أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-16
1219
التاريخ: 10-9-2016
3735
التاريخ: 2023-05-12
1966
التاريخ: 2023-05-30
1008
|
الكلام على تأسيس رومة: إن رومة كانت في الأعصر الخالية والسنين الماضية من أشهر ممالك الأرض، وأعظمها رفعةً وشأنًا، وأجلها قدرًا على أنها لم تكن في مبدأ الأمر إلا مدينة صغيرة مربعة مؤسسة على ربوة بالقرب من نهر «التبر» في وسط إيطاليا تقريبا وأسست في سنة أربع وخمسين وسبعمائة قبل الميلاد. وإنما سميت رومة نسبةً إلى بانيها «رومولوس»، ولم تقف المؤرخون على حقيقة تاريخه، وكذلك لم تعلم حقيقة خبر الملوك الذين حكموها في الأصل. الكلام على جمهورية رومة كان الملك الذي يحكم رومة لا ينفذ حكمًا ولا يقضي بأمرٍ إلا باتفاق كبراء الأمة، ومشاوراتهم في الأمر ، وفي سنة عشر وخمسمائة قبل الميلاد تجمعت كبار الأمة وحكموا بطرد «تركوين» الذي كان ملكًا يوم ذاك، واستولى على زمام الملك اثنان من القضاة، وتلقَّب كلُّ واحد منهم بلقب قنصل؛ أي منفّذ الأحكام، وكانت الأمة تنتخب هاته القناصل في كل سنة، وكانت رؤساء العائلات تجتمع في جمعية لتعطي آراءها فيما يعود بالصالح والمنفعة على الأمة، وهذه الجمعية كانت تلقب بجمعية «السناتو»؛ أي ديوان أعيان المملكة. شقاق الأشراف والعامة: كانت سكان رومة منقسمة إلى حزبين؛ الأول يقال له حزب الأشراف، والثاني يدعى بحزب العامة. فكانت الرومانيون الذين من نسل العائلات القديمة تدعى «بالأشراف»، وأما من أتوا دخلاء في ديار، رومة، واستوطنوا فيها، وليسوا من نسل الرومانيين القدماء، فكانوا يُلقبون «بالعامة»، وكان عدد هؤلاء يزيد عن عدد أولئك بكثير؛ إذ إن أغلب سكان المدن المجاورة هرعوا من ديارهم ودخلوا رومة، وانتظموا في عقد الأمة الرومانية، ولما أرادت الأشراف الاستقلال بالحكم، وطلبت العامة أن تشاركهم في الحكومة، وأبت الأشراف ذلك الطلب؛ نشأت من ذلك فتن أفضت إلى الشقاق والمشاجرات بين الطرفين. ومن ذلك ذهب العامة من رومة، وتخلوا عنها، فمجلس السناتو» لأجل أن يرجعهم قرر بأن يكون منهم رؤساء يحامون عن حقوق الشعب، ويكون لهم الحق بأن يمنعوا القناصل عن عمل أي شيء سوى المحاماة، ثم حصل نزاع ثانيًا بين الفريقين، مكث أكثر من مائة سنة، وفي آخر الأمر قرَّر الأشراف بأن تُعيَّن قناصل من العامة، وذلك كان في سنة ست وستين وثلاثمائة قبل الميلاد، وعندئذ استتبت الراحة وحصل هدوء من الفريقين. الجيش الروماني: كانت الرومانيون مُوَجِّهَةً جُلَّ عنايتها إلى فن الزراعة؛ حيث كانوا يُعتبرون أمهر الحرَّاثين كأفضل الناس وكانوا مشتغلين أيضًا بالتجارة، وكانوا قاطبة جنودًا. وكانت العساكر تتدرّع بالدروع وتتقلد بالصوارم، وتحمل الرمح والترس، وتَلْبَس ثيابًا حمرًا تصل إلى رَكَبهم، وتضع على رءوسهم خودا من نحاس بأهداب من شعر الخيل، وكانت تشيد معسكرات مشطورة يحتمون فيها، وكانوا بلغوا الدرجة القصوى في فن القتال حتى إنه كان يمكنهم المحاربة بمائة أو مائة وعشرين جنديا، وهذا منال لم تصل إليه أية أمة. وكانت قوانين العسكرية قسرية جدًّا؛ فكان الجندي الذي يترك موضعه يُضرب بالسياط حتى يموت. وكان الواحد منهم يدخل في العسكرية وهو في السابعة عشرة من عمره ويمكث فيها مدة حياته. وقصارى الأمر كان الجيش الروماني في أحسن انتظام ومعتنى به كثيرًا؛ ولذا فتح المعمورة بأسرها قليلا