أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-6-2021
3987
التاريخ: 28-7-2020
2260
التاريخ: 2023-09-16
1135
التاريخ: 24-10-2019
2397
|
عرف علماء الأمة على مر العصور كلمة الإسلام وكلمة الدين بمعنى واحد إيمانا منهم بترادفهما وبعدم انفصال أي منهما عن الآخر لقول الله تعالى في كتابه العزيز: (إنَّ الدين عند الله الإسلام﴾ [آل عمران: 19]، فعندما نقرأ لعالم من علماء الأمة تعبيرا مثل (حماية الدين) أو (نشر الدين) فمن المفهوم أنه يقصد الإسلام. ففسر هذه الآية ابن كثير رحمه الله بأنها: إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا (بمحمد صلى الله عليه وآله و سلم) الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة ومحمد (صلى الله عليه وآله و سلم) فمن لقي الله بعد بعثه محمد (صلى الله عليه و آله وسلم) بدين علي غير شريعته، فليس بمتقبل كما قال تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (1). وفسرها الشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله قائلا: الدين هو الطاعة والانقياد لله، والإسلام هو الإقرار بالتوحيد مع التصديق والعمل بشريعته تعالى (2). وأشهر التعريفات هي ما أوردها د. دراز بقوله: الدين وضع إلهي يرشد إلى الحق في الاعتقادات، وإلى الخير في السلوك والمعاملات (3). ومما سبق يتضح لنا أن المسلم ليس هو فقط من اتبع شريعة الله التي أنزلها على خاتم أنبيائه محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل هو من اتبع شرع الله الذي أنزل لعباده على نبي عـصـره وقد قال تعالى في القرآن الكريم لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا [المائدة: 48]. ويورد القرآن الكريم على ألسنة الرسل وأتباعهم في كل العصور اسم (الإسلام) وصفا لدينهم و(المسلمين) وصفا لأنفسهم وأقوامهم المؤمنين ومن ذلك: ما جاء على لسان نوح عليه الصلاة والسلام مقرا بكونه فرد في الجماعة المسلمة: (وأُمرت أن أكون من المُسلمين﴾ [يونس: 72]. وما جاء على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (وإِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسلم قَالَ أَسْلَمْتُ لرب العالمين﴾ [البقرة: 131]. وبالإسلام يصف القرآن من نجاهم الله من آل لوط فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين﴾ [الذاريات: 36]. وبالإسلام وصى إبراهيم ويعقوب عليهما السلام بنيهم ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132]. وأبناء يعقوب يصفون أنفسهم بالمسلمين لإيمانهم بالله سبحانه وتعالى واتباعهم دينه ودين آبائه من الأنبياء إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم صلوات الله وسلامه: أم كنتم شهداء إِذْ حضر يعقوب المَوْتُ إِذْ قَالَ لَبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بعدي قَالُوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَها واحدا ونحن له مسلمون﴾ [البقرة: 133]. وجعل موسى عليه الصلاة والسلام التوكل على الله سبحانه وتعالى شرطا للإسلام (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكَّلُوا إِن كنتم مسلمين) [يونس: 84]. ووصف السحرة أنفسهم بعد إيمانهم برب موسى وهارون بالمسلمين: وما تنتقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) [الأعراف: 126] والإسلام هو الدين الذي دعا إليه سليمان عليه السلام كما هو واضح من خطابه الملكة سبأ وقومها: (ألا تعلوا علي وأتُوني مسلمين) [النمل: 31]. وبالإسلام وصفت ملكة سبأ نفسها بعد إتباعها لسليمان عليه الصلاة والسلام: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وأَسلمتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [النمل: 44]. وبالإسلام وصف حواريي عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أنفسهم بعد أن آمنوا بالله تعالى وبرسوله: (وإذ أوحيت إلى الحواريين أنْ آمَنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مسلمون) [المائدة: 111] ويعلق صاحب الظلال رحمه الله في تفسيره لتلك الآيات من سورة المائدة