المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05



ملامح الأدب المسرحيّ في النصف الثاني من القرن العشرين  
  
2336   08:10 صباحاً   التاريخ: 30-09-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص202-206
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /

ينفرد الأدب المسرحيّ بأنه الأكثر جماهيريّة نصاً وعرضاً والأوسع رواجاً والأشد تأثيراً. فجمهور الشعر محدود وخاصّ، ونشر مجموعة شعرية مغامرة يحسب لها الناشر ألف حساب. أمّا الرواية فأكثر التصاقاً بالقضايا الإنسانية والمعاناة الواقعية وأكثر جذباً وإمتاعاً، فضلاً عن قابليتها للإخراج السينمائي. أما المسرح فقد وجد أصلاً للتمثيل على الخشبة والعرض على مالا يحصى من الجماهير، وكم من مسرحية دام عرضها سنوات، وكم من مسرحٍ تخصص بكاتب واحد أو مسرحية واحدة...! فالمسرح -كما قيل-خبز الروح، يصدر من وحي الواقع والمعاناة ليعرض في حلة احتفالية مثيرة للعاطفة والذهن، حيث تضاف إليه عبقرية الإخراج والتمثيل وحسن الأداء والمؤثرات الصوتية والضوئية والملابس والديكورات. وإن قارئ الشعر والقصة متفرد؛ أما مشاهد المسرح ففي تظاهرة اجتماعية متفاعلة مع ما يجري على الخشبة، وربما تمت المشاركة بين الطرفين فيما يدعى تحطيم الجدار الرابع.
والمسرح يقوم أساساً على معالجة مشكلة أو أزمة أو قضية إنسانية هامة تشغل البال ويعانيها الناس وتشتبك بحياتهم ومصائرهم، ثم تحليلها والانتهاء منها إلى حلَّ أو مشروع حلّ بإثارة تساؤل واهتمام وإضاءة طريق. فالمسرحية شديدة الالتصاق بالواقع الاجتماعي والداخلي وبليغة التعبير عن هموم العصر ومؤرقاته وناجعة في بلورة الرأي العام والموقف الفكري والعمليّ، يسعفها في أداء هذه المهمة جو من الحريّة والديموقراطية يتيح الدخول في أي موضوع وتناول أيّة مشكلة مهما بلغت من الحساسية والإحراج.
فمن أبرز هذه الموضوعات مسألة وجود البشر في هذا الكون والتساؤل: لماذا؟، والصراع بين الدين والإلحاد والتحلّل والأخلاق وعلاقة الحب والعاطفة، والضياع والقلق البشري العام في هذا الوسط المأساويّ المظلم الغامض المصير.
فهذا ت.س إيليوت وهو خير مثالٍ على التعبير عن روح العَصْر ومآسيه، ينتهي إلى حلولٍ محافظة دينيّة...!
وهذا كوكتو يلخص ثقافة عصره ويعالج الأخطاء التي تهدّد سلام العالم...!
وآرابال يستوحي الحالة النفسية العامة فيعالج موضوعات التمرُّد على الوصاية سواءٌ أكانت دينية أم سلطةً أو عائلة ويدعو إلى عالمٍ متحرَّر كليّاً يضع قوانينه الخاصة به، ويبين بشاعة الحرب ويدعو إلى السلام ويعالج قضايا الشباب المتمرّد...
ونجد في مسرح تنسي وليامز وكرستوفر فراي سخرية من الواقع المنهار ومعالجةً لقضايا الجنس والعنف، وغوصاً في تحليل الدوافع النفسية.
وعالج آرثر ميلر قضايا الصناعة الكبيرة وطراز الحياة الأمريكية والصراع من أجل الحياة، والمغامرة الفردية والنجاح والتفوّق وتزعزع المعتقدات.
ونجد في مسرحيات يونسكو قضايا الزمن الجديد مثل الإنتاج والتقنيات العصرية الهائلة وحضور السلطة في كل مكان وضياع الإنسان في الفراغ العقائدي والتمرّد على الهيمنة والوصاية وسعي الإنسان للتخلص من كل الكوابيس الضاغطة، والتفاهات اليومية والقسوة التي لا ترحم...
أما آدامون فقد اتجه صوب القضايا الإنسانية الكبرى التي أثارها العصر كمآسي اللاجئين والتمييز العنصري والاضطهاد والعنف وانسحاق البشر أمام التقنيات الكبرى ومآسي الحروب في فيتنام والبورجوازية الظالمة ومطاردة الفقراء...
وعالج جاك جيلبر موضوعات المخدرات والزنوج؛ واهتم المسرحُ السياسي بقضايا الديموقراطية والحرية والقمع والإبادات العرقية والبيروقراطية وقضايا الرأسمالية وتمرّدات الكادحين... والشخصيات السياسية الحقيقية....
