أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2022
1661
التاريخ: 2024-03-21
967
التاريخ: 11-3-2017
3882
التاريخ: 30-5-2016
2104
|
تعددت مفاهيم العيب الخفي ولم يجر بيانه على نسق واحد تأثراً في الاختلاف الكائن في الحدود الموضوعة له تأصيلاً على اختلاف المفهوم المعتمد للعيب الذي يعد الفعل المنشئ للالتزام بالضمان على الرغم مما يبدو من وضوح له حسب الوضع الظاهر ، مع الاشارة الى تجنب المشرع في القوانين المقارنة تعريف العيب الخفي الموجب للضمان ، وقد برز مفهومان في فرنسا تجاذبا بيان العيب انبثقا نتيجة الاختلاف في تفسير نص المادة ( 1641 ) من القانون المدني الفرنسي والتي نصت على انه ) ان البائع ملزم بضمان عيوب المبيع الخفية التي تجعله غير صالح للاستعمال فيما أعد له او التي تنقص فعلياً هذا الاستعمال الى حد ان الشاري لما كان اشتراه او لاشتراه بسعر اقل لو علم بوجودها )(1)، واول هذين الاتجاهين هو الاتجاه التجريدي الذي يركز انصاره على كلمة ( العيوب ( الواردة في النص السالف ذكره بوصفها العبارة الاهم في النص والتي تعد نقطة البداية لديهم في ان كل نقص هو عيب موجب للضمان ، اما كون المعقود عليه غير صالح للاستعمال المعد له فلا يشكل سوى نتيجة للعيب الذي كعامل منشئ للضمان ، فكل نقص يعد عيباً بغض النظر عن تأثيره في الاستعمال ، ولذا يستند مفهوم العيب على طبيعة النقص لا النتائج المترتبة عليه ، ومن ثم يتبلور الفارق بين العيب وعدم صلاحية الشيء للاستعمال المعد له بالاعتبار هما شرطان متميزان (2)
وان هذا الاتجاه هو ما ذهبت اليه محكمة النقض المصرية بموجب قرار لها في ظل القانون المدني المصري القديم والتي عرفت فيه العيب الخفي بانه ( العيب هو الافة الطارئة التي تخلوا منها الفطرة السليمة للمبيع ) (3) ، واستناداً لما ذكر فأنه يمكننا ان نعرف سوء النية في نطاق ضمان العيب الخفي بالنسبة للمدين بانها عدم وفاء المدين بالالتزام المعهود به اليه من غير نقص أو تغيير او من دون ان يحقق كل بنود الاتفاق وشروطه ، كحالة الادلاء بالعيوب الحادثة بعد ابرام العقد وقبل تنفيذه ) ، اما بالنسبة للطرف الدائن بضمان العيب الخفي فيمكن ان تعرف سوء النية بانها ( عدم علم او امكانية علم الدائن بالضمان بوجود النقص في المعقود علية المشكل للعيب الخفي )
اما الاتجاه الثاني فهو الاتجاه الوظيفي للعيب ، ومؤدى هذا الاتجاه ان وجود العيب يعني عدم قابلية الشيء المبيع للاستعمال المعد له (4)، وقد أدى هذا القول الى اتساع مفهوم العيب لدى انصار المذهب الوظيفي الذين يعدون اية حالة موجبة للضمان متى كان من شأنها التأثير على الاستعمال بغض النظر فيما اذا كانت تشكل عيباً في حد ذاتها (5)، ويلاحظ ان موقف القضاء الفرنسي ظل متردداً فمرة تأخذ بالمفهوم المجرد للعيب واخرى تأخذ بالمفهوم الوظيفي فمن القرارات التي صدرت عن محكمة النقض الفرنسية هو ما صدر عنها في ( 15 / نوفمبر ) في 1988 ، ايدت فيه قضاة الموضوع الذين رفضوا اعطاء وصف العيب الخفي للنقص الناتج عن تركيب معدات مختلفة لا يعتريها اي عيب فيما لو تم استعمالها بصفة منفردة (6)، وقد ذهبت "المحكمة في هذه القضية الى انه في غياب عيب متعلق بالشيء المبيع نفسه لا يمكن الزام الشركة بالضمان على اساس المادة ( 1641 ) وما يلها .
