تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
التخمينات الكوسمولوجيا والنظرية النهائية
المؤلف:
الكون الأنيق
المصدر:
برايان غرين
الجزء والصفحة:
ص397
2025-06-25
68
للكوسمولوجية المقدرة على الإمساك بنا بشدة عند مستوى عميق ودقيق، لأنه إذا فهمنا كيف بدأت الأشياء فإن ذلك يشبه شعورنا بالاقتراب أكثر من أي وقت مضى من فهم لماذا حدثت بداية الأشياء على الأقل للبعض منا. ولا يعني ذلك أن العلم الحديث يقدم ارتباطاً بين السؤال كيف والسؤال لماذا . وهو لا يفعل ذلك - وربما لن توجد أية علاقة علمية أبداً بينهما. غير أن دراسة الكوسمولوجيا تعد بإعطائنا فهما تاماً إلى أبعد ما يمكن لساحة السؤال لماذا – أي لماذا ميلاد الكون - ويسمح ذلك على الأقل بنظرية مزودة بالمعرفة العلمية للإطار الذي تصاغ فيه الأسئلة. وفي بعض الأحيان يكون الوصول إلى التآلف العميق مع السؤال هو أحسن تعويض فعلي من الإجابة.
وفي سياق البحث عن النظرية النهائية، فإن هذه الانعكاسات القيمة على الكوسمولوجيا تفسح الطريق نحو اعتبارات أكثر صلابة بكثير. والطريقة التي تبدو لنا بها الأشياء اليوم - الطريقة الموجودة في أقصى يمين خط الزمن في الشكل رقم (14-1) - تعتمد على القوانين الأساسية للفيزياء، ولتكن متأكداً، إنها قد تعتمد كذلك على خصائص تطور الكوسمولوجيا من أقصى يسار خط الزمن والتي يحتمل أن تقع خارج نطاق حتى أكثر النظريات عمقاً.
وليس من الصعب تخيل كيف يمكن أن يكون ذلك. ولتفكر في ما يحدث مثلاً عندما تقذف بكرة في الهواء فستتحكم قوانين الجاذبية في حركة الكرة، لكننا لا يمكن أن نتنبأ بموقع استقرار الكرة تماماً انطلاقاً. من هذه القوانين فلا بد لنا أن تعرف سرعة الكرة - السرعة والاتجاه - في لحظة خروجها من يدك. أي أننا يجب أن نعرف الظروف الأصلية لحركة الكرة. وبالمثل فإن هناك سمات للكون لها كذلك احتمالات تاريخية - ويعتمد السبب في تكوين نجم في مكان ما وكوكب في مكان آخر على سلسلة معقدة . من الأحداث التي، على الأقل من حيث المبدأ، يمكن أن نتخيل اقتفاء أثرها حتى نصل إلى بعض السمات عن الكيفية التي كان عليها الكون عندما بدأ كل ذلك. غير أنه من المحتمل أنه حتى السمات الأساسية للكون، وربما حتى الخواص الأساسية للمادة وجسيمات القوى، تعتمد مباشرة على التطور التاريخي - التطور الذي يتوقف هو نفسه على الظروف الأصلية للكون.
وفي الحقيقة لقد لاحظنا بالفعل تجسيداً محتملاً لهذه الفكرة في نظرية الأوتار: عندما تطور الكون الساخن المبكر، ربما تكون الأبعاد الإضافية قد تحولت من شكل إلى آخر، لتستقر في النهاية عندما يبرد الكون بما فيه الكفاية في أحد أشكال كالابي-ياو. ومثل الكرة التي قذفت في الهواء، فإن نتيجة الرحلة من خلال العديد من أشكال كالابي ياو قد تعتمد على تفاصيل كيفية بداية الرحلة في المقام الأول. ومن خلال تأثير أشكال كالابي باو الناتجة في كتلة الجسيمات وخواص القوى، فإننا نرى أن التطور الكوسمولوجي وحالة الكون عند البداية يمكن أن يكون لهما وقع مدو على الفيزياء التي نعرفها حالياً.
