أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2015
2191
التاريخ: 11-10-2015
1763
التاريخ: 9-10-2015
1445
التاريخ: 9-11-2015
1802
|
ولد إسحاق نيوتن في 25 من ديسمبر سنة 1642 منزل وضيع في وولتروب قرب جرانثام من ولاية لنكشير في إنجلند، وقيل إنه من نسل السير جون نيوتن. وكان أبوه قد تُوفّي في أكتوبر السابق. وفي سنة 1645 تزوّجت أمه برنابا سمث قسيس نورث ولهام من ليستشر. وبعد زواجها الثاني عاش إسحاق مع جدته مسز إسكوف من وولتروب أيضًا، ولكنها استعادته إليها بعد ترملها الثاني.
وكان في أول عمره نحيفا ضعيف البنية لم تُرْجَ له الحياة، يقال لأنه ولد قبل موعد الولادة، ولازم نحو سنتين المدرسة الابتدائية في جرانثام، إذ كانت تحت رعاية المستر ستوكس، ومنذ دخل المدرسة بَدَتْ عليه مخايل الذكاء، بيد أنه لم يتفوق بل كان نجاحه قليلًا، ولعل السبب أنه كان يلهو بالألعاب وصنع أشياء منها، وقد ورد في كتاب أعلام المقتطف: «قيل إنه لم يكن ليلتذ مهتمًا بمعاشرة رفاقه التلاميذ وملاعبهم، بل كان ينفرد عنهم ويلهو بالألعاب الميكانيكية وتقليد ما يراه منها، فاصطنع بيده منشارًا وقدومًا ومطرقة وسائر أدوات الصناعة بحجم صغير يناسبه، وكان يستعملها بحذق غريب، فصنع بها ساعات يديرها الماء المنحدر، فكانت بغاية الضبط والإتقان.
وفي ذات يوم أنشئوا في المدرسة مطحنة هوائية كانت لذلك العهد غريبة عجيبة، فما زال يدرسها حتى فهمها وصنع مثلها، وزاد عليها أن جعل الطحان فأرًا يطحن الدقيق ويأكله» (باختصار).
وأولع أيضًا بالرسم والتصوير وبنظم الشعر، فانصرف عن درسه بهذه الألعاب والفنون إلى أن تفوق أحد رفاقه عليه في إحدى المنافسات، فأثار الأمر في نفسه حماسة المناظرة، وما لبث أن صار رأس فرقته. وكان يستلذ مراقبة نجوم السماء، فلا بدع أن يُغرق بعدئذ في التفكير في الجاذبية التي تربط أجرام السماء. في الرابعة عشرة من عمره سنة 1656 أخرجته أمه من المدرسة لكي يساعدها في الحقل. وهل المخلوق لكي يَفْلَح السماء يطيق أن يَفْلَح الأرض؟! طبعا لم ينجح في هذا العمل؛ لأنه كان لاهيًا في العمليات الرياضية حين كان يجب أن ينشغل في الزرع والقلع والحرث والعزق. وكانت أمه ترسله إلى سوق جرانتهام لكي يبيع غلَّة الحقل ومعه خادم مسن، فكان يحيل أمر البيع في السوق إلى هذا الخادم، ويجنح إلى الصديق كلارك الصيدلاني حيث يطالع فيما عنده من كتب علمية وكيماوية.
ولما رأى خاله وليم إيسكوف قس بورتون كوكجل والعضو في كلية الثالوث (ترينتي) في جامعة كمبريدج ميله إلى الرياضيات والعلم؛ نصح لأمه أن ترده إلى المدرسة لكي يستعد لجامعة كمبريدج، وكان ذلك 1660. وفي سنة 1661 استتم استعداده للدخول في كلية الثالوث. وفي سنة 1665 نال شهادة بكالوريوس علوم. وفي سنة 1667 اختير معلمًا في الكلية المذكورة.
