أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-11
801
التاريخ: 2023-07-05
739
التاريخ: 2023-07-05
805
التاريخ: 6-6-2021
2185
|
فأما الجهة الأولى في معرفة كثرة المد وقلته وأن تنظر في حالات القمر فإن له أربعة مواضع تختلف فيها حالاته ودلالاته على كثرة ماء المد وقلته ويكون ذلك على قدر حاله من الشمس، أوله اجتماع القمر مع الشمس، والثاني إذا كان بين القمر والشمس تسعون درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء وهو زايد في الضوء وهو التربيع الأول، والثالث إذا كان القمر في مقابلة الشمس والرابع إذا كان بين القمر وبين الشمس تسعون درجة وهو حيث يبقى في جرمه نصف الضوء وهو ناقص وهو التربيع الثاني، فإذا كان القمر مجامعًا للشمس فإنه يكون ماء المد كثيرًا قويا طويل الزمان، ويكون زمان الجزر أقلَّ منه؛ لأن القمر إذا جامع الشمس زاد اجتماعه معها في قوة القمر دلالة القمر، فيكون تحريكه للماء في ذلك الوقت أكثر منه في غير ذلك الوقت، وكذلك القمر إذا جامع كوكبًا من الكواكب الدالة على قوة المد زاد ذلك في قوته فتقوى حركة ذلك المد لقوة القمر ويكون ماء المد زائدًا إلا إذا فارق الشمس فإنه يكون في ذلك الوقت أقوى، وطويل فعلا في المد منه إذا فارقه غيرها للعلة التي ذكرنا ولا زالت في القمر من الفعل ما ليس بشيءٍ من الكواكب فيه مثل 22 ... وجزائر يبسط فيها المد عند المد، ويكون الغالب على أرضها الصلابة وفوقها الجبال، فإذا كان وقت المد وتنفَّس ماؤها وأسفر على شاطئها وبلغ إلى أرضها وجزائرها فمدت وجزرت كما يمد ويجزر بحر فارس وبحر الهند وبحر الصين والبحر الذي بقرب القسطنطينية وإفرنجة وغيرها من البحار التي هي ضعفها، فبهذه الأشياء يكون اختلاف حالات البحار في المد والجزر على ما ذكره القدماء ممن نظر في العلوم الطبيعية. فقد تبين لنا صفة المياه التي لا تمد ولا تجزر والتي يتبيَّن فيها المد والجزر. وتبين لنا أن البحر لا يتغير من ذاته، وأن القمر علة التنفس وهو المحرك لماء البحر بطبعه.
وقد ذكرنا مرارًا كثيرة أن حركة الأجسام الأرضية إنما تكون بتحريك الأجرام السماوية لها، وتبين لنا قياس ذلك من أشياء كثيرة طبيعية موجودة يحرك بعضها غيرها من الأجسام على بُعدٍ كثير منها من غير ملامسة كما ترى من حجر المغناطيس يُحرك الحديد ويجذبه إليه بطبعه، وكما ترى النفط الأبيض يجذب إليه النار من بعد كبير، ومثل الحجر الزيتوني الذي يجذبه الزيت، ومثل حجر الخل الذي يجذبه الخل.
