المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6194 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



أحوال عدد من رجال الأسانيد / محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ  (القسم الثالث).  
  
1370   11:18 صباحاً   التاريخ: 2023-04-17
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج1، ص 501 ـ 517.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016 1148
التاريخ: 15-9-2016 1395
التاريخ: 30-8-2016 2181
التاريخ: 25-12-2016 1225

المقام الثاني: في أنّه على كلّ من تقديري استفادة الطعن في وثاقة محمد بن عيسى من كلام ابن الوليد وتلميذه الصدوق وعدم استفادة ذلك فما الذي يترتب عليه بالنسبة إلى ما يوجد بأيدينا من روايات هذا الرجل؟

وقبل الدخول في هذا البحث ينبغي الإشارة إلى أن في حجية توثيقات الرجاليّين وتضعيفاتهم مسالك:

الأول: حجيّتها من باب حجية خبر الثقة في الموضوعات الخارجية.

الثاني: حجيّتها من باب حجية آراء أهل الخبرة.

الثالث: عدم حجيّتها على أي من الوجهين ولكنها تصلح أن تكون من مبادئ حصول الاطمئنان أو عدم حصوله بوثاقة الراوي أو بصدور الرواية عن المعصوم (عليه السلام). وعندئذٍ يقع الكلام في موردين:

المورد الأول: في أنه بناءً على استفادة الطعن في وثاقة محمد بن عيسى بن عبيد من كلام ابن الوليد فلا إشكال في وقوع التعارض بين ما صدر منه من التضعيف وما صدر من آخرين كابن نوح من التوثيق، فما يكون الموقف عندئذٍ؟ والجواب أنه ينبغي البحث عن ذلك وفق المسالك الثلاثة المتقدمة في حجية قول الرجالي، فأقول:

أ ــ أما بحسب المسلك الأول ــ وهو حجية قول الرجالي من باب حجية خبر الثقة في الموضوعات ــ فهناك تقريبان لتقديم التوثيق على التضعيف:

التقريب الأول: اندراج المقام في موارد تعارض البينة مع خبر الثقة، والمحقق في محلّه (1) تقدم الأول على الثاني، على أساس أن شهادة كل من العدلين مصداق لخبر الثقة وحيث إن أدلة حجية خبره لا تشمل المتعارضين لاستلزامه الجمع بين المتضادين ولا أحدهما دون الآخر لأنه ترجيح بلا مرجح، فلا محالة يسقط إطلاق دليل حجية خبر الثقة ويبقى إطلاق دليل حجية البينة فيؤخذ به، وتطبيق هذا في المقام بأن يقال: إن ابن الوليد هو الأصل في تضعيف محمد بن عيسى وقد تبعه سائر القميين ــ ومنهم الصدوق ــ وكذلك الشيخ (قدس سره).

وأما من وثق محمد بن عيسى فهم جماعة منهم الفضل بن شاذان الذي حكى النجاشي أنه كان يحب العبيدي ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول ليس في أقرانه مثله، ومنهم الكشي الذي عدّه ــ في كلام له في ترجمة محمد بن سنان ــ من العدول والثقات من أهل العلم، ومنهم ابن نوح الذي نصّ على أنه كان على ظاهر العدالة والثقة، بل يظهر من النجاشي أن الرأي السائد عند أصحابنا كان هو وثاقة محمد بن عيسى حيث كانوا ينكرون ما ذكره ابن الوليد في حقه ويقولون: (من مثل أبي جعفر محمد بن عيسى؟). وعلى ذلك فهناك بينة عادلة بل أكثر من بينة على وثاقة الرجل فتتقدم على تضعيف ابن الوليد لا محالة.

أقول: يعتبر في البينة أن تكون شهادة كل من العدلين شهادة حسية مباشرة، ويمكن أن يقال: إن شهادة الفضل بن شاذان ــ إن ثبتت ــ فهي كذلك لكون الفضل معاصراً لمحمد بن عيسى وأما سائر من وثقوه من العدول فمن نعرفه منهم فهو من المتأخرين ولم يتأكد أن منهم من كان معاصراً له لتتحقق البينة الشرعية على وثاقته، فليتأمل.

التقريب الثاني: أنه لا إشكال في أن عدد الموثقين لمحمد بن عيسى أكثر من عدد المضعفين، ويمكن اعتبار الكثرة العددية مزية ترجّح بها كفة التوثيقات، إما على أساس أن الكثرة العددية تعدّ مزية عقلائية في باب تعارض الشهادات، وإما على أساس ما ورد في بعض النصوص الواردة في تعارض الشهود في باب القضاء وهو معتبرة أبي بصير (2) من أن (أكثرهم بينة يستحلف) فيقال: إن مقتضى الفهم العرفي أنه لا خصوصية لباب القضاء في الترجيح بالأكثرية بل هو حكم ثابت عند تعارض الشهادات مطلقاًولكن كلا الوجهين غير تام:

أما كون الكثرة العددية مزية عقلائية فهو مما لم يقم عليه شاهد عقلائي بل الشواهد على خلافه، ومن ذلك أنه إذا أخبر ثقتان بمجيء زيد من السفر وأخبر ثلاثة ثقات بعدم مجيئه فإنه ليس بناؤهم على ترجيح خبر الثلاثة.

