أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2020
1590
التاريخ: 16-7-2020
1474
التاريخ: 20-2-2017
1516
التاريخ: 2023-08-08
772
|
رغم ما تتسم به فكرة الكون المتعدد من قبول واسع، ورغم أنها تقدم حلًّا أنيقا للغز جولديلوكس، فإن لهذه الفكرة عددًا من النقاد من داخل المجتمع العلمي وخارجه؛ فهناك فلاسفة يرون أن الاقتراح بتعدد الأكوان قائم على استخدام مغلوط لنظرية الاحتمالات.16 أيضًا هناك علماء كثيرون يرفضون فكرة الكون المتعدد نظرًا لكونها قائمة على التخمين وحسب حتى الآن إلا أن أشد الانتقادات تأتي من صفوف أصحاب نظرية الأوتار أنفسهم؛ إذ إن كثيرًا منهم ينكرون إمكانية وجود مشهد عام من العوالم الضخمة المتعددة. إنهم يتوقعون أن تكشف التطورات المستقبلية عن أن هذا التنوع المحير للعقل ما هو إلا سراب، وأنه حين تفهم النظرية بشكل تام، فإنها ستقدم توصيفًا فريدًا لعالم واحد؛ عالمنا. لكن إلى الآن لا يوجد دليل يدعم وجهة النظر هذه، لذا يظل هذا الأمر موضوع إيمان. ومع ذلك، ظل الانتقاد الموجه لفكرة الكون المتعدد قاسيًا. وقد استخدم علماء ومعلقون بارزون كلمات على غرار «خيال»، و«سم عقلي»، و«إفلاس» فكري لوصف هذه الفكرة. بل إن بول شتاينهارد أستاذ ألبرت أينشتاين في جامعة برينستون، يرى أن الأمر كله مثير للاستهجان حتى إنه لا يسمح لنفسه بالتفكير فيه، وقد عبر عن هذا الرأي بقوله: «إنها فكرة خطيرة لا أجد في نفسي الاستعداد حتى للتفكير فيها.»17
ما الذي يكمن خلف هذا الهجوم الشرس عليها؟ من وجهة نظر الفيزيائيين النظريين الذين يجتهدون محاولين صياغة نظرية نهائية موحدة، تأتي فكرة تعدد الأكوان كمهرب رخيص من الأمر. إن تحويل علم الكونيات إلى علم بيئي فوضوي يبدو أمرًا مخيبًا للآمال مقارنة بعظمة التوصل إلى نظرية نهائية موحدة قادرة على تفسير كل شيء. يحلم المنظرون الخالصون بالتوصل إلى الأسباب العميقة، المدعومة بالحسابات الرياضية الأنيقة، التي تفسر لماذا يبدو العالم على النحو الذي يبدو عليه، بكل تفاصيله العديدة. على النقيض من ذلك تخبرنا نظرية تعدد الأكوان أن السبب الوحيد وراء رصدنا لهذا العالم هو أنه قابل للرصد. يعتبر كثير من العلماء أن العشوائية وانتخاب المراقبين تعد تفسيرات قبيحة وفقيرة مقارنة بالنظريات الرياضية البارعة التي تحدد خصائص العالم بدقة كمية وتمزجها في وحدة متجانسة إنهم يرون أن التفسيرات القائمة على نظرية الكون المتعدد والمبدأ الإنساني» تقوض جهود برنامج التوحيد ذاته (على سبيل المثال، نظرية الأوتار) وتهدد أساس تمويله. بل إن بعض المنتقدين يرون أن هذه النظرية تعيق عملية تعليم الباحثين الشباب.