ان القرار السابق جاء ليكرس موقفاً سابقاً لمحكمة النقض الفرنسية وهو موقف صادر عن الغرفة المدنية الأولى فيها تبلور في قضية مشهورة تعرف باسم ( Thorens ) بتاريخ ( 8 / اذار 1986 ) ، حيث ذهبت المحكمة الى ان " العيب الخفي يجب أن يكون متصلاً بالشيء المبيع نفسه زلا يمكن ان يكون ناتجاً عن الجمع بين دوائين (7)، والواضح من هذه القرار ات ان محكمة النقض الفرنسية اشترطت ارتباط العيب الخفي بالشيء المبيع لقبول دعوى الضمان ، غير أن محكمة النقض الفرنسية لم تسر على النسق ذاته اذ نقضت الغرفة المدنية الثالثة فيها قراراً صدر عن محكمة الموضوع رفضت فيه منح صفة العيب الخفي لنقص في الشيء المبيع هو شدة حساسية الطلاء للماء على اساس ان هذا العيب غير مرتبط بالشيء المبيع (8)، وعلى الرغم من الاشكال الذ طرح في هذه القضية قد كان متعلقاً بالمفهوم المجرد للعيب ، الا ان الغرفة المدنية الثالثة في محكمة النقض الفرنسية قد اثارت المفهوم الوظيفي له من اجل اقرار الضمان على اعتبار ان محكمة الموضوع قد تعسفت في اشتراطها توافر عيب بمفهومه المجرد القائم على وجوب ارتباط العيب بالشيء المبيع .
ومن الجدير بالبيان ان القضاء الفرنسي قد اصدر قدراً كبيراً من القرارات التي اخذ فيها بالمعيار الوظيفي للعيب ، ومن هذه القرارات ما جاء في قرار لمحكمة النقض جاء فيه ( تطبق المادة 1641 مبدئياً على بيع السلع والاشياء كافة ، وان قضاة الموضوع الذين تحققوا من ان الة بيانو عرضت في مزاد علني على انها صالحة للاستعمال شرط اعادة ضبطها في حين انه فعلياً يتعذر اصلاحها ، يمكنهم الاستخلاص انه في هذه القضية كان يوجد عيب خفي وكانت تتوجب على مأموري الدلالة الضمانة عنه لصالح المشتري )(9).
ويرى البعض أن محكمة النقض الفرنسية لم تتردد في الانتقال بين النقيضين فمرة تأخذ بالمعيار المجرد ومرة بالمعيار الوظيفي ومرة تجمع بين المعيارين ، فالمادة التي تعد اساسا للاجتهاد هي المادة ( 1641 ) من القانون المدني الفرنسي والتي يظهر من استقراء نصها ان تتطلب شرطين مجتمعين حت يضمن العيب اولهما وجود عيب يتمثل بالنقص في المعقود عليه على وفق الاتجاه المجرد وثانيهما عدم صلاحية المعقود عليه للاستعمال المعد له بسبب النقيصة التي تعتريه (10).
ومن الجدير بالذكر ان الجمع بين المعيارين هو ما وجدنا انه قد ايده جانب من الفقه القانوني العربي ، اذ هنالك من ذهب القول الى ان العيب هو حالة يخلو منها الشيء عادة ، لا تظهر بفحص المعقود عليه ، ويكون من شأنها ان تنقص من قيمته نقصاً محسوساً او تؤثر على الانتفاع به(11).
وهنالك من يذهب الى ان العيب هو صفة في الشيء يخلو مثله منها عادة وينقص وجودها من قيمته (12)، ومن يرى ان العيب هو كل ما يعض للمعقود عليه فيجعله غير ملائم او يؤثر على امكانية تصريفه او يعوق استعماله العادي، ويجب ان يعتد بذلك قانوناً (13).
ونحن نميل الى الجمع بين المعيارين وذلك ليتسع نطاق العيب الخفي الموجب للضمان خصوصاً مع تعقد الحياة وتطورها وكثرة السلع مما يساهم اتساع نطاق الضمان في صيانة الحقوق على نحو أكبر .
ونستطيع ان نعرف هنا سوء النية في نطاق الالتزام بضمان العيوب الخفية بالنسبة للمدين بانه ( عدم وفاء المدين بالتزامه وذلك بعدم قابلية المعقود عليه للاستعمال المعد له ) ، اما تعريفه بالنسبة للطرف الدائن بضمان العيب الخفي فيمكننا القول انه ) علم الطرف الدائن بالالتزام بضمان العيب الخفي او امكانية علمه بوجود العيب المشكل لعدم قابلية الشيء المعقود عليه للاستعمال المعد له).
