أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-07
796
التاريخ: 23-3-2022
2185
التاريخ: 23-3-2022
2256
التاريخ: 2023-03-26
1170
|
من الانتقادات التي يُعبر عنها علانية دومًا لفكرة الكون المتعدد هي أنها ليست علما، وذلك لأنه ليس من الممكن اختبارها بالتجربة أو من واقع الملاحظة. لهذا الاعتراض وجاهته. فالزعم بأن كوننا مصحوب بعدد لا حصر له من الأكوان الأخرى يبدو من المستحيل التحقق منه. لقد أوضحت بالفعل أنه في نظرية التضخم الأبدي لا يمكننا أن نرصد رصدا مباشرا الأكوان الجيبية الأخرى، وذلك لسببين؛ أولهما هو أنها بعيدة لدرجة لا تصدق، والثاني هو: أنها تتراجع مبتعدة عنا بسرعة تفوق سرعة الضوء بكثير. ومن المنطقي الاعتراض من منطلق أن النظرية المبنية على كيانات لا يمكن من حيث المبدأ رصدها، لا يمكن أن توصف بالنظرية العلمية.
بید أنه من المقبول اللجوء إلى دليل «غير مباشر» لدعم هذه النظرية. في العلم، أحيانًا ما يثق المرء في أحد التنبؤات التي تخرج بها نظرية ما حتى في ظل عدم القدرة على اختبار هذا التنبؤ، ما دامت النظرية ككل مدعومة بقدر معقول من الأدلة التجريبية. على سبيل المثال، يمكن تطبيق نظرية النسبية العامة على ما بداخل الثقوب السوداء، وهي مناطق من الفضاء لا يمكننا أن نرصدها من الخارج، حتى بشكل نظري؛ لأنها محاطة بما يعرف بأفق الحدث. إلا أن النسبية العامة خضعت للاختبار بشكل طيب في سياقات أخرى، ولهذا يثق الفيزيائيون في أنهم يستطيعون استخدام النظرية عينها في وصف ما يحدث داخل الثقوب السوداء أيضًا. وإذا أمكن اختبار نظرية الأوتار / النظرية M، أو غيرها من النظريات التي تتنبأ بتعدد العوالم تجريبيا بشكل مرض، فربما يثق المرء في التنبؤ الذي تقدمه النظرية بشأن تعدد العوالم. لكن لسوء الحظ لا يزال من المستبعد اختبار نظرية الأوتار بشكل تجريبي، إلا أن هذا القيد تفرضه حالة التقدم العلمي الحالية وحسب. ولا يوجد سبب جوهري يمنعنا، في المستقبل البعيد من التوصل إلى نظرية كاملة موحدة واختبارها تجريبيا من هذا المنطلق تقع نظرية الكون المتعدد على الحد الفاصل بين العلم والخيال.
من الممكن أيضًا الحصول على بعض الأدلة غير المباشرة على تعدد الأكوان من خلال دراسة تفاصيل عملية الضبط الدقيق. تسعى نظرية تعدد الأكوان لاستبعاد احتمالية نشوء الكون بمحض الصدفة. من مميزات الصدفة أنه يمكن تحديدها رياضيا تحديدا جيدًا. وقد خضعت قواعد الصدفة وخصائص المتغيرات العشوائية للدراسة الوافية، وبعض سماتها المميزة باتت معروفة. جوهر الآلية الإنسانية هو أن كوننا انتخب من قبلنا بفضل قابليته لاستضافة الحياة، ومن هذا المنطلق هو كون مميز وفريد بشكل عام. لكن في ظل هذا العدد المذهل من الأكوان (على الأقل في نسخة نظرية الأوتار لتعدد الأكوان) سيظل هناك هامش كبير من الاحتمالات، بما فيها احتمال وجود عدد كبير من الأكوان المناسبة لاستضافة الحياة لا تختلف عن كوننا إلا بقدر ضئيل. لا يسير الضبط الدقيق بمنطق الأبيض والأسود؛ بل إن كل متغير ذي صلة يتمتع بنطاق من القيم التي تتناسب جميعها مع الحياة. إن الكون الذي تكون فيه القوة الكهرومغناطيسية، مثلًا، أقوى بنسبة واحد بالمائة سيكون على الأرجح ملائما للحياة، رغم أنه لو زادت النسبة إلى 50 بالمائة ستكون هناك مشكلات عويصة. وداخل نطاق الأكوان الملائمة لاستضافة الحياة لا يوجد أي سبب يدعونا لاعتبار كوننا عضوًا مميزا. هكذا تتنبأ نظرية الكون المتعدد بأنه عند البحث بحرص أكبر في عملية الضبط الدقيق، من المفترض أن نجد أن القيم المقاسة للمتغيرات الأساسية (أي تلك التي تؤثر على الحياة) تظهر قيما «نمطية» تقع في نطاق قابلية السماح بالحياة.