ونحن لا نعرف ماهية الظروف الأولى للكون ولا حتى الأفكار والمفاهيم واللغة التي يجب استخدامها لوصف تلك الظروف ونحن نعتقد أن الحالة الأصلية القصوى للطاقة والكثافة ودرجة الحرارة اللانهائية التي تظهر في النموذجين الكوسمولوجيين القياسي والتضخمي، ما هي إلا إشارة إلى أن هاتين النظريتين قد انهارتا بدلاً من أن تصبحا وصفاً صحيحاً للظروف الفيزيائية الموجودة . فعلاً. تقدم نظرية الأوتار تصحيحاً لذلك بأن تبين كيفية تجنب مثل هذه الحالات اللانهائية القصوى، ومع ذلك فلا يملك أحد أية فكرة للإجابة عن السؤال عن بداية تلك الأحداث. وفي الحقيقة فإن جهلنا يتأكد حتى مستويات أعلى: فنحن لا نعرف ما إذا كان السؤال عن تحديد الظروف الأصلية سؤالاً ذا مغزى، أم أن هذا السؤال يقع بعيداً تماماً عن متناول أية نظرية إلى الأبد، كما في حالة توجهنا بالسؤال إلى النسبية العامة للإجابة عن مدى قوة قذف الكرة في الهواء. قام الفيزيائيون من أمثال هوكنغ وجيمس هارتل من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا بمحاولات شجاعة لإخضاع السؤال حول الظروف الأصلية الكوسمولوجيا تحت مظلة نظريات الفيزياء، إلا أن هذه المحاولات ظلت بلا نتائج نهائية. وفي سياق نظرية الأوتار/M فإن فهمنا الكوسمولوجي حالياً ما زال بدائياً جداً ليتمكن من تحديد ما إذا كانت نظريتنا المرشحة لتكون نظرية كل شيء ترقى لاسمها حقيقة، وأنها تحدد ظروفها الأصلية الكوسمولوجيا، وبذلك تسمو بها إلى مرتبة قوانين الفيزياء. وهو سؤال أساسي للأبحاث المستقبلية.
ولكن حتى في ما عدا موضوع الظروف الأصلية ووقعها على التتبع التاريخي للتطورات الكونية، فإن بعض المقترحات الحديثة عالية الافتراضية قد قدمت حدوداً محتملة أخرى للمقدرة التفسيرية لأية نظرية نهائية. ولا يعرف أحد ما إذا كانت هذه الأفكار صحيحة أم خاطئة، غير أنه من المؤكد أنها تقع على حدود التيار الرئيسي للعلم. لكنها تلقي بالضوء فعلاً - إن لم يكن بطريقة مستفزة وافتراضية - على أي عائق قد تقابله النظرية النهائية.
وتعتمد الفكرة الأساسية على الاحتمال التالي تخيل أن ما نسميه الكون هو في الواقع جزء ضئيل فقط من مدى كوسمولوجي فسيح وشاسع، وواحد من عدد هائل من الجزر الكونية المنتشرة عبر أرخبيل كوسمولوجي عظيم. ومع أن ذلك قد يبدو شيئاً غير معقول، وربما يكون كذلك في النهاية إلا أن أندريه ليند اقترح آلية مُحكمة قد تؤدي إلى مثل هذا الكون العملاق وقد وجد ليند أن التمدد التضخمي الموجز لكنه محوري الذي ناقشناه في الفصل السابق، قد لا يكون متفرداً، يحدث لمرة واحدة. وبدلاً من ذلك فإنه يدفع بأن ظروف التمدد التضخمي قد تكررت مرات ومرات في مناطق منعزلة منتشرة في الكون، تمر بدورها بتمدد تضخمي كالبالون، الذي يتطور إلى عوالم جديدة منفصلة. وفي كل واحد من هذه العوالم تتواصل عملية التمدد التضخمي حيث تنشأ عوالم أخرى من الأطراف البعيدة للشبكة الكونية اللانهائية للمدى الكوني. وتصبح المصطلحات أكثر تعقيداً، ولكن لنتبع العصر ونطلق هذا المفهوم حول التمدد الهائل باسم الكون المتعدد أو العالم المتعدد' (Multiverse) بحيث يكون كل جزء من مكوناته عالماً (Universe).
