أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2018
![]()
التاريخ: 11-1-2021
![]()
التاريخ: 2024-12-08
![]()
التاريخ: 2023-09-06
![]() |
العدالة لغة: مأخوذة من العدل بفتح العين وسكون الدال والعدل ضد الجور فيقال: عدل في القضية فهو عادل، أو بسط الوالي عدله ومعدلته ، (1) والعدل هو اسم من أسماء الله الحسنى، وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم، وقال سبحانه وتعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بالعدل) (2) أما اصطلاحاً فتعرف بأنها قيمة أخلاقية مستقرة في الشعور الإنساني منذ الأزل، وهي قيمة خالدة ازداد تعمقها بظهور الأديان السماوية (3) وعلى الرغم من غموضها وما أثارته من جدل إلا أنها مبتغى الإنسانية كلها فقد أفنت البشرية أجيالاً لكي تنالها، وهي مستعدة للتضحية بما هو أكثر لكي يستقر العدل بين الجميع (4).
اما فيما يتعلق بالتمييز بين فكرة العدل والعدالة، فأن فلاسفة وشراح القانون يرون أن هنالك فرقاً بين الفكرتين، وفي ذلك يقول أرسطو العدالة مع كونها عدل إلا أنها تختلف عنه، فهذا الأخير يمثل تطبيق القانون، والعدالة هي أكثر ما تكون وسيلة لتلطيف عدله فحكم القانون شامل وفي نطاق هذا الشمول لا يمكن في بعض الحالات أن نجعل من تطبيقه على حكم سليم، فالقانون يأخذ بنظر الاعتبار ما يحدث في الحالات الغالبة، وفيها ما يكون صالحاً و لا يكون في حالات أخرى.(5) في حين يرى شراح القانون بأن العدل هو الإرادة المشتركة للجماعة التي يعبر عنها القانون بقواعد ثابتة متسمة بالتجريد والعمومية، ويفترض في تطبيقه المساواة بين الأفراد فهو يتسم بالشدة والصلابة، فكما يرضيه أن يقضي ببراءة البريء، فيرضيه أيضاً أن يقضي بإدانة المذنب ومعاقبته، أما العدالة فهي شيء آخر، إذ هي القاعدة المتحركة التي تتبع من شعور الإنسان التلقائي بقسوة القاعدة القانونية حين تطبيقها في حالة معينة أو ظرف معين، وتسعى إلى تلطيفها بدافع الرحمة. (6) وفي اللغة لا توجد تفرقة بين العدل والعدالة، وإنما التفرقة تبرز في نطاق القانون فقط. وفيما يخص العدالة كغرض من أغراض العقوبة فلم يضع شراح القانون وفلاسفته تعريفاً محدداً لهذه الوظيفة، إلا أنهم تطرقوا إليها وذلك لبيان أهميتها فقد ذهب البعض (7) إلى إن للعدالة قيمة اجتماعية تتأتى من كون الجريمة تمثل عدواناً على العدالة فضلاً عن ذلك فهي تمثل عدواناً على الشعور المستقر بشأنها في ضمير الأفراد، ومرجع ذلك إلى ما تنطوي عليه الجريمة من ظلم من خلال حرمان المجنى عليه من حقوقه والعقوبة من خلال ذلك تهدف إلى محو آثار هذا العدوان الذي جرح الشعور بالعدالة وفي شقيه بأن تعيد للعدالة كقيمة اعتبارها الاجتماعي وترضي الشعور بها الذي ثلم فالشق الأول من هذه الوظيفة يقوم على فكرة (المقاصة الموضوعية باعتبارها الوسيلة إلى إعادة التوازن (القانوني ذلك أن الجريمة قد أخلت بهذا التوازن بما أنزلته من شر فيأتي شر العقوبة ليقاصه ويعيد التوازن بذلك، وهذا الشق يكفل صيانة قيمة أخلاقية يتعيَّن أن تظل لها في المجتمع أهميتها فضلاً عن ذلك فهو يعيد إلى القانون هيبته وللسلطات المنوط بها تنفيذه احترامها بعد أن أخلت الجريمة بهما معاً، أما الشق الثاني من هذه الوظيفة فيكفل إرضاء شعور اجتماعي يتأذى بالجريمة ويتطلب الإشباع في صورة العقوبة (8).
ويذهب الدكتور مأمون محمد سلامة إلى أن عدالة العقوبة تقوم على أساس أخلاقي اجتماعي من خلال الموازنة بين الأضرار التي أصابت الجماعة من الجريمة وبين درجة الخطيئة المتعلقة بالفاعل، فالغرض من العقوبة وفقاً لهذه الوظيفة الأخلاقية هي أشعار الجاني بجسامة خطأه وبالتالي التأثير على بواعث الإجرام لديه مستقبلاً (9).
