أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-6-2022
1621
التاريخ: 25-6-2022
1594
التاريخ: 10-4-2016
6296
التاريخ: 2024-05-22
790
|
لقد مرت العقوبة بمراحل متعددة على مر العصور، واتجهت التشريعات الحديثة من القسوة الى التخفيف من العقوبة وغلب عليها الطابع الانساني وتحقيق غرض العقوبة المتمثل بالإصلاح والتأهيل بعد أن كان غرضها الإيلام والتعذيب، فأن الغاية الحديثة من فرض العقوبات يتمحور منع ارتكاب جرائم جديدة أي حول عملية الردع العام والردع الخاص، فالتجريم يجب أن يقتصر على الأفعال الضارة بالمصلحة العامة وفي هذا النطاق يبقى غرض العقوبة اصلاح الضرر الذي يلحق بالجماعة ولابد من تبني فكرة ألغاء العقوبات التي يكون ضررها أكبر من نفعها، وبما أن العفو الضريبي وسيلة الدولة لتحصيل ديون ضريبية عالقة في ذمة المكلفين المخالفين والتسوية موقفهم مع السلطة المالية فالسؤال الذي يطرح هنا ما تأثير العفو الضريبي على باقي المكلفين؟ وما أثر العفو الضريبي في تحقيق الردع العام؟ يعرف الردع العام أنه انذار للناس كافة عن طريق التهديد بالعقاب بسوء عاقبة الأجرام، لكي ينفرهم بذلك منه، وهو بهذا المعنى أشعار لكافة الأفراد بالألم الذي يلحق بهم أذا أقدموا على ارتكاب الجريمة(1).
وبما إن العقاب وسيلة لتحقيق الردع العام، ولكن بعض أنواع العقاب لا تمنع المجرمين من العودة الى الأجرام، فأن درجة ترهيب العقوبة متفاوتة وغير متساوية في سائر العقوبات.
كما نعلم إن الجرائم الضريبية تؤدي الى نتائج سلبية على الخزانة العامة أذ تؤثر على الحصيلة الضريبية وتمتد آثارها لتصيب الغير وهم المكلفون الذين يتحملون عبء الضريبة ولا يتهربون من دفع الضريبة بينما يفلت الآخرون من دفع الضريبة دون ترتب عقوبة عليهم باستفادتهم من العفو الضريبي مما يؤدي الى الشعور بعدم العدالة في توزيع العبء المالي على جميع الأفراد وبسبب التهرب قد تضطر الدولة الى زيادة سعر الضرائب الموجودة أو الى فرض ضرائب جديدة لتعوض النقص الحاصل في خزينة الدولة (2).
فالعفو الضريبي يشعر الشخص الآخر غير المشمول بالعفو الضريبي) بأن التهرب من دفع الضريبة لا يرتب عليه أي عقوبة ضريبية، وفي حالة منح الدولة عفو ضريبي في المستقبل فقد يتجه الى التهرب بدلاً من أن يدفع الضريبة، وبالتالي فهو يمحو سياسة العقاب القائمة على تحقيق الردع العام كهدف أساس من تطبيق العقوبات الضريبية.
كما أن قلة الوعي الضريبي وعدم وصوله الى المرحلة التي يقتنع بها كل فرد بأن عليه واجب تجاه الجماعة التي يحتمي بظلها فيساهم في جزء من ثروته في أعبائها العامة لتستطيع القيام بمختلف الواجبات المفروضة عليها من قبل المواطنين (3).
فشعور الآخرين بانعدام العدالة الضريبية من الأسباب الرئيسة للتهرب والذي يتحتم علاجه والسعي وراء التخلص منه ، (4) والعفو الضريبي قد يكون سبب في تهرب الآخرين من دفع الضريبة فيشعر الغير بوطأة الضريبة ويدفعهم دفعاً حثيثاً نحو الغش والتهرب لشعورهم بعدم المساواة،(5) فالمساواة هي مع الأشخاص معاملة مماثلة على حد سواء، وما يبرر الخروج عن مبدأ المساواة هو المعاملة غير المتكافئة بين المتهربين من الضرائب وبين دافعي الضرائب ففي العفو الضريبي تمتنع الدولة عن التعامل العقاب أذا تخلى الشخص عن عدم الكشف عن ثروته ودخله فيتعين عليه دفع الضريبة كاملة للاستفادة من العفو الضريبي (6).