فهذه الأجسام التي ذكرناها نرى هل تفعل بطبعها في غيرها من الأجسام على بعد كثير الجذب، والحركة علوا وسفلا ويمنةً ويسرة، فكذلك القمر في طبيعته أن يحرك البحر المالح على بعد منه، ومن طبيعة ذلك الماء أن يقبل الحركة 23 من القمر أكثر من قبول المياه العذبة، ثم يُحرك في وقت المدَّ علوا من سفل البحر إلى أعلاه. وقد يُوجد أيضًا للشمس أفاعيل مختلفة في كلية حالات البحار في شدة أمواجها وكثرتها وهيجانها في بعض أوقات السنة، وفي لين ذلك وسكونه في وقت آخر على قدر قُرب مدارها منها أو بعدها عنها وقد ذكر تجده من البحرين العلماء بها؛ لأنها من اختلاف حالات بحر فارس والهند أشياء سنذكرها إن شاء الله. 24
... 25
... مثل زيادته في الضوء ونقصانه منه وكثير من حركاته إنما هو على قدر بعده أو قربه منها، فلذلك كل ما كان من الشمس على بُعدٍ معلوم فإنه يحدث في ذلك الوقت تغيير في قوته أو ضعفه؛ لأنه إذا كان بعد الاجتماع وتباعد منها فإنه يكون على قدر تباعده تنقص قوة المد عن القدر الذي كان عليه في الاجتماع ونقص زمانه ويزيد في زمان الجزر إلى أن يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الأول وهو حيث يكون بينه وبين الشمس تسعون درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء فعند ذلك ينتهي نقصان المد منتهاه من هذه الدلالة، فإذا جاوز القمر تربيع الشمس يكون في جرم القمر من الضوء أكثر من نصفه فهنالك يبدأ المد يزيد في كثرة مائه وقوته وطور زمانه فلا يزال كلما زاد الضوء في جرم القمر يزيد المد قوةً حتى ينتهي القمر إلى الامتلاء فعند ذلك يكون ماء المد قويًا عاليًا كثيرًا ويكون لبثه زمانًا طويلًا وينتهي المد منتهاه.
ويكون زمان الجزر قليلًا، فإذا جاز القمر استقبال الشمس ونقص من ضوئه نقصت قوة المد وازداد ضعفًا، وقلَّ زمان لبثه فلا يزال ماء المد كذلك ينقص ويضعف إلى أن يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الثاني، وهو حيث يكون بينه وبين الشمس تسعون درجة وهو ذاهب إلى الشمس فحينئذٍ ينتهي نقصان المد منتهاه من هذه الدلالة، إلا أن الماً يكون إذا كان القمر في هذا التربيع الثاني أضعف منه حيث كان في التربيع الأول؛ لأن القمر في هذا الوقت ينقص ضوءه فإذا جاز القمر هذا الموضع وقرب من الشمس وكان بينه وبينها أقل من تسعين درجة زاد ماء المد وقوي وكثر وطال زمانه، فلا يزال ماء المد قويًّا كثيرًا ما دام القمر يذهب إلى الشمس إلى أن يفارقها، فعند ذلك ينتهي زيادة المد منتهاه ويقوى ويكون كثيرًا، ثم يبتدئ في المرة الثانية في نقصان المد كما ذكرنا أولًا فيكون إذن كما وصفنا وقت الاجتماع والاستقبال وقت كثرة الماء وغلبة المد وطول زمانه، إلا أن المد الذي يكون في الاستقبال أقوى وأكثر زمانًا من المد الذي يكون في الاجتماع، ويكون نهاية نقصان المد في التربيعين إلا أن التربيع الأول يكون ماء المد فيه أقوى وأطول زمانًا من التربيع الثاني، وهذا الترتيب الطبيعي الذي ذكرنا أنه يكون في الشهر الواحد هو شبيه مما تراه من ترتيب المد والجزر الذي يكون في اليوم الأول والليلة الواحدة ومقدار مسير القمر فيهما يكون مدان وجزران.
فأما وقت المد الواحد فإنما تكون حركة الماء زائدة عالية، وأما وقت الجزر فإن حركة الماء ضعيفة ناقصة وكذلك في الشهر الواحد وقتان يكون ماء المد فيهما عاليًا قويا طويل الزمان، وهما الاجتماع والاستقبال ووقتان ينتهي ماء المد فيهما في النقصان منتهاه ويكون ضعيفًا ناقصًا قليل الزمان وهما التربيعان.
_____________________________________
هوامش
(22) ص 37 ظ
(23) ص 38 و
(24) ص 38 ظ.
(25) يوجد في المخطوطة تلفيق وخلط بين الصفحات واعتبارًا من هنا نجد أنها مكتوبة بخط مختلف والمعلومات موجودة في صفحة مختلفة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|