اكتشافاته الرياضية
وفي سنة 1665 اكتشف النظرية الرياضية المسماة «الكميات الثنائية»، وهي عبارتان جبريتان تربطهما علامة الإيجاب أو علامة السلب، وما لبث أن استنبط الفن الرياضي المسمى حساب التكامل والتفاضل Calculus وقد سماه Fluxions، وترجم المقتطف الكلمة «فن السيالة». ولهذا الفن شأن عظيم جدًّا في العلوم الرياضية النظرية والعملية كالهندسة الميكانيكية وهندسة البناء ..... إلخ.
وفي مايو من السنة التالية دخل في الطريقة العكسية لهذا الفن، وهي طريقة حساب المنحنيات وأحجام المجسمات، وقال: «وفي تلك السنة (1666) جعلتُ أفكر في قوة الجذب (أو في الثقل) الممتدة إلى فلك القمر، وأخذت أقابل القوة اللازمة لحفظ القمر في فلكه بالقوة الجاذبية التي على سطح الأرض. كان ذلك في سنتي 1665 1666، وذلك أول شبابي.»
اكتشافه سر الألوان
ومنذ ذلك الحين جعل يبحث في البصريات وأسباب الألوان، وفي 11 من يناير سنة 1672 أرسل شرح اختباراته إلى الجمعية العلمية الملكية، وفي تلك السنة عينها اختير عضوا في الجمعية مع لقب أستاذ، وفي الحال شرع يرسل رسائله إلى أوكدنبرج كاتب السر في الجمعية لكي تتلى فيها.
ومما كتبه حينئذ: «سأبذل جهدي أن أبدي شكري للجمعية بتقديم ما تستطيع مجهوداتي المتواضعة أن تؤثر في ترقية البحث الفلسفي.» وقُرأت نظريته عن النور والألوان في 8 من فبراير في المجمع العلمي الملكي – أي الجمعية المذكورة آنفًا - وأظهرت العمليات التي شرحها أن النور مؤلف من مجموعة من الأشعة مختلفة الانكسار؛ أي إنها إذا مرَّت في موشور (أصبع من بلور مثلث الزوايا) خرجت أشعته ملونة منكسرة على زوايا مختلفة مع الشعاع الأصلي. ومعنى ذلك أن الألوان ليست صفات للنور المنعكس عن الأجسام الطبيعية كما كان يظن، بل هي خواص أصلية في النور نفسه تختلف باختلاف الأشعة المنكسرة؛ أي إن اللون ليس في الجسم الذي يعكسه بل في النور نفسه الذي انعكس عليه. واختلاف الألوان يتوقف على اختلاف زوايا الأشعة المنكسرة كما نعلم نحن الآن، ونعلم أن زوايا الانكسار هذه تختلف باختلاف أحوال الموجات الضوئية وذبذباتها، والتي تُحدِث في شبكية العين نفس الاختلاف، والدماغ يتصور لكل ضرب من الموجات لونًا خاصا أو هو استنبطه.
وفي المدة التي كان فيها منشغلًا في هذا البحث وفي تحقيق نظريته عُيّن أستاذا للرياضيات، إذ استقال سلفه الأستاذ بارولكي لكي يحلَّ هو محله؛ ومن ثُمَّ كانت السلسلة الأولى من محاضراته عن البصريات مؤيدة بالمعادلات الرياضية، وهذا ما حمله على الاستمرار في البحث والاختبار التجريبيين بواسطة الموشور المشار إليه الذي اشتراه في معرض ستوبوردج سنة 1666 إلى أن بلغ بحثه قمته في رسالة إلى الجمعية (أي المجمع العلمي الملكي) سنة 1672، حيث قامت قيامة المناقشات الحادة بين العلماء الطبيعيين في هذا الموضوع، على أن المجمع أثنى عليه باحترام كلي وشكر له بحثه العظيم الشأن، وأبلغه أن المجمع عني به عناية خاصة.
