 النافذ ما نصه : " يعلن الشعب الفرنسي رسمياً تمسكه بحقوق الإنسان وبمبادئ السيادة الوطنية مثلما حددها إعلان 1789 وأثبتتها وأتمتها ديباجة دستور 1946..." . ومن المعلوم أن من بين تلك الحقوق الحق في الدفاع .
ب - في القوانين الإجرائية .
لم يتضمن قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 المعدل النافذ, نصاً صريحاً حول حق أطراف الدعوى الجزائية بإبداء الدفوع الشكلية ، وإنما تضمن نصوصاً عامة تحدثت عن الحق في الدفاع ، كما في المواد (159/ أ ، 181 / د ، 190 / ب ، 230 ، 231 ، 361) . ولما كان قانون المرافعات المدنية العراقي - وكما أسلفنا - هو المرجع لكافة القوانين الإجرائية فيما لم يرد به نص ، فقد نصت المواد (73 (81) على حق الخصوم في إبداء الدفوع الشكلية .
والقول ذاته يُصدَّق بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية المصري رقم (150) لسنة 1950 النافذ ، فلم يتضمن هو الآخر نصاً صريحاً حول الحق في إبداء الدفوع المختلفة ، وإنما تضمن نصوصاً عامة حول الحق في إبداء الدفوع بصفة عامة وذلك في المواد 81 ، 82 ، 311 ، 419) . بينما نص قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على حق الخصوم في إبداء الدفوع الشكلية والدفوع بعدم القبول وذلك في المواد (108 109، 112، 115، 116) .
______________
1- سورة يوسف, الآيات (23 – 26).
2- انظر: تفسير الطبري من كتابه جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، المجلد (الرابع) ، ط1، مؤسسة الرسالة للطباعة ، بيروت ، 1994، ص 346.
3- سورة ( ص ) الآيتان (23 و 24).
4- رواه ابو داود سليمان بن الأشعث ، سنن ابي داود ، ج3، دار الحديث ، القاهرة ، 1988، ص 299-300.
5- انظر: د. حامد الشريف, فن المرافعة امام المحاكم الجنائية, شركة الجلال للطباعة, دار الفكر الجامعي الإسكندرية (بدون سنة طبع). , ص .269-268
6- انظر: شمس الدين السرخسي, المبسوط, ج 16 ط 2, دار المعرفة للطباعة والنشر, بيروت, ص 64 65.
7- انظر: إبن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، المجلد الثالث ، دار الأندلس للنشر والطباعة والتوزيع ، بيروت ، (بدون سنة طبع) ، ص 439 .
8- انظر : د. فرانسوا جورف ، أحكام القضاء ، ترجمة عبد الرسول الجصاني ، (بدون مكان طبع) ، 2006، ص 140. أشار إليه : ميثم فالح حسين ، حق السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية ، رسالة ماجستير, كلية القانون - الجامعة المستنصرية ، 2011، ص112.
9- جدير بالذكر أن العراق صادق على هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم (193) لسنة 1970, والمنشور في جريدة الوقائع العراقية, العدد (1927) في 1970/10/7 .
10- توجد نصوص اخرى في نطاق القانون الدولي مثل الاتفاقية الخاصة بقوانين وأعراف الحرب, الموقعة في لاهاي في 18 اكتوبر سنة 1907 المادتان (12و 30) . والاتفاقيات الموقعة في جنيف في 12 أغسطس سنة 1949 الخاصة بمعاملة أسرى الحرب المادتان (173) ، وحماية المدنيين وقت الحرب المادتان (3 و32) . فهذه النصوص تتضمن الحد الأدنى لأفراد معيدين إذا ما أصبحوا موضوعاً لدعوى جزائية .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|