هذه أمثلة ونماذج يمكن أن تقاس عليها بقية النصوص لدى الكتاب الآخرين؟ ونرى من خلالها أن كتاب المسرح لم يتركوا قضية من قضايا العصر إلا استوحوها وعالجوها ونفذوا إلى أسبابها ونتائجها ولامسوا -على نحو ما-حلولها. فبينما ضاع بعضهم في التشاؤم والعبثية التمس آخرون علاجاتٍ علمية وواقعية، وهرع آخرون صوب الدين كمنجى أخير، أو صوب الاشتراكية أو التمرّد والثورة ووضع بعضهم الأمل في الأخلاق والشرف.... ولا غرابة في هذا الاختلاف لأنه ناشئ عن طبيعة العصر المتحرّرة التي تأبى الانسياق في نمط واحد أو أنماط محدودة.
ومن ناحية الأداء الفني عمد الكتّاب إلى كل مايهزّ المشاهد ويثير انفعالاته وأحاسيسه، هنالك العنف والقسوة والموت والصراعات القوية، والصراعات الكونية الكبرى والمآسي المؤلمة والجرائم والهواجس والعداءات.. وكلُّ ذلك وسائل لخلق جوٍ مأساوي شديد التأثير يطهّر المشاهد من إحساسه بالإثم. وهي الأطروحة القديمة لفن التراجيديا.
وهنالك الإغراق في السريالية واللامعقول والعبث والغموض(بيكيت ويونسكو) لخلق صدمة قوية لدى القارئ أو المشاهد.. حتى لقد وصل الأمر بالمسرحية إلى درجة الكابوس الذي يضغط على النفس ويحبس الأنفاس، وإن كان بعض الكتاب مثل آرابال لطّف من هذه الكابوسية المظلمة بشيءٍ من الإضحاك.
وظهر أيضاً المسرح الذي يعمد إلى المبالغة في المؤثرات المُبْهرة كالألبسة والديكورات والألوان والصور والملصقات والرموز والتلاعب الحاد بالإضاءة والصوت والغناء والرقص... للإمساك بأحاسيس المتفرّج. وقد اشتهر بهذا الأسلوب الكاتب والمخرج جان كوكتو.
وعمد بعض المسرحيين إلى إبراز الأحاسيس والغرائز الجنسيّة والشذوذ والبذاءة.. وآخرون إلى مشاهد الحفلات كالتتويج والعزل أو الطقوس كالجنائز أو العذاب المفرط الذي يتعرض له أحد الممثلين (جان جينييه) أو التواصل مع المشاهدين أو الإغراق في الفانتازيا...
وظهرت أنواع من المسارح الجديدة كالمسرح التعليمي (بريخت) القائم على النقد والتحليل العقلي، والمسرح الطليعيّ أو المسرح الحيّ الذي عاد إلى تصوير المآسي الاجتماعية الواقعية والإقلال من العنف، والمسرح الهامشيّ الجديد في بريطانيا الذي يتناول القضايا الواقعية ويمزج الجد بالهزل ولايعبأ بالقواعد الأكاديمية والفنيّة؛ والمسرح المتجوّل الذي انطلق إلى الشارع والساحة وتخفّف من الشروط المسرحيّة ليتصل بالجمهور بشكل بسيط...
وهكذا ظل المسرح نصاً ونظرية وعرضاً شديد القلق والتحوّل، كثير التجريب، وامتزجت المدارس فيه من واقعية إلى غنائية إلى رمزية إلى عبثية أو لا معقولة، واستُعين بالأساطير والتحليل النفسي وتجاورت الاتجاهات الاجتماعية والمادية والغيبية والحسّية، ولم تلتزم الشروط الأساسية في تكوين المسرحية، فربما غاب الأشخاص لينفرد بالعمل واحد أو اثنان، وربما غاب الحوار ليحل مكانه الإيماء وربما غاب الصراع أو الحبكة....
وكل ذلك تعبير عن روح العصر الجديد المتميز بالحريّة والقلق والاضطراب وعدم الاستقرار والبحث الدائم عن الجديد الشديد الجذب والتأثير لِملْءِ الخواء الوجداني لدى المشاهدين وإرضاء حاجات التطلع والتساؤل الحائر في عالمٍ انتقل فيه الإنسان من الوقوف على صخرة الواقع الراسخة في الزمان والمكان إلى الانطلاق والمشي في الفضاء في عالم اللاّوزن الذي تختل فيه المقاييس والمعايير.
والخلاصة لم يبق بعد الحرب الثانية مذاهب أدبيّة واضحة المعالم وشاملة ومرتكزة إلى فلسفة أو نظرة إلى الحياة كما عهدنا في المذاهب الأدبيّة الكبرى، بل بقيت شذرات من المذاهب القديمة متمازجة مع مذاهب واتجاهات صغيرة نشأت بسرعة وتزامنت وانطفأت بسرعة موسومةٍ بروح العصر المتأزّم الداعي إلى الحرية والبحث والتجريب والتجديد على إيقاع سريعٍ عنيف شمل كل الآداب والفنون وجميع نواحي الحياة. ترى هل هذه معالم مَذْهب ما بعد الحرب؟ لم يقل النقاد كلمتهم الأخيرة فيه بعد.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.