مرضه وتفوقه الرياضي
في سنة 1689 انتُخِب نيوتن عضوًا في الجامعة، ثم انتُخِب ثانيةً في سنة 1701. وفي سنة 1690 عاد إلى كمبردج واستمرَّ في مباحثه الرياضية، وما عتم أن انتابه داء الأرق بين سنتي 1692 و1694، وقيل إنه أصيب باضطراب عصبي حتى باختلال عقلي أيضًا.
وحينئذ كتب هيفن إلى بستر: لا أدري إن كنت قد علمت بما حدث للفاضل المستر نيوتن، وهو أنه أصيب بالتهاب دماغي دام 18 شهرًا، وقيل إن أصدقاءه عالجوه بأدوية مختلفة، وحجزوه ومنعوه من الخروج.
وقد حاول أصدقاؤه مرة أن يردوه إلى عمله في سنة 1695، ومنهم رن وصديقه تشارلس مونتاجو ولورد هاليفاكس الذي كان سابقًا أستاذًا في كلية الترينتي، ثم وزيرًا للمالية بعد ذلك، وعرضوا عليه وظيفة مراقب مصلحة سك النقود، فقبل الوظيفة وبقي أستاذا في كمبردج، وبعد 4 سنين صار مدير المصلحة، وفي تلك السنة انتُخِبَ واحد من الثمانية الأجانب لعضوية الأكاديمية الفرنساوية في الفرع العلمي.
في سنة 1696 نشر جون برنولي الرياضي السويسري رسالة على رياضيي أوروبا يقترح فيها عليهم حل قضيتين رياضيتين، وأمهلهم ستة أشهر، وفي 29 من يناير ورد لنيوتن في فرنسا نسختان مطبوعتان من هذه الرسالة، وفي اليوم التالي أرسل نيوتن حلّهما إلى مونتاجو الذي كان حينئذ رئيس المجمع العلمي الفلكي، فأُرسل الحلان بلا توقيع إلى برنولي، ولكن برنولي لما اطلع على الحلّين وهما بلا توقيع قال: «عرفته كما يُعْرَف الأسد بجبروته؛ هو نيوتن.»
وقضى لبنتز المنافس لنيوتن في الرياضيات ستة شهور يفكر في المسألتين ولم يوفق إلى حلهما.
وفي سنة 1701 استقال نيوتن من الأستاذية في الترينتي (كلية الثالوث)، وانتقل إلى لندن وبقي قائما بواجباته كأستاذ ذي إنتاج ممتاز إلى أن تُوفي سنة 1727. وكان في سنيه الأخيرة ذا مقام عظيم يُذْكَر له، ففي سنة 1703 كان رئيسًا للمجمع العلمي الملكي، وبقي يُنتخب لهذا المنصب كل سنة إلى آخر حياته.
مقامه
زارت الملكة حنة كمبردج سنة 1705، ونزلت ضيفًا على الدكتور بنتلي رئيس كلية الثالوث وهناك منحت نيوتن وسام فارس ولقب سير. وفي ذلك الحين ابتدأ النقاش بينه وبين لبنتز بشأن حساب التكامل والتفاضل، وقد نشرت إحدى المجلات مقالاً بلا إمضاء يزعم فيه كاتبه أن نيوتن اقتبس فكرة فن السيالة Fluxion من لبنتز، ولكن من يُصدق أن ذلك الدماغ العظيم تتدنى نفسه إلى اقتباس نظرية رياضية من غيره، وهو اعلم علماء الرياضيات. واستمرت المناقشة بينه وبين لبنتز سنتين إلى أن مات لبنتز سنة 1716، ولكنها استمرت بين الرياضيين الآخرين نحو قرن. ومات نيوتن بعلة الحصاة في 8 مارس من سنة 1727، ودُفِنَ باحتفال عظيم يليق بعظيم مثله في دير وستمنستر.