قليلًا. فتوح إيطاليا: لما تطلعت رغبة الرومانيين، واتجهت عزائمها إلى قهر أمم إيطاليا، أعلنتها بالحرب، ولكن ذلك كان عليهم أمرًا عسيراً؛ إذ إن القتال قام بينهم عدة أجيال، وفي آخر الأمر فتحت بحيث جزيرة إيطاليا بأكملها في سنة اثنتين وعشرين ومائتين قبل الميلاد. حروب قرطاجنة الثلاثة كان يوجد بأفريقيا - قريبًا من المكان الذي فيه تونس الآن - مدينة تجارية حصينة مبنية على شاطئ البحر تدعى قرطاجنة»، أسسها جماعة من البحريين كانوا أتوا من «فينيقية»، وكانت هذه المدينة متموّلة غنية من التجارة ومن استخراج معادن الفضة من بلاد الأندلس، وكانت سكان قرطاجنة لا تقاتل بنفسها، بل كانت تؤجر عساكر من الأمم المتوحشة التي تميل إلى القتال وبهذه الجنود فتحت «بلاد الأندلس، وشمال أفريقيا وسيسيليا»، ولما أرادت الرومانيون أن تستولي على سيسيليا، وقابلوا جنود قرطاجنة هناك حصل نزاع وشقاق، وحينئذ ابتدأت الحروب بين رومية وقرطاجنة، وهذه الحروب تُعرف بالحروب «البونيكية» وهي كانت ثلاثة؛ ففي أول واحدة منها من سنة أربع وستين ومائتين إلى سنة إحدى وأربعين ومائتين ق.م. طردت الرومانيون القرطاجيين من (سيسيليا). وفي الحرب الثانية التي كانت من سنة ثماني عشرة ومائتين إلى سنة أربع ومائتين قبل الميلاد سافر قائد قرطاجيني يُدعى «أنيبال» من بلاد الأندلس واخترق بلاد الجول الجنوبية (أي: فرنسا) وجاز (جبال الألب) ونزل في إيطاليا، وفي مدة ثلاث سنين انتصر على الرومانيين في ثلاث وقعات وبعد واقعة «كنس» أشهر هاتيك الوقعات أقام في (نابلي)، ولكن رومة ما فترت همتها و«أنيبال» لم يتجرأ على الإغارة عليها، ولأجل أن يجبر «أنيبال» على المبارحة من إيطاليا أرسلت إلى أفريقيا قائدًا يدعى «سيبيون» بجيش عرمرم نزل قريبا من قرطاجنة، فلما رأى ذلك «أنيبال» اتبعه، ولكن هزم في «زاما» في سنة اثنتين ومائتين قبل الميلاد، وعند ذاك طلبت قرطاجنة الصلح، واستولت الرومانيون على الأندلس. وفي الحرب الثالثة التي من سنة تسع وأربعين ومائة إلى سنة ست وأربعين ومائة أرادت الرومانيون أن تتخلص من قرطاجنة، فذهبوا وحاصروا المدينة، وبعد ما وضعوا أيديهم عليها هدموها وفتكوا بأهلها فتكا عظيمًا، ورجعوا إلى رومة بالغنائم والأموال. فتوح الشرق كان يوجد في الشرق أثناء تقسيم مملكة إسكندر جملة ممالك يونانية فتحها الرومانيون واحدة بعد الأخرى، منها ممالك فتحتها بدون تكلف وبدون أدنى نزاع، ومنها ممالك فتحتها قسرا بالقتال وشن الغارات بأن هزموا شر هزيمة ملكين من ملوك مقدونيا وهما «فيلبش» في سنة سبع وتسعين ومائة و «برسية» في سنة ثمان وستين ومائة قبل الميلاد، وكسروا ملك «سوريا» المدعو «أنتيكوس» في سنة تسعين ومائة قبل المسيح، ثم أثاروا الحرب مع «متردات» ملك «بون» من سنة سبع وثمانين إلى سنة أربع وتسعين قبل المسيح، وكان لهم الظفر وانتهت بهم الحال إلى أن أصبحوا ملوكا على «مقدونية، وبلاد اليونان وآسيا الصغرى، وسوريا ومصر». فتوح الغرب: بعد ما فتحت الرومانيون الشرق التفتت إلى الغرب، وقد عرفنا قبل ذلك أنها استولت على الأندلس، وملكت زمامها من القرطاجينين، وكانت إذ ذاك فرنسا معمورة بالغاليين، وكان هؤلاء مهابين عند الرومانيين؛ إذ إنهم كانوا فتحوا إيطاليا قديما واستولوا على رومة وبعد ما خضعت الغاليون (سكان إيطاليا) للرومانيين فتكت الرومانيون بالغاليين (سكان الجول) أي غالة «فرنسا» وظفروا بهم، وفتحوا ما بين جبال «الألب» وجبال «بدنيبة» في سنة مائة وعشرين قبل المسيح، وأسسوا فيه مدينتي «اكس وتاربون»، ثم فتح القيصر في ثماني سنين ما بقي من «غالة» إلى نهر «الران» من سنة ثمان وخمسين إلى سنة إحدى وخمسين قبل الميلاد. الحروب المدنية في أثناء هذا الزمن كانت رومة تحت حكم السناتو، وكانت جمعية الأمة تحتشد في محلات، معلومة، فكانت تارة تجتمع في «الغوروم»؛ أي ساحة السوق، وتارة كانت تجتمع في ميدان الفعلة لتنظر في مصالح العموم، ومع هذا كانت لا تخرج عن طاعة السناتو، وكانت القناصل لا تفعل شيئًا، ولا تقضي بأمر بدون ما تشاور هذا المجلس. وفي هذه الحروب قتل جم غفير من رجال الرومانيين حتى إنه كاد لا يوجد إلا القليل من الرومانيين الأصليين، فدخل حينئذ في الجيوش الرومانية أغراب وجماعات لا مستقر لهم، متنقلين على الدوام، ولم ينتظموا في سلك العسكرية إلا لاكتساب الدراهم، وسلب الأموال من الأمم المنهزمة.وهاته الجنود التي كانت تحارب لاتخاذهم الحرب حرفة لهم يكتسبون منها، لا لأداء واجب، ولا لتقديم خدمة نحو وطنهم كانوا لا يطيعون الحكومة ولا يعرفون لهم حكامًا يذعنون لهم إلا قوادهم، فلما رأت ذلك القواد أرادت أن تحكم على السناتو، وتجعل لهم إمرةً عليهم، ولكن بما أنه يوجد جملة قواد، وكل واحد منهم يريد أن يكون سيدًا مستقلا بنفسه، حصل من ذلك شقاق ونزاع أفضى بهم إلى قتال أهلي مكث ثمانين سنة، وهذا القتال كان في رومة وفي إيطاليا وفي جميع البلاد الخاضعة للرومانيين، فكانت حرب بين (ماريوس وسيلا) من سنة ثمان وثمانين إلى سنة اثنتين وثمانين وبين «سيتوريوس» و«بوبيه» و«سیزار» من سنة تسع وأربعين إلى سنة خمس وأربعين، وبين «أنتوان» و«أوكتاف» من سنة ثلاث وأربعين إلى سنة ثلاثين قبل المسيح، وكان كل قائد ينتصر يصير حاكمًا مدة بعض سنين. ولكن هذا الحال لم يستمر على ذلك زمنا طويلًا؛ إذ إنه لما ضجرت الناس وكلَّتْ، وأعيتها الحرب، سلمت. جميع السلطة إلى «أوكتاف» آخر منتصر، ولقب باسم أغسطوس وإمبراطور في سنة ثمان وعشرين قبل المسيح، وما ألغى مجلس السناتو، ولكن لم يكن له أدنى سلطة، بل كانت السلطة والأحكام للإمبراطور، وفي حكم أغسطوس ولد المسيح.
الملخص
أولا: إن رومة أسست في سنة أربع وخمسين وسبعمائة قبل الميلاد.
ثانيًا: إنها كانت أولاً محكومة بملوك، ثم من سنة خمسمائة وعشر كانت تحت حكم القناصل ومجلس السناتو.
ثالثًا: إنه حصل شقاق بين الأشراف والعامة مكث زمنا طويلا، وانتهى الأمر بأن الأشراف أطاعوا، وصارت المساواة بين الاثنين في درجة واحدة.
رابعا كانت الرومانيون من أعظم عساكر القرون الخالية، ولذلك خضعت لهم الدنيا بأسرها.
خامسًا: إنهم ابتدأوا في قهر إيطاليا من سنة عشر وخمسمائة إلى سنة اثنتين وعشرين ومائتين قبل الميلاد.
سادسا: خضعت لهم قرطاجنة في ثلاث حروب، تدعى بالحروب «البونيكية» من سنة أربع وستين ومائتين إلى سنة ست وأربعين ومائة قبل الميلاد.
سابعًا: إنهم فتحوا بلاد الشرق بدون مشقة وعناء.
ثامنا: إنهم قهروا الغاليين وأخضعوا بلاد الغرب.
تاسعًا لما كانت الجيوش خاضعة لقوادها وأرادت القواد أن تكون حكامًا، حصل من ذلك حروب أهلية مكثت زمنا طويلا، وانتهى الحال بأن صار أحد القواد حاكما تحت لقب الإمبراطور في سنة ثمان وعشرين قبل المسيح.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|