من معارضي فكرة الكون المتعدد ديفيد جروس، عالم الفيزياء في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا والحاصل على جائزة نوبل، الذي ساعد في تطوير الديناميكا الكمية اللونية. جروس شخص متفائل بدرجة كبيرة ويؤمن بأننا في يوم ما سنجمع نظرية نهائية لكل شيء تفسر لنا جميع متغيرات الفيزياء وعلم الكونيات عن طريق قوانين رياضية مفهومة جيدا. وصفت من قبل الطريق نحو إيجاد نظرية لكل شيء بأنه عملية توحيد متواصلة للفيزياء عملية نكتشف فيها أن ما يبدو لنا كقوانين مختلفة مستقلة هي في الحقيقة قوانين مترابطة على مستوى مفاهيمي أعمق. ومع دخول المزيد والمزيد من جوانب الفيزياء تحت مظلة التوحيد، يصير لدينا متغيرات أقل بحاجة للتحديد وصرامة أقل في صياغة القوانين. ليس من العسير تصور أقصى ما قد تفضي إليه هذه العملية؛ مجموعة مرتبة من المعادلات الرياضية توحد جميع جوانب علم الفيزياء المتشعبة. ربما لو وجدت لدينا نظرية كهذه لوجدنا أنه لم يتبق أمامنا متغيرات حرة على الإطلاق، وسوف أطلق على هذه النظرية اسم النظرية الخالية من المتغيرات». وفي هذه الحالة لن يكون من المنطقي تصور وجود عالم تكون فيه القوة النووية الشديدة، مثلًا، أقوى، ويكون فيه الإلكترون أخف؛ لأن قيم هذه الكميات لن تكون قابلة للتعديل بشكل مستقل؛ بل ستكون ثابتة القيمة من واقع النظرية. بالطبع هناك مناصرون متحمسون لنظرية الأوتار / النظرية M يتنبؤون بتطور مستقبلي تظهر بموجبه أرقام مثل 1.836، نسبة كتلة البروتون إلى كتلة الإلكترون و1040، نسبة القوة الكهرومغناطيسية إلى قوة الجاذبية، من خضم معادلات رياضية مبهرة. لكن في الوقت الحالي ليس هذا إلا توقعًا مبالغًا فيه. لا يزال الطريق حتى تفسير ولو واحد من هذه الأرقام طويلًا. لكن رغم افتقاد التقدم فإن كثيرين من أنصار هذه النظرية محتفظون بتفاؤلهم حين واجه جروس في أحد المؤتمرات العالمية المشكلة المتمثلة في أن الوصول لنظرية نهائية مرضية يبدو أمرًا بعيد المنال، رد بثبات، معيدًا صياغة عبارة تشرشل: إياك ثم إياك ثم إياك أن تستسلم!»
إلا أن مثل هذه النقاشات المستعرة لا تعني أن نظرية الكون المتعدد تعتمد بالأساس على صحة مفهوم المشهد العام في نظرية الأوتار. بالتأكيد يعد مفهوم المشهد العام النسخة الأغنى والأكثر تلقائية، إلا أن نظرية الكون المتعدد في شكل ما هي من الملامح الأساسية لنشأة الكون من الانفجار العظيم، إلى جانب كسر التناظر. إن الكون الذي يبرد بعد حالته الأولية المستعرة من المحتم أن يكوّن بنية نطاقية تكون فيها لكل نطاق سمات مختلفة، بما فيها قوانين الطاقة المنخفضة الثانوية وقيم بعض ثوابت الطبيعة. ومع أن مصطلح «الكون المتعدد» صُك في وقت قريب نسبيًّا، فإن التوقعات بوجود وفرة من النطاقات الكونية استنادًا على النظريات العظمى الموحدة ونظريات الأبعاد الأعلى وغيرها من مساعي التوحيد كانت موجودة لثلاثة عقود. وفي غياب نظرية نهائية متفردة مقنعة يكون الافتراض الأساسي هو أن الكون الذي نرصده ليس إلا جزءًا بسيطا من مجموعة اعتباطية من الأكوان.
هوامش
(16) An excellent in-depth discussion and critique of these issues can be found in Neil Manson (ed.), God and Design (New York: Routledge, 2003).
(17) The Edge annual question, 2006. See www.edge.org.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|