وأما التعدي عن مورد معتبرة أبي بصير وهو تعارض الشهادات في باب القضاء إلى غير هذا الباب فهو أيضاً غير واضح، ولا وجه لدعوى أنه مقتضى الفهم العرفي إلا إذا تم ما ادعي من أن الأكثرية مزية عقلائية في باب تعارض الشهادات ولكن مرّ أنه غير تام.

فالنتيجة: أن مقتضى المسلك الأول في باب حجية قول الرجالي هو استقرار التعارض بين توثيق محمد بن عيسى وتضعيفه فلا يمكن البناء على وثاقته إلا أن يحصل الاطمئنان بخطأ ابن الوليد ومن تبعه في تضعيفه وسيأتي الكلام حول ذلك.

ب ــ وأما بناءً على المسلك الثاني ــ وهو حجية قول الرجالي من باب حجية قول أهل الخبرة ــ فيمكن تقريب تقديم التوثيق على الجرح بوجهين:

أولهما: ما ذكره الشيخ المامقاني (رحمه الله) (3) من أن مورد تعارض الجرح والتعديل هو ما إذا لم يكن الموثق ملتفتاً إلى قول الجارح وناظراً إلى ردّه وتخطئته، وإلا فإنه يقدم توثيقه عليه ولا يبنى على تساقطهما بالمعارضة.

وكأنّ هذا المقام نظير ما يذكر في باب الحكومة من أن الدليل الحاكم باعتبار كونه ناظراً إلى الدليل المحكوم يتقدم عليه ولا تستقر المعارضة بينهما. ففي مورد البحث أيضاً لما كان ابن نوح وغيره من موثقي محمد بن عيسى ناظرين إلى ما صدر من ابن الوليد من الطعن في وثاقته فإنه يتقدم توثيقهم على تضعيفه.

ولكن هذا الوجه ضعيف جداً، فإن مجرد كون الموثق ناظراً إلى كلام الجارح وبصدد تخطئته في تضعيفه لا يصلح وجهاً لتقديم قوله عليه، إذ لعله هو الذي أخطأ في توثيقه حيث لم يطلع على ما اطلع عليه الجارح من أسباب الضعف.

وأما قياس المقام بباب الحكومة فهو قياس مع الفارق الواضح، إذ المفروض أن الموثق غير الجارح في حين أن المتكلم في الدليلين الحاكم والمحكوم شخص واحد فهو الذي يتصدى لتفسير كلام نفسه، فأين هو مما نحن فيه؟!

هذا مع أنه يحتمل كون ابن الوليد ناظراً إلى ما صدر من الفضل بن شاذان في مدح محمد بن عيسى، كما أن ابن نوح كان ناظراً إلى ما صدر من ابن الوليد في الطعن عليه. فلا وجه لتقديم التوثيق على التضعيف من جهة كون الموثق ناظراً إلى كلام الجارح ولا عكس.

ثانيهما: أن من مرجحات باب التعارض بين أقوال أهل الخبرة هو كون بعضهم أكثر خبرة من البعض الآخر، ويمكن أن يقال في المقام: إن الكشي وابن نوح والنجاشي هم أكثر خبرة من ابن الوليد ومن وافقه في الطعن على محمد بن عيسى بن عبيد.

ولكن هذا الكلام غير واضح، فإن ابن الوليد وصف بأنه كان عارفاً بالرجال (4)، بالإضافة إلى جلالة قدره وعظم مكانته، ولم يظهر أن الكشي وابن نوح والنجاشي كانوا أكثر خبرة منه بأحوال الرجال. نعم لا يبعد كونهم أكثر خبرة من الصدوق والشيخ (قُدِّس سرُّهما) ولكن الأصل في تضعيف محمد بن عيسى ــ كما تقدم ــ هو ابن الوليد فما لم يثبت كون بعض من وثقه أكثر منه خبرة لم يمكن ترجيح التوثيق على التضعيف من الجهة المذكورة كما هو واضح.

وبهذا يتضح أن مقتضى المسلك الثاني في حجية قول الرجالي ــ كالمسلك الأول ــ هو استقرار التعارض بين ما دل على وثاقة محمد بن عيسى وما دل على ضعفه، فلا سبيل إلى البناء على وثاقته إلا أن يحصل الاطمئنان بخطأ ابن الوليد في تضعيفه كما سيأتي.