وبموجب العفو الضريبي يستطيع الأثرياء أن يدفعوا ثمن حريتهم وتخلصهم من العقاب ومن ناحية أخرى أن هذا النظام لا يحقق احترام الغير للقوانين الضريبية فالردع من مقتضاه أن يقف المتهم لدى القضاء علناً وأن يصدر بحقه حكم ، ثم أن الردع العام لا يتحقق أذا ما أنقضت الدعوى الجزائية الضريبية بعفو ضريبي يجري بعيداً عن نظر الجمهور وسمعه وبالتالي يكون للشخص الآخر (الجمهور) كل العذر أذا أعتقد أن الجرائم الضريبية التي يتم حسمها على هذا النحو (أي) بالعفو الضريبي) ليست من الجرائم الخطيرة التي ينبغي تجنبها ولا يخفى ما ينطوي على ذلك من أثر على السياسة المالية للدولة (7).
وأن الأثر السلبي الذي يتركه العفو الضريبي على المكلفين غير المستفيدين منه انما يرجع سببه الى ضعف الوعي الضريبي فهي عملية اجتماعية تتطلب وقتاً وجهداً وهي مسألة لا تخص الإدارة الضريبية فحسب وانما هي مهمة المجتمع و الدولة أساساً لأنها تشكل ركيزة أساسية في عملية الاصلاح الضريبي.
ويعرف الوعي الضريبي أنه الادراك( الكامل من قبل الأفراد المسؤولياتهم المالية تجاه المجتمع والدولة أذ كلما نضج شعور الأفراد بواجباتهم تجاه المجتمع وكلما كانت ثقتهم كبيرة بالحكومة, وزاد الأقبال على دفع الضرائب من قبل الأفراد )(8)
ولذا فأن مسألة الوعي الضريبي يقودنا الى انتقال فكرة الضريبة من فكرة الجباية المجردة بقوة القانون الى فكرة المواطنة وعندها يكون الالتزام الضريبي اختياراً حراً ويشعر الأفراد أن الضريبة واجباً وطنياً يعود الى نفع المجتمع بأكمله وأن نجاح أي برنامج للإصلاح الضريبي يعتمد بدرجة كبيرة على مستوى الوعي الضريبي الذي وصل أليه الفرد.
وخلاصة القول نجد من الضروري أن تعمل الدولة على تنمية الوعي الضريبي وأن مسألة الوعي بأهمية الضرائب تقودنا الى الانتقال من فكرة الضريبة كفريضة اجبارية الى فكرة الالتزام الضريبي اختياراً يمارسه الأفراد وبالتالي يشعر الأشخاص أنها واجب وطني يؤول نفعها الى الجميع بصورة عامة، فالوعي الضريبي من العوامل المهمة والمؤثرة في زيادة العوائد الضريبية وأنه يقلل من التهرب الضريبي وبالتالي فاذا منحت الدولة المتهربين من دفع الضريبة عفواً ضريبياً لا يؤثر على عموم المكلفين وبالتالي لا يؤثر سلباً على الحصيلة الضريبية، ولابد أن لا يكون تقديم الدولة عفواً ضريبياً للمكلفين الا للضرورة القصوى ولحالات محددة حتى لا يتلاشى الهدف من العقوبة الضريبية وهو تحقيق الردع العام للغير ومنعه من الأقبال على ارتكاب الجريمة الضريبية.
___________
1- د. فهد يوسف الكساسبة وظيفة العقوبة ودورها في الاصلاح والتأهيل دراسة مقارنة، ط1، دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن - عمان، 2010، ص117.
2- د. عبد المنعم فوزي، المالية العامة والسياسة المالية، دار النهضة العربية، بيروت ،1972، ص 224.
3- د. حسن صادق المرصفاوي التجريم في تشريعات الضرائب، دار المعارف، ط 1 ، الاسكندرية، 1963، ص 4.
4- د. أحمد ماهر عز، التشريع الضريبي المصري، دار النهضة العربية الكتاب الأول، القاهرة، 1985، ص 423.
5- د. عبد الكريم صادق بركات و د. يونس أحمد البطريق و د. حامد عبد المجيد دراز ، النظم الضريبية، الدار الجامعية، دون مكان نشر 1986، ص 283.
6- Martin Kellner, Op.cit, p 343.
7- د. فخري عبد الرزاق الحديثي أصول الاجراءات في الجرائم الاقتصادية، دون دار نشر، بغداد، 1987، ص37.
8- د. رفاه شهاب الحمداني و د. نسرين رياض شنشول، سياسات الإصلاح الضريبي للمؤسسات الدولية وأثرها في تحقيق العدالة الاجتماعية، جزء أول طبعة أولى، دار الشؤون الثقافية العامة، العراق، 2018، ص 373.
9- فريد جاسم الخفاجي، السياسة الضريبية في العراق واقعها ومتطلبات اصلاحها في ظل التوجه نحو اقتصاد السوق، الطبعة الأولى مكتبة القانون المقارن، 2021، بغداد، ص .205
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|