أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-7-2017
2872
التاريخ: 27-7-2017
5991
التاريخ: 25-03-2015
4849
التاريخ: 27-7-2017
5210
|
وتسمَّى
أيضاً الواقعية الجديدة. وقد نشأ هذا المذهب منذ البداية رداً على الرومانسيّة
والواقعية الانتقادية المتشائمة والطبيعيّة السطحيّة، ونما وانتشر مع اتساع
الدراسات الاشتراكية والتطبيق الاشتراكي؛ ولما كانت الاشتراكية نظرةً فلسفيّةً
واجتماعية تشمل كل فروع المعرفة والحياة فقد اهتمت بالأدب الواقعيّ ووجهته وجهةً
خاصّةً تناسبها، ووجدت فيه خير مصوّر للواقع وباعثٍ للوعي وحافز إلى التغيير
باتجاه التقدُّم. ومن هنا نشأت الواقعية الاشتراكية في الأدب وأصبحت مدرسةً عالمية
لها منهجها العقائدي المتميّز الذي تمّ من خلاله استخلاص مدرسةٍ نقدية سميّت
بمدرسة الواقعية الاشتراكية. وقد تبلورت معالمها في الثلاثينيات من القرن العشرين.
وتتلخص
سمات المدرسة الواقعية الاشتراكية في الأدب بالخصائص الآتية:
1-إنها
تنطلق من الواقع الماديّ من خلال فهمٍ عميقٍ لبنية المجتمع والعوامل الفعالة فيه
والصراعات التي ستفضي إلى التغيير. فالواقع هو الصادق الوحيد والقاعدة العلميّة
الموضوعيّة.
2-الأديب
طليعة مجتمعه بما أوتي من مؤهلاتٍ فكرية وفنيّة ووعيٍ للعالم ومؤهلاتٍ قياديّة
تمكّنه من التأثير في الأفكار والعقائد والقناعات والسلوك؛ فله إذن رسالة جوهرية
إيجابيّة وهي الاتجاه مع المجتمع لبناء مستقبلٍ أفضل للجماهير العريضة. إن الأدباء
هم (مهندسو النفس البشرية) ولذلك لابد لهم من رؤية مستقبليةٍ واضحة لما يجب أن يكون.
3-ينطلق الفهم
العميق للمجتمع من التحليل الماركسيّ للصراع الطبقيّ والوصول إلى كنه التناقضات
الجدليّة في هذا الصراع الذي يقوم على التأثير والتأثر والناتج.
4- عدم
الاكتفاء بالتصوير بل لابد من شفعه بالتحليل واستخلاص العوامل الفعالة في صياغة
المستقبل التقدمي، وهنا تبرز رسالة الكاتب وإعلاء شأن الإرادة الإنسانية ونضالها
العنيد ضمن الإطار الجماعيّ الطبقي لصنع المصير وفق المنطق التاريخي. وإنّ الكاتب
لا يبقى مشاهداً سلبياً بل يتدخل لتغليب الإيجابيات وتعزيز النضال.
5-الواقعية
الاشتراكية متفائلة، تؤمن بانتصار الإرادة الجماهيريّة التي تتجه دوماً في طريق
الحق والخير وتتمكن من إعادة بناء المجتمع الجديد.
6-تولي
الواقعية الاشتراكية أهمية كبرى لرسم وإبراز النموذج البطولي في إطار
التلاحم النضالي مع الجماهير والتصميم الإرادي والصلابة والوعي والتضحية، بحيث
يصبح نمطه مثالاً للمناضلين، يحبّونه ويقتدون به.
7-الواقعية
الاشتراكية إنسانيَّة وعالميّة تؤمن بوحدة قضايا الشعوب ووحدة نضالها في سبيل
التحرّر الاجتماعي والسياسي ووحدة الخط التاريخي، وتدين أشكال الاستعمار
والاستغلال والفردية والتمييز العنصري والدينيّ.
وترى
أن القوميّة جسرٌ إلى العالمية، وترفض الاعتداء والتسلّط والحروب
8-لا تهملُ
المقومات الفنيّة كالمقدرة اللغوية والأسلوبية وبراعة التصوير الطبيعي والنفسيّ
وحرارة العاطفة والمقومات الخاصة بكل جنسٍ أدبيّ وهي تتجه إلى الجماهير في خطابها
ولذلك تختار اللغة السهلة المتداولة. ولا تقيم وزناً لأدب يؤدي الأهداف دون حسٍّ
مرهفٍ وأداءٍ فنّي. فالمضمون والشكل متضامنان لا ينفصل أحدهما عن الآخر...
***
وممّا
تقدم نتبين أن الواقعية الاشتراكية مدرسة إيديولوجية ملتزمة سواء على الصعيد
الإبداعي أو النقدي؛ ولكنها تلحّ دوماً على أن يكون الالتزام نابعاً من صميم القناعة،
يتدفق من تلقاء ذاته وليس مجلوباً أو مفروضاً أو مرائياً أو مجاملاً. إن الأدب
الواقعي الاشتراكي هو أدب التلاحم مع الجماهير، والنضال معها وفي مقدمتها مع إبراز
دور الحزب والتنظيم وفضح الطبقة المستغلة والعناصر الفاسدة والمتحكمة والرجعيّة
والحياديّة والمتردّدة والوصولية والانتهازية وكل أعداء الاشتراكية والتقدم الذين
يشكّلون فيما بينهم حلفاً عائقاً لمسيرة الجماهير بشكل صريحٍ مباشر أو ضمنّي غير
مباشر.
وقد
ازدهرت الواقعية الاشتراكية في روسيا خلال القرن التاسع عشر ومهدت للثورة، وزادت
قوةً وانتشاراً بعد انتصار ثورة 1917 وانتقلت إلى البلدان الاشتراكية الأخرى في
القرن العشرين، وكان من أوائل منظّريها بلنسكي (المتوفى عام 1848) وهو من النقاد
الديموقراطيين ومؤسس علم الجمال الواقعي ومن الاشتراكيين الخياليين، وقد ناضل في
الصحافة والأدب لإخراج روسيا من نير العبودية والاستبداد ومن أعلامها أيضاً
تشرنشفكي (المتوفى عام 1889) الذي ناضل ونفي إلى سيبريا بسبب أفكاره، وهو أحد
القادة الديمقراطيين والداعي إلى ثورة الفلاحين والنضال في وجه السلطة التقليدية،
والدفاع عن الطبقات المسحوقة ولا سيما الفلاحين المستعبدين الفقراء. وله أيضاً
رسالة في (علم الجمال) تعدّ أساساً لعلم الجمال الواقعيّ، انتقد فيها نظرية الفن
للفنّ، واعتبر الحياة الواقعية نفسها مقياساً للجمال ومعياراً للصدق والإخلاص
والعمق. ومن أشهر رواياته رواية (ما العمل)؟.