3 ــ وأما وفق المسلك الثالث ــ وهو أن أقوال الرجاليين إنما تصلح أن تكون من مبادئ حصول الاطمئنان أو عدم حصوله بوثاقة الراوي أو بصدور خبره من المعصوم (عليه السلام) ــ فيمكن أن يقال بدواً: إنه بالنظر إلى تضارب أقوالهم في المقام فلا سبيل إلى الاطمئنان بوثاقة محمد بن عيسى، وأما الاطمئنان بصدور خبره فربما يتيسر في بعض الموارد بملاحظة وجود بعض القرائن والشواهد.

ولكن التحقيق أن يقال: إن ابن الوليد وإن كان جليل القدر عارفاً بالرجال إلا أن الظاهر أنه اشتبه في تضعيفه لمحمد بن عيسى بن عبيد.

بيان ذلك: أن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني كان بغدادياً ــ كما ذكر ذلك الشيخ (قدس سره) (5) ــ ونص النجاشي على أنه كان من سكنتها (6)، وحكى عن محمد بن جعفر الرزاز أنه كان يسكن بمحلة سوق العطش (7) التي كانت من أكبر محلات بغداد (8).

ويظهر من كلام النجاشي تسالم أصحابنا البغداديين على جلالة محمد بن عيسى ووثاقته، حيث إنه بعد أن حكى عن ابن الوليد قوله: (ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه) عقَّب عليه قائلاً (9): (رأيت أصحابنا ينكرون هذا القول، ويقولون: من مثل أبي جعفر محمد بن عيسى؟!). فيلاحظ أنه نسب إلى (أصحابنا) ــ ويقصد بهم البغداديين بطبيعة الحال ــ أنهم كانوا يتعجبون من طعن ابن الوليد في محمد بن عيسى، مما يدل على كون وثاقته عندهم من المسلمات، وقد سبق نقل ما حكاه النجاشي عن القتيبي عن الفضل بن شاذان ــ الذي كان من أجلاء الطائفة من زملاء محمد بن عيسى في التلمذة على يونس ــ أنه كان يحب محمد بن عيسى ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول ليس في أقرانه مثله (10).

وقد عقَّب على ذلك النجاشي بقوله: (وبحسبك هذا الثناء من الفضل رحمه الله).

وأيضاً مرَّ ما حكاه النجاشي أيضاً عن ابن نوح من أنه استغرب ما ذكره ابن الوليد قائلاً: (ما أدري ما رابه فيه ــ أي في محمد بن عيسى ــ لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة)، وهو يشير إلى أن محمد بن عيسى كان معروفاً عند أصحابنا في بغداد بحسن الظاهر بحيث لم يعرفوا عنه ما يوجب الريب فيه فضلاً عن الجزم بالطعن في وثاقته. وإذا كان هذا حال محمد بن عيسى عند من سكن في بلدهم وعاش بينهم فإن من المستبعد جداً أن يطّلع غيره وهو ابن الوليد ــ الذي كان نزيل قم ولم يزر بغداد فيما نعلم ــ على ما يوجب القدح في وثاقته من دون أن يظهر ذلك لزملائه وتلامذته وسائر معاشريه في بلده.

فالأقرب أن ما صدر من ابن الوليد في حق محمد بن عيسى لم يكن له مستند صحيح يمكن التعويل عليه ليعارض توثيق ابن نوح والنجاشي وغيرهما.

هذا كله بناءً على استفادة الطعن في وثاقة محمد بن عيسى مما ذكره ابن الوليد في حقه.

المورد الثاني: في أنه بناءً على عدم استفادة الطعن في وثاقته فقد تقدم أن فيه قولين:

القول الأول: كون المقصود بما ذكره ابن الوليد هو عدم اعتبار روايات محمد بن عيسى عن خصوص يونس بن عبد الرحمن لسبب يخصها، ومرَّ أن بعضهم قال: إن السبب هو كون محمد بن عيسى أصغر من أن يدرك يونس ويتلقى الحديث منه، فرواياته عنه إنما هي مع الواسطة، وحيث إن الواسطة غير معروفة فلا سبيل إلى الاعتماد على رواياته عنه، لأنها مرسلة بحذف الواسطة.

وقد استُدل لكون محمد بن عيسى أصغر سناً من أن يروي عن يونس مباشرة بما حكاه النجاشي عن الكشي عن نصر بن الصباح أنه كان يقول (11): (إن محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين أصغر في السنِّ أن يروي عن ابن محبوب).

ووجه الاستدلال به هو أن الحسن بن محبوب قد توفي عام (224هـ) في حين أن يونس مات سنة (208هـ) كما ذكره العلامة (قدس سره) (12)، فإذا كان محمد بن عيسى أصغر سناً من أن يروي عن ابن محبوب مباشرة فهو لا يمكنه الرواية عن يونس مباشرة بطريق أولى.