مقارنا أصحاب عيسى وأصحاب محمد عليهما الصلاة والسلام وهؤلاء مسلمون وهؤلاء مسلمون، وهؤلاء مقبولون عند الله وهؤلاء مقبولون (4). ويشهد الحواريون الله تعالى على إسلامهم (فَلَمَّا أَحَسٌ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قَالَ الحواريُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِالله واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: 52، 53]. بل قرر القرآن أنه دين الجن أيضا وليس الإنس فحسب: (وأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسلَم فَأُولَئِكَ تَحرُّوا رَشَدًا) [الجن: 14] (5). وبذلك يكون بكاء أبي بكر عند سماعه الآية الكريمة: (اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لَكُمُ الإِسلام دينا) [المائد: 3] إنما جاء نتيجة فهم عميق لموقع رسول الله محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله و سلم) كخاتم رسل الله الذين حملوا دين الإسلام برسالة التوحيد لأهل الأرض جميعا، فبتمام نعمة الله وإكماله الدين على صورته الحالية وهي دين الإسلام تصبح مهمة آخر الأنبياء والرسل جميعا قد انتهت لذلك أجاب أبو بكر عندما سئل (ما يبكيك يا أبا بكر؟) قائلا: (هذا نعي رسول الله) (6). ويشير سيد قطب رحمه الله إلى فكرة الدين الواحد الذي أرسله الله تبارك وتعالى للبشرية بواسطة أنبياء ورسل عديدين، موكب الرسالات منذ آدم إلى محمد بن عبد الله قائلا: وإن المؤمن يقف أولا أمام إكمال هذا الدين، يستعرض موكب الإيمان، وموكب الرسالات وموكب الرسل منذ فجر البشرية ومنذ أول رسول آدم عليه السلام إلى هذه الرسالة الأخيرة) (7).ذلك وتأسيسا على ما سبق يتضح جليا أن من قال لا إله إلا الله وأقر بأن عيسى بن مريم بشر وعبد الله ورسوله في الفترة بين الرسولين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام هم مسلمو عصرهم ويدعم . وصف المولى عز وجل اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح عليه الصلاة والسلام بالكفر بينما وصف الذين آمنوا به بالإيمان. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصار الله كما قَالَ عِيسَى ابْنُ مَريم للحواريين من أنصارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّون نحنُ أَنصَار اللَّهِ فَآمَنَت طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسرائيل وكفرت طائفةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرينَ) [الصف: 14]. يقول الطبري مثبتا وصف الإيمان لمن تبعوا المسيح وآمنوا به من بني إسرائيل: وقوله: فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة يقول جل ثناؤه: فآمنت طائفة من بني إسرائيل بعيسى وكفرت طائفة منهم به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل (8) قال النبي: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة: والأنبياء إخوة - لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحدة (9). يذكر ابن تيمية في فتاواه موضحا أن دين الأنبياء هذا هو الإسلام وهذا الدين هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره، لا من الأولين ولا من الآخرين، فإن جميع الأنبياء على دين الإسلام (10).
......................................
1- تفسير القرآن العظيم لابن كثير، طبعة بيت الأفكار الدولية الرياض، سنة 1999
2- كلمات القرآن تفسير وبيان الشيخ حسنين مخلوف، الآية ﴿ إِنَّ الدين عند الله الإسلام)
[آل عمران: 19].
3- انظر: الدين للدكتور درار طبعة دار القلم الكويت ص 33، 47.
4- في ظلال القرآن سيد قطب دار الشروق سنة 2007 ص 997.
5- د. عبد الستار فتح الله سعيد: المنهاج القرآني في التشريع، القاهرة 1992 ص 13249.
6- حياة محمد، محمد حسين هيكل دار المعارف 1997، ص 493.
7- ظلال القرآن، سيد قطب دار الشروق سنة 2007 ص 836.
8- تفسير الطبري، دار التوفيقية بالقاهرة سنة 2004 ج 15 ص96.
9- صحيح البخاري دار الشعب سنة 1958 ج 4 ص 203.
10- ابن تيمية، مجموع الفتاوي، الرياض سنة 2002، ج 4 ص 48.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|