أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
5405
التاريخ: 2024-09-01
257
التاريخ: 10-10-2014
1343
التاريخ: 30-04-2015
2160
|
أما القائلون بتواتر القراءات السبع فقد استدلوا على رأيهم بوجوه :
الاول : دعوى قيام الاجماع عليه من السلف إلى الخلف. وقد وضح للقارئ فساد هذه الدعوى ، على أن الاجماع لا يتحقق باتفاق أهل مذهب واحد عند مخالفة الآخرين. وسنوضح ذلك في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
الثاني : ان اهتمام الصحابة والتابعين بالقرآن يقضي بتواتر قراءته ، وإن ذلك واضح لمن أنصف نفسه وعدل.
الجواب :
إن هذا الدليل إنما يثبت تواتر نفس القرآن ، لا تواتر كيفية قراءته ، وخصوصا مع كون القراءة عند جمع منهم مبتنية على الاجتهاد ، أو على السماع ولو من الواحد. وقد عرفت ذلك مما تقدم ، ولولا ذلك لكان مقتضى هذا الدليل أن تكون جميع القراءات متواترة ، ولا وجه لتخصيص الحكم بالسبع أو العشر. وسنوضح للقارئ أن حصر القراءات في السبع إنما حدث في القرن الثالث الهجري ، ولم يكن له قبل هذا الزمان عين ولا أثر ، ولازم ذلك أن نلتزم إما بتواتر الجميع من غير تفرقة بين القراءات ، وإما بعدم تواتر شيء منها في مورد الاختلاف ، والاول باطل قطعا فيكون الثاني هو المتعين.
الثالث : ان القراءات السبع لو لم تكن متواترة لم يكن القرآن متواترا والتالي باطل بالضرورة فالمقدم مثله : ووجه التلازم أن القرآن إنما وصل الينا بتوسط حفاظه ، والقراء المعروفين ، فإن كانت قراءاتهم متواترة فالقرآن متواتر ، وإلا فلا. وإذن فلا محيص من القول بتواتر القراءات.
الجواب :
1 ـ ان تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، لان الاختلاف في كيفية الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها ، ولهذا نجد أن اختلاف الرواة في بعض ألفاظ قصائد المتنبي ـ مثلا ـ لا يصادم تواتر القصيدة عنه وثبوتها له ، وان اختلاف الرواة في خصوصيات هجرة النبي لا ينافي تواتر الهجرة نفسها.
2 ـ ان الواصل الينا بتوسط القراء إنما هو خصوصيات قراءاتهم. وأما أصل القرآن فهو واصل الينا بالتواتر بين المسلمين ، وبنقل الخلف عن السلف. وتحفظهم على ذلك في صدورهم وفي كتاباتهم ، ولا دخل للقراء في ذلك أصلا ، ولذلك فإن القرآن ثابت التواتر حتى لو فرضنا أن هؤلاء القراء السبعة أو العشرة لم يكونوا موجودين أصلا. وعظمة القرآن أرقي من أن تتوقف على نقل اولئك النفر المحصورين.
الرابع : ان القراءات لو لم تكن متواترة لكان بعض القرآن غير متواتر مثل ملك ومالك ونحوهما ، فإن تخصيص أحدهما تحكم باطل. وهذا الدليل ذكره ابن الحاجب وتبعه جماعة من بعده.
الجواب :
1 ـ ان مقتضى هذا الدليل الحكم بتواتر جميع القراءات ، وتخصيصه بالسبع أيضا تحكم باطل. ولا سيما أن في غير القراء السبعة من هو أعظم منهم وأوثق ، كما اعترف به بعضهم ، وستعرف ذلك. ولو سلمنا أن القراء السبعة أو ثق من غيرهم ، وأعرف بوجوه القراءات ، فلا يكون هذا سببا لتخصيص التواتر بقراءاتهم دون غيرهم. نعم ذلك يوجب ترجيح قراءاتهم على غيرها في مقام العمل ، وبين الامرين بعد المشرقين ، والحكم بتواتر جميع القراءات باطل بالضرورة.
2 ـ ان الاختلاف في القراءة إنما يكون سببا لالتباس ما هو القرآن بغيره ، وعدم تميزه من حيث الهيئة أو من حيث الاعراب ، وهذا لا ينافي تواتر أصل القرآن ، فالمادة متواترة وإن اختلف في هيئتها أو في إعرابها ، وإحدى الكيفيتين أو الكيفيات من القرآن قطعا وإن لم تعلم بخصوصها.
تعقيب :
ومن الحق إن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات. وقد اعترف بذلك الزرقاني حيث قال : يبالغ بعضهم في الاشادة بالقراءات السبع ، ويقول من زعم أن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر ، لأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة ، ويعزى هذا الرأي إلى مفتي البلاد الاندلسية الاستاذ أبي سعيد فرج ابن لب ، وقد تحيس لرأيه كثيرا وألف رسالة كبيرة في تأييد مذهبه. والرد على من رد عليه ، ولكن دليلة الذي استند إليه لا يسلم. فإن القول بعدم تواتر القراءات السبع لا يستلزم القول بعدم تواتر القرآن ، كيف وهناك فرق بين القرآن والقراءات السبع ، بحيث يصح أن يكون القرآن ، متواترا في غير القراءات السبع ، أو في القدر الذي اتفق عليه القراء جميعا. أو في القدر الذي اتفق عليه عدد يؤمن تواطؤهم على الكذب قراء كانوا أو غير قراء (1).
وذكر بعضهم : ان تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، وانه لم يقع لاحد من أئمة الاصوليين تصريح بتواتر القراءات وتوقف تواتر القرآن على تواترها ، كما وقع لابن الحاجب (2). قال الزركشي في البرهان : للقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد 6 للبيان والاعجاز ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف ، وكيفيتها من تخفيف وتشديد غيرهما ، والقراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل بل هي مشهورة. وقال أيضا : والتحقيق انها متواترة عن الائمة السبعة. أما تواترها عن النبي 6 ففيه نظر ، فإن اسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات ، وهي نقل الواحد عن الواحد (3).
_________________
1 ـ مناهل العرفان ص 248.
2 ـ التبيان ص 105.
3 ـ الاتقان النوع 22 ـ 27 ج 1 ص 138.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|