ويمكن المناقشة في هذا الاستدلال:

أولاً: بأن النجاشي وإن حكى عن الكشي ما ذكر، ولكن الموجود في اختيار الشيخ (قدس سره) من رجال الكشي ما ظاهره الاعتراف برواية محمد بن عيسى عن ابن محبوب إلا أنه كان من صغار رواته، حيث قال (13): (قال نصر بن الصباح: إن محمد بن عيسى بن عبيد من صغار من يروي عن ابن محبوب في السن). ولا دليل على صحة ما ذكره النجاشي دون ما أورده الشيخ، بل ما يوجد في الأسانيد (14) من تكرر رواية محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن محبوب يؤيد نقل الشيخ.

وثانياً: أن نصر بن الصباح غير موثق بل ذكر الكشي أنه كان غالياً فلا عبرة بقوله، ولا دلالة في نقل النجاشي كلامه على إقراره إياه عليه.

ومع الغض عما تقدم فإن هناك شواهد على أن محمد بن عيسى كان قابلاً بحسب السن أن يروي عن يونس بن عبد الرحمن:

منها: قوله ــ كما حكاه الحميري (15) ــ : (حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد في سنة ثمان وتسعين ومائة في المسجد الحرام)، فإنه يقتضي أن محمد بن عيسى كان قابلاً لتلقي الحديث قبل عشرة أعوام من وفاة يونس.

ومنها: قوله ــ كما حكاه الحميري (16) أيضاً ــ: (أتيت أنا ويونس بن عبد الرحمن باب الرضا (عليه السلام) وبالباب قوم قد استأذنوا عليه قبلنا..)، ثم حكى ما سأل يونس عنه الإمام (عليه السلام) وما أجاب به (عليه السلام) مما يدل على مصاحبته ليونس وقابليته لتلقي الحديث عندئذٍ.

ومنها: قوله ــ كما حكاه الكليني (17) ــ: (كنت أنا وابن فضال جلوساً إذ أقبل يونس، فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك قد أكثر الناس في العمود..)، وهذا أيضاً يدل على معاشرته ليونس وقابليته آنذاك لتلقي الحديث.

ومنها: قوله ــ كما حكاه الكشي (18) ــ: (إن بعض أصحابنا سأله ــ أي يونس بن عبد الرحمن ــ وأنا حاضر، فقال له: يا أبا محمد ما أشدك في الحديث..)، وهذا مثل ما تقدم يدل على حضوره عند يونس مع قابليته لسماع الحديث.

ويضاف إلى ذلك ما ورد على لسان محمد بن عيسى من التعبير بـ(سمعت يونس) (19)، و(أخبرني يونس) (20)، و(حدثني يونس) (21)، ونحو ذلك مما هو ظاهر في إدراكه ليونس وسماعه منه مباشرة.

بقي هنا شيء وهو أن الشيخ (قدس سره) (22) روى بإسناده المعتبر عن محمد بن عيسى اليقطيني قال: (بعث إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) رزم ثياب وغلماناً، وحجة لي وحجة لأخي موسى بن عبيد، وحجة ليونس بن عبد الرحمن، فأمرنا أن نحج عنه، فكانت بيننا مائة دينار أثلاثاً فيما بيننا، فلما أردت أن أعبّي الثياب رأيت في أضعاف الثياب طيناً، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: ليس يوجه بمتاع إلا جعل فيه طيناً من قبر الحسين (عليه السلام)، ثم قال الرسول: قال أبو الحسن (عليه السلام): ((هو أمان بإذن الله))، وأمرنا بالمال بأمور من صلة أهل بيته وقوم محاويج لا يؤبه لهم، وأمر بدفع ثلاثمائة دينار إلى رحم امرأة كانت له، وأمرني أن أطلقها عنه وأمتعها بهذا المال، وأمرني أن أشهد على طلاقها صفوان بن يحيى وآخر نسي محمد بن عيسى اسمه).

وهذه الرواية استدل بها بعضهم على أن محمد بن عيسى قد أدرك الإمام الرضا (عليه السلام) وكلِّف من قِبله بأداء الحج عنه وطلاق زوجته، ومن المعلوم أنه (عليه السلام) استشهد قبل وفاة يونس بعدة أعوام، فهي تصلح دليلاً على كون محمد بن عيسى ممن أدرك يونس وكان قابلاً لتلقي الحديث عنه. ولكن ناقش المحقق التستري (قدس سره) (23) في هذا الاستدلال بأن لفظة (عيسى) في السند مصحفة (عبيد)، بقرينة قوله: (لأخي موسى بن عبيد)، فالرواية إنما هي عن محمد بن عبيد عم محمد بن عيسى بن عبيد، وله رواية في الكافي (24). وعلى ذلك فلا تصلح هذه الرواية دليلاً على إدراك محمد بن عيسى بن عبيد للإمام الرضا (عليه السلام).