اما بالنسبة لموقف الشريعة الاسلامية الغراء من العيب فقد ورد لفظ العيب بمعناه الصريح في القرآن الكريم ضمن سورة الكهف المباركة في قوله تعالى ( واما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت ان اعيبها )(14)، وقد نزلت هذه الآية بمناسبة ان ملكاً كان يأخذ كل سفينة صالحة غصباً ، فأراد العبد الصالح الخضر ( عليه السلام ) ان يحدث في السفينة عيباً يجعل الملك يصرف نظره عنها فخرق تلك السفينة اذ كانت في اصلها خلية من العيوب ، وجاء في تفسير هذه الآية المباركة ) فأردت ان اعيبها ) اي اجعلها ذات عيب ، اذ يقال عبت الشيء فعاب ، اذا صار ذا عيب فهو معيب وعائب (15).
اما بالنسبة لموقف السنة النبوية المطهرة فقد روي عن النبي الكريم محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) انه قال ( المسلم اخ المسلم ، ولا يحل لمسلم باع من اخيه بيعاً فيه عيب الا بينه له )، (16) كما روي عن النبي الكريم ( صلى الله عليه واله وسلم ) في بيانه لأنصبة الزكاة واجبة الدفع على المكلفين انه قال ( ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عيب . عيب ) (17).
وبعد ان بينا مواضع ذكر لفظ العيب في الشريعة الغراء، لابد وأن نبين انه يمكن الاستفادة مما ذكر ان العيب امر مذموم وانه خلاف السلامة في الشيء
___________
1 - Art 1641 " Le vendeur est tenu de la garantie à raison des défauts cachés de la chose vendue qui la rendent impropre à l'usage auquel on la destine, ou qui diminuent tellement cet usage que l'acheteur ne l'aurait pas acquise, ou n'en aurait donné qu'un moindre prix, s'il les avait connus".
2 - F.Collard Dutillent et PH. Delebecque, contrats civils et commerciaux, Dalloz, 3 edition, 1966, P 217. Patricia Jachmig - joiy, these, P 95.
3-نقض مدني في 19484/8، مجموعة القواعد القانونية ، الجزء الاول ، رقم 96 ، ص 96 .
4 - Jacques Ghestin, Conformites et guaranties dans la vente de marchandies, L.G.D.J.1983, n° 10. et Jacques Ghestin. Traite des contrats, la vente, L.G.D.J. 1990, P764.
5 - Alain Benabent, Droit Civil, Les Contrats Speciaux Civils Et Commerciaux , Montchrestien, Paris, Litec, 2000, n°170.
6 - Cass. Civ. 1 Ch, 15 novembre 1988, Bull. Civ. 1, n°322.
7- Cass. Civ. 1ére Ch, 8 Avril 1986, JCP. 1987, edition G. II,20722.
8- Cass. Civ. 3 Ch, 28 juin 1995, RJDA. 1996, n°32, P31.
9- Cass. Civ. lére Ch,16 fev, 1983, Bull.civ I, n° 65.
10- Tourmafond, obs.sous Cass. Com . 23 16 Janver, 1990, D1991 ,somm. P 167.
11- د. توفيق حسن فرج ، الوجيز في عقد البيع ، ص 168 .
12- د. غني حسون طه ، الوجيز في العقود المسماة ، البيع ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، مطبعة المعارف، بغداد ، العراق ، 1969 ، ص 305 .
13- د. صاحب عبيد الفتلاوي ، ضمان العيوب وتخلف المواصفات في عقود البيع ، الطبعة الأولى ، مطبعة الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن ، من غير ذكر سنة نشر ، ص 50 .
14- سورة الكهف ، الآية 79 .
15 - ابو عبد الله محمد بن احمد بن ابي بكر القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، الجزء الحادي عشر ، الطبعة الاولى ، دار الكتب المصرية، 1368 هـ ، ص 34 .
16- ابو عبد الله محمد بن يزيد القزويني بشرح ابي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السندي الحنفي ، سنن ابن ماجة ، الجزء الثاني ، الطبعة الأولى ، دار الجيل ، بيروت، لبنان ، من غير ذكر سنة نشر ، ص 31 .
17 – ابو عبدالله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة ، صحيح البخاري ، الجزء الثالث ، الطبعة الأولى ، من غير ذكر دار او مكان او سنة نشر ، ص 409 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|