نبوغه
لم يقتصر نبوغ هذا العبقري العظيم على ضرب واحد من ضروب العلوم والمعارف بل شملها جميعًا، كان رياضيًا بالفطرة، لم يسبقه أحد في إدراك الرياضيات العليا كأنها سجية في عقله، فلا يعنت فكره في فهم قضاياها، فكان إذا رأى شكل قضية هندسية واطلع على نص القضية يفهم البرهان من غير أن يدرسه أو يطلع عليه، واستنباطه لحساب التفاضل والتكامل الذي تُحل به معضلات العمليات الرياضية يدل على أن عقله كان من درجة أسمى من مستوى عقل البشر، وله مصنفات في الجبر والمعادلات وفي الهندسة.
كان أيضًا عالما كيماويا، وله في الكيمياء كتاب بحسب ما كان علم الكيمياء في عصره وربما توفق لزيادة على ما كان. وأما في العلوم الطبيعية، فمباحثه في النور وفي قوانين القوة والحركة كما هي محصية في كتابه «المبادئ» لا تزال إلى اليوم مستند أهل العلم الطبيعي، وله مصنفات في الفلك والنظام الشمسي. ومع كل دراساته العلمية التي أحاطت بكل العلوم في الطبيعة والكون كان عالما في اللاهوت، وله مباحث في العقيدة بوجود الله، ولكنه لم يكن يعتقد بالتثليث، وكيف يمكن ذلك العقل المنطقي الرياضي أن يقتنع به؟
أخلاقه
كان دمث الأخلاق لا يغضب ولا يعادي ولا يحقد، حتى إنه إذا قُسِي عليه في جدال عَدَل عن الموضوع تحاشيًا للنفار والجفاء؛ ولذلك لم يكن له أعداء بل أحباء معجبون. وعلى سمو عقله واتساع دائرة علمه كثير التواضع لا يفخر ولا يدَّعي ولا يتبجح. وحين كان صحبه حوله يُعْجَبون بسعة علمه وسمو عقله كان يقول: «أراني طفلًا يلهو على شاطئ من أوقيانوس المعرفة حتى إذا عثرت على صدفة أخذتها، وهل يفرغ البحر من الأصداف؟»
وعاش عزبًا، ويقول: إنه قلما شغل قلبه الحب، ولعله لم يحب، ومَنْ كان مشغول اللب دائما لا يبقى عنده وقت للحب. قيل إنه ترك ثروة تقدَّر بنحو 32 ألف جنيه، ولم يكن مسرفًا وإنما كان محسنا جوادًا يعمل الخير ليس لذويه فقط، بل لكل مَنْ يعرف بفاقته وبؤسه. لا يزال أساطين العلم منذ عهده إلى اليوم وبعد اليوم يضعونه في مقام الملك في دولة العلم، أو الجبل الشامخ المشرف على روابي المعرفة.
قال لابلاس: إن كتاب «المبادئ» الذي صنفه نيوتن أعظم نتاج عقلي ظهر في العالم. وسألت ملكة بروسيا ذات يوم لبنتز (خصمه) رأيه في نيوتن؟ فقال: إن كل ما أنتجه العقل البشري منذ بزوغه إلى اليوم من الفنون الرياضية وأساليبها لا يساوي ما أنتجه نيوتن.
وكان كبار العلماء من معاصريه مثل هوك وهالي وبويل في إنكلترا، وهوجنس في هولاندا، وتورنلي في إيطاليا، وباسكال في فرنسا يشاركون الفيلسوف لبنتز الألماني عقيدته في عبقرية نيوتن.
وفي عصرنا قال تجايمس تجينز عنه: إنه أعظم العلماء على الإطلاق، وقال أينشتاين: «إن ما جاء من النظريات العلمية الطبيعية بعده لم يكن إلا نموًا طبيعيا لنظرياته.» ولذلك لم ينقض أينشتاين رأي نيوتن في الجاذبية كما ظنَّ البعض، بل هو زاد على تلك الدوحة غصنًا، كما أنه لم ينقض هندسة إقليدس بل زاد مداها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|