ولكن ما أفاده (طاب ثراه) لا يمكن المساعدة عليه، فإن (محمد بن عيسى) مذكور في صدر الرواية وفي ذيلها، واحتمال التصحيف في موضعين بعيد، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإنه لا يوجد شاهد على وجود أخ لموسى بن عبيد وعيسى بن عبيد اسمه (محمد)، وما ورد في رواية الكليني بلفظ (محمد بن عبيد) قد ورد (25) في رواية الصدوق بلفظ (محمد بن عبيدة).

وأما استشهاده (قدس سره) بقوله: (وحجة لأخي موسى ابني عبيد) فيظهر من السيد الأستاذ (قدس سره) (26) الجواب عنه بأن نسبة موسى إلى عبيد إنما هي من قبيل النسبة إلى الجد أي أنه كان (موسى بن عيسى بن عبيد) فحذف اسم الأب ونسب الحفيد إلى جده، ومثله متعارف عندهم كما لا يخفى على الممارس.

ولكن هذا أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه، فإنه لا يوجد مؤشر إلى وجود أخ لمحمد بن عيسى بن عبيد يسمى بموسى لا في كتب الرجال ولا في الطرق والأسانيد، نعم ورد في موضع من رجال الكشي قول هشام بن إبراهيم الجبلي في رواية (27): (فدعاني ــ أي مسافر مولى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) ــ وموسى وجعفر بن عيسى ويونس) فربما يستدل بهذا النص على أن (موسى) هو أخو جعفر بن عيسى. ولكنه غير واضح وإلا لكان ينبغي أن يقول: (موسى وجعفر ابني عيسى)، بل الظاهر أن المراد بـ(موسى) هو موسى بن صالح الذي ذكره الكشي في عنوان الرواية، فليلاحظ.

وبالجملة: لا قرينة على أن لمحمد بن عيسى أخاً يسمى بموسى بل ورد اسم محمد بن موسى بن عبيد بن يقطين في إسناد بعض الروايات (28) مما يؤكد على أن (موسى) إنما هو عم محمد بن عيسى بن عبيد وليس أخاً له.

هذا ويحتمل أن تكون كلمة (لأخي) في الرواية مصحفة (لعمي) فيرتفع الإشكال المذكور، ولكنه مجرد احتمال لا شاهد عليه في مقابل بعض الاحتمالات الأخرى الآتية. مضافاً إلى أنه يمكن أن يستبعد أن يكون محمد بن عيسى بن عبيد هو الذي أرسل إليه الإمام الرضا (عليه السلام) بالثياب وكلفه بما ورد في الرواية، فإن الظاهر أنه لم يكن له من الشأن في عصره (عليه السلام) ما يؤهله لذلك أي بأن يخاطبه الإمام (عليه السلام) بما يريد ويكلفه بجملة من الأمور من أداء الحج عنه وصلة أهل بيته وطلاق امرأة كانت في عصمته، إذ كيف يترك (عليه السلام) أعاظم أصحابه أمثال يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير ويخاطب شاباً صغير السن آنذاك ويرسل إليه بمبعوثه؟!

ويحتمل سقوط لفظة (عن أبيه) من سند الرواية، فإنه وردت رواية محمد بن عيسى عن أبيه في موضع من كتاب النجاشي (29). ولكن الظاهر أن لفظة (عن أبيه) في ذلك الموضع حشو كما يعرف بملاحظة مشيخة الفقيه (30) وفهرست الشيخ (31).

ويحتمل أيضاً سقوط قوله: (عن أخيه جعفر بن عيسى اليقطيني) من سند الرواية، فإنه كان لمحمد بن عيسى أخ اسمه جعفر أسبق منه طبقة فيما يبدو

حيث تكررت روايته عنه (32) وهو ممن يناسب أن يرسل إليه الإمام (عليه السلام) بالثياب ويكلفه بالحج عنه وصلة أهل بيته وطلاق زوجته.

ولكن يبقى فيه إشكال عدم انسجام ذلك مع قوله: (وحجة لأخي موسى بن عبيد) فإن موسى عم جعفر لا أخوه.

ويحتمل كذلك أن من روى عنه محمد بن عيسى كان رجلاً آخر غير أبيه وأخيه وقد سقط اسمه من السند.

ويشهد لهذا الاحتمال بل يدل عليه ما رواه ابن قولويه (33) بسنده الصحيح عن محمد بن عيسى بن عبيد عن رجل قال: بعث إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) من خراسان بثياب رزم وكان بين ذلك طين. فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: طين قبر الحسين (عليه السلام)، ما يكاد يوجه شيئاً من الثياب ولا غيره إلا ويجعل فيه الطين، وكان يقول: ((هو أمان بإذن الله)).