والملاحظة الرئيسية هي أنه بينما كنا قد أشرنا في الفصل السابع إلى أن كل شيء تعرفه يشير إلى فيزياء متجانسة ومتماسكة خلال عالمنا، وقد لا يكون لذلك علاقة بالمتطلبات الفيزيائية في تلك العوالم الأخرى، طالما أنها منفصلة عنا، أو على الأقل أنها بعيدة كل البعد عنا للدرجة التي لا يملك فيها الضوء الزمن الكافي للوصول إلينا. وهكذا من الممكن أن نتخيل أن الفيزياء تختلف من عالم لآخر. وقد يكون الاختلاف دقيقاً في بعض هذه العوالم : فمثلاً قد تكون كتلة الإلكترون أو شدة القوى القوية أكبر أو أصغر بمقدار جزء من | الألف بالمائة عما هي عليه في عالمنا، وفي البعض الآخر قد تختلف الفيزياء بشكل أكثر حدة: فقد يزن الكوارك الأعلى عشرة أضعاف ما يزنه في عالمنا أو تكون شدة القوى الكهرومغناطيسية عشرة أضعاف قيمتها التي نقيسها في عالمنا مع كل ما يتبع ذلك من مظاهر وتطبيقات على النجوم وعلى الحياة كما نعرفها (كما أشرنا في الفصل الأول). وقد تختلف الفيزياء في العوالم الأخرى بشكل أكثر راديكالية : فقد تكون قائمة الجسيمات الأولية والقوى مختلفة تماماً عن عالمنا، أو إذا استعرنا لمحة من نظرية الأوتار، فقد يكون عدد الأبعاد الممتدة مختلفاً مع وجود بعض العوالم المنضبطة ذات أبعاد فضائية قليلة أو حتى قد تصل إلى الصفر أو يكون لها بعد واحد كبير، بينما هناك عوالم أخرى قد يكون لها ثمانية أو تسعة أو حتى عشرة أبعاد فضائية ممتدة. وإذا أطلقنا العنان لخيالنا فحتى القوانين نفسها قد تتغير بشدة من عالم لآخر. فمدى الاحتمالات هنا بلا نهاية.
والمهم هنا هو أنه إذا استعرضنا هذه المتاهات الهائلة من العوالم، فإن الغالبية العظمى منها لن تكون ظروفها مواتية للحياة أو لأي شيء يمت بصلة ولو بعيدة للحياة التي نعرفها وفي ما يتعلق بالتغيرات الحادة في الفيزياء المألوفة فإن هذا الأمر واضح: فإذا كان عالمنا في الواقع يشبه عالم خرطوم المياه، فإن الحياة التي نعرفها لن تكون موجودة. فحتى مجرد التغيير البسيط في الفيزياء سيؤثر في تكوين النجوم مثلاً، مما يحيد بمقدرتها على أن تعمل كأفران كونية لإنتاج الذرات الداعمة للحياة مثل الكربون والأوكسجين اللذين عادة ما ينتشران خلال الكون بواسطة انفجارات المستعرات العظمى وفي ضوء حساسية اعتماد الحياة على تفاصيل الفيزياء، إذا سألنا مثلاً لماذا كانت القوى والجسيمات في الطبيعة لها الخواص المعينة التي نعرفها، فمن الممكن أن تنتج الإجابة المحتملة الآتية: تختلف هذه السمات اختلافاً بيناً عبر كل العوالم المتعددة (Multiverses)؛ فمن الممكن أن تكون خواصها مختلفة وهي بالفعل مختلفة في العوالم الأخرى. والشيء المميز عن اتحاد الجسيمات وخواص القوى التي نألفها هي أنها تسمح للحياة بأن تنشأ ولا بد من أن تكون الحياة والحياة الذكية على وجه الخصوص، شرطاً مسبقاً لإثارة التساؤل لماذا لكوننا الخواص المعروفة. وبلغة مباشرة فإن الأشياء على ما هي عليه في كوننا لأنه لو لم تكن كذلك فلن نكون موجودين لنلاحظ ذلك. ومثل الرابحين في لعبة الروليت الروسي الجماعية، الذين يهدأ ذهولهم بإدراكهم أنه إذا لم يكونوا قد ربحوا، فإنهم لن يكونوا هناك ليشعروا بالذهول، فإن فرضية العوالم المتعددة لها المقدرة على التقليل من إصرارنا على شرح سبب ظهور كوننا على ما هو عليه.