كيف نعرف أن القيم نمطية؟ سمة عامة للعمليات العشوائية هي أن المصادفات الكبيرة أكثر ندرة بكثير من المصادفات الصغيرة. فكر في عملية إلقاء عملة معدنية عشرة آلاف مرة. إننا نتوقع أن يكون العدد الإجمالي للصورة والكتابة متساويًا بشكل تقريبي بعد كل هذا العدد الكبير من المحاولات. ومع ذلك فلن نندهش إذا تصادف أن استقرت العملة على الصورة ثلاث مرات متتالية من حين لآخر. أربع مرات قد تثير الدهشة، خمس مرات أمر يستحق التذكر، أما عشر مرات متتالية - رغم أنه ليس أمرًا مستحيلا - فسيكون شيئًا مذهلًا. هذه المرات المتتالية يطلق عليها التنويعات الإحصائية، وهي جزء لا يتجزأ من جميع العمليات العشوائية. القاعدة هي أنه كلما كبر التفاوت (في مثالنا هذا عدد مرات الصورة)، كان احتمال تكراره أقل ترجيحا بتطبيق هذا على فكرة تعدد أنه الأكوان سنجد من المرجح أن تكون الأكوان (أو النطاقات الكونية) التي تفي بالكاد بالشروط المشجعة على الحياة أكثر بكثير من الأكوان التي تحقق هذه الشروط بهامش مريح. بعبارة أخرى، ينبغي أن تكون الأكوان التي تفي بالكاد بشروط الحياة أكثر بكثير من الأكوان التي تكون فيها شروط قابلية استضافة الحياة مثالية. ولهذا، إذا لم نكن نحن البشر إلا مراقبين موجودين بالصدفة وسط غيرنا من المراقبين المحتملين، فالأكثر ترجيحا أن نجد أنفسنا نعيش في كون يشجع على الحياة بهامش بسيط عن أن نجد أنفسنا في كون تكون الظروف المشجعة على الحياة فيه مثالية، وذلك لأن الأكوان من النوع الأول أكثر عددًا بكثير من تلك التي تنتمي للنوع الثاني.
من الأمثلة الملموسة على هذا الأمر الطاقة المظلمة، التي تبلغ قيمتها «الطبيعية» عشرة أس 120 ضعف قيمتها المرصودة. كما أوضحت اقترح ستيفن واينبرج أن هذه عملية انتخاب إنسانية؛ فمن منظور الطاقة المظلمة ليس كوننا سوى مصادفة، وقد وقع عليه الاختيار من قبلنا بفضل قابليته للسكن فالمجرات لن تتكون إذا كانت الطاقة المظلمة أكبر بكثير. وفق هذه النظرية فإن الأكوان التي تكبح الطاقة المظلمة بهذه الدرجة نادرة للغاية. وبتطبيق قاعدة أن المصادفات الصغيرة أكثر احتمالاً من الكبيرة، ينبغي أن تكون هناك أكوان كثيرة تقترب فيها القيمة المرصودة للطاقة المظلمة من القيمة الطبيعية، وعدد أقل من الأكوان تكون فيها القيمة المرصودة أقل بقدر معقول من القيمة الطبيعية، وعدد أقل بكثير من الأكوان تكون فيها القيمة المرصودة للطاقة المظلمة أقل بكثير من القيمة الطبيعية. عندئذٍ يحق لنا أن نتوقع أن يقع كوننا في نطاق قريب من القيمة التي تسمح بوجود حياة على أساس أن هناك أكوانًا أخرى من هذا النوع أكثر بكثير من الأكوان ذات القيم الأقل من الطاقة المظلمة. وفي الواقع ليس هذا بعيدًا عما نرصده. إن القيمة المقاسة للطاقة المظلمة ليست على الأرجح أصغر من عُشر القيمة «القاتلة»؛ تلك القيمة التي فوقها لن تتكون المجرات وإذا كانت هذه الطاقة المظلمة المرصودة أقل، مثلا، بمليون مرة عن القيمة القصوى التي تسمح بالحياة، فهذا يعني استبعاد تفسير تعدد الأكوان بشكل تام، على أساس أن الكون سيكون وقتها ملائما للحياة أكثر مما يتطلبه الأمر، بما يتعذر معه تفسير كوننا ذي الطاقة المظلمة الصغيرة كنتاج لمصادفة إحصائية اختيرت بشكل إنساني.18