فإن الظاهر أن هذا الخبر هو ذيل ما ورد في رواية الشيخ المتقدمة ــ إذ يبعد جداً تعدد الواقعة كما لا يخفى ــ والملاحظ أن مقتضاه أن محمد بن عيسى لم يكن هو صاحب القضية بل ينقلها عن شخص آخر لم يذكر اسمه.

ولعلّ هذا الشخص الآخر هو الحسين بن عبيد الذي روى عنه محمد بن عيسى في موضع آخر (34).

إن قيل: لو كانت القضية لرجل آخر غير محمد بن عيسى وهو يرويها عنه لما كان من المناسب التعبير عنه برجل مع ذكر اسم أخيه (موسى بن عبيد) في متن الرواية.

قلت: لم يظهر أن التعبير بـ(رجل) كان من محمد بن عيسى، فإنه قد يكون إبهام الوسيط من جهة شخص آخر غير الراوي المباشر عنه، كما إذا كان موضع اسمه في الكتاب قد أصابه تلف فلم تتيسر له قراءته فيعوضه بكلمة (رجل) أو نحوها.

وكيف كان فقد ظهر بما تقدم أن الرواية المتقدمة المروية في التهذيب لا تصلح دليلاً على أن محمد بن عيسى قد كلف من قبل الإمام الرضا (عليه السلام) بالحج عنه وطلاق زوجته ليكون لازم ذلك كونه شخصاً قابلاً لتلقي الحديث على يد يونس بن عبد الرحمن ولكن في غير الرواية المذكورة مما يشهد بقابليته لذلك غنى وكفاية.

فالنتيجة: أن الإشكال في روايته عن يونس من جهة صغر السن في غير محله. وأما الإشكال فيها من جهة أن روايات يونس كانت معروفة وعلمه كان مبثوثاً بين الناس لكثرة تلامذته وانتشار كتبه فلا يحصل الوثوق النوعي بما يتفرد به محمد بن عيسى من رواية أو رأي فهو مما لا يخلو عن وجاهة. ومثله الإشكال فيها من جهة أن ما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس إنما كان مأخوذاً من بعض مؤلفاته غير المنقحة مما كانت أشبه بالمسودة ولذلك لم يخرجها إلى تلامذته.

وعلى ذلك فإذا دار الأمر بين أن يكون ردّ ابن الوليد لما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس بسبب مقبول عندنا وكونه بسبب غير مقبول فهل يؤخذ بقوله ويعتمد على رأيه أم لا؟ وينبغي البحث هنا تارة بناءً على حجية قول الرجالي من باب حجية خبر الثقة في الموضوعات وأخرى من باب حجية قول أهل الخبرة في كل علم وفن:

أ ــ أما بناءً على المسلك الأول فالمقام يشبه ما لو أخبر الثقة بتنجّس الثوب ولم يعلم هل أنه من جهة ملاقاته للدم النجس أو لعرق الجنب من الحرام الذي هو نجس عند المخبر وليس كذلك عند المخبر له.

ومثله ما لو أخبر بأن هذا الثوب مما لا يصلى فيه وتردد بين أن يكون ذلك من جهة كونه متنجّساً بالبول أو من جهة اعتقاده بأنه منسوج من الحرير

الطبيعي في حين أن المخبر له يرى أنه من الحرير الصناعي الذي لا بأس بالصلاة فيه.

والحاصل: أنه متى كان إخبار الثقة عن المسبب وتردد السبب بين كونه تام السببية عند المنقول إليه وعدم كونه كذلك فهل يعتمد على خبره أم لا؟

وقد طرح نظير هذا البحث في الشهادة بالنجاسة، فأفتى السيد صاحب العروة (قدس سره) (35) بأنه لا يعتبر ذكر مستند الشهادة في اعتبارها، نعم لو ذكر مستندها وعلم عدم صحته لم يحكم بالنجاسة.

ولكن لم يوافقه على ذلك جمع من أعلام المحققين، فمنهم من قال: إنه يعتبر أن يكون مورد الشهادة هو السبب من الملاقاة للدم أو لعرق الجنب من الحرام ونحو ذلك، ومنهم من قال: إنما يؤخذ بالشهادة على المسبب إذا لم يكن بين الشاهد والمشهود له اختلاف في سبب النجاسة.

والوجه في ذلك هو أنه يعتبر في الشهادة أن تكون على أمر محسوس كالملاقاة، وأما التنجّس فهو أمر حدسي إذ يتوقف على أمرين: الملاقاة ونجاسة الملاقى، والثاني ليس من الأمور الحسية، فلا تكون الشهادة على التنجس من قبيل الشهادة على أمر محسوس، والنتيجة تتبع أخس المقدمتين.