وهذا النوع من الجدل صورة من فكرة لها تاريخ طويل معروف باسم المبدأ البشري (Anthropic Principle). وكما هو معروض هنا، فإن هذا المنظور يقف على نقيض الحلم بنظرية قوية تامة المقدرة على التنبؤ وموحدة حيث تتواجد بها كل الأشياء على الحالة التي هي عليها لأن الكون لا يمكن أن يكون إلا كذلك. وبدلاً من أن يكون العالم المتعدد مثالاً شاعرياً تتواجد فيه كل الأشياء في مكانها معاً بأناقة صارمة، فإن هذا العالم المتعدد والمبدأ البشري يرسمان صورة المجموعة عريضة من العوالم التي لا يشبع نهمها للتغير. وسيكون الأمر في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً أن نعرف ما إذا كانت صورة العالم المتعدد صحيحة أم لا. فحتى لو كانت هناك عوالم أخرى فإننا يمكن أن تتخيل أننا لن نتمكن أبداً من الاتصال بأي منها، غير أنه بزيادة مجال ما الذي يوجد في الخارج هناك. الأمر الذي يقزّم نتائج هابل عن أن درب اللبانة ليس إلا مجرة واحدة من العديد من المجرات - فإن مفهوم العالم المتعدد يحذرنا على الأقل بأن هناك احتمالاً أننا نتخطى حدودنا بالتطلع إلى نظرية نهائية.
ولا بد أن نتطلب في النظرية النهائية وصفاً متماسكاً لجميع القوى وكل المادة في إطار ميكانيكا الكم. كما لا بد أن نتطلب من النظرية النهائية أن تعطي کوسمولوجية مقنعة داخل عالمنا. غير أنه إذا كانت صورة العالم المتعدد صحيحة - وهو افتراض بعيد الاحتمال - فإننا نطلب الكثير من نظريتنا لتشرح كذلك الخواص التفصيلية لكتلة قوة الجسيمات وشحنتها وشدتها.
غير أنه لا بد من أن نؤكد على أنه حتى لو تقبلنا فرضية العالم المتعدد، فإن استنتاجنا الذي يهادن مقدرتنا التنبئية بعيد عن أن يكون خالياً من العيوب. وببساطة فإن السبب هو أنه إذا أطلقنا لأنفسنا العنان في التخيل، وسمحنا لأنفسنا أن نتصور وجود العالم المتعدد، فعلينا أيضاً أن نطلق العنان لمعتقداتنا النظرية ونفكر في الطرق التي يمكن أن تروض من العشوائية الظاهرية نسبياً للعالم المتعدد، وبالتأمل المتحفظ نسبياً، يمكن أن نتخيل - إذا كانت صورة العالم المتعدد صحيحة - أننا قادرون على مد نظريتنا النهائية إلى آخر مدى تصل إليه، وأن نظريتنا النهائية الممتدة قد تنبئنا بالضبط لماذا وكيف تبعثرت قيم المؤشرات الأساسية عبر مكونات العوالم.
وقد جاءت أكثر الأفكار راديكالية من اقتراح لي سمولين من جامعة ولاية بنسلفانيا، الذي استلهم ذلك من التشابه بين ظروف الانفجار الهائل ومراكز الثقوب السوداء - يتميز كل منهما بكثافة هائلة للمادة المسحوقة - فاقترح أن كل ثقب أسود ما هو إلا نواة لعالم جديد يخرج للوجود من خلال انفجار هائل لكنه محتجب إلى الأبد عن أنظارنا بواسطة أفق حدث الثقب الأسود. وبجانب اقتراح سمولين لآلية أخرى من آليات توليد العالم المتعدد، فإنه قد أدخل عنصراً جديداً - صورة كونية من التطفر الجيني - وضع النهاية حول التقييد العلمي المرتبط بالمبدأ البشري . وقد اقترح أنه لو تصورت عالماً يتبرعم من لب ثقب أسود، فإن خواصه الفيزيائية مثل كتلة الجسيمات وشدة القوى، ستكون قريبة لكنها ليست تماماً مثل تلك الموجودة في العالم الذي جاء منه، وحيث أن الثقوب السوداء تنشأ عن النجوم المستهلكة، وأن تكوين النجوم يعتمد على القيم الدقيقة لكتلة الجسيمات وشدة شحنتها، فإن خصوبة أي عالم – أي عدد الثقوب السوداء الوليدة التي يمكن أن ينتجها - تعتمد بحساسية على هذه المؤشرات. وستؤدي التغيرات الطفيفة في مؤشرات العوالم الوليدة بذلك إلى بعض العوالم الأخرى التي تصبح أكثر مواءمة لإنتاج الثقوب السوداء أكثر من العالم الذي جاءت منه، وستعطي عدداً أكبر من العوالم الوليدة الخاصة بها . وبعد أجيال كثيرة، ستصبح أحفاد العوالم أكثر مواءمة لإنتاج الثقوب السوداء التي ستصبح من الكثرة بحيث تطغى على قاطني العالم المتعدد. وهكذا، وبدلاً من الاستدلال بالمبدأ البشري، فإن اقتراح سمولين يقدم آلية ديناميكية تؤدي في المتوسط بمؤشرات كل جيل تال من العوالم للاقتراب أكثر فأكثر من قيم معينة – القيم الموائمة لإنتاج الثقوب السوداء.