قد يكون من الاسهل فهم هذا المنطق بالاستعانة بمثال: تخيل أن هناك يانصيب تُمنح فيه الجائزة الكبرى لأي شخص يخمن بشكل صحيح أربعة من أصل خمسة أرقام عشوائية ما بين الواحد والعشرة. يحذر رجال الشرطة منظمي اليانصيب لأنهم سمعوا شائعات عن وجود مؤامرة للغش. عند مراجعة النتائج يجد المنظمون أن رجلًا واحدًا خمن بشكل صحيح الأرقام الخمسة كلها، ولم ينجح أحد غيره في الوفاء بالحد الأدنى للجائزة. يتشكك المنظمون على الفور في الأمر؛ لأنه كان على الرجل أن يخمن أربعة وحسب من أصل خمسة أرقام. لقد كان أداؤه أفضل من القدر المطلوب للفوز بالجائزة؛ خاصة وأن تخمين الخمسة أرقام أصعب بعشر مرات من تخمين أربعة أرقام وحسب. لو كانت النتائج قد بينت مثلا، أن ثمانية أشخاص نجحوا في تخمين أربعة أرقام ونجح شخص واحد في تخمين الخمسة أرقام، كان المنظمون سيرون الأمر متوافقًا مع توقعاتهم للصدفة العشوائية. لكن ذلك التوقع «الساحق» المنفرد يثير الشكوك بأن شيئًا مثيرا للريبة يجري خلف الكواليس.
وبنفس الصورة، إذا كانت المتغيرات الفيزيائية الضرورية للحياة أكثر ملاءمة للحياة بعشرة أضعاف مما نحتاجه للوجود ، فهذا كفيل بإثارة الشكوك بأن الصدفة العشوائية ليست التفسير، وأن «شيئًا مثيرًا للريبة» يجري خلف الكواليس. إن هامش العشرة أضعاف التقدير الحالي في حالة الطاقة المظلمة. مبالغ فيه إلى حد لا يدعو للارتياح (بمعنى أن القول إن القيمة المقاسة للطاقة المظلمة «قريبة» من الحد الذي يسمح بالحياة، وهي أصغر بعشرة مرات، هو نوع من المبالغة). ومع ذلك فإن نظرية تكون المجرات معقدة ولا تزال غير مفهومة بشكل واف، وقد نكتشف بمزيد من البحث أنه يكفي للطاقة المظلمة أن تكون أعلى بضعفين أو ثلاثة أضعاف عن القيمة المرصودة كي تمنع ظهور الحياة. على أية حال، تتنبأ نظرية تعدد الأكوان بأن تكون المجرات (أو بعض العمليات الأخرى التي تؤثر على الحياة) من المفترض أن تعاق إذا كانت قيمة الطاقة المظلمة أكبر بقليل من القيمة المقاسة. وإذا اتضح أن هذا التنبؤ غير سليم فإن هذا سيكذب نظرية تعدد الأكوان ويشير بدلا من ذلك إلى وجود «ما يدعو للريبة». وأي نظرية يُحتمل تكذيبها تعتبر، من جانب أغلب العلماء، مؤهلة لأن توصف بـ «العلمية».
هوامش
(18) This type of reasoning is fully convincing only if one can assign precise statistical weights to different universes, but we don’t know how to do that yet. Another assumption is that there is no obvious minimum value of the dark energy below which life would be impossible, unless one considers negative values. A substantial amount of negative dark energy would be life-threatening for a different reason: it would add to the gravitational attraction of the universe and cause rapid collapse to a big crunch.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|