ومثل هذا الكلام يجري في المقام، أي أن خبر ابن الوليد بأن رواية محمد بن عيسى عن يونس غير مقبولة مع تردد مستنده بين أن يكون أمراً تاماً أو غير تام عندنا لا يحرز كونه مصداقاً لخبر الثقة المفروض البناء على حجيته في الموضوعات، فلا يمكن الأخذ به.

هذا كله بناءً على المسلك الأول المذكور.

ب ــ وأما بناءً على المسلك الثاني وهو حجية قول الرجالي من باب حجية آراء أهل الخبرة فيمكن أن يقال: إن مقتضى الصناعة هو الأخذ بقول ابن الوليد وإن لم يعلم صحة مستنده، فإنه لا يعتبر في حجية قول أهل الخبرة العلم بعدم خطأ دليله، نعم إذا حصل العلم بخطئه سقط عن الحجية كما إذا كان المقلد من أهل الفضل وتحقق من مستند مرجع التقليد في بعض فتاواه وحصل له العلم بخطئه فإنه تسقط حجية تلك الفتوى في حقه ويلزمه الاحتياط أو الرجوع إلى فتوى فقيه آخر، وأما مع عدم العلم بمستنده أو عدم العلم بخطأ المستند فتبقى الفتوى على حجيتها بالنسبة إليه.

وبالجملة: إذا بني على حجية قول الرجالي من باب حجية قول أهل الخبرة فلا سبيل إلى رفع اليد عن قول ابن الوليد في ردِّ ما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس لمجرد احتمال خطأ مستنده.

نعم قد يقال: إن قوله هذا معارض بما حكاه النجاشي عن أصحابنا من أنهم كانوا يذكرونه أو ينكرونه ويقولون: (من مثل أبي جعفر محمد بن عيسى)، ومع التعارض والتساقط لعدم المرجح فالمرجع هو ما دلَّ على وثاقة محمد بن عيسى، فإن مقتضاه عدم الفرق في قبول روايته بين ما تفرد به عن يونس وغيره.

ولكن يمكن أن يناقش في هذا البيان بأن المستفاد مما حكاه النجاشي عن أصحابنا في الردِّ على ابن الوليد هو أنهم إنما فهموا منه الخدش في وثاقة محمد بن عيسى وعدم قبول رواياته سواء عن يونس أو غيره، ولذلك ردوا عليه بقولهم: (من مثل أبي جعفر؟) في حين أن مفروض البحث في المقام هو ألّا يكون الوجه في عدم قبول ابن الوليد لما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس هو الطعن في وثاقته بل أمراً آخر. وعلى ذلك فلا تعارض بين قوله هذا وما حكاه النجاشي عن أصحابنا في التأكيد على وثاقة محمد بن عيسى، فليتدبّر.

هذا تمام الكلام بناءً على كون المقصود بما ذكره ابن الوليد هو الطعن في خصوص ما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس.

القول الثاني: أن مقصود ابن الوليد بما ذكره هو الطعن في جميع ما اختص محمد بن عيسى بروايته سواء عن يونس أو عن غيره، ولكن لا من جهة عدم وثاقته بل لجهة أخرى وهي فساد عقيدته، أو أن المقصود به هو الطعن في خصوص ما رواه محمد بن عيسى بإسناد منقطع من جهة ابتناء ذلك على ضربٍ من التدليس. وقد مرَّ توضيح كلا الوجهين في أوائل هذه الترجمة.

والتحقيق: أنه لا أثر لما ذكره ابن الوليد ــ على أيٍّ من الوجهين ــ في اعتبار روايات محمد بن عيسى، فإن فساد مذهب الراوي وانحراف عقيدته لا يؤثر شيئاً ــ بحدِّ ذاته ــ في قبول روايته على ما هو الموضح في محله من علم الأصول. وأما انقطاع السند فهو يمنع من اعتبار الرواية سواء أكان متعمداً لغرض إخفاء توسط من هو مشهور بالكذب والوضع في سندها أم لم يكن كذلك.

هذا مضافاً إلى أن الظاهر براءة محمد بن عيسى من كلٍّ من تهمتي فساد العقيدة والتدليس:

أما براءته من الأول فلأنه إن كان المراد به الغلو فإنه يشهد على خلافه ــ مضافاً إلى شهادة ابن نوح بأنه كان على ظاهر العدالة وخلو رواياته عما يوهمه ــ أن هناك العديد من الأحاديث التي رويت عن طريقه في ذم الغلاة والبراءة منهم (36)، فمن المستبعد جداً ذهابه إلى مذهبهم بالرغم من ذلك، ولعل في قول الشيخ: (قيل: إنه كان يذهب مذهب الغلاة) إشارة إلى ضعف هذا الاتهام وعدم الدليل عليه.