ويقدم هذا المنطلق طريقة أخرى بها يمكن تفسير المادة الأساسية ومؤشرات القوى، حتى في إطار العالم المتعدد. فإذا كانت نظرية سمولين صحيحة، وكنا نحن عضوا نموذجياً ناضجاً في عالم متعدد (وهذا افتراض خيالي جداً ويمكن دحضه من جهات عديدة بالطبع، فإن مؤشرات الجسيمات والقوى التي نقيسها لا بد أن تتواءم لإنتاج الثقوب السوداء. ويعني ذلك أن أي عبث في هذه المؤشرات الخاصة بعالمنا لا بد من أن يجعل تكوين الثقوب السوداء أمراً أكثر صعوبة. وقد بدأ الفيزيائيون في دراسة هذه المقترحات، ولكن حتى الآن ليس هناك ما يؤكد صحتها. غير أنه حتى لو اتضح أن مقترح سمولين غير صحيح، فإنه ما زال يقدم طريقا آخر يمكن أن تتخذه النظرية النهائية. ولأول وهلة قد يبدو أن النظرية النهائية تفتقد التماسك. فقد نجد أنها تصف عدداً كبيراً من العوالم الكثير فيها ليس له علاقة بالعالم الذي نعيش فيه والأكثر من ذلك، يمكننا أن نتخيل أن هذه الكثرة من العوالم ربما يمكن إدراكها فيزيائياً، الأمر الذي يؤدي إلى عالم متعدد – الأمر الذي يؤدي لأول وهلة إلى تحديد مقدرتنا على التنبؤ للأبد، ومع ذلك ففي الحقيقة تصور هذه المناقشة أن التفسير النهائي يمكن على أية حال التوصل إليه طالما أدركنا أنه ليس فقط مجرد الوصول إلى القوانين النهائية، ولكن أيضاً تطبيقاتها على التطور الكوسمولوجي في مدى عظيم بشكل غير متوقع، يمثل نهاية المطاف.
وبلا شك فإن التطبيقات الكوسمولوجية لنظرية الأوتار -M ستكون مجالاً للدراسة في القرن الحادي والعشرين وبدون معجلات قادرة على إنتاج طاقة بقيمة طاقة بلانك، سيزداد اعتمادنا على معجل الانفجار الهائل الكوسمولوجي، والبقايا التي تخلفت في جميع أنحاء الكون، وذلك للحصول على بيانات تجريبية وبشيء من الحظ والمثابرة قد نتمكن في النهاية من الإجابة عن بعض الأسئلة مثل كيف بدأ الكون، ولماذا تطور إلى الشكل الذي نراه في السماء وعلى الأرض. وهناك بالطبع مناطق مجهولة بين ما نعرفه وموقع الإجابات الكاملة هذه الأسئلة عن الأساسية. غير أن تطوير نظرية كمية للجاذبية من خلال نظرية الأوتار الفائقة يدعم الأمل في أننا الآن نمتلك الأدوات النظرية لاقتحام المناطق الشاسعة من المجهول، وبلا شك فإننا سنحصل بعد نضال طويل على إجابات لأكثر الأسئلة عمقاً.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الفلك
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