ووظيفة عدالة العقوبة هي وظيفة نفعية أي أنها وظيفة معنوية محسوسة لا ملموسة وهي بذلك تختلف عن وظيفة الردع الخاص والعام، فوظيفتها تتمثل في الموازنة بين الصور الاجتماعية التي اختلت نتيجة وقوع الجريمة فضلاً عن ذلك تهدئة الشعور الاجتماعي والسخط العام الذي تأثر نتيجة وقوع الجريمة حيث تكون العقوبة أيا كانت صورتها رد فعل على ما أتاه الجاني مما يسهم في تسكين ثورة المجتمع وروح الحقد المتفجرة لديه، نتيجة الاعتداء الواقع عليه وانتهاك حرماته. (10) وبذلك تختلف عدالة العقوبة عن العقوبة العادلة، فالعقوبة العادلة تعني المساواة بين الجريمة والعقاب أو عمومية العقاب أي تناسبه فيقال: أن العقوبة عادلة حينما تكون متناسبة مع ما أتاه الجاني، فالعدالة هنا تأتي بمفهوم التعادل بين الأذى ورد الأذى، وبمعنى آخر إن العقوبة العادلة هي صفة تلحق بالعقاب فهو كما يكون عادلا، قد يكون غير عادل، أما عدالة العقوبة فهو قول ينصرف إلى حد وظائف العقوبة، وهي تلك الوظيفة الفعلية للعقاب (العدالة)، ويترتب على ذلك أن هذه الوظيفة لا يمكن تحقيقها ما لم تحاط بضمانات تمثل جوهر العقاب القانوني وهذه هي (شرعية العقوبة وشخصيتها وقضائيتها وملاءمتها إذ بغير ذلك لا يمكن للعقوبة أن ترضي الشعور بالعدالة. (11) فوسائل تحقيق العقوبة العادلة بمعناها الدقيق هي التناسب والتعادل بين الجريمة والعقاب، فضلاً عن ذلك فان مفهومي عدالة العقوبة والعقوبة العادلة متلازمتان، إذ لا الضمانات يمكن أن تتحقق عدالة العقوبة ما لم تكن العقوبة عادلة ومتسمة بسماتها وضماناتها (12).
ويمكن القول بان العقوبة في قانون العقوبات العراقي تقوم إلى حد كبير على أساس التوفيق بين فكرتي العدالة والمنفعة (المنع العام والمنع الخاص) في المعنى الذي صاغه أنصار المدرسة التقليدية الجديدة. (13) فالعقوبة كما جاءت في قانون العقوبات العراقي تسعى إلى تحقيق العدالة بإنزال ألم بالجاني، ما يسهم في تكفيره عن ذنبه ويهدأ شعور السخط الذي تحدثه الجريمة في الجماعة (14).
نخلص مما تقدم أن العدالة غرض تسعى العقوبة إلى تحقيقه وهو غرض جدير بالاعتبار على الرغم من الانتقادات الموجهة إليه (15).
___________
1- د. عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997 ، ص 84 وما بعدها.
2 - سورة النساء: الآية 58
3- أحمد فتحي سرور، الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية، ص9.
4- سمير ناجي، تاريخ التحقيق ومستحدثات العلم، تقرير مقدم إلى مؤتمر حرية حقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية في مصر وفرنسا والولايات المتحدة، المؤتمر الثاني للجمعية المصرية للقانون الجنائي، الإسكندرية من 9 - 12 / 4 / 1988 ، ص 63 نقلا عن د. عمر سالم، المرجع السابق، ص 86.
5- د. عمار عباس كاظم، وظائف العقوبة، أطروحة دكتوراه، مقدمة إلى جامعة النهرين كلية الحقوق، 2005، ص 505
6- عبد الحي حجازي، المدخل لدراسة العلوم القانونية، ط1، مطبوعات جامعة الكويت، 1985، ص219.
7- أنظر: أستاذنا الدكتور تميم طاهر أحمد، تنفيذ العقوبة وأثره في الردع الخاص، دراسة ميدانية أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة بغداد كلية القانون، 1995 ص 55 ، و د. فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم العام، ط 2 ، العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2010 ص310، و د. السعيد مصطفى السعيد الأحكام العامة في قانون العقوبات ط4 ، دار المعارف الإسكندرية، 1962 ، ص520.
8- د. محمود نجيب حسين شرح قانون العقوبات القسم العام، طـ3 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، بدون سنة طبع ، ص 951 وما بعدها.
9- د. مأمون محمد سلامة أصول علم الإجرام والعقاب دار الفكر العربي، القاهرة، 1979، ص 306.
10- د. عمار عباس كاظم، وظائف العقوبة، أطروحة دكتوراه، مقدمة إلى جامعة النهرين كلية الحقوق، 2005 ، ص 506.
11- د . عمار عباس كاظم المرجع السابق ، ص 506.
12- المرجع : نفسه، ص 506.
13- د. علي حسين الخلف، و سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، العاتك لنشر الكتاب، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص 411.
14- المرجع نفسه ، ص 411.
15- أنظر في هذه الانتقادات وتقديرها .د. محمود نجيب حسني، علم العقاب المرجع السابق، ص 93، د. أحمد فتحي سرور، أصول السياسة الجنائية، المرجع السابق، ص 115 وما بعدها.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|