وإن كان المراد به اتّباعه ليونس بن عبد الرحمن في بعض آرائه الكلامية في التوحيد وغيره ــ كما يناسبه قول الشيخ: (يونسي) ــ فإن من المؤكد أن اتهام يونس بفساد العقيدة كان اتهاماً باطلاً لا أساس له إلا بعض الروايات الضعاف التي رواها القميون و(لا تصح في العقل) كما قال الكشي (37).

والحقيقة أن جلالة يونس في الطائفة الإمامية أوضح وأجلى من أن تنال منها أباطيل بعض أعدائه.

وأما براءته من الثاني ــ أي التدليس ــ فلأن الممارس المتتبع لروايات محمد بن عيسى لا يجد أي مغمز عليه فيها، فهو ينقلها عمن وصلت منه إليه سواء أكان ثقة أم ضعيفاً، ولو كان في أحاديثه ما هو منقطع الأسناد فهو لا يصلح مؤشراً إلى ممارسته للتدليس.

ومهما يكن فقد اتضح من جميع ما تقدم:

أولاً: أن ما ذهب إليه جمع من المتأخرين من عدم دلالة ما ذكره ابن الوليد بشأن محمد بن عيسى على الطعن في وثاقته ليس بصحيح، بل هو يدل على الطعن فيها.

وثانياً: أن الأصح هو ما ذهب إليه أصحابنا البغداديون من وثاقة محمد بن عيسى بل وجلالته، وأما القدح فيه ــ كما صدر من ابن الوليد وتبعه عليه الصدوق والشيخ ــ فهو مما لا يبتني على أساس صحيح.

والله العالم بحقائق الأمور.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. لاحظ بحوث في شرح العروة الوثقى ج:2 ص:114.
  2.  الكافي ج:7 ص:418.
  3. تنقيح المقال ج:3 ص: 169 ط: حجري.
  4.  فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:237.
  5. رجال الطوسي ص:367، 401.
  6. رجال النجاشي ص:333.
  7. لاحظ رجال النجاشي ص:334.
  8. معجم البلدان ج:3 ص:284.
  9. رجال النجاشي ص:333. ومثله ما حكاه عن النجاشي كل من العلامة في خلاصة الأقوال (ص:142)، وابن داود في رجاله (ص:509)، وهو المذكور في نقد الرجال (ج:4 ص:292)، ومنتهى المقال (ج:6 ص:150) وغيرهما من المصادر. نعم في مجمع الرجال (ج:6 ص:17): (رأيت بعض أصحابنا..)، ولكن لا يعول عليه في مقابل ما تقدم، وأيضاً في معجم رجال الحديث (ج:17 ص:126) ط: النجف الأشرف): (رأيت أصحابنا يذكرون..) ولم أجده في مصدر آخر، ولا يؤثر في المعنى كما لا يخفى.
  10. يمكن أن يُقال: إنّ ما نسبه القتيبيّ إلى الفضل بن شاذان مما لم تثبت صحته، لعدم الدليل على وثاقة القتيبي وهو علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري. اللهم إلا أن يحصل الوثوق بصدوره منه بلحاظ ما يظهر من النجاشي من تصديقه إياه بقوله (ص:334): (وبحسبك هذا الثناء من الفضل (رحمه الله) ).
  11.  لاحظ رجال النجاشي ص:334.
  12. لاحظ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ص:184.
  13.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:817.
  14.  لاحظ الكافي ج:1 ص:87، ج:4 ص:396. والإمامة والتبصرة ص:26، 83. وكمال الدين وتمام النعمة ج:1 ص:229، ج:2 ص:412. وعلل الشرائع ج:1 ص:195، ج:2 ص:559. وتهذيب الأحكام ج:4 ص:265.
  15.  قرب الإسناد ص:15.
  16.  قرب الإسناد ص:345.
  17.  الكافي ج:1 ص:388.
  18.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:489.
  19.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:780.
  20. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:784.
  21. رجال النجاشي ص:448.
  22. تهذيب الأحكام ج:8 ص:40.
  23. قاموس الرجال ج:8 ص:331.
  24. الكافي ج:1 ص:96.
  25. التوحيد ص:109.
  26. معجم رجال الحديث ج:19 ص:78.
  27. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:789.
  28. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ص:95.
  29. رجال النجاشي ص:427.
  30. من لا يحضره الفقيه ج:4 (المشيخة) ص:96.
  31. فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:254.
  32. الكافي ج:4 ص:146، ج:7 ص:46، 59، 400. تهذيب الأحكام ج:4 ص:301، ج:5 ص:184، ج:7 ص:66، 116، ج:8 ص:325.
  33. كامل الزيارت ص:466.
  34. تهذيب الأحكام ج:1 ص:469.
  35. العروة الوثقى ج:1 ص:152.
  36. لاحظ مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:141.
  37. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:788.

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)